" يجب إصلاح الذهنيات لفهم القيمة الحيوية للفهم وهذا ما يفترض بطريقة تبادلية إصلاح التربية"[1]
تقوم البيداغوجيا المركبة التي يقترحها موران على ثلاث مهارات يفترض أن يقتدر عليها كل مدرس:
- الوصل بين المعارف نظما وتأليفا وربطا وتركيبا وليس تجميعا أو مراكمة أو تكديس أو خلط.
Relier les connaissaces ويكون الغرض هو استهداف معرفة المعرفة.
- شحذ الذهن بشكل تام la tete bien faite وذلك من خلال التمرين والتحضير والتركيز والإعداد من أجل عرض وتدريس المشاكل الجوهرية والضرورية بدل أن تظل مخفية وجوهرية.
- إدماج الاختصاصات الموجودة من أجل رفع التحديات التي تعترض حياتنا الفردية والثقافية والاجتماعية والكشف عن الألغاز العميقة التي تتعلق بالكون والحياة والكائن البشري .
على غير عادة الحداثة الغربية يدشن موران حقلا يند عن كل قرار تجتمع فيه الأفكار الفلسفية والمعتقدات الدينية دون الوقوع في الوثوقية والاختزالية والتبسيط والمراوحات ودون الارتداد للتعصب واللاّتسامح.
لقد أعلن موران عن خطته المتمثلة في التداخل بين الاختصاصات ملكي فعل تربوي من أجل مستقبل قابل للتطبيق والحياة والنمو وواعد بالممكنات.
من هذا المنطلق تتمثل المعارف الضرورية من أجل إصلاح التربية في النقاط التالية:
1- إدراك المعارف العمياء les cécités de la connaissance
من اللازم تحقيق التواصل بين المعارف في مستوى الأدوات والصعوبات والمطالب من أجل معرفة ما يتم معرفته والتعامل مع المعرفة على أنها أداة وقائية من المخاطر الدائمة وعلاجية من الأخطاء والأوهام.
" من الضروري أن يدشن التعليم ويطور دراسة في الطبائع العصبية والذهنية والثقافية للمعارف البشرية، ولمساراتها وكيفياتها واستعداداتها سواء الفيزيائية أو الثقافية التي تكون تحمل خطر الخطأ أو الوهم"[2].
2- مبادئ المعرفة الاقتضائية pertinente connaissance
من الضروري أن يتم تنمية المعرفة القادرة على إدراك المشاكل الشاملة والأساسية التي تتضمن المعرفة الجزئية والمحلية. زد على ذلك يلزم أن يتطور الفكر البشري في اتجاه تنزيل جميع المعطيات ضمن سياق عام ومجموع مركب وأن يتم تعليم المناهج التي تسمح بادراك العلاقات المشتركة والتكاملية بين العناصر في عالم معقد[3]3.
3- تعليم الوضع البشري: enseigner la condition humaine
من الضروري تدريس الكائن البشري في جميع أبعاده المركبة وفق اختصاصات متعددة طالما أنه هو في نفس الوقت فيزيائي وبيولوجي وبسيكولوجي وثقافي واجتماعي وتاريخي ويلزم أن يتم تناول هويته الفردية ضمن الهوية المشتركة والتعامل معها من جهة طابعها المركب[4].
لكن كيف يمكن الاعتراف بالوحدة والتعقيد التي تجمع وتنظم المعارف المشتتة في وحدة لكل كائن بشري؟
4-تعليم الهوية الكوكبية:
التفكير في مصير الكوكب والخطر المحدق بالنوع البشري هو الدرس الأول والأخير في التعليم وبالتالي يلزم التفكير في تاريخ الكوكب والمضار التي لحقت به من جراء التقدم واكتساب الموت مناطق الحياة[5]. ما العمل إذا كنا ننتمي إلى نفس الكوكب ونعيش بصورة مشتركة المصير الذي ينتظره؟
5-مواجهة اللاّيقينيات affronter les incertitudes
لقد راكم التقدم العلمي الكثير من أشكال اللاّيقين وزاد من الاحتمال ومن الأمور التي لا يمكن اتخاذ قرار بشأنها ولذلك يلزم على التعليم أن يدرس هذه اللاّيقينيات التي ظهرت في علوم الفيزياء والتاريخ والحياة.
من المفروض أن يتم تدريس مبادئ إستراتيجية تساعد الكائن على مواجهة الطوارئ واللاّمنتظر واللاّيقين وتعديل التغييرات التي يتعرض لها الفعل وامتحان الأحداث الحاسمة والوقائع العارضة من جهة خرقها للحتمية والقدر. " ينبغي أن يتدرب على السباحة في محيط اللاّيقينيات من خلال أرخبيلات من اليقين"[6].
6-تعليم الفهم: enseigner la compréhension
يعد الفهم في ذات الوقت وسيلة وغاية للتواصل البشري. لكن ما ينتبه إليه موران هو غياب التربية على الفهم عن النظم التعليمية بالرغم من حاجة الكوكب للفهم المشترك في جميع الاتجاهات وكل المستويات.
من الضروري أن تقترن التربية على الفهم بإصلاح الذهنيات وتغيير الأنفس وذلك قصد بناء تربية خاصة بالمستقبل تزيل أشكال اللاّتفاهم وسوء الفهم بين الغرباء وتحقق التفاهم بين البشر ضمن علاقات إنسانية.
إن القضاء على كل الأمراض العنصرية والتفاوت والتمييز والاحتقار والازدراء رهين دراسة أسباب اللاّفهم وجذور أشكال سوء الفهم وعلامات التعصب ووضع الركائز الراسخة لتربية من أجل السلم[7].
7 - إيتيقا النوع البشري:l’ethique du genre humain
من الضروري أن يقود التعليم إلى ميلاد أنثربولوجيا إيتيقية أو إيتيقا أنثربولوجية تمنح الاعتبار للطابع الثلاثي للوضع البشري الذي يتكون من الفرد والمجتمع والنوع وتفرض على المجتمع مراقبة من طرف الفرد وعلى الفرد مراقبة من طرف المجتمع وتستدعي الديمقراطية من حيث هي إيتيقا تضامنا أرضيا.
تتشكل الإيتيقا داخل الفكر من خلال الوعي وتجعل من البعد الإنساني للفرد في ذات الوقت جزء من المجتمع وجزء من النوع وتحمل أبعاده الثلاثة الاستقلالية والمشاركة الجماعاتية والوعي بالانتماء.
هكذا تتحرك حسب موران الإيتيقا حول مقصدين سياسيين كبيري:
- بلورة علاقة رقابة مشتركة حول المجتمع والأفراد بواسطة الديمقراطية
- استكمال الإنسانية من حيث هي جماعية كوكبية ومصير مشترك للأحياء [8].
لكن كيف يسهم التعليم حسب أدغار موران في ترجمة الوعي الإنساني بالكوكب- الوطن في إرادة المواطنة الكوكبية؟
الهوامش والإحالات:
[1] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, éditions du seuil, Paris, 2000, p117
[2] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p12.
[3] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p12.
[4] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p13.
[5] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p13.
[6] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p14.
[7] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p15.
[8] Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, op.cit.p16.
المرجع:
Morin (Edgar), les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, éditions du seuil, Paris, 2000.
كاتب فلسفي