مقـدمـة : يلعب التعليم دورا أساسيا في التنمية البشرية ؛ إنه ليس عصا سحرية لحل مشاكل الألفية الثالثة، ولكنه وسيلة فعالة للتفكير فيها بهدوء وحصافة .L’éducation Un trésor est caché dedans
قراءة وتلخيص العربي اسليماني مفتش التعليم الثانوي اسـا/الزاك
ففي سياق العولمة وشدة المنافسة، و الزحف الكاسح للمعارف والتكنولوجيا ، تقدم اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن الحادي والعشرين ، برئاسة جاك ديلور ، تقريراً ، ترى فيه أن التربية الوظيفية واللازمة ينبغي أن تقوم على أربع دعامات أساسية ، كما ينبغي أن تتخلى عن الجانب الكمي للمعرفة ، وأن تخلق أنظمة سلسة ، تتميز بتنوع المسالك التعليمية، والربط بين مختلف الأسلاك : من الأساسي إلى الجامعة . وكل ذلك مرهون بتوفير الوسائل الديداكتيكية الكافية ، وتحسين وضعية المدرسين ، وإشراك جميع الأطراف المعنية في صياغة السياسات التعليمية ، وتجاوز ثنائيات القرن المتعددة ، بما فيها التوتر بين المحلي والعالمي ، بين التقليد والحداثة ، وبين الاستبداد والديمقراطية .
الفصل الأول : من المجتمع المحلي إلى المجتمع العالمي
أثارت اللجنة إشكالية النمو الديمغرافي وما يترتب عنه من حاجيات، ثم تحدثت عن عولمة الأنشطة البشرية و إعادة رسم خريطة العالم الاقتصادية بالنظر إلى العولمة التي أفرزت تكون شبكات علمية وتكنولوجية وإعلامية تربط مختلف مراكز البحث والإنتاج. لقد كان للتكنولوجية الحديثة أثر كبير على الإنسانية التي وجدت نفسها مضطرة لمواكبة المعارف المتدفقة واتخاذ مواقف مشتركة إزاء الهجرة والمشكلات البيئية واللغوية والتعليمية .(ص 39-40 –43 و194-195).
إن عالم ما بعد 1989(انهيار الاتحاد السوفياتي) عالم متعدد المخاطر، رغم ما تحقق من مكاسب حداثية وديمقراطية. فلا يزال التوتر قائما بين المحلي والعالمي، كما أن تزايد الارتباطات العالمية زاد في تعميق الهوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، وبين الفئات المحرومة والفئات الميسورة داخل المجتمع الواحد .
في خضم هذه التحولات وجدت المجتمعات النامية نفسها بين الانخراط في الحداثة والعولمة ، والارتكان إلى الجذور والهوية المحلية.
لذلك ، ترى اللجنة أن من مسؤوليات التربية أن تجعل الفرد والمجتمع قادرين على فهم العالم، وبالتالي فهم الآخرين ، وكذلك الفهم الحقيقي للأحداث والوقائع دون الانغماس في الذاتية .(ص85)
- فهم هذا العالم، من خلال فهم الروابط التي تجمع بين الكائن البشري ومحيطه:
لأداء هذه المهمة ليس المطلوب من التربية هو إضافة مادة جديدة إلى المقررات المدرسية المثقلة ، وإنما إعادة تنظيم التوجيهات حول رؤية شاملة للعلاقات التي يقيمها الرجال والنساء مع المحيط.وذلك بالاستناد إلى العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية( ص47)
>> يجب على التربية أولا : أن تجعل الفرد واعيا بجذوره التي تمكنه من تحديد موقعه في العالم، و ثانيا : أن تعلمه احترام الثقافات الأخرى . <<( ص48)
الفصل الثاني : من التلاحم الاجتماعي إلى المشاركة الديمقراطية
أكدت اللجنة دور التربية في خلق اللحمة الاجتماعية التي أصبحت تهددها عوامل متعددة كعدم المساواة والعنصرية والفقر والهجرة، بمختلف أشكالها، والتمدن العشوائي والتمزقات العائلية ؛ إلى جانب استغلال السياسيين لمفهومي الدولة الأمة والديمقرلطية .
وعليه يطرح السؤال حول كيفية جعل الفرد قادرا على أن يعيش كمواطن ، واع بالرهانات الاجتماعية ، تواق إلى المشاركة في الحياة الديمقراطية .
إن التربية قادرة على حفظ التلاحم الاجتماعي إذا هي احترمت حق الاختلاف والتنوع . >> إن الأنظمة التعليمية النظامية متهمة ، في غالب الأحيان بالحد من التفتح الشخصي ، وذلك بفرضها ،على كل الأطفال ،نفس القالب الثقافي والحضاري ، دون الأخذ بعين الاعتبار تنوع المهارات الفردية .إن هذه الأنظمة تنزع إلى تنمية المعرفة المجردة على حساب خصائص بشرية أخرى، كالخيال والكفاية التواصلية ، وحب التنشيط ، والجمالية أو البعد الروحي والمهارات اليدوية << كما يمكن للتربية أن تساهم في الدينامية الاجتماعية باسترجاع المطرودين والمنقطعين عن الدراسة( ص58-138-152-153)
- التربية على الاعتدال واحترام الآخر شرط ضروري للديمقراطية
إن اللجنة لا تقف عند الاعتدال كمفهوم مجرد ، ولكنها تذهب بعيدا لتقرنه بتربية التلميذ على التعددية المبنية على احترام الثقافات الأخرى وتقديرها .وكذلك جعله قادرا على الانخراط في الحياة ، وتأويل الوقائع التي تهم مصيره الشخصي ومصير الآخرين. وهكذا فان المشاركة الديمقراطية تقتضي الجواب على السؤال: >> ما هي الغاية من العيش مع الآخرين ولماذا ؟ << (ص59-61-104)
إن الممارسة الديمقراطية ليست حكرا على الحياة السياسية ولكنها ممكنة أيضا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لقد أناطت اللجنة بالمؤسسة التعليمية مسؤولية التربية المدنية والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان ، وسجلت الأهمية البالغة التي أصبحت تكتسيها المعلوميات والتكنولوجيا الحديثة . وفي نفس السياق، ميزت اللجنة بين مجتمعات المعلومات ومجتمعات التعلم، ثم لاحظت أن الفوارق ستتعمق بين المجتمعات التي هي قادرة على إنتاج المضامين والمجتمعات التي تكتفي بتلقي المعرفة( المعلومات ) دون المشاركة الفعلية في تبادلها مع الآخرين .يجب ،إذن، على التربية >> أن تمنح كل فرد وسائل التحكم في تناسل المعلومات. وهذا يعني فرزها وتصنيفها وإخضاعها للفكر النقدي << (ص67)
الفصل الثالث : من النمو الاقتصادي إلى التنمية البشرية
تناولت اللجنة هذا الفصل من خلال سبعة عناصر أساسية هي : النمو الاقتصادي العالمي المتباين ، والطلب على التعليم لغايات اقتصادية ، والتوزيع غير المتكافئ للمعرفة، وحساب تكلفة التقدم ، والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية.
