إن مسألة العلاقة بين الحقيقة العلمية والنظريات المعرفية (الابستمولوجي) قد أثارها الفكر الأوروبي الذي بلغ ذروته في الماركسية وعلم الاجتماع ونظرية المعرفة- والظاهراتية، والشكلانية.. الخ)، طبقاً لوجهة النظر فإن نظرية المعرفة (الابستمولوجية) تعتبر بطبيعتها قطيعة معرفية ما بين التاريخي والمنطقي، وهو أمر يتسم بالحقيقة لأنه لا يستلزم التمويه أو إخفاء المصالح المعرفية (الابستمولوجي) ويضاف إلى إدراكها على أنها فجائية مع (العلم) بمعنى أنها تتساوى مع مفاهيم عقلانية، وتتساوى مع العقل المعرفي أو الواعي والمنطقي، وهو يشكل نسق متواتر متفاعل للوصول إلى الحقيقة الأنطولوجية، وبالتالي حينما يتم تطبيق الأداة العملية بشكل دقيق فتظهر القطيعة المعرفية مع التاريخي والمنطقي. لكن هل يمكن أن ينهض الفكر العربي المعاصر على أسس ابستمولوجية تقييمية دقيقة وبشكل جدي؟
لكن هل يمكن أن نستوفي الشروط الأولية لممارسة المعرفة وتقديم المعرفة؟
وهل يمكننا أن نقف على أرضية معرفية (أبستمولوجية) أو على أرضية إيديولوجية تقييمية كانت أم محافظة؟
ولنا أن نحاول الاستعانة بسؤال كانط حول إمكانية وجود المعرفة أو بالأحرى شروط إمكانية وجود المعرفة في زمن معين وبيئة معينة؟
يبدو الشيء الواضح في مسألة الواقعية في الفكر والحياة، أنّ هناك استراتيجية متكاملة للمعرفة.
هل تشكل المعرفة قوامها الحسي والعقلاني؟
إن الجانب القوي في العقلانية هو الاعتراف بالدور الفعال الخلاق للذات، العقل والتفكير في المعرفة، ويرجع هذا إلى قدرة التفكير على النفاذ في عمق الأشياء وكشف أسرارها، إضافة إلى أنّه لا يمكن فصل التفكير عن التجربة الحسية وعن الإحساسات والإدراكات لأن مصدر المعرفة هو الحدس الذهني؛ ندرك من ذلك (أن التوصل إلى المعرفة (ابستمولوجي) يتم بواسطة العقل المنطقي مصاحباً الإدراكات حينما تدرك حقيقة معرفية تشعر بوجودها رغم أن الاعتراف بوجود معرفة فطرية فهي لم تسبق التجربة و(وجود الإنسان مبعث كل تجربة).
إن المعرفة مأخوذة من العلم الخارجي بواسطة التجربة الحسية والتفكير المتنامي الديالكتيكي الانطولوجي-على أساس المدرك- يوضح علماء السيوسيولوجية (أن الناس يحصلون على المعارف من خلال الديالكتيك الانطولوجي في السوسيوثقافي- والشيء الذي يتوارث بيولوجياً ليس التصورات والمفاهيم وليس المعرفة الجاهزة لقوانين العالم الخارجي بل آلية النشاط العصبي الذي يقوم بدور الأساس الفيزيولوجي لعملية المعرفة، وهذا ما يسوقنا إلى نتائج المعرفة، والأفكار التي لا تورث بيولوجياً ويرث الإنسان الخبرة المعرفية من أجيال معرفية عن طريق التعلم والتربية والإحاطة باللغة وأشكال المعرفة وهو يحدث قطيعة معرفية تتنامى بالتجربة والمعايشة.
أما على الصعيد الفلسفي فقد أنجزت (النظرية الابستمولوجية) إنجازاً عظيماً هو ضم الممارسة إلى نظرية المعرفة على أساس أنّ الممارسة هي أساس المعرفة الإنسانية.
لكن السؤال، هل تطور المعرفة نتاج للتأثر المتبادل؟
إن التأمل الحي، والتفكير والممارسة الحية، هي العامل الأساسي لتطور نظرية المعرفة فكل عامل من هذه العوامل ضروريٌ في عملية اكتساب المعرفة.
