سنحاول في هذا القول العودة إلى زمن غابر جدا، محاولين قراءته وتمحيصه والتحقق منه، انطلاقا من آليات وأدوات معاصرة تتقن قراءة النص كما الرواية بمنهج علمي محض وليس بمنطق تصديقي ساذج، والحال أن الغرض من ذلك ليس ينم إلا على ضرورة قراءة الدين الإسلامي من كواليسه وليس مما يروى وإن كان جله يفقد الوضوح والعلمية لصالح الإيمان بالخوارق، أي أننا سنلفي أنفسنا أمام تاريخين أو قل قراءتين، واحدة رسمية وأخرى محايدة، الأولى تستمد سلطتها من الفهم المبسط للنص الديني ـ القرآن ـ أو السنة ـ أحاديث النبي ـ أو التاريخ المروي ـ سيرة النبي ـ، أما الثانية فإنها تعود إلى كل النصوص محاولة قراءتها على ضوء التاريخ والإنسان والظروف الإبستيمولوجية التي كانت تحكم الذهنية العربية آنذاك، وبما أن النبي محمد ينزل من هذا الأمر منزلة المركز من الدائرة، فإننا سنعمل على ربط حوار ومرحلته التي عرفت كل شيء، من بناء للدعوة في شقيها السري والعلني، وصولا إلى ظروف وفاته الغامضة وما تلاها من صراعات حول الحكم، مرورا بالهزائم، والانتصارات، والدسائس، والأكاذيب، واستغلال الدين خدمة للسياسة... من ثمة لن نقف أمام ستائر النبي حيث الظاهر الزائف المزيف، وإنما سندخل إلى ما وراء هاته الستائر، مزيلين طابع القداسة على شخصية تمكنت من الجمع بين ما هو سياسي وديني واقتصادي وعسكري... وبصمت لنفسها مكانة لازالت لحد الساعة تؤثر على ملايير البشر.
لقد تميزت جل الحضارات القديمة بمرض غريب اسمه النبوة حيث وسم كعنوان مميز لكل قوم، حتى إنه من الصعب تقديم رقم دقيق لعدد الأنبياء الذين عرفهم العالم والذين يتجاوزون الثلاثمائة نبي، "إن جوهر النبي يقوم على تشبع روحه من فكرة دينية ما، تسيطر عليه أخيرا، فيتراءى له أنه مدفوع بقوة إلهية ليبلَّغ من حوله من الناس تلك الفكرة على أنها حقيقة آتية من الله."(1) بيد أن التاريخ وإن كان يذكرهم فإنه يركز على أنبياء ديانات الوحي، وهم إبراهيم وموسى وعيسى ثم أخيرا محمد، هذا وإذا كان هناك شبه تقارب بين النبيين موسى وعيسى، فإن نبي العرب محمد قد شكل بحق استثناءً، وإن " اعتمد على هذين الدينين إلى درجة أنه ناذرا ما توجد فكرة دينية في القرآن ليست مأخوذة عنهما."(2) والحال أن دراسات عدة حاولت أن تقرأ حياة النبي، أقرت بذلك معتبرة إياه ظاهرة نفسية وتاريخية محضة، "لهذا اعتقد بأن الله اختاره هو، النبي العربي، ليقرأ نص الوحي القديم مرة أخرى على الألواح السماوية، وحالما تأكد من أن رسالته إلهية أوعز بتدوين الوحي، كما أتاه."(3) فما الذي وجد ويوجد يا ترى خلف ستائر النبي محمد؟
سنحاول أن نقرأ الفترة التي عاشها النبي كلحظة مميزة لبنية شخصيته، أي سنعمل على دراسته مثل أي شخص عاش في شبه الجزيرة العربية، كان راعيا لسيدة تدعى خديجة وصديقا حميما لشخصية كان لها كبير تأثير على الإسلام، والتي ليست إلا ورقة بن نوفل، ومنحدرا أيضا من لقب هاشمي وإن كان الهاشميون قد نبذوه معتبرين إياه خارج هذا الانتماء، وأخيرا مختفيا لمدة أربعين سنة ونيف من خلالها اطلع على كتب الأولين خاصة ما كتب باللغات الآرامية والعبرية واليونانية، وإن كان في هذا الامر قول كبير بين من يؤكده وبين من ينفيه، هذا وإنه لا بد من أن نشير إلى أن أمية النبي ليست تعني عدم إتقانه القراءة والكتابة، وإنما بعثه إلى قوم لم يعرفوا أي نبي قبله، وهو الذي كتب الرسائل وأومر من طرف جبريل بالقراءة، إذ أنه "لا مجال للشك في أن أهم مصدر استقى منه محمد معارفه لم يكن الكتاب المقدس، بل الكتابات العقائدية والليتورجية. هكذا تشبه قصص العهد القديم الموجودة في القرآن صيغها المنمقة في الهاجادا، أكثر مما تشبه أشكالها الأولى."(4)
