مقدمة تاريخية
الصالة التى كانت تزهو بالألوان صارت قاتمة، والساعة التى كانت تملأ البيت حركة وضوضاء ماتت ودفنت على الجدار.. كل شيء أصابته القتامة.. حتى هو الذى اعتاد أن يفتح شباكه كل صباح لتدخل إليه حرارة الشمس وأنغام الطيور ونسمات الهواء المغمسة بالندى.. انعكست فجأة صورته على مرآته، ثم على حائطه والأثاث شبحا لشيخ مهدم.. فصار غير قادر على الحركة وسط هذا الزحام الخانق من الصور والتزم الفراش.
تفاصيل غير مهمة
دخل الرجل يوما الغابة.. فشاهد الأسد أسدا، وشاهد الفأر فأرا.. رغم أنه فى الحالتين كان يقف أمام المرآة.
شمس جديدة
يوما.. أرادت أن تسبق النهار، فخرجت إلى الدنيا عارية..
قالت أمها يومها.. أن السماء قد شقها ضوؤها فصارت طريقا منبسطا لعبور دعوات الأهل والأصدقاء، وأن الأرض قد زلزلت فانهارت جبال من الحزن كانت فى داخل أبيها.. أما هى – أمها- فالدهشة التى تملكتها – لحظة الميلاد وعند الرؤية- منعت صراخات الميلاد، فظلت داخلها حبيسة طوال عمرها، تُخرجها أنغاما مع كل موقف تخشى عليها فيه من غدر الزمن والصحاب.
سبب كافى
لأنى أحب أحلامى –الكبيرة- كثيرا، أنام عميقا.. حتى أن أمى قالت أنى لم استيقظ حين ولدت فاضطر الطبيب إلى قلبى رأسا على عقب وضربى بكف يده الغليطة على ...
خبيئة
فى محاولة منها لاقناعه أنه حبها الأول والأخير.. اخرجت أمامه قلبها وفتحته ليفتش داخله بنفسه... كان القلب خاليا بالفعل، لكنه لاحظ آثار أقدام تذهب به إلى الطرف القصى فى قلبها.. هناك.. اكتشف سردابا صغيرا.. قاده إلى حجرة صغيرة مخبأة جيدا فى الرئة، حيث يخرج منها النّفَسُ الذى يجعل القلب ينبض.
أثر حادث أليم
فى اللحظات القليلة التى كان يستفيق فيها من غيبوبته، كان يراها هناك فى أخر الحجرة -فى ركنها الضيق- مستندة على الحائط برأسها تبكى "قلقا عليه"، فيشير إليها أن تقترب.. "ولم تقترب" .. ويشير إليها أن تتوقف عن البكاء.. "ولم تتوقف عن البكاء".. فيشير إلى أقرب الواقفين حول سريره طالبا منه أن يأتى بها، أن يمنع دموعها.. لكن الآخرين ما كانوا ليروها فى قبرها الضيق.
المجهول
مطر الشارع يعرفنى، أنا الرجل الجالس على ناصية الشارع، احتل الرصيف المواجه لمحل الموبيليا الشهير الذى تأتيه دائما العربات الفارهة، تختار الأثاث المناسب للقصور التى يسكنونها... يتركون يدى المعلقة فى الهواء فارغة، بينما تمتلئ عربات النقل خلفهم بالأثاث.
حالة أرق
حين فتحت صندوق أحلامها ووجدته فارغا تملكها القلق، طار النوم من عينيها، حط على الشجرة المقابلة لبيتها وسكن هناك، فظلت الليالى الطوال تراقبه من نافذة حجرة نومها – لعله يطير عائدا لعشه – دون أن يغمض لها جفن.
غسل عار
حين تعرت أمام المرآة، ندهت لها أباها، فى البداية كان شعاع ضوء مغمس بالدم فقط هو من نقل الخبر، لكن بعد قليل توصل التراب إلى الحقيقة، هنا تسكن جثتها، ثم نقلت الخبر ديدان الأرض إلى فئران الغيط حتى وصل إلى الصحف المسائية -خبز طازج- مانشتات باللون الأحمر مع إغلاق القضية دون متهم أو جناة.