مدخل :
إن إشكالية ماهية الاختلاف ابستيمولوجيا ، وفهمها يعد جوهرا في معرفة جوهر المسائل المتعلقة والمنبثقة عن الاختلاف الوجودي في أبعاده الثلاثة والذي قد يُنجز عنه نتائج إثراء لطبيعة الواقع الإنساني .
هذا التوقع الإيجابي سيساعدنا على تقبل الاختلاف وإفرازاته التنوعية .
وإننا هنا، نحاول ان ندخل إلى عمق هذه المسألة تاركين الجوانب الدلالية سواء اللغوية أو الاصطلاحية والتي فضلنا إحالة القارىء إلى بعض مصادرها .
لأن المشكلة التي تعنينا بدرجة أولى هو ما أشرنا إليه، وكيفية ترك آثارها على واقعنا الثقافي بكل أطيافه.
في البدء كان الاختلاف :
إننا نحاول أن نلم بطبيعة تكون مسألة الاختلاف . علينا أن نحدد محورين أساسيين لفهمها .
المحور الاول :
1 - هناك ثلاث دوائر مختلفة (الآلي، والبيولوجي، والشخصي) وهي تتطابق مع الدرجات الثلاث للواقع (الطبيعة والحياة والشخصية الجوانية).
فالاختلاف الحاصل بين هذه الدوائر الثلاث أنبأ ان الاختلاف له طبيعة إيجابية وضرورية للاستمرارية وصيرورة الحياة، بل هذه التركيبة هي في الأساس من أجل التدافعية والوظيفة التكاملية وليست تركيبة تهديمية.
2 - كما (أن ازدواجية العالم الحي ونعني هنا على مستوى المادة في مقابل الحياة، ففي المادة نرى التجانس، والكم، والتكرار والسببية والآلية وعلى الجانب الآخر، نجد الإبداع والتنوع والنمو والعفوية، نجد الكائن الحي المتعضٌِي ... فإذا نظرنا إلى بعض خصائص الحياة، نجد أنها تتناقض مع أفكارنا وفهمنا عن المادة في صميم تعريفها، فطبيعة الحياة مناقضة للمادة . فطبقا لعلماء الحياة " القصور في الطاقة " ENTROPY هو النقطة الحاسمة في تعريف الحياة. فجميع قوانين الطبيعة ترجع إلى القصور في الطاقة والتي تعني التشوش العام . وعلى عكس ذلك، نجد أن الخاصة الرئيسية للكائن الحي هي حالة " اللا إنتروبي" " ضد القصور في الطاقة" ) .
فهذه الازدواجية للعالم الحي والاختلاف بين الأنتروبي و اللا إنتروبي ماهي إلا عملية آلية للاستمرار في البقاء من خلال الأخذ المستمر من سلب القصور في الطاقة من الخارج .... لذلك يمكن القول بان الكائن الحي يتغذى على سلب الأنتروبي .
3 - إذا تمعنا قضية الخلق " خلق الإنسان"، في الحقيقة هي قضية الحرية الإنسانية فإذا قبلنا فكرة الإنسان لا حرية له، وإن جميع أفعاله محددة سابقا – إما بقوى جوانية أو برانية – ففي هذه الحالة لا تكون الألوهية ضرورية لتفسير الكون. ولكن إذا سلمنا بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله، فإننا بذلك نعترف بوجودالله إما ضمنا وإما صراحة . فالحرية لا يمكن أن توجد إلا بفعل الخلق.)
فالإنسان في لحظة زمنية من الأبدية بدأ مخلوقا حرا في الوجود لضرورة الألوهية وهذه الضرورة اقتضت الحرية ، والحرية اقتضت تعدد الأفعال والاختلاف وفق معطى الاختلاف الموجود في :
(الدوائر الثلاث المشار إليها سابقا)
المحور الثاني : عملية توليد الأفكار
الواقع أن الاختلاف مسألة كانت بداية مع ظهور الكون كما أسلفنا سابقا، وهذا كذلك يظهر جليا في مختلف مظاهر الطبيعة ...
فقد يطرح سؤال : لماذا هذا التناقض بين عملية الاختلاف والتقارب منذ البدء .
لمعرفة هذا التناقض لابد علينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لعملية توليد الأفكار.
1 - الأسباب الفيزيولوجية :
إن تطور علم الأعصاب (Neoroscience) أثبت ما كان
قد جزم به التخمين الطبيعي حتى الآن، وهو ان العمليات التوليدية للأفكار و إنتاجها، يتعارض مع تحقيقها .
وهذا وفق عملية تتبع النبض الأصلي لحياة الأفكار والمتمثل في العمليات، مثل : الإسراع / الكبح . الشهيق / الزفير. توقف/ ارتداد.
