من منا لا يريد أن يكون سعيدا؟ و لكن ماسبل تحقيق ذلك؟يبدو أن كل البشر تنتابهم رغبة في أن يكونوا سعداء ولكن المشكل أنهم عاجزون أن يحددوا بيقين تام ما يجعلهم سعداء بحق و يترتب عن هذا أن مشكلة تحديد الفعل الذي يجلب السعادة هي مشكلة لا حل لها فما هي أسباب ذلك؟
إن مفهوم السعادة بلغ من عدم التحديد مبلغا جعل كل إنسان يعجز عن أن يقول في ألفاظ دقيقة ما يرغب فيه لأن السعادة هي مثل أعلى للتخيل والعاطفة و ليست مطلبا عقليا أو غاية يمكن إدراكها إذ من الضروري أن يكون هناك حد أقصى ترتبط به فكرة السعادة و هذا الحد الأقصى يتغير من شخص إلى لآخر فهناك من يجعل البحث عن الحقيقة والمعرفة هي السعادة و هناك من يبحث عن كثرة الأضواء و الشهرة وفريق آخر لا يبغي من حياته سوى تجنب الشقاء و تحقيق الصحة الكاملة . لكن رغم ذلك فإن هذه الأفعال وأهدافها لا ينتج عنها تحصيل السعادة ذلك أن تجارب الحياة تعلمنا أننا قد ننجز أهدافنا ولكن مع ذلك لا نبلغ السعادة بل تنقلب إلى نوع من السأم . غير أن للمجتمع الإستهلاكي المعولم رأيا آخر في السعادة بل يرى أنه بامكانه تحقيق السعادة للإنسان . فهل حقا بمقدور هذا المجتمع توفير السعادة للإنسان أم أن ما يعدنا به حول أمنية السعادة هي من قبيل السعادة الإيديولوجية الوهمية وهي مجرد أسطورة زائفة ؟ تستند فكرة السعادة في المجتمع الإستهلاكي إلى نقد الأنتروبولوجيا الفلسفية التي تمجد السعادة وتعتبرها خيرا أسمى وتعتبرها مجرد أنتروبولوجيا ساذجة تقوم على فكرة خاطئة عن الطبيعة البشرية إذ تعتقد أن الإنسان له ميل طبيعي للسعادة و تحصر السعادة في ما يلي : سعادة الجسم على حساب سعادة الروح وسعادة الفرد على حساب سعادة المجموعة . و مرجع هذا التصور للسعادة هو ليبيرالي إقتصادي من جهة و ديني ميتافيزيقي من جهة أخرى ز ففي المستوى الأول ترتبط السعادة بفكرة الرخاء و رغد العيش و الرفاه وفي المستوى الثاني ترتبط بالنجاة و الخلاص الفردي و تتراء لنا السعادة في المجتمع الإستهلاكي المعاصر ذات إشعاع كبير و تمتلك رونقا خاصا في النفوس تمارس تجييشا كبيرا وتؤدي وظيفة الدعاية والإستقطاب .
فهل هذا السحر المرتبط بالسعادة ناتج عن كونها الغاية القصوى للوجود البشري بمعنى أقصى ما يطمح إليه الإنسان ؟
انطلاقا من اعتبار السعادة مثلا أعلى للإستهلاك فإن تأثيرها الذي تمارسه يرجع عند بعض من الأخلاقيين إلى كونها توق طبيعي لدى كل فرد يسعى إلى تحصيلها لأجل ذاتها و ترى هذه النظرة أن السعادة كمثل أعلى وكقيمة مطلقة لا تحتاج إلى أدلة ملموسة و حجج مقنعة لإثبات راهنيتها لأنها فرضت نفسها على الجميع كمطلب ينبغي إشباعه بشكل فوري و لم تعد ينظر إليها في حد ذاتها بل من جهة النتيجة التي سنحصل عليها فالسعادة لم تعد تتحرك ضمن نظام الغايات بل ضمن نظام الوسائل فهي إن امتلكها الإنسان تحقق له البهجة التامة و الباطنية و تجعله يشعر بالمساواة بينه وبين غيره في الإستهلاك و الشعور بالرفاه و رغد العيش و لذلك لجأ منظرو العولمة و رجال الاقتصاد إلى جعل السعادة قابلة للقياس والعد و مرتبطة بالنجاعة و البعد الكمي و بينوا أن أحد شروطها هو إشباع كل الرغبات الطبيعية والضرورية و حتى الكمالية منها و بلغ الأمر مبلغه عندما اعتبرت السعادة كحق إنساني ضمن لوائح حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونصت عليها الدساتير و عملت القوانين على صيانتها بقولهم " لكل إمرئ الحق في السعادة" فهل ينبغي تقديس فكرة السعادة اليوم ؟
يرى بودريار أن السعادة أسطورة زائفة وأنها وهم إيديولوجي خلقته الطبقات المسيطرة وبلدان المركز للهيمنة على بلدان الأطراف و الطبقات الأخرى والغاية من التبشير بجدواها ليست إلا ابعاد الإنسان عن أهدافه الحقيقية و تحييد الصراع وتحقيق المعاناة يقول بودريار" ليست الغاية من السعادة إلا إمتصاص الحتميات الإجتماعية القاهرة وتحقيق المساواة في المصير " أي أن يوجد الإنسان من أجل الموت المحتوم و أن يستمر طوال حياته في ملاحقة رغبات غير قابلة لتحقق و هكذا لاحظ بودريار أن مجتمع الوفرة و عالم الإستهلاك أحدث تحولات عميقة وجوهرية في الإنسان جعله يكون مشدودا لنظام من الرموز و الدلالات غير قادر على فك أسراره و فهم محتواه يقول بدريار "لقد أصبح العالم الآن لامعقولا و الإغراءات التي يفرضها علينا لا نهاية لها" و نتج عن ذلك أنه اصبح من الصعب تحقيق السعادة حتى بالمعنى المادي نظرا لأن المجتمع الرأسمالي قد نجح في مخادعة الإنسان وابقائه تحت وهم مطاردة السعادة دون بلوغها و كيف له أن يبلغها و الرأسماليون يعملون دون كلل على خلق حاجيات جديدة للإنسان و كلما ارضى الإنسان حاجة من حاجيات الإستهلاك إلا وخلقوا له حاجيات أخرى لتظل السعادة في عالم العولمة مجردة طريدة وهمية يلاحقها الإنسان وكلما إقترب منها ابتعدت عنه أفليس من الأجدر أن نحذر هذه السعادة الموهومة وأن نتركها فنستريح من عناء اللهاث خلفها لأن ببساطة السعادة تنتمي إلى دائرة المخيلة و التوهم فهي حلم جميل و رغبة مؤجلة فنحن سعداء إلا قبل أن نكون سعداء فعندما نسعى جاهدين لاقتناص السعادة تنأى عنا و تهرب منا وعندما لا نكترث بها يمكن أن نحصل عليها .
