فـي المغرب لم يعد هناك مـا يُـضْـحِـكُ أو يُــفْـرحُ في مجـالِ التعليم، كما هـي الـحالُ طبعاً في قطاعات تُـنْـفَـقُ فيـهـا الـعديدُ من أمـوالِ الشعبِ.
كـلُّ الـقطاعـاتِ يـجـوز فيـهـا للـمرء أن يـمسـحَ بنـظرةٍ سريعـةٍ مـا يطالـها من اخـتراقاتٍ و تجـاوزاتٍ، و يكـشـفَ الـمستورَ سراعـاً دون تعـثر أو صعـوبة، ويـرد ذلك إلى جـهل هذا الباطرون أو ذاك وعدم وطنيته وجشعه وأنانيته العمياء.
أمـا أن يحصـلَ في قـطاع التعليم مـا يكشف كـلّ عـوْراتِ موظفيه، وهــو المعـوّل عليه تحقيقَ تـوازنـاتِ البلـد؛ إذْ أنه الـمصـدِّرُ لــــ(الكفـاءات) في كل الـمجالات، فـأمـر يبيـح استخدام كل الكلمـات حتى التي تخدش الـحياء في حـقّ هـذا النوع من المسؤوليـن / المحسوبين على التربية.
لم تعد الإدارةُ تُـمـارسُ حـيادَهـا، وتحـافظ على نـقائـها، وتُـبعـد كل مـا من شـأنه أن يـعـرّيـها، حتى بتنا نسـمع عن موظفٍ صغير يتحـكّــمُ في دواليب محكمةٍ عليا، وهو مجردُ كـاتبِ ضـبطٍ.
كذلك الأمـرُ يـحصـلُ مـــع الإدارة التربوية، فـعوض أن تُـحـتَـرمَ الـمسؤولياتُ، وكـل يلتزم سيـاقَ اشتغـاله، نـعايـنُ تبديـلَ الـــوِزْراتِ في شكل فـاضـحٍ وسـافـرٍ.
ليس الأمـر هنا مرتبطـاً بالتنقيلاتِ الـمجـانية التي أقـدمت عليهـا الجهاتُ خلال فترة العطلة، (= والمستفيدون من أهـل "العري التربوي")، إنـما مـا تحكيه شهـرزاد في ظـل "مدرسة النجاح" من جـعلِ المؤسسةِ التربويةِ إرثـاً خلفه الأجـداد، وأرضـاً يعثـو فيـها مَـنْ لا ضمـير يـحـرّكـه، ولا قيـم تضبط إسفـافـه.
أليس رئيس المؤسسة (= أي مؤسسة تربوية) مسؤولاً أولاً عن كل مـا تتخبط فيه إدارتُـهُ، ومـا يعـانيه تـلامذتُـهُ ..؟، بــل وقـادراً على قيـادة سفينـته، لا تركـها لـهذا الموظف الأستاذ أو ذاك يـرتبـون أمـورَهـا، ويسهرون فيما يخدم مصالحهم على سيرهـا.
أمـعـقولٌ أن تجد مكتباً لرئيس إدارة مفـاتيـحُـهُ موزعـة بين مَـنْ أحـبّـوا الاطـلاع على أسـرار موظفـيـها، و معاينةِ الصغيرةِ و الكبيرةِ، في تـجاوز فـاضـحٍ لمبدأ تحديد المهام وسرية المعلومات الشخصية لموظفي هذه الإدراة أو تلك ..؟.
واضـحٌ أنّ الـطـرفـيْـن بعـضـهمـا يخدم الآخـر، وكـلاهـمـا مستفيـدٌ من الوضـع الـقائم، لكن الموظفَ المسؤولَ لا يبغي من رئيسِـهِ إلا الـحزمَ والـدقّـةَ في كل الأمـور التربوية، وتخديم الـعقـل بدل الـعاطفة؛ لأن الـعاصفة لـما تحل تدمّـر كل شيء.
متى يحـق للموظف تـجاوز كل المساطـر الـقانونية؛ مبدعـاً في التخطيط لهذه المؤسسة أو تلك ولــو على جودة العملية التربويـة، ولـو فيـما يضـر من هـم يشاركونه هـمّ مستقبل أبناء الـوطـن ..؟؟.
كيف لا تضربُ الـــوزارةُ بيدٍ من حديدٍ (= وإنْ هي في حاجة لـمن يضربها أولاً بأيــاد أقوى من الحديد) في حقِّ كــلّ موظف لا يعنيه مصير أبناء آبـاء هم تحت عُهْـدتِـهِ؛ مستغلاّ في شكل سـافــر وضعيةَ جهلهم، مضيفاً لهم ساعات بتعويضاتٍ مادية، ليعلّمهم مـا هم أدوا ثمنه للدولة؛ في شكل طبخة تأخـذ من هذا لتعطي لـهذا ..؟؟.
إن تغليبَ المصالــح الضيقة يجني على رأسـمال المستقبل الوطني، ونكون حينها أمام شباب / تلاميذ الإسـفافُ سُـنّـتُـهم؛ أما تحملُ المسؤوليةِ ومعها خدمة الإدارة المغربية فسنصلي عليهما ذات زمانٍ قــريبٍ صـلاة الـجنازة.
نريد إقـلاعـاً بالإدارة التربوية؛ ومعها العمل التربوي، ويكفي جشعاً من هذا الموظف أو ذاك، من رأس هذه الـــوزارة أو تلك إلى أصـغر موظف فيها. وحسبُنا بالموظف الناجح هــو من يُـتـقنُ مهمته لا من يتجاوزها، وحسبنا أيضا بالـعمل الــتربوي ذاك اللصيـقُ بكل ما هـو أخلاقي والمرتبط بكل ما يخدم أطراف العملية التربوية؛ بمن فيها المتعلم والزميل المـوظـف، لا البحث عن فخـاخ تطيح بطرف مـا؛ فقط لأنه لا يشاطرني اللعب في المـاء الـعـكر.