فالإنسان يعود إلى التأمل الحي المطلق عندما يقوم بوضع النظرية، والتفكير يساهم أيضاً في المعرفة المحضة التجريبية، أما الممارسة فإنها تشارك في عملية المعرفة من البداية إلى النهاية، فالنظرية الابستمولوجية في موضوعيتها انتقال من الحسي إلى العقلانية ومنه إلى الممارسة عن طريق الأيكولوجي الذي يعتبر النسق الأساسي الذي يسير حركة معارفنا انطلاقاً من الظاهرة في معرفتها إلى حقيقة جوهرها.
إذاً الجوهر هو الجانب الثابت الداخلي نسبياً في الواقع المعرفي الأنطولوجي، وهو بالتالي يحدد طبيعة الظاهرة من حيث جوهرها، وجوهر الأشياء في ذاتها فهو وجهان لعملة واحدة.
لكن كيف نفهم النظرية الابستمولوجية؟ هل من القطيعة الابستمولوجية؟ من جدلية التاريخ؟ أو من علاقة تبادلية؟ لكي نفهم النظرية الابستمولوجية لابد أن يكون هناك علاقة تبادلية بين التاريخ وما هو منطقي لبلوغ القطيعة الابستمولوجية فاصطلاح التأريخ إدراك منطقي للتطور الحقيقي، وهو بحد ذاته إدراك للمنطقي، فالمنطق هو الذي يعكس المراحل الأساسية للتاريخ بالقطيعة الابستمولوجية، فالمنطقي هو انعكاس لجوهر التاريخي في تجرده على أساس دراسة كل ما تحويه العملية لبلوغ الحقيقة وللتطور (إن المنطقي والتاريخي متوحدان بالجوهر لكنهما ليسا متطابقين وهما اتفاق في ما هو رئيسي والجوهري، والمنطقي هو التاريخي نفسه بعد تخليصه من مصادفات الشكل وإحداث القطيعة الابستمولوجية وكما يقول انجلز (إن التطور المنطقي ليس ملزماً أبداً بالبقاء التجريدي المحض فقط، بل بالعكس فهو يحتاج إلى استشهادات تاريخية وإلى تماس دائم مع الواقع".
فالمنطقي ليس إلا واسطة لمعرفة التاريخي وهو يقدم المبدأ للدراسة الشاملة والعميقة فعندما نضع معرفة الجوهر في أساس سرد تاريخ الشيء نكون قد وضحنا جميع التفاصيل والمصادفات والانحرافات التاريخية وجعلناها مفهومة، ووضحنا دورها في التطور الضروري للشيء، وبذلك تصبح معرفة التاريخ حية وكاملة.
أما من حيث تعريف الابستمولوجيا: إنها تدرس مسار الفكر العلمي وكيفية بناء الفكر العلمي واشتغاله، وبلورته، أما من حيث نتائجها الفلسفية فهذه مسألة تدخل في استخراج النتائج والانعكاسات كخروج النتيجة عن السبب فكانط فسر معنى فيزياء نيوتن أو ميكانيك نيوتن، وشكل استناداً إلى هذا فلسفة متكاملة وغيره من الفلاسفة مثل ديكارت وغيره من الفلاسفة، فهؤلاء كانوا يمارسون العلم تجريبياً وشخصياً.