ففيما يخص التوزيع غير المتكافئ للمعرفة ، سجلت اللجنة بأسف كبير هجرة الأدمغة نحو البلدان الغنية ، وذلك لعدة أسباب منها ضعف الرواتب وعدم وجود المناصب المالية الكافية .ففي الصومال ، مثلا ، يزيد عدد المكونين وحاملي الشهادات الجامعية خمس مرات عن حاجيات الدولة ، بينما استقبلت الولايات المتحدة وكندا ما بين 1960 – 1990 أكثر من 1 مليون إطار وتقني تم تعيينهم في مؤسسات تعليمية .(ص 75-76 )
الفصل الرابع : الدعامات الأربع للتعليم والتربية
1 – تعلم المعرفة : أن نتعلم كيف نتعلم>> (Apprendre à Apprendre) يعني في منظور اللجنة تمكين التلميذ من وسائل اكتساب المعرفة وتوظيفها بدل شحنه بالمعلومات المتراكمة ؛ فهو في حاجة إلى تعلم كيفية فهم العالم الذي يحيط به إذا هو أراد العيش فيه، وتنمية قدراته والتواصل مع مختلف مكوناته .( ص 18- 93) كما أن اللجنة تدعو إلى التوفيق بين الثقافة العامة والثقافة المتخصصة من خلال تجاوز التخصص المفرطhyperspécialisation من أجل ما يسمى بالتداخل بين التخصصات أو البينتخصصية interdisciplinarité . وتربط اللجنة بين تعلم كيفية التعرف (تعلم التعلم) والتعلم مدى الحياة . إن شعوب العالم تصبو إلى أنظمة تعليمية أكثر مرونة ، أنظمة تسمح بتعدد المناهج ومد الجسور بين مختلف الأنظمة ، وكذلك بين التجربة المهنية والتكوين النظري (ص16)
2- أن نتعلم العمل: ( Apprendre à Faire ) و ترتبط هذه الدعامة باكتساب كفاية تمنحنا القدرة على مواجهة المواقف غير المتوقعة .وذلك عن طريق بيداغوجـية تحرريـة و فارقية ، وتقنيات تنشيط جماعي..فكيف نجعل التلميذ قادرا على تطبيق معارفه ؟ وكيف نجعل التربية متكيفة مع العمل ؟
للإجابة على هذا السؤال، تؤكد اللجنة أن العمل أصبح مرهونا بالمعرفة، وأن مفهوم الكفاية( compétence) بدأ يحل محل مفهوم التأهيل.. ( qualification). فالصفة المادية بدأت تُنْزَعُ عن العمل ، وقطاع الخدمات بدأ يتنامى ، ودور المدرسة والجامعة أصبح كامنا في جعل المترددين عليهما قادرين على مواجهة المستجدات التي تعرفها الحياة الخاصة والحياة المهنية ، عن طريق تعليمهم كيف يتعلمون، وكيف يعملون و يوظفون معارفهم ، توظيفا ناجعا ، في سياقات و وضعيات مختلفة .
3 – تعلم العيش جماعة أو تعلم العيش مع الآخرين (Apprendre à Vivre Ensemble) تستطيع التربية أن تحقق هذه الغاية عن طريق الاكتشاف التدرجي للآخر ، والانخراط في مشاريع مشتركة من أجل ترسيخ التفاعل والتعايش وأيضا من أجل حل النزاعات البينفردية والبينجماعية . إن معرفة الآخر واكتشافه يتحققان من خلال معرفة الذات( ص100-101) . وتتساءل اللجنة : كيف نعيش معا في القرية العالمية إذا نحن لم نكن قادرين على العيش معا في مجتمعاتنا الطبيعية المؤلفة من الأمة والإقليم والمدينة والحي والقرية ؟ الجواب هو أن ذلك ممكن عن طريق تعرف تاريخ الأفراد والجماعات ، وتقاليدهم وروحانيتهم ، وبالتالي بناء فكر جديد يتوق إلى التعاضد والتشاور والتشارك لرفع تحديات المستقبل (ص18) .
4- نتعلم أن نكون: ( Apprendre à être )يعد هذا المبدأ ذا راهنية كبرى لأن الشخصية تتحدد أولا : انطلاقا من قدرة الفرد على التواصل مع نفسه والآخرين ، وثانيا : لأن القرن الحادي والعشرين يتطلب منا القدرة على الاستقلال الذاتي والانخراط في الجماعة والعمل على أن يكتشف كل فرد مواهبه الكامنة في أعماقه مثل الكنز الذي هو كامن في أرض الفلاح** كما جاء في " حكايات لافونتين Les Fables de La Fontaine ". فمنذ بداية أشغالها، . أكدت اللجنة أنه يجب على التربية أن تسهم في نمو الفرد من النواحي: الفكرية والروحانية والجسدية والعقلية والشعورية والجمالية. وكذلك من حيث المسؤولية الشخصية ، وأشارت . إلى تقرير إدغار فور Edgar Faure "تعلم لتكون لسنة 1972" Apprendre à être" ، وطالبت بإيلاء الخيال والإبداع والرياضة لدى التلاميذ والأفراد نفس الأهمية التي نوليها للتجديد الاقتصادي والاجتماعي.
الفصل الخامس: التعلم مدى الحياة.
في بداية هذا الفصل ، أكدت اللجنة الدور الذي يلعبه التعليم في الحركية الاجتماعية ، ثم ناقشت العناصر التالية :
التعلم مدى الحياة ضرورة ومطلب من مطالب الديمقراطية
وهو كذلك تعليم متعدد الأبعاد
بحكم الأزمنة الجديدة والميادين الجديدة. كما طالبت اللجنة بوضع التعليم موضع القلب بالنسبة للمجتمع، وأيضا بتضافر الجهود التربوية.
التعلم مدى الحياة : يعني هذا المفهوم ، في المنطق الاقتصادي المقاولاتي المحض، مطالبة العمال والتقنيين بالتكوين المستمر الذي يتيح لهم التكيف مع المستجدات العلمية والتكنولوجية، ويزيد في المردودية والتنافسية ( ص108-109-122. )
أما اللجنة، فإنها تعني بالتعلم مدى الحياة ذلك التعلم الذي>> يتيح لكل فرد التحكم في مصيره في عالم تقترن فيه سرعة التحولات بظاهرة العولمة، عالم تغيرت فيه علاقات الرجال والنساء بالزمان والمكان<<.( ص109) . إنه بناء مستمر للكائن البشري ، ولمعرفته ولمهاراته. وأيضا لقدرته على الحكم والعمل (ص111) إن التعليم مدى الحياة ،حسب اللجنة ، وسيلة فعالة لتنظيم مراحل التعليم الأخرى . >> إن التعلم مدى الحياة يبدو ، إذن ، أحد مفاتيح القرن الحادي والعشرين . << ( ص 17 )
الفصل السادس: من التعليم الأساسي إلى الجامعة.
