دخلتْ رائحةٌ نفّاذة إلى بيتنا صباح اليوم، دون أن تقرع الأبواب . دخلتْ من النافذة الغربية المطلة على الجيران. رائحة تشبه .. رائحةٌ أخجلُ من مصارحتكم بها.. ذهبتُ من فوري وأغلقتُ النافذة، لكن الرائحة استمرت في العبور. انزعجتُ منها، رغم أنني لا أستطيع أن أصفها بالرائحة الكريهة أو الطيّبة ولكنها رائحة نفّاذة.
أغلقتُ الباب بإحكام، وأغلقت النوافذ. أسدلتُ الستائر. فأعتم البيت واستمرتْ الرائحةُ بالنفاذ، سددْتُ جميع المنافذ. ثقوب المفاتيح، شقوق الأبواب والجدران، لكن الرائحة استمرت بالنفاذ.
تناولتُ زجاجة عطر ورششْتُها في المنزل. زوجي النائم استمر في نومه، وجارتي كذلك معه في غرفتنا.
لم أستطع النوم، ولم تكفّ الرائحة عن العبور. لم أعد أستنشق سواها. أصابتني هيستيريا جماعية.. نعم جماعية بكل أجزائي وكياناتي الصغيرة وأحلامي وانهياراتي المختلفة. وفي النهاية لم أجد بداً من إغلاق أنفي وفمي وأذني، وجميع الفتحات المتوفرة في جسدي كي أمنع الرائحة من النفاذ..!!
وإذ ذاك استرحتْ..
بعد أيام كانت رائحةُ الموت تنتشرُ من بيتنا، وتخرج للجيران، رائحةٌ نفّاذة لكنها لم تزعج أحداً...!