تطلب تهذيب بني إسرائيل، الذي لم يحصل، إرسال العديد من الأنبياء وقصص بني إسرائيل في القران الكريم والمساحة التعبيرية الكبيرة التي يفردها لهم ،هي بالنسبة للمسلم دين يلتزم ويقين يعتمد، لا بد من استمرار حضوره واليقين بخلوده الذي يعني تجاوزه إلى كل عصر.
ونحن الآن لا ندعي، بهذه المساحة البسيطة ،أننا سوف نحيط بالرؤية القرآنية الشاملة لبني إسرائيل، وإنما سنحاول توضيح بعض اللمسات المتعلقة بالماء في تاريخهم وأهميته في وجودهم إذ يحظى الماء في الديانة اليهودية بتقديس كبير، من منطلق أنه أصل الوجود وأساس الطهارة، وهذا يتضح بجلاء في قصة الخلق التوراتية التي تقول:
"في البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه (...)، وقال الله ليكن جَلَدٌ في وسط المياه وليكن فاصلا بين المياه والمياه" [1].
1. ميلاد موسى عليه السلام
اذا افترضنا أن النواة الأولى لنشأة دولة بني إسرائيل انطلقت مع نبي الله موسى عليه السلام ،وهذا ما يسير عليه اغلب الدارسين[2] لدولة بني إسرائيل، بعد خروجه من مصر ومع هذا الخروج يبدأ التاريخ الحقيقي لإسرائيل[3]، ولا يزال هذا الخروج في نظر اليهود زمنا فريدا في تاريخهم وحدثا ذا مستوى متميزٍ يختلف عن مستوى سائر الأحداث الأخرى. والحديث عن نبي الله موسى عليه السلام وظروف ولادته، لا بد من الحديث عن الماء، حتى أن كلمة موسى تتم ترجمتها بالمنشول من الماء، إذ يذكر الإنجيل أن اسم موسى مشتق من الكلمة العبرية "ماشاه"، أي "يُسحَب" بدلالة "سحبه من مياه النيل"،[4]، وعن هذا الحدث وملابساته يتحدث نص صريح في التوراة بما نصه:
" وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاَوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاَوِي، 2فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. وَلَمَّا رَأَتْهُ أَنَّهُ حَسَنٌ، خَبَّأَتْهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ.3 وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ، أَخَذَتْ لَهُ سَفَطًا مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ، وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ.4 وَوَقَفَتْ أُخْتُهُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَعْرِفَ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ.5 فَنَزَلَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ إِلَى النَّهْرِ لِتَغْتَسِلَ، وَكَانَتْ جَوَارِيهَا مَاشِيَاتٍ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ. فَرَأَتِ السَّفَطَ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ، فَأَرْسَلَتْ أَمَتَهَا وَأَخَذَتْهُ.6 وَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتِ الْوَلَدَ، وَإِذَا هُوَ صَبِيٌّ يَبْكِي. فَرَقَّتْ لَهُ وَقَالَتْ: «هذَا مِنْ أَوْلاَدِ الْعِبْرَانِيِّينَ"[5].
والقران الكريم تناول سيرة موسى عليه السلام بتفصيل دقيق وإحاطة شاملة لكل ما يتعلق بنشأته منذ الطفولة المبكرة حتى مرحلة تلقيه وحي ربه وقيامه بتبليغ ما كلفه الله به فمن خلال الآيات التالية التي يقول فيها عز وجل:
﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(14(﴾[6].
2. موسى وبئر مدين
لكن الله حفظ نبيه عن أذى فرعون وقومه، فلم يظفروا به، حتى خرج من بلادهم.. وورد إلى بلاد آخرين ﴿ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل﴾.
سار موسى (عليه السلام).. ترفعه أرض وتخفضه أخرى، حتى أتى إلى ارض مدين، فرُفعت له من البعيد شجرةٌ، فقصدها ليستظلّ بها، ولما اقترب منها رأى تحتها بئراً ﴿ولما ورد ماء مدين وجد عليه أُمّةً من الناس يسقون﴾. ونظر في ناحية، فإذا به يرى جاريتين معهما غنمٌ تنتظران صدور القوم، حتى تسقيا غنمهما، من فضل ما بقي في الحوض.