1- التعليم الأساسي : >> إن التعليم الأساسي هو جواز المرور من أجل الحياة << (ص-128-127). ويمكن تعريفه كذلك كتربية أولية (نظامية أو غير نظامية) تبدأ من حوالي 3 سنوات إلى 12 سنة على الأقل(ص 129 ).
لقدت أدت الجهود المبذولة خلال القرن 20 إلى نتائج إيجابية.ومنها انتقال عدد التلاميذ المسجلين في المدارس الابتدائية والثانوية من250 مليون إلى مليار ما بين 1960 و1996 وانتقال عدد الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة من 1مليار إلى أزيد من2.7 مليار. ومع ذلك تسجل اللجنة وجود 885 مليون أمي حيث إن 5/2 الأميين من النساء و5/1 هم من الرجال. كما يوجد 130مليون طفل في سن التمدرس لكنهم غير ممدرسين ، و 100مليون طفل لا يكملون الأربع سنوات الضرورية للقدرة على عدم نسيان القراءة والكتابة . 139).
- وفي موضوع التعليم الأساسي دائما اقترحت اللجنة الإجراءات التالية :
* تعميمه ليشمل 900 مليون من الأميين الكبار و 130 مليونا من الأطفال غير المتمدرسين و أكثر من 100مليون من الأطفال المنقطعين عن الدراسة ( ص 21 ) ،
عند وضع الخريطة المدرسية يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المسافة التي على الفتيات قطعها للوصول إلى المدرسة،
إنشاء مدارس خاصة بالبنات ،
تعيين أكبر عدد ممكن من المعلمات لخلق توازن بين الجنسين .
تنظيم برامج التغذية المدرسية،تكييف التوقيت المدرسي مع متطلبات العائلة ،اعتماد البرامج غير النظامية بموافقة الآباء والجهات المحلية المعنية ، تحسين البنيات التحتية وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب .
- ويوضح المبيان الذي رسمته اللجنة ص 132 أن مدى الحياة المدرسية في المغرب هو 8 سنوات بالنسبة للذكور و5،7 بالنسبة للإناث بينما يصل في كوريا إلى 14،3 و 13 وفي مصر 10،8 و 8،8 وفي الولايات المتحدة 16،3 و15،6.
وقد سجلت اللجنة اثر التربية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة على حياة الإنسان البعدية ، ودعت إلى الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أكدت مشاركة المجتمع المحلي ومسؤوليته في نجاح التمدرس( ص135 137 )
2- التعليم الثانوي : يعد نقطة تحول كبير في حياة الإنسان؛ فمن جهة، يشكل قنطرة نحو الترقية الاجتماعية والاقتصادية للتلاميذ وآبائهم، ومن جهة، يعاب عليه عدم انفتاحه على الخارج كالتعليم العالي والدخول في عالم الشغل . ومع ذلك يبقى التعليم الثانوي متميزا بالتنوع لكنه مطالب بايلاء أهمية بالغة للكفايات وللجانب الكيفي الوظيفي للمعرفة . وترى اللجنة أن التغيرات التي يتم إدخالها تتطلب الوقت الكافي لكي تعطي أكلها ولكي يألفها النظــــام .
ومن العوامل التي تجعل التعليم الثانوي محركا أساسيا في حياة الإنسان كونه المرحلة التي يختار فيها المراهقون الطريق الذي سيدخلون منه إلى مرحلة الكبار وعالم الشغل
وتلح اللجنة على أن يتم توجيه التلاميذ نحو التعليم المهني أو التعليم العام انطلاقا من تقييم جدي وصار وفعال ، وليس وفق إرادة إدارية همها خلق التوازن العددي بين الأقسام والتخصصات. وتقترح اللجنة أيضا تنويع المسالك الدراسية لاستثمار جميع المواهب والحد من الفشل الدراسي .( ص22 ).
التعليم العالي : إن التعليم العالي هو محرك التنمية الاقتصادية وأحد أقطاب التعلم مدى الحياة ... إنه وسيلة رَئِيسَةُُ لنقل التجربة الثقافية والعلمية التي راكمتها الإنسانية( ص144). فمن مهمات الجامعة أن تسهم في حل بعض مشاكل التنمية وتكوين الزعماء الثقافيين والسياسيين ورؤساء المقاولات ناهيك عن تخريج الأطر التعليمية (ص 146 –147) فالبحوث الجامعية مرجع رَئِيسُُ في صياغة البرامج والسياسات وتكوين الموارد البشرية، ولكن البلدان النامية ما زالت تفتقر إلى هذه الخاصية.
ومـن سلبيـات التعليـم العـالــي :
تزايد أعداد العاطلين في صفوف حاملي الشهادات الجامعية ،
ضعف نسبة المتمدرسين الذين يصلون إلى الجامعة ففي افريقيا ما وراء الصحراء لا نجد إلا 1/1000 بينما نجد في امريكا الشمالية 1/5 ،ضعف النفقات الخاصة بكل طالب جامعي .
إن الجامعة مكان للتعلم والعلم بامتياز ، وهي كذلك مكان للثقافة والدراسة مفتوح للجميع .الشيء الذي يقتضي استقلاليتها عن كل ضغوط سياسية أو ايديولوجية.
- محاربة الفشل الدراسي ضرورة ملحة( ص152) :
من أشكال هذا الفشل التكرار والمغادرة والاقصاءات التي تطال الشباب طوال حياتهم . وفي هذا المضمار نددت اللجنة بالأنظمة التعليمية التي تؤدي إلي تكوين جيطوهات تربوية(( ghettos éducatifs ص.153.
الاعتراف بالكفايات المكتسبة بفضل اعتماد طرائق جديدة في تسليم الشهادات (ص 154) :
ترى اللجنة أن كل بلد مطالب باعتماد طرائق فعالة وعقلانية في عملية تقويم الكفايات والمهارات .كما سجلت اللجنة بارتياح كبير كون بعض البلدان تعترف بالكفايات المكتسبة خلال الحياة المهنية داخل المقاولات والنظام التعليمي النظامي بما فيه الجامعة.
