المدخل:
عرف المغرب منذ فجر الإستقلال تغيرات جذرية في منظومة التربية والتكوين، وذلك من خلال أحداث متتابعة انتقل المغرب أثناءها من اعتماد الكفايات الأجنبية إلى اعتماد نظيرتها الوطنية ،بعد ذلك انتقل إلى نهج سياسة التعريب بعد مطلع الثمانينيات طلبا – حسب زعم القائمين آنذاك على سياسة التعليم – في تحقيق جودة أكثر نظرا لمكانة التعليم في قطار التنمية.
وبالنظر إلى بعض التراجعات على مستوى الفعالية في منظومتنا التربوية ،تدخل كل الشركاء في المنظومة قصد اصلاحها، ليسفر هذا المجهود عن ميلاد الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،و الذي ينص على جعل التلميذ/ الطفل في قلب النظام التعليمي وتجاوز كل الأساليب العتيقة في التمدرس والذهاب نحو تحقيق ما اصطلح عليه بالتدريس الفعال ،أو التدريس بالكفايات.
وتماشيا مع تحقيق هذه الأخيرة ،تأتي الإجتماعيات كمادة من مواد التفتح بمكوناتها الثلاث : التربية على المواطنة – الجغرافية – التاريخ .
ويعتبر التاريخ كمكون من مادة الإجتماعيات من الحقول المعرفية الأساسية في التكوين الفكري والوجداني للمتعلم ، يسهم بشكل فعال في تزويده بمنهجية علمية رصينة تساعده على ادراك أهمية الماضي في تكوين الحاضر وتأهيله لحل المشاكل التي تواجهه .
إن مادة الإجتماعيات بشكل عام ،والتاريخ بشكل خاص من المواد الأكثر غنى بالدعامات الديداكتيكية .
فإلى أي حد تعد هذه الأخيرة معينا ديداكتيكيا لبناء درس التاريخ لدى تلامذة السنة السادسة ابتدائي؟
الدعامة لغويا :
مفرد دعامات ونقول دعامة الشئ بمعنى عماده وسنده ونقول أيضا دعامة البيت أي ركنه.
الدعامة الديداكتيكية :
" هي مختلف الوسائط والأدوات البيداغوجية التي يوظفها الأستاذ لكي يعتمد عليها المتعلم لبلوغ هدف من الأهداف الإجرائية المرغوب فيها "1
كما أنها وسيلة من وسائل إثارة إنتباه التلميذ وتحفيزه على إعمال الفكر والتمكن من المشاركة لإستنتاج المعلومات وتشخيص الحقائق وترسيخها ...'' 2
أما أنواع الدعامات الديداكتيكية المعتمدة في انجاز درس في التاريخ لدى تلامذة الصف السادس فهي كالتالي :
الصور أو الرسوم :
هي أدوات تدريسية بصرية '' و هي أدوات ديداكتيكية أساسية تشكل سندا يضفي صفة الواقعية على الظواهر المجردة ويساعد على تمثلها – كما يشكل عنصرا مهما لإثارة انتباه التلاميذ وتشويقهم لتتبع مراحل الدرس ''وهو أيضا مرتكز يعتمد عليه الاستاذ لبساطته وتفاعل المتعلمين معه.
النصوص التاريخية:
النص بمفهومه العام هو كل خطاب ذي معنى ،مثبت بالكتابة يتضمن ملفوظات مترابطة ومتواصلة تتضمن بدورها رموزا وتشكل بنية قابلة للفهم والتحليل3
الخرائط:
تعتبر الخريطة بجميع أنواعها من أكثر الأداوات الديداكتيكية استعمالا في مواد الإجتماعيات ،وخاصة التاريخ لأنها تساعد على تنمية قدرة المتعلم على ملاحظة اهم الطرق التجارية مثلا و المدن والمراكز التجارية.