فقال لهما موسى: ﴿ما خطبكما﴾؟ ولماذا تنتظران؟ ﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾. فرقّ موسى لحالهما، ودنا من البئر، وقال لمن على البئر: أستقي دلوين دلواً لكم، ودلواً لي؟ وكان الدلو كبيراً يحتاج مدُّه إلى جماعة... فقبل القوم كلامه لما رأوا فيه من المنفعة لأنفسهم، فتقدّم موسى (عليه السلام) وحده ـ وكان قويا ـ فاستقى وحده دلواً لمن على البئر ثم استقى دلواً آخر للجاريتين، وسقى أغنامهما.
﴿فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ وكان (عليه السلام) حينذاك جائعاً لم يأكل منذ ثلاثة أيام شيئاً! وكان قد استولى عليه الضعف والتعب.. فقد قطع الطريق بين مصر ومدين راجلاً خائفاً، ولم يعتد ذلك من قبل حيث انه كان في ظلّ نعيمٍ في بيت الملك، مهيئاً له أفضل الأطعمة، وأحسن المراكب، وأسبغ الرفاه والأمن.
فتضرّع إلى الله تعالى، في أن يمنحه الراحة والأمن والمأكل. استجاب الله دعاء موسى (عليه السلام). فما أن رجعت المرأتان إلى دارهما ـ وكان أبوهما نبياً من أنبياء الله تعالى، واسمه: شعيب (عليه السلام) ـ حتى أخبرتاه بنبأ موسى.
أو إن شعيبا سأل ابنتيه، قائلاً: أسرعتما الرجوع اليوم؟ وقد اعتادتا التأخر حتى يصدر الرعاء.
فقالتا: وجدنا رجلاً صالحاً رحيماً، فسقى لنا مع القوم، وهذا سبب مجيئنا قبل كل يوم.
فقال شعيب، لواحدة منهما: اذهبي إليه، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا ﴿فجاءته إحداهما تمشي على استحياء﴾ حتى وصلت إلى موسى ﴿قالت إنّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا﴾ فقام موسى معها، وأرادت الفتاة أن تتقدّم على موسى في المشي لتدلّه على الطريق لكن موسى أبى، وقال: بل كوني من ورائي، وأرشديني إلى الطريق بدلالة.
حتى وصل إلى دار شعيب فدخل الدار، ورحّب به شعيب، واستفسره عن قصته ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
3. موسى وعبور نهر الأردن
ولما كبر موسى عليه السلام واشتد عوده، خرج مع أصحابه عابرين نهر الأردن على اعتبار أن الله وهب خيراته لبني إسرائيل واذا بحثنا في مميزات نهر الاردن نجد انه ،كما جاء في احد الأسفار، أنها ارض تفيض لبنا وعسلا . فنهر الاردن هذا ،أو كما يسمى بـ "نهر الأنبياء" نظراً لزيارة ومرور عدد من الأنبياء له، ومن خلاله ،من الأماكن المقدسة عند معظم الديانات السماوية، وخاصة المسيحيين وذلك لأن السيد المسيح عليه السلام، قد تعمد بمياه نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، وهو النهر الذي وقعت فيه القرعة التي من خلالها كفل زكرياء مريم عليهما السلام[7] وهو كذلك الذي عبره طالوت بجنوده [8]، وهو كذلك الذي يسمى بمجمع البحرين[9]، وهو نهر يمر في بلاد الشام يبلغ طوله حوالي 251 كم وطول سَهله حوالي 360 كم، ويتكون عند التقاء ثلاثة روافد هي بانياسَ القادم من سَوريا و اللدان القادم من شمالي فلسَطين والحاصباني القادم من لبنان ،مشكلا نهر الأردن العلوي الذي يصب في بحيرة طبرية ،التي تكونت جراء حدوث الوادي المتصدع الكبير، وقد كون هذا الشق عدة بحار وبحيرات أخرى مهمة، وعند خروجه من بحيرة طبرية يكون نهر الأردن السَفلي ويصب فيه أيضا روافد نهر اليرموك ونهر الزرقاء ووادي كفرنجة وجالوت ،ويفصل النهر بين فلسَطين التاريخية والأردن إلى أن يصب في مياه البحر الميت المعروفة بملوحتها العالية.