أما من حيث القطيعة المعرفية، فإنها مسألة الاستمرارية التي تشغل إحدى القضايا الكبرى في نظرية المعرفة (الابستمولوجية) التي أطلقها باشلار فهي الخاصية الكبرى بالقطيعة المعرفية فهي تشكل أحد المكتسبات النهائية للعلوم الابستمولوجية فهذا مصطلح بات معروفاً لا يمكن إغفاله، ومن الواضح أن القطيعة موجودة في التاريخ بشكل عام وفي تاريخ العلوم بشكل خاص، ولكن هذه القطيعة أول من شكلها غاليليه الذي أحدث أول قطيعة حقيقية مع معرفة العالم القديم؛ إنه يمثل القطيعة الكبرى مع العصور الوسطى وفضائها العقلي، هذه القطيعة رسخها ديكارت بطبيعة الحال على المستوى الفلسفي، وكان أول منظر لها وللعلم الحديث بأكمله، ولكن هذه القطيعة لم تطرأ على كل العلوم في اللحظة نفسها فهي قد أثرت أولاً على العلوم الفيزيائية والميكانيك بشكل خاص، ثم حصلت فيما بعد في المجالات الأخرى وأعتقد شخصياً أننا لم نتوصل إلى بلورة المكانة الخاصة بعلوم الإنسان، وهذا صحيح أننا توصلنا إلى معلومات ومعارف عديدة بالقطيعة التاريخية، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن علم انثروبولوجي راسخ بشكل حقيقي، فالفكر الحديث يتميز بالتخلي الكامل عن النوعية، إنه الفكر (الشكلاني) الذي يتطور بطريقة صارمة ومنتظمة ومتواصلة وتجريدية وكما ذكرنا سابقاً بأنه حتى في الاختصاصات للعلوم الإنسانية لا تعرف حتى الآن بلورة الشيء الذي نود معرفته بطريقة دقيقة فعلاً، لكن على الرغم من هذا لا يعني أن العلوم الإنسانية لم تنجز شيئاً لقد حققت تقدماً ملحوظاً في مجالات عديدة كالاقتصاد والانثربولوجيا واللسانيات والتاريخ وعلم الاجتماع ولكنها لا تزال في الطريق نحو علميتها الكاملة ولكن هذا يتضمن أيضاً في سؤال حول التمييز بين العلوم الإنسانية والإيديولوجية؟.
طبعاً هناك فرق كبير وأساسي بين الأيديولوجية كعقيدة تهدف قبل كل شيء إلى الحث على الانخراط في الممارسة والعمل فهي تهدف إلى تأطير عقلية الإنسان، وبين العلم الذي يهدُفُ إلى شيء آخر مختلف، إنه يخلو من هدف السيطرة والسلطة على الأقل في مرحلته الأولى والعالم الباحث لا يعرف النتيجة التي يتوصل إليها بشكل مسبق؛ إنه مأخوذ باكتشافاته هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإننا نجد الأيديولوجيا ليست مفصولة عن الواقع بالضرورة إنها ليست شيئاً وهمياً (حالة الإيديولوجية العمياء)، فقد تستخدم الإيديولوجيا وقائع حقيقية وملاحظات عينية مستخرجة من الواقع، ولكنها بتفسيرها لها يتم إيهام الناس بأن الإيديولوجيا تمتلك الحقائق الكلية، وبالتالي فعلى الناس أن يسيروا في الخط الذي ترسمه، وهذا المسار معاكس لمسار الروح العلمية ولكن فيما يخص العلوم الإنسانية التمييز بين العناصر الإيديولوجية والعناصر العلمية وهذا لا يعني أن العلوم الإنسانية مخترقة من قبل الإيديولوجية بقليل أو كثير ولكنها أيضاً ليست بالضبط الإيديولوجيا.
ولكن هل المعرفة (الابستمولوجيا) هي بمثابة سلطة أم هي سلطة في حد ذاتها؟
مما لا ريب فيه أن ثمة علاقة بينهما، ولكن ذلك لا ينفي الاستقلالية الذاتية لكل منهما وينبغي ألا يمنعنا ذلك من دراسة المعرفة بشكل مستقل أي كمعرفة محضة هدفها الكشف والإضاءة لمجاهيل العالم المادي والإنساني، ومن الخطأ إدانة المعرفة والعلم بحجة أنهما مرتبطان بالسلطة، أو يستخدمان من قبل السلطات المستبدة في بعض الأحيان، ولكي نتوصل إلى فكر معرفي عربي معاصر على أسس قوية ومتينة، يجب أن نعمل بنظرية حقيقية ابستمولوجية مع قطيعة التاريخ المنطقي التجريدي، وأن نتواصل مع الذات والعقل الواعي والتفكير البرغماتي لنتوصل إلى حقيقتنا المعرفية.
