أيتها الجسورُ المحطّمة في قلبي
أيتها الوحولُ الصافيةُ كعيون الأطفال
كنا ثلاثه
نخترق المدينةَ كالسرطان
نجلسُ بين الحقول ، ونسعلُ أمام البواخر
لا وطنَ لنا ولا سياط
نبحثُ عن جريمةٍ وامرأة تحت نور النجوم
وأقدامُنا تخبُّ في الرمال
تفتحُ مجاريرَ من الدم
نحن الشبيبة الساقطه
والرماح المكسورة خارج الوطن
من يعطينا شعبا أبكماً نضربه على قفاه كالبهائم ؟
لنسمعَ تمزُّق القمصان الجميله
وسقسقةَ الهشيم فوق البحر
لنسمعَ هذا الدويّ الهائل
لستةِ أقدام جريحة على الرصيف
حيث مئةُ عام تربضُ على شواربنا المدمَّاة
مئة عام والمطر الحزين يحشرجُ بين أقدامنا .
. . .
بلا سيوفٍ ولا أمهات
وقفنا تحت نور الكهرباء
نتثاءبُ ونبكي
ونقذف لفائفنا الطويلةَ باتجاه النجوم
نتحدثُ عن الحزن والشهوه
وخطواتِ الأسرى في عنقِ فيروز
وغيوم الوطن الجاحظه
تلتفتُ إلينا من الأعالي وتمضي ..
يا ربّ
أيها القمرُ المنهوك القوى
أيها الإلهُ المسافرُ كنهدٍ قديم
يقولون أنك في كل مكان
على عتبة المبغى ، وفي صراخِ الخيول
بين الأنهار الجميله
وتحت ورقِ الصفصاف الحزين
كن معنا في هذه العيون المهشمه
والأصابع الجرباء
أعطنا امرأه شهيه في ضوء القمر
لنبكي
لنسمعَ رحيل الأظافر وأنين الجبال
لنسمعَ صليل البنادق من ثدي امرأة .
ما من أمةٍ في التاريخ
لها هذه العجيزةُ الضاحكه
والعيونُ المليئةُ بالأجراس .
. . .
لعشرين ساقطة سمراء ، نحملُ القمصان واللفائف
نطلّ من فرجات الأبواب
ونرسل عيوننا الدامعة نحو موائد القتلى
لعشرين غرفة مضاءةٍ بين التلال
نتكىءُ على المدافع
ونضع ذقوننا اللامعة فوق الغيوم .
ابتسمْ أيها الرجلُ الميت
أيها الغرابُ الأخضرُ العينين
بلادُك الجميلةُ ترحل
مجدك الكاذبُ ينطفئُ كنيران التبن
فتح ساقيك الجميلتي .. لنمضي ..
لنسرع إلى قبورنا وأطفالنا
المجدُ كلماتٌ من الوحل
والخبزُ طفلةٌ عاريةٌ بين الرياح .
. . .
يا قلبي الجريح الخائن
أنا مزمارُ الشتاء البارد
ووردةُ العار الكبيره
تحت ورق السنديان الحزين
وقفتُ أدخن في الظلام
وفي أظافري تبكي نواقيس الغبار
كنت أتدفقُ وأتلوى
كحبلٍ من الثريات المضيئة الجائعه
وأنا أسير وحيداً باتجاه البحر
ذلك الطفل الأزرق الجبان
مستعداً لارتكاب جريمة قتل
كي أرى أهلي جميعاً وأتحسسهم بيدي
أن أتسكعَ ليلةً واحده
في شوارعِ دمشق الحبيبه .
. . .
يا قلبي الجريح الخائن
في أظافري تبكي نواقيسُ الغبار .
هنا أريد أن أضعَ بندقيتي وحذائي
هنا أريد أن أحرقَ هشيم الحبر والضحكات
أوربا القانية تنزفُ دماً على سريري
تهرولُ في أحشائي كنسرٍ من الصقيع
لن نرى شوارع الوطن بعد اليوم
البواخرُ التي أحبها تبصقُ دماً وحضارات
البواخر التي أحبها تجذبُ سلاسلها وتمضي
كلبوةٍ تجلد في ضوء القمر
يا قلبي الجريح الخائن
ليس لنا إلا الخبز والأشعار والليل
وأنت يا آسيا الجريحه
أيتها الوردةُ اليابسةُ في قلبي
الخبز وحده يكفي
القمح الذهبيُّ التائهُ يملأُ ثدييك رصاصاً وخمرا .