الفصل السابع : المدرسون والبحث عن آفاق جديدة(ص157 (
قسمت اللجنة هذا الفصل إلى العناصر التالية :
- انفتاح المدرسة
- التطلعات والمسؤوليات
- التدريس فن وعلم
- نوعية المدرسين
- تعلم ما ندرس وكيف ندرس
- المدرسون أثناء الممارسة
في البداية ، ترى اللجنة أن المعرفة ستصبح في القرن الحادي والعشرين وسيلة وغاية، وان كل شخص سيعمل من أجل الحصول عليها طوال حياته. الشيء الذي يلقي على المدرسين مسؤولية تهييء التلاميذ لمواجهة المستقبل وبنائه بكل ثقة في النفس( ص 157-158 ) وذلك بتحفيزهم على المدرسة وجعلها تكمل نظرتهم الإيجابية المفضلة إلى الإعلاميات وتبعدهم عن الانحراف والعنف وتناول المخدرات داخلها. ومن واجب المدرس أيضا ، أن ينتقل من دور العارف المنفرد ( soliste ) إلى دور المرافق، ومن دور ناقل المعرفة إلى دور من يساعد تلاميذه على البحث عن المعرفة(accompagnateur) و إيجادها وتنظيمها وحسن توظيفها .وذلك عـن طريق القيـادة وليس عن طريـق القولبـة ( ص160).
إن المدرسين مطالبون بتنظيم حياتهم المهنية حتى يتأتى لهم الرفع من مستوى مهاراتهم والاستفادة من التجارب التي تعرفها مختلف دوائر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك التمتع بالعطل المدرسية وإجازات أو عطل التفرغ العلمي congé - éducation congé sabbatique (ص 173 ).
- التدريس فن وعلم (ص162) : تحتل العلاقة التي تنشأ بين المدرس والتلميذ قلب العملية البيداغوجية . وترى اللجنة أن حضور المدرس الفزيائي يبقى ضروريا رغم ما توفره التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات التعلم عن بعد .كما تدعو إلى الاهتمام بالكفايات والقدرات اللازم إتاحتها للتلميذ ، والمتمثلة في القدرة على توظيف المعرفة توظيفا ملائما في سياقات و وضعيات مختلفة
إن العلاقة البيداغوجية السليمة هي التي تقوم على ما يلي :
وضع المعارف والمعلومات في سياق وتقديمها في صيغة إشكالية
جعل التلميذ قادرا على الربط بين حل هذه المشاكل والمشاكل المرتبطة بها
تفتح شخصية التلميذ
احترام استقلاله الذاتي
الصرامة والسلطة المعرفية
العمل والحوار مع التلميذ من أجل الإسهام في تكوين معنى النقد الذاتي
التواضع العلمي والمعرفي للمدرس واعترافه بأنه معرض للخطإ كغيره
التعاقد الديداكتيكي
ولتحسين نوعية المدرسين وتحفيزهم تقترح اللجنة الإجراءات التالية :
التعـييـن : تحسين طريقة ومعايير الانتقاء
التكوين الأساسي : مد الجسور بين الجامعات ومعاهد تكوين مدرسي التعليم الابتدائي والثانوي الذين يجب عليهم القيام بتعلم جامعي
التكوين المستمر : وضع برامج للتكوين المستمر بطريقة تجعل كل مدرس يمتلك وسائل الاتصال الحديثة
أساتذة التكوين البيداغوجي :
5- المراقبة : إن التفتيش مطالب بمراقبة إنجازات المدرسين والدخول معهم في حوار حول مصادر المعرفة وتطويرها و طرائق بنائها وصرفها
6- التدبيـر اعتماد طرائق التدبير الحديثة
7- مشاركة كل الأطراف المعنية :كالآباء وكل من له خبرة في الميدان
8- ظروف العمل : لا بد من تحسينها لتشجيع المدرسين على العطاء اكثر وبالتالي تكون محاسبتهم في حالة التقصير في أداء الواجب محاسبة مشروعة .
9- وسائل التدريس : ينبغي توفير الترسانة الديداكتيكية اللازمة لتحقيق هذه الطموحات
إن نوعية التكوين البيداغوجي ونوعية التعليم مرتبطة ارتباطا قويا بالوسائل التعليمية التعلمية .وفي هذا السياق تعد التكنولوجيا الحديثة وسيلة ربط بين البلدان الصناعية والبلدان غير الصناعية .كما أنها تساعد المدرسين المتعلمين على الارتقاء إلى مستوى عال من المعرفة .
الفصل الثامن : دور السياسة في الاختيارات والتوجهات التربوية( ص175)
يجب على الأنظمة التعليمية أن تستجيب لحاجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية .كم يجب عليها رفع التحدي التكنولوجي كخطوة ضرورية نحو القرن الحادي والعشرين.
إن التقرير الذي نقوم بقراءته يؤكد أن الخيارات التربوية خيارات مجتمعية نظرا لتزايد الطلب على المدرسة. كما أن تدبير التعليم والتربية يستدعي حوارا علنيا واسع النطاق يفضي إلى التوافق الديمقراطي على استراتيجيات إصلاح مبنية على :
1 – النقاش والحوار 2- اللامركزية 3- استثمار التكنولوجية الحديثة
4- الإحصاء الشامل والدقيق لإمكانيات الدولة وحاجياتها. وقد ألحت اللجنة على إشراك مختلف الجهات الفاعلة في وضع البرامج والمناهج التعليمية،ومنح المؤسسات استقلالا ذاتيا في تكييف أوقاتها وبرامجها مع حاجيات السكان المحليين
وعموما فان السياسات التعليمية يجب أن تكون على المدى البعيد.كما تجب الزيادة في النفقات العمومية على التعليم (لا تمثل حاليا إلا %5 من الناتج الوطني الخام العالمي .
5,3% في الدول المتقدمة وفقط 4,2% في البلدان السائرة في طريق النمو.)
الفصل التاسع : التعاون على الصعيد الدولي
دعت اللجنة، في هذا الفصل ، إلى تمدرس النساء والفتيات كما جاء في توصيات مؤتمر بكين لسنة 1995 ، و أيضا إلى الشراكة وتخصيص ربع المعونة الإنمائية لتمويل التعليم . وفي نهاية الفصل أشارت إلى ضرورة إنشاء مرصد للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات ، ورد الاعتبار للعلماء والمفكرين وحملة الريشة مؤكدة على أن التربية هي اليوطوبيا الضرورية لكل رؤية منظورية و/أو استشرافية للمستقبل .Perspective et/ou Prospective
خـاتمـة : يندرج هذا الكتاب في سياق الأبحاث الجماعية . ويمكن اعتباره كذلك مائدة مستديرة قدمت فيها مقترحات أقل ما يمكن القول عنها أنها تلامس هموم مواطني الكرة الأرضية .