وهذا ما فرض علينا تقيييم لحظتين مهمتين :
الوقت الأول : توليد الأفكار بكل حرية، إصدار قائمة لذلك، تقريرها ...
الوقت الثاني : التراجع، تصنيف المتشابه، عملية الفرز، التقييم، عملية المقارنة، التصنيف ثم الاختيار .
2 - الأسباب النفسية :
إن التركيبة الطبيعية للإنسان والذي يعد مركز الكون، جعلت من جوهره كائنا يرفض النمطية والخطوط المستقيمة وإلا ما كان مميزا عن غيره من الكائنات الأخرى .
حتى تستقيم وتستوي شخصيته، فلا بد من فرض التباين والاختلاف الوظيفي .
ف(مهما توغلنا بعيدا في أصول الحياة، نلقاها دائما متميزة جدا، وثانيا قديمة جدا.) .
3 - أسباب فعل المعرفة : cognitives
في لحظات توليد أو فعل المعرفة تكون الطريق مرات طويلة، مبهمة وصعبة وبدايات المعرفة هي عبارة عن شيء كالجنين (feotus) معرفي، غير واضح المعالم يحتاج إلى رعاية فائقة الدقة يتدفق ويصبح معرفة وفكرا .
4 - الأسباب الخلاقة : CREATIVES
في هذه المرحلة نسعى دوما للابتكار وتوليد الأفكار وتجديد المعرفة، وعمل القطيعة . لرؤية الأشياء بطرق مختلفة وعبور المساحات الخيالية إلى واقع ملموس .
فالخيال أحد مصادر الوحي لمساعدتنا على توليد الأفكار كما أن الفكرة جاء من كلمة يونانية تعني الصورة والجميع بحاجة إلى صورة واضحة . وهذه الصور تنتج اختلافا يرتفع إلى مسافة التقارب .
من خلال ما تقدم نلاحظ أن الاختلاف الكوني المتمثل في العالم الفيزيقي (عالم الطبيعة) وما احتواه جاء لضرورات استمرارية وتدافعية وغيرها من المقاصد لكبرى الكونية .
المقاصد الواقعية للاختلاف :
إن الاختلاف الوجودي والتوليدي للأفكار، وما تركاه من مميزات أضفت الاستمرارية واللاروتينية ... فإنهما ولدا بدورهما اختلافا في الرؤى وأفكار الإنسان .
وهذا الاختلاف في الأفكار خاصة جاء لإبعاد شبه التنميط والآلية.
وهوبذلك يفرز أبعادا جوهرية وهي الآتي :
أ – منع الهيمنة ومحو الآخر وتهميشه .
ب – إبعاد التقديس لفكر ما وإبعاد الاستعلائية .
ج- تثبيت الحرية التي جبل عليها الإنسان .
د- التركيز على عملية التغيير والتحول لخدمة النمو المعرفي .
هـ - ممارسة الانتقاء والاستيعاب .
و – منع التمركز والتقوقع والانكماش (غيتو الأفكار ومنه غيتو الثقافة).
كما أن (الاختلاف لا يمكن فهمه إلا بوصفه نتاجا للعقل والتاريخ، أي بكونه قد نشأ عن اختلاف الظروف والشروط وتفرق الأهواء ، وتباين الطرق فهوليس علامة خطأ أو انحراف) .
الخلاصة :
إن شرعية الاختلاف وجوديا ومعرفيا أصبح اليوم ضروريا لنهضتنا ونمو معارفنا وهوبذلك يعتبر شرطا أساسيا تتأسس عليه كل الطروحات النهضوية .وهو لا يتعارض مع منظوماتنا الدينية والفكرية التي أقرت مبدأ الحوار وقبول الاختلاف .
3 - إذا تمعنا قضية الخلق " خلق الإنسان"، في الحقيقة هي قضية الحرية الإنسانية فإذا قبلنا فكرة الإنسان لا حرية له، وإن جميع أفعاله محددة سابقا – إما بقوى جوانية أو برانية – ففي هذه الحالة لا تكون الألوهية ضرورية لتفسير الكون. ولكن إذا سلمنا بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله، فإننا بذلك نعترف بوجودالله إما ضمنا وإما صراحة . فالحرية لا يمكن أن توجد إلا بفعل الخلق.)
فالإنسان في لحظة زمنية من الأبدية بدأ مخلوقا حرا في الوجود لضرورة الألوهية وهذه الضرورة اقتضت الحرية ، والحرية اقتضت تعدد الأفعال والاختلاف وفق معطى الاختلاف الموجود في :
(الدوائر الثلاث المشار إليها سابقا)
المحور الثاني : عملية توليد الأفكار
الواقع أن الاختلاف مسألة كانت بداية مع ظهور الكون كما أسلفنا سابقا، وهذا كذلك يظهر جليا في مختلف مظاهر الطبيعة ...
