سَمق بغرّته المحَجَّلةِ صوبَ العُلا يرتادُ السماوات،يتلمَّسُ طريق العودة لنقطة البدء.عيناه تحملقان في بصيص نورٍ يشعُّ لبرهةٍ ويختفي لأخرى.
حدَّثَتْهُ نفسُه وقدْ غَنَّجَها الكِبْرُ على الخلائق الحفاةِ العراةِ العصاةِ الدّناةِ، أنَّهُ أدركَ الملكوتَ ودانَت لهُ حظوةٌ وباتَ من الصفوةِ، فتململت قدماه على أديمنا؛ أسقطت بعضا منّا في شرَكِ إبليسَ لأنّهم ارتابوا في أمر صاحبنا فاستنكروا شأوه، وجثمت على أنفاس بعضٍ آخر كونَهُم يموجون عقلا يبيحُ السؤالَ ويُجهِضُ ردّه السقيمَ العقيمَ، ثم تناولت يداه نيازك الفُلْكِ المشحونِ؛ قذَفتْها لِتفقأَ عيونَ الباقين ممَّن سلكوا طريقَ القُرْبِ بغير وسيطٍ يتألَّه ويَستعبِد.
وما إن ألبسَتْهُ هذي النفسُ أجنحةً لِينفصِلَ عن صلصاله ويشعَّ نوراً لا يخبو حتى تهاوى أدقَّ من ذَرٍّ،غير مأسوف عليهِ ممَّن زانوا له الخُطىى والإفتتان.
سرى في مسمعه وهو يجاوزُ شفا الحفرة لِحلقها،صوتُ حقٍّ يعلنُ:
هوَيت يوم عَزلت ووَلّيتَ في مُلْكٍ ليس لك، يوم فهمتَ القربَ كما يحلو لك، يوم عطَسْتَ وشمِّتَتْكَ نفسُكَ بأنَّ رذاذَك طاهرٌ ومُدنَّسَةٌ صفحاتُ باقي الخلائقِ.