بادئ ذي بدء، يحيل الحق في الكسل إلى بول لافارج Paul Lafargue وكتابه الحامل لنفس العبارة كعنوان والمنشور للمرة الأولى عام 1880 وفي طبعة ثانية عام 1883. يعد هذا الكتاب بيانا اجتماعيا يتضمن ملاحظات الكاتب حول "قيمة العمل" والفكرة التي كونها الناس عنه.
هذا النص وإن غدا كلاسيكيا، فهوغني تاريخيا حيث إنه يقدم مونوغرافيا اجتماعية واقتصادية وفكرية ويحلل البنيات الذهنية الجماعية في القرن التاسع عشر. بكلمة واحدة، يجرد كتاب "الحق في الكسل" العمل وووضعه القيمي من طابعه الأسطوري.
في المقدمة، يقتبس بول لافارج من أدولف ثيرز Adolphe Thiers قوله: "أريد أن أجعل لكل رجال الدين نفوذاً قوياً، لأنني أعول عليهم لنشر هذه الفلسفة الجيدة التي تعلم الإنسان أنه جاء لهذه الدنيا ليعاني وليس هذه الفلسفة الأخرى التي تقول له العكس: "استمتع"." من هنا استنتج الكاتب أن "الكهنة والاقتصاديين وصناع الأخلاق" هم أصل هذا الحب السخيف للعمل.
في الفصل الأول، يندهش لافارج من "الجنون الغريب" الذي هو هذا الحب الذي تكنه الطبقة العاملة تجاه العمل بينما يصفه بأنه "سبب لكل الانحطاط الفكري، لكل التشوه العضوي. "
ومع ذلك، فإن هذا الحب ليس كونيا: فالمجتمعات البدائية "التي لم يفسدها بعد المرتزقة من التجارة وتجار الدين بالمسيحية والزهري وتقديس العمل" نجت منه كما الحضارات القديمة التي اعتبر فلاسفتها العمل "انحطاطاا بالنسبة للإنسان الحر".
وإذا أردنا المغامرة بالتعمق في سبر أغوار قصة هذا الكتاب، نجد أن ليلة 25-26 نوفمبر 1911 شهدت حدثا مأساويا، تمثل في إقدام بول وزوجته لورا على وضع حد لحياتهما، معتبرين أن الوقت قد حان للقيام بذلك قبل أن يصبحا عبءا على الآخرين. الأول اشتهر بكتابه حول الحق في الكسل، والثانية كانت نجلة ومترجمة كارل ماركس. بطريقتهما الخاصة، لم يرغبا في سرقة أغلى ما يملكه إنسان قادر على الإحساس والتفكير؛ ألا وهوالوقت.
معركة بول لافارج من أجل تقليص وقت العمل تنبع من حكمه النهائي: لكل شخص الحق في استخدام الوقت بحرية بدلاً من أن يكون عبداً له. من خلال جعل العمال يؤمنون، بمساعدة الكنيسة، أن الحياة عمل، بقضي الرأسماليون وقتهم في سرقة وقت العمال. ما كان ينبغي على هؤلاء الأخيرين أن يطالبوا بالحق في العمل - وهذا خطأ مازوشي وفقًا لبول لافارج - بل كان عليهم ان يطالبوا بالحق في الكسل. ذلك أن إمكان أن يقضي الإنسان وقته دون أن يعمل خاضع كليا لتوزيع غير عادل: يمكن للمالكين الانغماس في الملذات بعدة طرق بينما يكافح العمال بجد لتشغيل الآلات. إنه "حب العمل" الذي تسبب في أكبر بؤس لأولئك الذين لا يملكون شيءا. لقد أصبحوا يعتمدون كلياً على العمل الذي يفسد الذكاء ويشوه الأعضاء، الذي يقتل "سائر أجمل الملكات"، يكتب بول لافارج عام 1880. ووفقًا له، ستكون غاية االاشتراكية هي توزيع العمل والكسل دون تمييز اجتماعي. يمكن للجميع استخدام وقتهم وفقا لاحتياجاتهم.
خلال قرن من الزمان، العطلات مدفوعة الأجر، ثماني ساعات في اليوم، وأربعون، ثم تسعة وثلاثون وخمسة وثلاثون ساعة في الأسبوع، تقاعد عند بلوغ 60 من العمر، كل ذلك قلص وقت العمل إلى مستوى النصف. على خلاف هذه القصة، حدث تمزق: الوقت الذي نخصصه للعمل يصبح أطول تحت تأثير الإصلاحات وأكثر حدة مع عمليات إعادة التنظيم. بينما كان التقدم الاجتماعي يهدف بالتحديد إلى تقليل ساعات العمل وتعزيز استقلالية العمال، يتعين على العمال من الآن العمل لفترة أطول ورؤوسهم فوق المقاود. وداعا، أيها الكسل.
خلال وقت انتصرت فيه الأسواق على الديمقراطية، تم نعت الإغريق بالكسالى، واتهامهم بالاستمتاع بالمأدبات الفاخرة بينما الآخرون يعملون. هي مأساة تاريخية بالنسبة لهذا البلد الذي ولدت فيه الفلسفة والديمقراطية، حيث تتنافى حرية الإنسان، في زمن أفلاطون، مع العمل، وتتحقق بتكريس نفسه لشؤون المدينة، للفن و للفكر. ألهمت هذه الحكمة القديمة بول لافارج، الذي حسبه أن الآلات ستعيد ترتيب العالم عندما تكون في خدمة العمال: يوم عمل من ثلاث ساعات يكفي لتلبية احتياجاتهم المادية. بمجرد إزالة السموم من العمل، يمكنهم استخدام وقتهم لتجديد أنفسهم، جسديا وفكريا. لذلك في هذا النظام الكسلان، "لقتل الوقت الذي يقتلنا ثانيةً بعد ثانية، سيكون هناك فرجات وعروض مسرحية دائمًا ودائمًا".
القبول اليوم بأنه سيتعين علينا غدا العمل أكثر هو القبول بأننا سوف نصيرعبيدا أكثر كفاءة وبسالة. "ديانة العمل"، كما يقول بول لافارج، ذات قبضة لم تواجه سوى القليل من المقاومة. عدد المؤمنين بها يكبر شيئا فشيئا في عالم يسود فيه التحريض العصبي للأسواق. جرفت الفلسفة والديمقراطية في وقت الاقتصاد. الوقت هو المال، ويتم الآن حساب المكاسب بالنانو ثانية، وحتى البيكو ثانية.