هذا وإن محمدا ترك كبير تأثير على العامة، لدرجة أنهم صدقوا كل شيء قاله بمنطق أعمى، والحق أن هناك أسبابا عديدة في ذلك يبقى من بينها البنية الحاكمة التي تسود الذهنية العربية، والتي ليست إلا تقديس الزعيم مهما كانت مناقبه، بسبب غياب الفكر النقدي الخلاق الذي يفتت كل شيء ويقوضه باسم العقل، وهو الذي كان محبا كبيرا للمال لدرجة مفرطة، حيث استغل الغزوات باسم الدين للتوسع باسم السياسة وغنائم الحروب، وهنا نسوق مثالا على ذلك، إذ بعد هزيمة المعطى تأثر النبي كثيرا لهذا الأمر فعمل تعويضها بما هو أفضل، وذلك بعدما " قرر الذهاب إلى الأمام، متوجها نحو تبوك بالشمال الغربي لشبه الجزيرة العربية، والتي تبعد عن المدينة بستمائة كلم."( 5)، حيث كانت حساباته الاقتصادية والسياسية تتوقف نجاحاتها بتحقيق النصر، لذلك فإن الجيش الذي أعده محمد لم تشهد الجزيرة مثله من قبل."(6)، ولكي ينعم بجيش قادر على تحقيق مراده، ولكي "يدعمه ماديا فقد عبأ الجزيرة برمتها."(7)، حيث توجه بالأساس إلى عثمان بن عفان مستنجدا به خاصة وأنه كان من أغنياء القوم، والذي "وفر له بهاته المناسبة المبلغ الأكثر ضخامة والذي لم يكن له مثيلا آنذاك، حيث تراوح في حدود عشرة آلاف دينار، دون حساب الإبل والأحصنة."(8)، والحال أنه ولكي يجازي عثمان لقبه بذي النورين وجعل له حظوة كبيرة بين علية القوم، في خلط سافر بين ما هو ديني وبين ما هو سياسي، هكذا تم إذن استغلال السلطة الدينية لتحقيق مآرب اقتصادية وسياسية، بل إنه وفي نفس المقام سيجد البعض نفسه أمام "مشهد يبعث على الدهشة حينما شوهد محمد وهو يقبل المبلغ المعطى إليه من طرف عثمان، واضعا إياه على زنديه قائلا: من اليوم فصاعدا، غُفِرت كل ذنوب عثمان."(9).
من جانب آخر سجلت معظم الدراسات ان النبوة ملازمة للصرع والهلوسة، حيث أن الأنبياء كانوا كلما توصلوا بوحي من عند الله إلا ولازم هذا الأمر مشاهد ليست في الواقع، أي لا يراها إلا الأنبياء أنفسهم،"إذ يروى أن محمدا كثيرا ما اعترته نوبة شديدة لدى تقبله الوحي، حتى أن الزبد كان يطفو على فمه، وكان يخفض رأسه، ويشحب وجهه أو يشتد احمراره، وكان يصرخ كالفصيل، ويتفصد جبينه عرقا حتى في أيام الشتاء."(10) وهذا محمد لا يستثنى عن القاعدة بقدر ما شكل تطرفا وإفراطا فيها، من ثمة فإننا سنعمل في هذا المقام على الوقوف عند شخصية محمد سيكولوجيا بمبعد عن كل ما هو تاريخي، والحال أن أهم ما ميز جهازه النفسي هو إصابته بالهذيان، والمتمثل أساسا في الهذيان غير المتسق والذي يمكن الوقوف عنه في أكثر من سورة إن لم نقل كل السور ما عدا سورتي "يوسف ونوح، ذات موضوع هاذي واحد، ربما لأنهما مترجمان عن الكتاب المقدس العبري، نوح ترجمة عبرية في سفر التكوين لمقطع من ملحمة جلجامش الشعرية الشهيرة.(11)، هذا ولا شك أن القرآن الذي كتبه محمد، يحمل بين طياته تناقضات جمة والشاهد عليها هو عندما ينتقل بك في رمشة عين من موضوع إلى آخر دون أي رابط منطقي(12)، أو عندما يتكلم على معنيين في معنى واحد، فلنعد مثلا إلى وصفه لنهاية العالم في سورتي التكوير والانفطار، حيث يقول في الأولى:"وإذا البحار سجرت"(13) أي ما معناه احترقت، ثم نجده يصف نهاية العالم في سورة الانفطار قائلا:"وإذا البحار فجرت."(14) أي فاضت مياهها في جميع الاتجاهات، "فكيف تحترق البحار في آية وتتدفق مياهها في أخرى؟"(15)، من ثمة فإن تضارب المعاني هذا ليس يخلق رجة في القرآن وقط، وإنما يعيدنا إلى الحديث عن أعراض الهذيان التي تجعل المرء يقول شيئا ثم يعرض على نقيضه بعدئذ.