شروط اختيار الدعامات الديداكتيكية :
يتوهم البعض أن الدعامات الديداكتيكية هي مساهدة فقط في الشرح ،مما دفع الأستاذ والخبير التربوي محمد الدريج في كتابه ''تحليل العملية التعلمية'' إلى تفنيد هذا الطرح. بل ذهل الى اعتبار الدعامات '' جزء لا يتجزء من عملية التعليم ،لذا فمن الخطأ تسميتها '' وسائل الإيضاح '' كما هو شائع في بعض الأوساط التعليمية '' 4 ولكي تؤدي هذه الأخيرة دورها بشكل فعال يلزمها أن تنسجم مع الهدف من توظيفها فالمدرس مدعو قبل استخدام الدعامات أن يحدد الهدف منها ديداكتيكيا .ولتقديم معلومات عليه أن يحدد '' هل يجب أن يتعرف المتعلم مضمون ومحتوى التعلم على طبيعته اي في حيويته وحركته ،أم فقط شكله العام أم تفاصيله وجزئياته ''
هذه بعجالة بعض ما يميز الدعامات الديداكتيكية ،وكما رأينا لا يمكن تجاوها بسهولة إذا أراد المدرس فعلا أن يهيئ درسا في مادة الإجتماعيات ،وبشكل خاص في مكون التاريخ .إلا أنه وللأسف الشديد ،فإن المتصفح لبعض مقررات مادة الإجتماعيات ،لدى السنة السادسة ابتدائي ،تلفت انتباهه من حين لآخر،أخطاء على مستوى الدعامات مما يشكل اعاقة فعلية لبناء درس التاريخ.
بعض النماذج من الاخطاء الواردة بالكتاب المدرسي للسنة السادسة .
- في درس العصور التاريخية ،صفحة 07 نلاحظ تضاربا في التعاريف المعطاة في فقرة '' المفاهيم والمصطلحات '' بخصوص تاريخ اختراع الكتابة لدى السومريين وبين تلك المعطاة على الخط الزمني .
- في الصفحة 15 وبالضبط الوثيقة 1 اتساءل هل يمكن فعلا اعتبار نص مأخوذ من كتاب مدرسي للتاريخ للسنةأولى ثانوي 1970 بمثابة نص تاريخي .
- في الصفحة 16،استعملت الأعداد السالبة لتوضيح ما قبل الميلاد في تقديري الشخصي هي عملية قد لا تجدي نفعا مع طفل السنة السادسة ابتدائي.
أخطاء أخرى نصادفها بشكل متواتر ،لا نعرف حقيقة أهي أخطاء مطبعية أم هي السرعة في انجاز هذه الكتب بدافع تجاري صرف.دون تكلف عناء المراجعة والتصحيح تحت هاجس تلقين الناشئة معرفة غير مشوشة .
على سبيل المثال لا الحصر نجد ابن يوبا ثم نجد مرة أخرى جوبا الثاني ،نقرا الخلافة الراشدية المعروفة في الأدبيات التاريخية باسم الخلافة الراشدة.
على كل حال هذا غيض من فيض من الاخطاء التي استوقفتني الشئ الذي يدفعني الى التساؤل عن الدور البيداغوجي لمثل هذه الدعامات .فإذا أردنا بجد أن نبذر بذور الحس التاريخي لدى الناشئة ،فعلى الأقل أن يكون هناك ضبط (في النص) وتدقيق في المعلومات الإخبارية ،فلست بحاجة إلى التذكير بأهمية الجانب الإخباري في التاريخ او ما يدعوه مفكرنا المؤرخ عبد الله العروي الجانب التأريخي (التأرخة) .
وعليه أقترح تفاديا لمثل هذه المواقف مايلي :
- مراجعة الكتاب المدرسي قبل طبعه ونشره من لدن متخصصين متمرسين ذوو تكوين تاريخي متين.
- تكوين خلايا مكونة من أساتذة مشهود لهم بالكفاءة على مستوى مدارسنا الوطنية تعنى بتصحيح الأخطاء الواردة بالكتب المدرسية.
- الإستعانة بالتكنولوجيا الحديثة لتكون متممة للكتاب المدرسي ...
لقد كان الهدف من هذا المقال المتواضع فقط هو محاولة لفت الإنتباه الى هذه الظاهرة التي لوحظت من لدن كثير من أساتذة المادة لا سيما وأننا نملأ الدنيا حديثا عن الإصلاح التعليمي وتجويد المدرسة العمومية .
1- خالد المير ادريس قاسمي "سلسلة التكوين التربوي " العدد 5 طبعة 200 صفحة 31
2- وزارة التربية الوطنية / مديرية التعليم الثانوي / قسم البرامج وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية 1994 ص 40
3- حميد هيمة "قراءة أولية للوسائل التعليمية في دروس تاريخ الممالك الأمازيغية بالمقرارات المغربية'' الحوار المثمر العدد 180
4- محمد الدريج تدريس النصوص الجزء الثالث الدليل التربوي مطبعة دار النجاح الجديدة 1993 م صه ،نقلا عن المصطفى الحفاضي بالمرجع "قضايا ابستمولوجية وديداكتيكية في مادتي التاريخ والجغرافية ''
5- محمد الدريج وتحليل العملية التعلمية '' طبعة 1988 صفحة 81 منشورات مجلة الدراسات النفسية والتربوية