لكن السؤال، هل تطور المعرفة نتاج للتأثر المتبادل؟
إن التأمل الحي، والتفكير والممارسة الحية، هي العامل الأساسي لتطور نظرية المعرفة فكل عامل من هذه العوامل ضروريٌ في عملية اكتساب المعرفة.
فالإنسان يعود إلى التأمل الحي المطلق عندما يقوم بوضع النظرية، والتفكير يساهم أيضاً في المعرفة المحضة التجريبية، أما الممارسة فإنها تشارك في عملية المعرفة من البداية إلى النهاية، فالنظرية الابستمولوجية في موضوعيتها انتقال من الحسي إلى العقلانية ومنه إلى الممارسة عن طريق الأيكولوجي الذي يعتبر النسق الأساسي الذي يسير حركة معارفنا انطلاقاً من الظاهرة في معرفتها إلى حقيقة جوهرها.
إذاً الجوهر هو الجانب الثابت الداخلي نسبياً في الواقع المعرفي الأنطولوجي، وهو بالتالي يحدد طبيعة الظاهرة من حيث جوهرها، وجوهر الأشياء في ذاتها فهو وجهان لعملة واحدة.
لكن كيف نفهم النظرية الابستمولوجية؟ هل من القطيعة الابستمولوجية؟ من جدلية التاريخ؟ أو من علاقة تبادلية؟ لكي نفهم النظرية الابستمولوجية لابد أن يكون هناك علاقة تبادلية بين التاريخ وما هو منطقي لبلوغ القطيعة الابستمولوجية فاصطلاح التأريخ إدراك منطقي للتطور الحقيقي، وهو بحد ذاته إدراك للمنطقي، فالمنطق هو الذي يعكس المراحل الأساسية للتاريخ بالقطيعة الابستمولوجية، فالمنطقي هو انعكاس لجوهر التاريخي في تجرده على أساس دراسة كل ما تحويه العملية لبلوغ الحقيقة وللتطور (إن المنطقي والتاريخي متوحدان بالجوهر لكنهما ليسا متطابقين وهما اتفاق في ما هو رئيسي والجوهري، والمنطقي هو التاريخي نفسه بعد تخليصه من مصادفات الشكل وإحداث القطيعة الابستمولوجية وكما يقول انجلز (إن التطور المنطقي ليس ملزماً أبداً بالبقاء التجريدي المحض فقط، بل بالعكس فهو يحتاج إلى استشهادات تاريخية وإلى تماس دائم مع الواقع".
فالمنطقي ليس إلا واسطة لمعرفة التاريخي وهو يقدم المبدأ للدراسة الشاملة والعميقة فعندما نضع معرفة الجوهر في أساس سرد تاريخ الشيء نكون قد وضحنا جميع التفاصيل والمصادفات والانحرافات التاريخية وجعلناها مفهومة، ووضحنا دورها في التطور الضروري للشيء، وبذلك تصبح معرفة التاريخ حية وكاملة.
أما من حيث تعريف الابستمولوجيا: إنها تدرس مسار الفكر العلمي وكيفية بناء الفكر العلمي واشتغاله، وبلورته، أما من حيث نتائجها الفلسفية فهذه مسألة تدخل في استخراج النتائج والانعكاسات كخروج النتيجة عن السبب فكانط فسر معنى فيزياء نيوتن أو ميكانيك نيوتن، وشكل استناداً إلى هذا فلسفة متكاملة وغيره من الفلاسفة مثل ديكارت وغيره من الفلاسفة، فهؤلاء كانوا يمارسون العلم تجريبياً وشخصياً.