انطلاقا من اعتبار السعادة مثلا أعلى للإستهلاك فإن تأثيرها الذي تمارسه يرجع عند بعض من الأخلاقيين إلى كونها توق طبيعي لدى كل فرد يسعى إلى تحصيلها لأجل ذاتها و ترى هذه النظرة أن السعادة كمثل أعلى وكقيمة مطلقة لا تحتاج إلى أدلة ملموسة و حجج مقنعة لإثبات راهنيتها لأنها فرضت نفسها على الجميع كمطلب ينبغي إشباعه بشكل فوري و لم تعد ينظر إليها في حد ذاتها بل من جهة النتيجة التي سنحصل عليها فالسعادة لم تعد تتحرك ضمن نظام الغايات بل ضمن نظام الوسائل فهي إن امتلكها الإنسان تحقق له البهجة التامة و الباطنية و تجعله يشعر بالمساواة بينه وبين غيره في الإستهلاك و الشعور بالرفاه و رغد العيش و لذلك لجأ منظرو العولمة و رجال الاقتصاد إلى جعل السعادة قابلة للقياس والعد و مرتبطة بالنجاعة و البعد الكمي و بينوا أن أحد شروطها هو إشباع كل الرغبات الطبيعية والضرورية و حتى الكمالية منها و بلغ الأمر مبلغه عندما اعتبرت السعادة كحق إنساني ضمن لوائح حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونصت عليها الدساتير و عملت القوانين على صيانتها بقولهم " لكل إمرئ الحق في السعادة" فهل ينبغي تقديس فكرة السعادة اليوم ؟
يرى بودريار أن السعادة أسطورة زائفة وأنها وهم إيديولوجي خلقته الطبقات المسيطرة وبلدان المركز للهيمنة على بلدان الأطراف و الطبقات الأخرى والغاية من التبشير بجدواها ليست إلا ابعاد الإنسان عن أهدافه الحقيقية و تحييد الصراع وتحقيق المعاناة يقول بودريار" ليست الغاية من السعادة إلا إمتصاص الحتميات الإجتماعية القاهرة وتحقيق المساواة في المصير " أي أن يوجد الإنسان من أجل الموت المحتوم و أن يستمر طوال حياته في ملاحقة رغبات غير قابلة لتحقق و هكذا لاحظ بودريار أن مجتمع الوفرة و عالم الإستهلاك أحدث تحولات عميقة وجوهرية في الإنسان جعله يكون مشدودا لنظام من الرموز و الدلالات غير قادر على فك أسراره و فهم محتواه يقول بدريار "لقد أصبح العالم الآن لامعقولا و الإغراءات التي يفرضها علينا لا نهاية لها" و نتج عن ذلك أنه اصبح من الصعب تحقيق السعادة حتى بالمعنى المادي نظرا لأن المجتمع الرأسمالي قد نجح في مخادعة الإنسان وابقائه تحت وهم مطاردة السعادة دون بلوغها و كيف له أن يبلغها و الرأسماليون يعملون دون كلل على خلق حاجيات جديدة للإنسان و كلما ارضى الإنسان حاجة من حاجيات الإستهلاك إلا وخلقوا له حاجيات أخرى لتظل السعادة في عالم العولمة مجردة طريدة وهمية يلاحقها الإنسان وكلما إقترب منها ابتعدت عنه أفليس من الأجدر أن نحذر هذه السعادة الموهومة وأن نتركها فنستريح من عناء اللهاث خلفها لأن ببساطة السعادة تنتمي إلى دائرة المخيلة و التوهم فهي حلم جميل و رغبة مؤجلة فنحن سعداء إلا قبل أن نكون سعداء فعندما نسعى جاهدين لاقتناص السعادة تنأى عنا و تهرب منا وعندما لا نكترث بها يمكن أن نحصل عليها .