فقد يطرح سؤال : لماذا هذا التناقض بين عملية الاختلاف والتقارب منذ البدء .
لمعرفة هذا التناقض لابد علينا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لعملية توليد الأفكار.
1 - الأسباب الفيزيولوجية :
إن تطور علم الأعصاب (Neoroscience) أثبت ما كان
قد جزم به التخمين الطبيعي حتى الآن، وهو ان العمليات التوليدية للأفكار و إنتاجها، يتعارض مع تحقيقها .
وهذا وفق عملية تتبع النبض الأصلي لحياة الأفكار والمتمثل في العمليات، مثل : الإسراع / الكبح . الشهيق / الزفير. توقف/ ارتداد.
وهذا ما فرض علينا تقيييم لحظتين مهمتين :
الوقت الأول : توليد الأفكار بكل حرية، إصدار قائمة لذلك، تقريرها ...
الوقت الثاني : التراجع، تصنيف المتشابه، عملية الفرز، التقييم، عملية المقارنة، التصنيف ثم الاختيار .
2 - الأسباب النفسية :
إن التركيبة الطبيعية للإنسان والذي يعد مركز الكون، جعلت من جوهره كائنا يرفض النمطية والخطوط المستقيمة وإلا ما كان مميزا عن غيره من الكائنات الأخرى .
حتى تستقيم وتستوي شخصيته، فلا بد من فرض التباين والاختلاف الوظيفي .
ف(مهما توغلنا بعيدا في أصول الحياة، نلقاها دائما متميزة جدا، وثانيا قديمة جدا.) .
3 - أسباب فعل المعرفة : cognitives
في لحظات توليد أو فعل المعرفة تكون الطريق مرات طويلة، مبهمة وصعبة وبدايات المعرفة هي عبارة عن شيء كالجنين (feotus) معرفي، غير واضح المعالم يحتاج إلى رعاية فائقة الدقة يتدفق ويصبح معرفة وفكرا .
4 - الأسباب الخلاقة : CREATIVES
في هذه المرحلة نسعى دوما للابتكار وتوليد الأفكار وتجديد المعرفة، وعمل القطيعة . لرؤية الأشياء بطرق مختلفة وعبور المساحات الخيالية إلى واقع ملموس .
فالخيال أحد مصادر الوحي لمساعدتنا على توليد الأفكار كما أن الفكرة جاء من كلمة يونانية تعني الصورة والجميع بحاجة إلى صورة واضحة . وهذه الصور تنتج اختلافا يرتفع إلى مسافة التقارب .
من خلال ما تقدم نلاحظ أن الاختلاف الكوني المتمثل في العالم الفيزيقي (عالم الطبيعة) وما احتواه جاء لضرورات استمرارية وتدافعية وغيرها من المقاصد لكبرى الكونية .
المقاصد الواقعية للاختلاف :
إن الاختلاف الوجودي والتوليدي للأفكار، وما تركاه من مميزات أضفت الاستمرارية واللاروتينية ... فإنهما ولدا بدورهما اختلافا في الرؤى وأفكار الإنسان .
وهذا الاختلاف في الأفكار خاصة جاء لإبعاد شبه التنميط والآلية.
وهوبذلك يفرز أبعادا جوهرية وهي الآتي :
أ – منع الهيمنة ومحو الآخر وتهميشه .
ب – إبعاد التقديس لفكر ما وإبعاد الاستعلائية .
ج- تثبيت الحرية التي جبل عليها الإنسان .
د- التركيز على عملية التغيير والتحول لخدمة النمو المعرفي .
هـ - ممارسة الانتقاء والاستيعاب .
و – منع التمركز والتقوقع والانكماش (غيتو الأفكار ومنه غيتو الثقافة).
كما أن (الاختلاف لا يمكن فهمه إلا بوصفه نتاجا للعقل والتاريخ، أي بكونه قد نشأ عن اختلاف الظروف والشروط وتفرق الأهواء ، وتباين الطرق فهوليس علامة خطأ أو انحراف) .
الخلاصة :
إن شرعية الاختلاف وجوديا ومعرفيا أصبح اليوم ضروريا لنهضتنا ونمو معارفنا وهوبذلك يعتبر شرطا أساسيا تتأسس عليه كل الطروحات النهضوية .وهو لا يتعارض مع منظوماتنا الدينية والفكرية التي أقرت مبدأ الحوار وقبول الاختلاف .