أما من حيث القطيعة المعرفية، فإنها مسألة الاستمرارية التي تشغل إحدى القضايا الكبرى في نظرية المعرفة (الابستمولوجية) التي أطلقها باشلار فهي الخاصية الكبرى بالقطيعة المعرفية فهي تشكل أحد المكتسبات النهائية للعلوم الابستمولوجية فهذا مصطلح بات معروفاً لا يمكن إغفاله، ومن الواضح أن القطيعة موجودة في التاريخ بشكل عام وفي تاريخ العلوم بشكل خاص، ولكن هذه القطيعة أول من شكلها غاليليه الذي أحدث أول قطيعة حقيقية مع معرفة العالم القديم؛ إنه يمثل القطيعة الكبرى مع العصور الوسطى وفضائها العقلي، هذه القطيعة رسخها ديكارت بطبيعة الحال على المستوى الفلسفي، وكان أول منظر لها وللعلم الحديث بأكمله، ولكن هذه القطيعة لم تطرأ على كل العلوم في اللحظة نفسها فهي قد أثرت أولاً على العلوم الفيزيائية والميكانيك بشكل خاص، ثم حصلت فيما بعد في المجالات الأخرى وأعتقد شخصياً أننا لم نتوصل إلى بلورة المكانة الخاصة بعلوم الإنسان، وهذا صحيح أننا توصلنا إلى معلومات ومعارف عديدة بالقطيعة التاريخية، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن علم انثروبولوجي راسخ بشكل حقيقي، فالفكر الحديث يتميز بالتخلي الكامل عن النوعية، إنه الفكر (الشكلاني) الذي يتطور بطريقة صارمة ومنتظمة ومتواصلة وتجريدية وكما ذكرنا سابقاً بأنه حتى في الاختصاصات للعلوم الإنسانية لا تعرف حتى الآن بلورة الشيء الذي نود معرفته بطريقة دقيقة فعلاً، لكن على الرغم من هذا لا يعني أن العلوم الإنسانية لم تنجز شيئاً لقد حققت تقدماً ملحوظاً في مجالات عديدة كالاقتصاد والانثربولوجيا واللسانيات والتاريخ وعلم الاجتماع ولكنها لا تزال في الطريق نحو علميتها الكاملة ولكن هذا يتضمن أيضاً في سؤال حول التمييز بين العلوم الإنسانية والإيديولوجية؟.
طبعاً هناك فرق كبير وأساسي بين الأيديولوجية كعقيدة تهدف قبل كل شيء إلى الحث على الانخراط في الممارسة والعمل فهي تهدف إلى تأطير عقلية الإنسان، وبين العلم الذي يهدُفُ إلى شيء آخر مختلف، إنه يخلو من هدف السيطرة والسلطة على الأقل في مرحلته الأولى والعالم الباحث لا يعرف النتيجة التي يتوصل إليها بشكل مسبق؛ إنه مأخوذ باكتشافاته هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإننا نجد الأيديولوجيا ليست مفصولة عن الواقع بالضرورة إنها ليست شيئاً وهمياً (حالة الإيديولوجية العمياء)، فقد تستخدم الإيديولوجيا وقائع حقيقية وملاحظات عينية مستخرجة من الواقع، ولكنها بتفسيرها لها يتم إيهام الناس بأن الإيديولوجيا تمتلك الحقائق الكلية، وبالتالي فعلى الناس أن يسيروا في الخط الذي ترسمه، وهذا المسار معاكس لمسار الروح العلمية ولكن فيما يخص العلوم الإنسانية التمييز بين العناصر الإيديولوجية والعناصر العلمية وهذا لا يعني أن العلوم الإنسانية مخترقة من قبل الإيديولوجية بقليل أو كثير ولكنها أيضاً ليست بالضبط الإيديولوجيا.
ولكن هل المعرفة (الابستمولوجيا) هي بمثابة سلطة أم هي سلطة في حد ذاتها؟
مما لا ريب فيه أن ثمة علاقة بينهما، ولكن ذلك لا ينفي الاستقلالية الذاتية لكل منهما وينبغي ألا يمنعنا ذلك من دراسة المعرفة بشكل مستقل أي كمعرفة محضة هدفها الكشف والإضاءة لمجاهيل العالم المادي والإنساني، ومن الخطأ إدانة المعرفة والعلم بحجة أنهما مرتبطان بالسلطة، أو يستخدمان من قبل السلطات المستبدة في بعض الأحيان، ولكي نتوصل إلى فكر معرفي عربي معاصر على أسس قوية ومتينة، يجب أن نعمل بنظرية حقيقية ابستمولوجية مع قطيعة التاريخ المنطقي التجريدي، وأن نتواصل مع الذات والعقل الواعي والتفكير البرغماتي لنتوصل إلى حقيقتنا المعرفية.