4. موسى والاثنتا عشرة عينا
ورغم كل هذا لم يستمر هذا الخليط الغريب من الأجناس الهاربين مع موسى ،في وفائهم له إذ سرعان ما انقلبوا عليه وساروا يتهكمون منه ومما يأمرهم أن يفعلوه بعد أن حنوا واشتاقوا للعودة إلى ما وراء النهر وهنا يجب الحديث عن معجزة أخرى تتعلق بالمياه بعد أن دعا موسى ربه :
قال تعالى: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾[10]
يذكر الطبري في تفسيره لهذه الآية عن ابن عباس، قال: "جعل بين ظهرانيهم حجراً مربعاً، وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً في كل ناحية منه ثلاث عيون، لكل سبط عين، لا يرتحلون خطوة إلا وجدوا ذلك الحجر معهم بالمكان الذي كان به معهم في المنزل الأول" وفي هذا الكلام خلاف سنذكره وقيل لهم: "كلوا واشربوا من رزق الله" وهذا أمر من الله جل ثناؤه بأكل ما رزقهم في التيه من المن والسلوى، وبشرب ما فجر لهم من الماء من الحجر الذي لا قرار له في الأرض، ولا سبيل إليه إلا لمالكيه، يتدفق بعيون الماء العذب بقدرة ذي الجلال والإكرام، ثم تقدم جل ذكره إليهم مع إباحته لهم ما أباح، وإنعامه بما أنعم به عليهم من العيش الآمن، ونهاهم عن "السعي في الأرض فساداً واستكباراً.
ويذكر أن موسى عليه السلام كان يقرع لهم أقرب حجر فتنفجر منه عيون، فتهامسوا بينهم قائلين إن فقد موسى عصاه متنا عطشاً، فأوحى الله إليه بأن يكلم الحجارة فتعطيه، فقالوا: كيف بنا إذا رحلنا إلى أرض ليس فيها حجارة؟ فأمر الله موسى أن يحمل معه حجراً فحيثما نزل ألقاه[11].
وقد ذاعت شهرة عيون موسى التاريخية منذ العصور القديمة، إذ كانت في العصور الوسطى منطقة للحجر الصحي للحجاج القادمين من الأراضي الحجازية قبل الدخول إلى السويس والقاهرة، وتضم المنطقة آثاراً نادرة ترجع إلى عصور مختلفة ، وعيون موسى تتميز مياهها العذبة بتوافر بعض الأملاح المعدنية التي لها صفات علاجية خاصة، كأملاح الصوديوم والماغنسيوم التي تلعب دوراً كبيراً في علاج أمراض الكلى والجهاز البولي[12].
5. موسى (عليه السلام) في البحر
يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده؛ إذ أن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر صحبة موسى، عليه السلام، وهم - فيما قيل - ستمائة ألف مقاتل سوى الذرية، وكانوا قد استعاروا من القبط حليا كثيرا ، فخرجوا به معهم ، فاشتد حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه ، فركب وراءهم في أبهة عظيمة، وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم، ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشمس، قال تعالى:﴿ فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ﴾[13] وذلك أنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ولم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان ، وألح أصحاب موسى ، عليه السلام ، عليه في السؤال كيف المخلص مما نحن فيه ؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك هاهنا، ﴿كلا إن معي ربي سيهدين ﴾[14] فعندما ضاق الأمر اتسع ، فأمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾[15] أي: كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقا، لكل سبط واحد. وأمر الله الريح فنشفت أرضه، ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ﴾[16] وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك، ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا. وجازت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى، وهو في مائة ألف أدهم سوى بقية الألوان، فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهم بالرجوع، وهيهات ولات حين مناص، نفذ القدر، واستجيبت الدعوة. وجاء جبريل، عليه السلام، على فرس - وديق حائل - فمر إلى جانب حصان فرعون فحمحم إليها وتقدم جبريل فاقتحم البحر ودخله ، فاقتحم الحصان وراءه، ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئا، فتجلد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحق بالبحر منا، فاقتحموا كلهم عن آخرهم وميكائيل في ساقتهم، لا يترك أحدا منهم، إلا ألحقه بهم. فلما استوسقوا فيه وتكاملوا، وهم أولهم بالخروج منه، أمر الله القدير البحر أن يرتطم عليهم، فارتطم عليهم، فلم ينج منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت ، فقال وهو كذلك: ﴿قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾) فآمن حيث لا ينفعه الإيمان(،﴿فلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾.[17]
[1]- سفر التكوين الاصحاح الاول.