وانطلاقا من هذه القناعة ، نرى أن التقرير قابل لأن يكون دعامة أساسية لإصلاح التعليم والتربية ، وبالتالي تكوين تلاميذ متشبعين بقيم الديمقراطية والحداثة ، حريصين على هويتهم وانتماءاتهم العرقية.
ولئن رأيناه هكذا ،فإننا نسجل الملاحظات التالية :
1 – طابع التكرار الذي ميز التقرير .وهذه ظاهرة طبيعية ما دام الأمر يتعلق بلجنة تتكون من أعضاء قد يتقاطعون ويتفقون في مواقف كثيرة .
2 – طابع اليوطوبيا الذي نستشفه من صفحات الكتاب البالغ عددها 315 صفحة من القطع المتوسط . ويشفع لذلك محاولات استشراف الألفية الثالثة .
3 – ملامسته لجميع جوانب الحياة الخاصة والعامة بفضل المقاربة الشمولية والنسقية المعتمدة .
4 – الأهمية البالغة التي يوليها للكفايات والمهارات والموارد البشرية وتمدرس الفتاة والتعليم القروي والبطالة ...وهذه كلها قضايا نلفيها حاضرة ، وبكل بقوة ، في الميثاق الوطني للتربية والتكوين .
5 – اعتماده مختلف وسائل التعبير بما فيها اللفظ والرقم والمبيان .
Rapport à L’UNESCO De la Commission internationale sur l’éducation Pour le vingt et unième siècle Présidé par
JACQUES DELORS
L’EDUCATION UN TRESOR EST CACHE DEDANS
UNESCO ,1996 EDITIONS ODILE JACOB ,Paris , 1996
-----
** لقد استمدت اللجنة جزءا من عنوان الكتاب Un trésor est caché dedans من إحدى حكايات لافونتين " المزارع" وفي رأينا الاستعارة محبذة .
>> يجب على التربية أولا : أن تجعل الفرد واعيا بجذوره التي تمكنه من تحديد موقعه في العالم، و ثانيا : أن تعلمه احترام الثقافات الأخرى . <<( ص48)
الفصل الثاني : من التلاحم الاجتماعي إلى المشاركة الديمقراطية
أكدت اللجنة دور التربية في خلق اللحمة الاجتماعية التي أصبحت تهددها عوامل متعددة كعدم المساواة والعنصرية والفقر والهجرة، بمختلف أشكالها، والتمدن العشوائي والتمزقات العائلية ؛ إلى جانب استغلال السياسيين لمفهومي الدولة الأمة والديمقرلطية .
وعليه يطرح السؤال حول كيفية جعل الفرد قادرا على أن يعيش كمواطن ، واع بالرهانات الاجتماعية ، تواق إلى المشاركة في الحياة الديمقراطية .
إن التربية قادرة على حفظ التلاحم الاجتماعي إذا هي احترمت حق الاختلاف والتنوع . >> إن الأنظمة التعليمية النظامية متهمة ، في غالب الأحيان بالحد من التفتح الشخصي ، وذلك بفرضها ،على كل الأطفال ،نفس القالب الثقافي والحضاري ، دون الأخذ بعين الاعتبار تنوع المهارات الفردية .إن هذه الأنظمة تنزع إلى تنمية المعرفة المجردة على حساب خصائص بشرية أخرى، كالخيال والكفاية التواصلية ، وحب التنشيط ، والجمالية أو البعد الروحي والمهارات اليدوية << كما يمكن للتربية أن تساهم في الدينامية الاجتماعية باسترجاع المطرودين والمنقطعين عن الدراسة( ص58-138-152-153)
- التربية على الاعتدال واحترام الآخر شرط ضروري للديمقراطية
إن اللجنة لا تقف عند الاعتدال كمفهوم مجرد ، ولكنها تذهب بعيدا لتقرنه بتربية التلميذ على التعددية المبنية على احترام الثقافات الأخرى وتقديرها .وكذلك جعله قادرا على الانخراط في الحياة ، وتأويل الوقائع التي تهم مصيره الشخصي ومصير الآخرين. وهكذا فان المشاركة الديمقراطية تقتضي الجواب على السؤال: >> ما هي الغاية من العيش مع الآخرين ولماذا ؟ << (ص59-61-104)
إن الممارسة الديمقراطية ليست حكرا على الحياة السياسية ولكنها ممكنة أيضا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لقد أناطت اللجنة بالمؤسسة التعليمية مسؤولية التربية المدنية والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان ، وسجلت الأهمية البالغة التي أصبحت تكتسيها المعلوميات والتكنولوجيا الحديثة . وفي نفس السياق، ميزت اللجنة بين مجتمعات المعلومات ومجتمعات التعلم، ثم لاحظت أن الفوارق ستتعمق بين المجتمعات التي هي قادرة على إنتاج المضامين والمجتمعات التي تكتفي بتلقي المعرفة( المعلومات ) دون المشاركة الفعلية في تبادلها مع الآخرين .يجب ،إذن، على التربية >> أن تمنح كل فرد وسائل التحكم في تناسل المعلومات. وهذا يعني فرزها وتصنيفها وإخضاعها للفكر النقدي << (ص67)
الفصل الثالث : من النمو الاقتصادي إلى التنمية البشرية
تناولت اللجنة هذا الفصل من خلال سبعة عناصر أساسية هي : النمو الاقتصادي العالمي المتباين ، والطلب على التعليم لغايات اقتصادية ، والتوزيع غير المتكافئ للمعرفة، وحساب تكلفة التقدم ، والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية.