يتكلم العفيف الأخضر في كتابه سابق الذكر عن أنواع الهذيانات التي ضربت محمدا، والتي يبقى من أبرزها هذيان الغيرة، الذي نزل بعدئذ كحكم نهائي في النص القرآني، حيث كان النبي يخشى على سقوط زوجاته في فخ الخيانة التي قام نفسه بها مع مارية، من ثمة فقد حرم النبي على زوجاته الزواج بعده، إضافة إلى ضرورة التكلم مع الصحابة من وراء حجاب، أي من وراء ستار يوضع أمام إحدى زوجاته والذي يتكلم معهن، وهو ما نجده صريحا في سورة الأحزاب:"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي، إلا أن يوذن لكم إلى طعام، غير ناظرين إناه*، ولكن إذا دعيتم فادخلوا، فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث، إن ذلكم كان يؤدي النبي فيستحيي منكم، والله لا يستحيي من الحق، وإذا سألتموهن متاعا، فاسألوهن من وراء حجاب، ذلك أطهر لقلوبكم ولقلوبهن، وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، إن ذلكم كان عند الله عظيما."(16)، والواقع أن لنزول هاته الآية سببا مهما في ذلك، وهو أن أحد المدعوين لامست يده يد عائشة، ومن جانب آخر تم تحريم الزواج بنساء النبي من خلال قول طلحة بن عبيد الله:"إذا توفي رسول الله تزوجت عائشة."(17). فكيف يرضى أن يتزوج النبي نساء غيره في حين أنه خرج عن القاعدة بخصوص نسائه؟
إن من بين ما وجد أيضا خلف ستائر النبي، هو تغييره لمنطق دعوته تماما، فلنعد مثلا إلى السور المكية ونقارنها بالمدنية، كي نجد ذلك الشرخ الكبير بين معاني الأولى التي كانت تدعو إلى التسامح وأن الإسلام دين يسر لا غير، وبين معاني الثانية أي السور المدنية التي ركزت على التكفير والجهاد وقتل الكفار، معتبرة كل قتل لغير المسلم جهاد يجازى عليه من الله ورسوله، والحال أن ما كنا نراه آنفا هو ما نراه اليوم في دول العالم العربي خاصة الموالين للتنظيمات الإرهابية، والذين يكرسون الإسلام المدني بحذافيره، من ثمة يمكن قياس هذه بتلك كي نرى أن كل شخص يسلم بها، إن هو إلا شخص متعصب يظهر جبنه في ضعفه وجبروته في قوته، وعليه فإذا كان إسلام المدينة إسلاما لوجه الله، وهو القائل في إحدى الآيات المكية:"وما أسألكم عليه أجرا، إن هو إلا ذكرى للمؤمنين,"(18)، بيد أنه سينقلب فور اشتداد شوكته، حيث سيشرع لنفسه نيل الخمس في الغنيمة "تقليدا لشيوخ القبائل في الجاهلية."(19)، بل إنه سيزيد في الأمر غرابة عندما سيفرض أجرا على مستفتييه، وهو المتبدي في الآية:"يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول، فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، ذلك خير لكم وأطهر، فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم."(20).