[2]- هناك من يقول ان تاريخ اليهود لا يبدا الا في عهد ملوكهم .اليهود في تاريخ الحضارات الاولى .جوستاف لوبون ص 49
[3]- أحمد سوسة العرب واليهود في التاريخ حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات التاريخية ، الطبعة الثانية. ص 231
[4]- جويل س. بايدن (خمس حقائق قد لا يعرفها البعض عن النبي موسى، مقال منشور على الموقع الالكترونيCNN )
[5]- سفر الخروج الأصحَاحُ الثَّانِي
[6]- سورة القصص الآيات، من 7 الى 14
[7]حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: "وَكَانَ زَكَرِيَّا أَفْضَلَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ نَبِيَّهُمْ، وَكَانَتْ أُخْتُ مَرْيَمَ تَحْتَهُ، فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهُمْ زَكَرِيَّا: أَنَا أَحَقُّكُمْ بِهَا تَحْتِي أُخْتُهَا، فَأَبَوْا فَخَرَجُوا إِلَى نَهَرِ الأُرْدُنِّ، فَأَلْقَوْا أَقْلامَهُمُ الَّتِي يَكْتُبُونَ بِهَا، أَيُّهُمْ يَقُومُ قَلَمُهُ فَيَكْفُلَهَا، فجَرَتِ الأَقْلامُ وَقَامَ قَلَمُ زَكَرِيَّا عَلَى هَيْئَتِهِ كَأَنَّهُ فِي طِينٍ، وَأَخَذَ الْجَارِيَةَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا "
[8]فتح القدير ـ باب 246 ـ جزء 1 : وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : { إِنَّ الله مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ } يقول : بالعطش ، فلما انتهى إلى النهر ، وهو نهر الأردن كرع فيه عامة الناس ، فشربوا منه ، فلم يزد من شرب منه إلا عطشاً ، وأجزأ من اغترف غرفة بيده ، وانقطع الظمأ عنه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير : { فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمْ } قال : القليل ثلثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عن البراء قال : كنا أصحاب محمد نتحدّث أن أصحاب بدر على عدّة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ، ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة .
[9]- التحرير والتنوير ـ باب 20 ـ جزء 8 : ومجمع البحرين لا ينبغي أن يختلف في أنه مكان من أرض فلسطين . والأظهر أنه مصب نهر الأردن في بحيرة طبرية فإنه النهر العظيم الذي يمر بجانب الأرض التي نزل بها موسى عليه السلام وقومه . وكانت تسمى عند الإسرائيليين بحر الجليل ، فإن موسى عليه السلام بلغ إليه بعد مسير يوم وليلة راجلاً فعلمنا أنه لم يكن مكاناً بعيداً جداً . وأراد موسى أن يبلغ ذلك المكان لأن الله أوحى إليه أن يجد فيه العبد الذي هو أعلم منه فجعله ميقاتاً له.
[10] - سورة البقرة الاية 60
[11]- النويري نهاية الأرب في فنون الأدب ص 388/3 عن الموسوعة الشاملة
[12]- مارسيل نصر مجلة الحياة عدد 14280 ص 17
[13] - سورة الشعراء الآية 61
[14] - الشعراء الاية 62
[15] - الشعراء الاية 63
[16] - سورة طه الاية 77
[17]- سورة غافر الآيات: 84،85