ففيما يخص التوزيع غير المتكافئ للمعرفة ، سجلت اللجنة بأسف كبير هجرة الأدمغة نحو البلدان الغنية ، وذلك لعدة أسباب منها ضعف الرواتب وعدم وجود المناصب المالية الكافية .ففي الصومال ، مثلا ، يزيد عدد المكونين وحاملي الشهادات الجامعية خمس مرات عن حاجيات الدولة ، بينما استقبلت الولايات المتحدة وكندا ما بين 1960 – 1990 أكثر من 1 مليون إطار وتقني تم تعيينهم في مؤسسات تعليمية .(ص 75-76 )
الفصل الرابع : الدعامات الأربع للتعليم والتربية
1 – تعلم المعرفة : أن نتعلم كيف نتعلم>> (Apprendre à Apprendre) يعني في منظور اللجنة تمكين التلميذ من وسائل اكتساب المعرفة وتوظيفها بدل شحنه بالمعلومات المتراكمة ؛ فهو في حاجة إلى تعلم كيفية فهم العالم الذي يحيط به إذا هو أراد العيش فيه، وتنمية قدراته والتواصل مع مختلف مكوناته .( ص 18- 93) كما أن اللجنة تدعو إلى التوفيق بين الثقافة العامة والثقافة المتخصصة من خلال تجاوز التخصص المفرطhyperspécialisation من أجل ما يسمى بالتداخل بين التخصصات أو البينتخصصية interdisciplinarité . وتربط اللجنة بين تعلم كيفية التعرف (تعلم التعلم) والتعلم مدى الحياة . إن شعوب العالم تصبو إلى أنظمة تعليمية أكثر مرونة ، أنظمة تسمح بتعدد المناهج ومد الجسور بين مختلف الأنظمة ، وكذلك بين التجربة المهنية والتكوين النظري (ص16)
2- أن نتعلم العمل: ( Apprendre à Faire ) و ترتبط هذه الدعامة باكتساب كفاية تمنحنا القدرة على مواجهة المواقف غير المتوقعة .وذلك عن طريق بيداغوجـية تحرريـة و فارقية ، وتقنيات تنشيط جماعي..فكيف نجعل التلميذ قادرا على تطبيق معارفه ؟ وكيف نجعل التربية متكيفة مع العمل ؟
للإجابة على هذا السؤال، تؤكد اللجنة أن العمل أصبح مرهونا بالمعرفة، وأن مفهوم الكفاية( compétence) بدأ يحل محل مفهوم التأهيل.. ( qualification). فالصفة المادية بدأت تُنْزَعُ عن العمل ، وقطاع الخدمات بدأ يتنامى ، ودور المدرسة والجامعة أصبح كامنا في جعل المترددين عليهما قادرين على مواجهة المستجدات التي تعرفها الحياة الخاصة والحياة المهنية ، عن طريق تعليمهم كيف يتعلمون، وكيف يعملون و يوظفون معارفهم ، توظيفا ناجعا ، في سياقات و وضعيات مختلفة .
3 – تعلم العيش جماعة أو تعلم العيش مع الآخرين (Apprendre à Vivre Ensemble) تستطيع التربية أن تحقق هذه الغاية عن طريق الاكتشاف التدرجي للآخر ، والانخراط في مشاريع مشتركة من أجل ترسيخ التفاعل والتعايش وأيضا من أجل حل النزاعات البينفردية والبينجماعية . إن معرفة الآخر واكتشافه يتحققان من خلال معرفة الذات( ص100-101) . وتتساءل اللجنة : كيف نعيش معا في القرية العالمية إذا نحن لم نكن قادرين على العيش معا في مجتمعاتنا الطبيعية المؤلفة من الأمة والإقليم والمدينة والحي والقرية ؟ الجواب هو أن ذلك ممكن عن طريق تعرف تاريخ الأفراد والجماعات ، وتقاليدهم وروحانيتهم ، وبالتالي بناء فكر جديد يتوق إلى التعاضد والتشاور والتشارك لرفع تحديات المستقبل (ص18) .
4- نتعلم أن نكون: ( Apprendre à être )يعد هذا المبدأ ذا راهنية كبرى لأن الشخصية تتحدد أولا : انطلاقا من قدرة الفرد على التواصل مع نفسه والآخرين ، وثانيا : لأن القرن الحادي والعشرين يتطلب منا القدرة على الاستقلال الذاتي والانخراط في الجماعة والعمل على أن يكتشف كل فرد مواهبه الكامنة في أعماقه مثل الكنز الذي هو كامن في أرض الفلاح** كما جاء في " حكايات لافونتين Les Fables de La Fontaine ". فمنذ بداية أشغالها، . أكدت اللجنة أنه يجب على التربية أن تسهم في نمو الفرد من النواحي: الفكرية والروحانية والجسدية والعقلية والشعورية والجمالية. وكذلك من حيث المسؤولية الشخصية ، وأشارت . إلى تقرير إدغار فور Edgar Faure "تعلم لتكون لسنة 1972" Apprendre à être" ، وطالبت بإيلاء الخيال والإبداع والرياضة لدى التلاميذ والأفراد نفس الأهمية التي نوليها للتجديد الاقتصادي والاجتماعي.
الفصل الخامس: التعلم مدى الحياة.
في بداية هذا الفصل ، أكدت اللجنة الدور الذي يلعبه التعليم في الحركية الاجتماعية ، ثم ناقشت العناصر التالية :
التعلم مدى الحياة ضرورة ومطلب من مطالب الديمقراطية
وهو كذلك تعليم متعدد الأبعاد
بحكم الأزمنة الجديدة والميادين الجديدة. كما طالبت اللجنة بوضع التعليم موضع القلب بالنسبة للمجتمع، وأيضا بتضافر الجهود التربوية.
التعلم مدى الحياة : يعني هذا المفهوم ، في المنطق الاقتصادي المقاولاتي المحض، مطالبة العمال والتقنيين بالتكوين المستمر الذي يتيح لهم التكيف مع المستجدات العلمية والتكنولوجية، ويزيد في المردودية والتنافسية ( ص108-109-122. )
أما اللجنة، فإنها تعني بالتعلم مدى الحياة ذلك التعلم الذي>> يتيح لكل فرد التحكم في مصيره في عالم تقترن فيه سرعة التحولات بظاهرة العولمة، عالم تغيرت فيه علاقات الرجال والنساء بالزمان والمكان<<.( ص109) . إنه بناء مستمر للكائن البشري ، ولمعرفته ولمهاراته. وأيضا لقدرته على الحكم والعمل (ص111) إن التعليم مدى الحياة ،حسب اللجنة ، وسيلة فعالة لتنظيم مراحل التعليم الأخرى . >> إن التعلم مدى الحياة يبدو ، إذن ، أحد مفاتيح القرن الحادي والعشرين . << ( ص 17 )
الفصل السادس: من التعليم الأساسي إلى الجامعة.
1- التعليم الأساسي : >> إن التعليم الأساسي هو جواز المرور من أجل الحياة << (ص-128-127). ويمكن تعريفه كذلك كتربية أولية (نظامية أو غير نظامية) تبدأ من حوالي 3 سنوات إلى 12 سنة على الأقل(ص 129 ).
لقدت أدت الجهود المبذولة خلال القرن 20 إلى نتائج إيجابية.ومنها انتقال عدد التلاميذ المسجلين في المدارس الابتدائية والثانوية من250 مليون إلى مليار ما بين 1960 و1996 وانتقال عدد الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة من 1مليار إلى أزيد من2.7 مليار. ومع ذلك تسجل اللجنة وجود 885 مليون أمي حيث إن 5/2 الأميين من النساء و5/1 هم من الرجال. كما يوجد 130مليون طفل في سن التمدرس لكنهم غير ممدرسين ، و 100مليون طفل لا يكملون الأربع سنوات الضرورية للقدرة على عدم نسيان القراءة والكتابة . 139).