إن الأخطاء التي وقع فيها محمد، تعود إلى خلطه السافر بين السياسي والديني والاقتصادي، "فإذا كانت النبوة بالإجمال من المخيلة المنفعلة وموحيات الشعور المباشرة، أكثر مما تصدر من العقل النظري، فإن محمدا كان يفتقر إلى هذا بشكل خاص."(21)، زيادة على استغلاله القرآن كحكم قطعي على كل أمر ملتبس بدل تفسيره منطقيا وعقليا، "وبما أنه لم يكن في وسعه أن يفصل بين الروحيات والدنيويات، فغالبا ما استخدم سلطة القرآن، ليفرض أمورا لا علاقة لها بالدين،"(22)، وذلك بغرض بسط سيطرته وتبرير كل ما من شأنه أن يؤلب عليه المحيطين به، أو العامة على حد سواء.
لقد عاش النبي إذن مثل أية شخصية عادية لها أخطاؤها وهفواتها، من ثمة فالقداسة التي حفه البعض بها إنما كانت تنم عن جهل كبير، وإيمان أكبر بالخوارق، والدليل على ذلك هو ما حصل بعد وفاته حيث الصراع على أشده في من سيخلفه، وهو الذي أثمر بعدئذ كل أشكال التعصب والمرض التكفيري الذي لازال المسلمون يحملونه لحد الساعة وبشكل أكثر تطرفا من ذي قبل، حيث يكفرون بعضهم البعض، معتبرا كل فرد نفسه على حق عكس كل الذين يخالفونه، لهذا فقد كان من الطبيعي أن :" يمر يومان دون أن تدفن جثة النبي."(23)، وهم الذين كانوا يعتبرون :"إكرام الميت دفنه." مما أشعل فتيل الفتنة، فهذه عائشة لم تخبر أبدا بموعد دفن زوجها(24) وهذا عمر يرتاب رفقة الرهط الذين كانوا حوله في آية رددها أبو بكر على الجمع الحاضر، "حيث أن لا أحد بمن فيهم عمر لم يتذكر أنه سمع بها قبل."(25) وهي التي نجدها في سورة آل عمران:" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عاقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين."(26). هذا وبالرغم من تلك ذكره لذلك، لم يسلم ابن أبي قحافة من ارتداد العديد عن اعتناق الإسلام، وهو ما يفسر أنه قائما على المصلحة وليس على الإيمان، أما من جانب خاصة قومه، فإن الأمر لم يسلم من تلك التطاحنات التي كانت مضمرة بعيد وفاة النبي بقليل، حيث اغتيال الصحابة في ظروف غامضة، لتعرف بعدئذ شكلها المعلن من خلال المعارك الشهيرة التي دارت بين المسلمين فيما بينهم، والتي يبقى من أهمها معركة الجمل التي دارت بين عائشة وطلحة ضد علي بن أبي طالب، ومعركة صفين التي دارت بين أتباع علي وبني أمية... هكذا رسم التاريخ الإسلامي لنفسه مكانة التطاحنات بين الدول التي تعاقبت بعده، من زبيريين وأمويين وخوارج وعباسيين وفاطميين وأغالبة وأدارسة ومرابطين وموحدين... إذ كل واحد يعتبر نفسه خليفة للمسلمين وأميرا للمؤمنين، إنه منطق غياب الإجماع على شخصية واحدة من جهة، ثم عدم تعيين النبي محمد لخليفته وهو ما يحسب عليه من جهة أخرى، حيث بقي هذا الأمر عالقا كلغز تاريخي محير، كأن النبي لم يستسغ أن ينافسه شخص بعده، زيادة على طغيان المنطق القبلي على الحس التعاوني، ومنه فإن شخصية النبي ارتكبت خطأ ـ من الصعب الجزم بصدقيته من عدمها ـ وهو عدم التفكير في ما بعد محمد، والعمل أيضا على تأسيس الدولة الإسلامية الحاكمة بأمر السياسة وليس بسلطة الدين.
