ويمثل استنطاق الحجر أحد السُبُل لذلك، فضلا عن معالجة مخاطر انزلاق المؤرخ نحو الوثائق المزوّرة في تدوينه، وهي مسألة عويصة لطالما بخّست من مصداقية العمل التاريخي. فضلا عن تناول الكاتب سبل تخلّص المؤرّخ من المرويات الأسطورية، بغرض صياغة نص علمي، خصوصا عند تعامله مع التاريخ القديم.
من جانب آخر يتعرض المؤلف إلى مسألة الحدود الزمنية والجغرافية للحضارة الإغريقية القديمة، متى تبدأ وأين تنتهي؟ كما يتناول بالتحليل إجراءات ومفاهيم لا تزال راهنة حتى يوم الناس هذا، كحيازة الجنسية، ونشأة مفهوم الديمقراطية، وتطور مفهوميْ الحرية والشعب. فما كان يُطلَق عليه تسمية الشعب في الجمهوريات الديمقراطية في العالم القديم لا يماثل ما نطلق عليه نحن اسم الشعب. ففي أثينا كان يشارك كافة المواطنين في مداولات الشؤون العامة، لكن لم يكونوا سوى عشرين ألفا من ضمن أكثر من ثلاثمئة ألف من السكان، في حين الباقي فهم من العبيد ممن لا يُخوّل لهم ذلك.
مؤلّف الكتاب هو المؤرّخ الإيطالي لوتشانو كنْفرا، وهو من مواليد 1942. هو أستاذ فقه اللغات الكلاسيكية بجامعة باري ومدير مجلّة "دفاتر التاريخ". نشر العديد من الأبحاث منها: "تاريخ الأدب الإغريقي" 2001، "نقد الخطاب الديمقراطي" 2002، "يوليوس قيصر: الدكتاتور الديمقراطي" 2003.
أما المترجم فهو عزالدين عناية، أستاذ تونسي يدرّس بجامعة لاسابيينسا في روما. كاتب ومترجم نشر العديد من الأعمال منها: "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم" 2010. آخر ترجماته المنشورة "الإسلام الأوروبي" 2010، لعالم الاجتماع الإيطالي إنزو باتشي.
الكتاب: مدخل إلى التاريخ الإغريقي
المؤلف: لوتشانو كنْفرا
المترجم: عزالدين عناية
الناشر: كلمة-أبوظبي 2011