- وفي موضوع التعليم الأساسي دائما اقترحت اللجنة الإجراءات التالية :
* تعميمه ليشمل 900 مليون من الأميين الكبار و 130 مليونا من الأطفال غير المتمدرسين و أكثر من 100مليون من الأطفال المنقطعين عن الدراسة ( ص 21 ) ،
عند وضع الخريطة المدرسية يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المسافة التي على الفتيات قطعها للوصول إلى المدرسة،
إنشاء مدارس خاصة بالبنات ،
تعيين أكبر عدد ممكن من المعلمات لخلق توازن بين الجنسين .
تنظيم برامج التغذية المدرسية،تكييف التوقيت المدرسي مع متطلبات العائلة ،اعتماد البرامج غير النظامية بموافقة الآباء والجهات المحلية المعنية ، تحسين البنيات التحتية وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب .
- ويوضح المبيان الذي رسمته اللجنة ص 132 أن مدى الحياة المدرسية في المغرب هو 8 سنوات بالنسبة للذكور و5،7 بالنسبة للإناث بينما يصل في كوريا إلى 14،3 و 13 وفي مصر 10،8 و 8،8 وفي الولايات المتحدة 16،3 و15،6.
وقد سجلت اللجنة اثر التربية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة على حياة الإنسان البعدية ، ودعت إلى الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أكدت مشاركة المجتمع المحلي ومسؤوليته في نجاح التمدرس( ص135 137 )
2- التعليم الثانوي : يعد نقطة تحول كبير في حياة الإنسان؛ فمن جهة، يشكل قنطرة نحو الترقية الاجتماعية والاقتصادية للتلاميذ وآبائهم، ومن جهة، يعاب عليه عدم انفتاحه على الخارج كالتعليم العالي والدخول في عالم الشغل . ومع ذلك يبقى التعليم الثانوي متميزا بالتنوع لكنه مطالب بايلاء أهمية بالغة للكفايات وللجانب الكيفي الوظيفي للمعرفة . وترى اللجنة أن التغيرات التي يتم إدخالها تتطلب الوقت الكافي لكي تعطي أكلها ولكي يألفها النظــــام .
ومن العوامل التي تجعل التعليم الثانوي محركا أساسيا في حياة الإنسان كونه المرحلة التي يختار فيها المراهقون الطريق الذي سيدخلون منه إلى مرحلة الكبار وعالم الشغل
وتلح اللجنة على أن يتم توجيه التلاميذ نحو التعليم المهني أو التعليم العام انطلاقا من تقييم جدي وصار وفعال ، وليس وفق إرادة إدارية همها خلق التوازن العددي بين الأقسام والتخصصات. وتقترح اللجنة أيضا تنويع المسالك الدراسية لاستثمار جميع المواهب والحد من الفشل الدراسي .( ص22 ).
التعليم العالي : إن التعليم العالي هو محرك التنمية الاقتصادية وأحد أقطاب التعلم مدى الحياة ... إنه وسيلة رَئِيسَةُُ لنقل التجربة الثقافية والعلمية التي راكمتها الإنسانية( ص144). فمن مهمات الجامعة أن تسهم في حل بعض مشاكل التنمية وتكوين الزعماء الثقافيين والسياسيين ورؤساء المقاولات ناهيك عن تخريج الأطر التعليمية (ص 146 –147) فالبحوث الجامعية مرجع رَئِيسُُ في صياغة البرامج والسياسات وتكوين الموارد البشرية، ولكن البلدان النامية ما زالت تفتقر إلى هذه الخاصية.
ومـن سلبيـات التعليـم العـالــي :
تزايد أعداد العاطلين في صفوف حاملي الشهادات الجامعية ،
ضعف نسبة المتمدرسين الذين يصلون إلى الجامعة ففي افريقيا ما وراء الصحراء لا نجد إلا 1/1000 بينما نجد في امريكا الشمالية 1/5 ،ضعف النفقات الخاصة بكل طالب جامعي .
إن الجامعة مكان للتعلم والعلم بامتياز ، وهي كذلك مكان للثقافة والدراسة مفتوح للجميع .الشيء الذي يقتضي استقلاليتها عن كل ضغوط سياسية أو ايديولوجية.
- محاربة الفشل الدراسي ضرورة ملحة( ص152) :
من أشكال هذا الفشل التكرار والمغادرة والاقصاءات التي تطال الشباب طوال حياتهم . وفي هذا المضمار نددت اللجنة بالأنظمة التعليمية التي تؤدي إلي تكوين جيطوهات تربوية(( ghettos éducatifs ص.153.
الاعتراف بالكفايات المكتسبة بفضل اعتماد طرائق جديدة في تسليم الشهادات (ص 154) :
ترى اللجنة أن كل بلد مطالب باعتماد طرائق فعالة وعقلانية في عملية تقويم الكفايات والمهارات .كما سجلت اللجنة بارتياح كبير كون بعض البلدان تعترف بالكفايات المكتسبة خلال الحياة المهنية داخل المقاولات والنظام التعليمي النظامي بما فيه الجامعة.
الفصل السابع : المدرسون والبحث عن آفاق جديدة(ص157 (
قسمت اللجنة هذا الفصل إلى العناصر التالية :
- انفتاح المدرسة
- التطلعات والمسؤوليات
- التدريس فن وعلم
- نوعية المدرسين
- تعلم ما ندرس وكيف ندرس
- المدرسون أثناء الممارسة
في البداية ، ترى اللجنة أن المعرفة ستصبح في القرن الحادي والعشرين وسيلة وغاية، وان كل شخص سيعمل من أجل الحصول عليها طوال حياته. الشيء الذي يلقي على المدرسين مسؤولية تهييء التلاميذ لمواجهة المستقبل وبنائه بكل ثقة في النفس( ص 157-158 ) وذلك بتحفيزهم على المدرسة وجعلها تكمل نظرتهم الإيجابية المفضلة إلى الإعلاميات وتبعدهم عن الانحراف والعنف وتناول المخدرات داخلها. ومن واجب المدرس أيضا ، أن ينتقل من دور العارف المنفرد ( soliste ) إلى دور المرافق، ومن دور ناقل المعرفة إلى دور من يساعد تلاميذه على البحث عن المعرفة(accompagnateur) و إيجادها وتنظيمها وحسن توظيفها .وذلك عـن طريق القيـادة وليس عن طريـق القولبـة ( ص160).
إن المدرسين مطالبون بتنظيم حياتهم المهنية حتى يتأتى لهم الرفع من مستوى مهاراتهم والاستفادة من التجارب التي تعرفها مختلف دوائر الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك التمتع بالعطل المدرسية وإجازات أو عطل التفرغ العلمي congé - éducation congé sabbatique (ص 173 ).