إن نزع القداسة من شخصية محمد، ليس حطا من رجل سياسة ودولة بامتياز، كما أنه ليس دعوة إلى التخلص من إرثه في رمشة عين، حيث يبقى محطة مهمة في التاريخ الإسلامي لها ما لها وعليها ما عليها، بل الغرض منه هو نزع القداسة على شخصية تمكنت بنجاح من رسم حدود فاصلة بين منطق الضوء حيث النبي المخلص الصادق، وبين منطقة الظل حيث النبي المصاب بالهذيان، الذي أقبل على ثلاث محاولات انتحار، والذي أحل لنفسه ما حرمه على الآخرين، النبي الذي حول مكة من مركز للتسامح الديني، إلى فضاء للدين التوتاليتاري بلغة اليوم، وعليه فإنه لا بد من العودة على محمد كشخصية لقرائتها قراءة نقدية بعيدا عن الحكم الأخلاقي مهما كان حكمنا سلبيا أو إيجابيا تجاهه، إذ كيف يعصم من الخطأ وقد زاوج بين الدين والسياسة، وكيف نلصقه بالمعجزات الخارقة التي لا يقبلها العقل، ثم نراه في الآن نفسه ترك لأتباعه القتل والصراع بدل إكمال البناء، أفليس هو من قال غداة غزوة تبوك: أغزوا تبوك تناولوا بنات الأصفر، مستغلا تعطش أتباعه لممارسة الجنس، محلا اغتصاب النساء وسبيهم، لهذا فغن القرآن نفسه أقر بأن الخطأ يصيب محمدا مثلما يصيب أي مؤمن ومؤمنة، ولنا ملاذ هذا الأمر في سورة محمد حيث تقول:"فاعلم أنه لا إله إلا الله، واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، والله يعلم متقلبكم ومثواكم."(27)، إن الكشف عن ستائر النبي إذن، هو دعوة إلى التخلص من تصديقاتنا الساذجة التي لا تقف على أي أساس برهاني، ودعوة صريحة إلى التفكير المنطقي، وإعمال العقل عقليا وليس خرافيا، إن إماطة اللثام عن كل هذا، ليست إلا مساهمة في ضرورة القراءة الممحصة لتاريخ أريقت فيه دماء كثير، واغتيل فيه من اغتيل، واستفاد من استفاد، باسم الدين أولا، وباسم الانتماء القبلي ثانيا، وباسم القرب من محمد أخيرا، لهذا فنحن مخيرون اليوم بين أمرين لا ثالث لهما، فإما أن نبقى واقفين أمام ستائر النبي حيث التزييف، وإما توجب الدخول والاقتحام تحققا وإنتاجا وإعادة قراءة لماضٍ لازال يسكننا، قاتلا فينا الحاضر والمستقبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ ثيودور نولدكه، تاريخ القرآن، منشورات دار الجمل: 2007، ص: 3
2 ـ نفس المرجع ص: 343
3 ـ نفس الصفحة من المرجع أعلاه.
4 ـ نفس المرجع، الصفحة: 9
5 - Hela ourdi, les derniers jours de Muhammad, ed : Albin Michel 2016, p : 41 – 42
6 - ibid
7 -Bayhaqî Dalâ’il 5/214-215 ; Sîra alhalabiyya
3/183, d’après la référence précédente.
8 – ibid.
9 – ibid, d’après : Hâkim Mustadrak 3/110 ; Bayhaqî Dalâ’il
5/215 ; Dhahabî Tarîkh 2/629.
10 ـ ثيودور نولدكه، مرجه مذكور، ص:23
11 ـ أنظر على سبيل المثال: العفيف الأخضر، من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ: الحوار المتمدن العدد: 4161، بتاريخ: 22/07/2013.
12ـ أنظر مثلا سورة الإسراء: التي تبدأ ب: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير." ثم تراها تعرج إلى موضوع آخر وإن كان في ذلك تأويلات لا يسعنا المقام لذكرها الآن حيث يردف قائلا: وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا..."
13 ـ سورة التكوير، الآية: 6.
14 ـ سورة الانفطار الآية 3.
15ـ العفيف الأخضر، مرجع سابق.
* يقال أنها كتبت في الاصل : إناثه وليس إناءه، إذ كيف يعقل أن نأكل من طعام دون النظر إلى إناءه ونحن المدعوين إلى ذلك، وعليه فإنه منطقيا تم إبدال إناثه بإناءه.
16 ـ سورة الأحزاب، الآية 53.
17 ـ ابن سعد، الطبقات، ج:8، ص:202، نقلا عن العفيف الأخضر: مرجع مذكور.
18 ـ سورة الأنعام، الآية:109.
19 ـ العفيف الأخضر: مرجع سابق.
20 ـ سورة المجادلة، الآية 13.
21 ـ ثيودور نولدكه، مرجه مكور، ص:5
22 ـ نفس المرجع ص: 6
23 - Hela ourdi, op-cité, p : 11.
24 - voir la même référence ; p : 12
25 – ibid, p :11
26 ـ سورة آل عمران، الآية 144.
27 ـ سورة محمد، الآية 19.