- التدريس فن وعلم (ص162) : تحتل العلاقة التي تنشأ بين المدرس والتلميذ قلب العملية البيداغوجية . وترى اللجنة أن حضور المدرس الفزيائي يبقى ضروريا رغم ما توفره التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات التعلم عن بعد .كما تدعو إلى الاهتمام بالكفايات والقدرات اللازم إتاحتها للتلميذ ، والمتمثلة في القدرة على توظيف المعرفة توظيفا ملائما في سياقات و وضعيات مختلفة
إن العلاقة البيداغوجية السليمة هي التي تقوم على ما يلي :
وضع المعارف والمعلومات في سياق وتقديمها في صيغة إشكالية
جعل التلميذ قادرا على الربط بين حل هذه المشاكل والمشاكل المرتبطة بها
تفتح شخصية التلميذ
احترام استقلاله الذاتي
الصرامة والسلطة المعرفية
العمل والحوار مع التلميذ من أجل الإسهام في تكوين معنى النقد الذاتي
التواضع العلمي والمعرفي للمدرس واعترافه بأنه معرض للخطإ كغيره
التعاقد الديداكتيكي
ولتحسين نوعية المدرسين وتحفيزهم تقترح اللجنة الإجراءات التالية :
التعـييـن : تحسين طريقة ومعايير الانتقاء
التكوين الأساسي : مد الجسور بين الجامعات ومعاهد تكوين مدرسي التعليم الابتدائي والثانوي الذين يجب عليهم القيام بتعلم جامعي
التكوين المستمر : وضع برامج للتكوين المستمر بطريقة تجعل كل مدرس يمتلك وسائل الاتصال الحديثة
أساتذة التكوين البيداغوجي :
5- المراقبة : إن التفتيش مطالب بمراقبة إنجازات المدرسين والدخول معهم في حوار حول مصادر المعرفة وتطويرها و طرائق بنائها وصرفها
6- التدبيـر اعتماد طرائق التدبير الحديثة
7- مشاركة كل الأطراف المعنية :كالآباء وكل من له خبرة في الميدان
8- ظروف العمل : لا بد من تحسينها لتشجيع المدرسين على العطاء اكثر وبالتالي تكون محاسبتهم في حالة التقصير في أداء الواجب محاسبة مشروعة .
9- وسائل التدريس : ينبغي توفير الترسانة الديداكتيكية اللازمة لتحقيق هذه الطموحات
إن نوعية التكوين البيداغوجي ونوعية التعليم مرتبطة ارتباطا قويا بالوسائل التعليمية التعلمية .وفي هذا السياق تعد التكنولوجيا الحديثة وسيلة ربط بين البلدان الصناعية والبلدان غير الصناعية .كما أنها تساعد المدرسين المتعلمين على الارتقاء إلى مستوى عال من المعرفة .
الفصل الثامن : دور السياسة في الاختيارات والتوجهات التربوية( ص175)
يجب على الأنظمة التعليمية أن تستجيب لحاجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية .كم يجب عليها رفع التحدي التكنولوجي كخطوة ضرورية نحو القرن الحادي والعشرين.
إن التقرير الذي نقوم بقراءته يؤكد أن الخيارات التربوية خيارات مجتمعية نظرا لتزايد الطلب على المدرسة. كما أن تدبير التعليم والتربية يستدعي حوارا علنيا واسع النطاق يفضي إلى التوافق الديمقراطي على استراتيجيات إصلاح مبنية على :
1 – النقاش والحوار 2- اللامركزية 3- استثمار التكنولوجية الحديثة
4- الإحصاء الشامل والدقيق لإمكانيات الدولة وحاجياتها. وقد ألحت اللجنة على إشراك مختلف الجهات الفاعلة في وضع البرامج والمناهج التعليمية،ومنح المؤسسات استقلالا ذاتيا في تكييف أوقاتها وبرامجها مع حاجيات السكان المحليين
وعموما فان السياسات التعليمية يجب أن تكون على المدى البعيد.كما تجب الزيادة في النفقات العمومية على التعليم (لا تمثل حاليا إلا %5 من الناتج الوطني الخام العالمي .
5,3% في الدول المتقدمة وفقط 4,2% في البلدان السائرة في طريق النمو.)
الفصل التاسع : التعاون على الصعيد الدولي
دعت اللجنة، في هذا الفصل ، إلى تمدرس النساء والفتيات كما جاء في توصيات مؤتمر بكين لسنة 1995 ، و أيضا إلى الشراكة وتخصيص ربع المعونة الإنمائية لتمويل التعليم . وفي نهاية الفصل أشارت إلى ضرورة إنشاء مرصد للتكنولوجيات الجديدة للمعلومات ، ورد الاعتبار للعلماء والمفكرين وحملة الريشة مؤكدة على أن التربية هي اليوطوبيا الضرورية لكل رؤية منظورية و/أو استشرافية للمستقبل .Perspective et/ou Prospective
خـاتمـة : يندرج هذا الكتاب في سياق الأبحاث الجماعية . ويمكن اعتباره كذلك مائدة مستديرة قدمت فيها مقترحات أقل ما يمكن القول عنها أنها تلامس هموم مواطني الكرة الأرضية .
وانطلاقا من هذه القناعة ، نرى أن التقرير قابل لأن يكون دعامة أساسية لإصلاح التعليم والتربية ، وبالتالي تكوين تلاميذ متشبعين بقيم الديمقراطية والحداثة ، حريصين على هويتهم وانتماءاتهم العرقية.
ولئن رأيناه هكذا ،فإننا نسجل الملاحظات التالية :
1 – طابع التكرار الذي ميز التقرير .وهذه ظاهرة طبيعية ما دام الأمر يتعلق بلجنة تتكون من أعضاء قد يتقاطعون ويتفقون في مواقف كثيرة .
2 – طابع اليوطوبيا الذي نستشفه من صفحات الكتاب البالغ عددها 315 صفحة من القطع المتوسط . ويشفع لذلك محاولات استشراف الألفية الثالثة .
3 – ملامسته لجميع جوانب الحياة الخاصة والعامة بفضل المقاربة الشمولية والنسقية المعتمدة .
4 – الأهمية البالغة التي يوليها للكفايات والمهارات والموارد البشرية وتمدرس الفتاة والتعليم القروي والبطالة ...وهذه كلها قضايا نلفيها حاضرة ، وبكل بقوة ، في الميثاق الوطني للتربية والتكوين .
5 – اعتماده مختلف وسائل التعبير بما فيها اللفظ والرقم والمبيان .
Rapport à L’UNESCO De la Commission internationale sur l’éducation Pour le vingt et unième siècle Présidé par
JACQUES DELORS
L’EDUCATION UN TRESOR EST CACHE DEDANS
UNESCO ,1996 EDITIONS ODILE JACOB ,Paris , 1996
-----
** لقد استمدت اللجنة جزءا من عنوان الكتاب Un trésor est caché dedans من إحدى حكايات لافونتين " المزارع" وفي رأينا الاستعارة محبذة .