ماتت أحلامي.
لم يعد بإمكاني أن أحلم بالشمس والعصافير والحمام.
أسمع صوتاً منبعثاً من قعر بئر فارغة يقرع أذني:
- الغالية.. الغالية.. انتهى زمن الأحلام، أَسِرَتْكِ آلهة الجحيم. طردتك من جنتك الصغيرة.
نما في نفسي إحساس عميق بالذنب. تلبدت سماء نفسي بالغيوم. بدأت تسقط من شجرة ذاتي، تباعاً أوراق الحنان والاطمئنان والوفاء والقيم التي شذبتها أمي ورعتها. عاريةً أصبحتْ شجرتي تقف وسط الأشجار الخضراء المثمرة. لم تصمد أمام رياح الغواية والإغراء. نخرت دودة الخطيئة جذعها فبدأت تتهاوى..
تتهاوى..
تتهاوى...
كتبتُ، بإغراء من راضية، على صفحة الجليد. أشرقتْ شمسُ يوم ربيعي أذابت الجليد وجرفت العروق التي كانت تشدني إلى أسرتي؛ عالمي الدافئ. غرقتُ في يَمِّي. أردت أن أبني عالمي الخاص، عالمي الفريد وإذا بي أهدم الصرح الذي شيدته أسرتي جحراً فوق حجر ولبنة فوق لبنة. حوَّلْتُ اللَّبِنات والأحجار إلى زجاج ورميت بحجر إلى واجهته.
تسلمتُ، دون وعي مني وفي غفلة من أسرتي، مشعل الضياع من راضية. أحسست بلظى ناره حامية. أردت أن أضع المشعل جانباً، لمست رأس المشعل. في رمشة عين احترقتُ...
بائعةَ الهوى صِرْتُ .. من مدرسة بِغاء راضية تخرجت.. أفتخر أني أمتهن أقدم مهنة عرفها التاريخ. اعرض جسدي البريء لغزاة اللذة والمتعة.. للعابرين إلى عالم مقايضة الجسد.. للذين أصابتهم لعنة العنة.. لعاشقي جر التكة..
طوابير من الرجال وأشباه الرجال بل من الذكور، تعرض مالها.. جسدها.. عرضها ..شرفها لمتعة عابرة..
سعيدة كنتُ.
تعيسة صرتُ.
أفكر في أمي وأهمس لنفسي:" ها قد أصابها الذهول وانطفأت جمرات في قلبها".
أسمع صوتاً من خلفي يناديني :
"ميديا".. "ميديا"..
ألتفت يمنة ويسرة. وحيدة أنا في وكري.. وحيدة أنا في جُحْري.. وحيدة أنا في جُرْحي..
وحيدةُ.. وحيدةُ.. وحيدة..
من قلب المرآة تطلع صورة "ميديا". تشير بأصبعها نحوي .. تقول:
- "ميديا"..
أضطرب.. تنتابني هواجس متضاربة وبدون وعي مني أقول:
لست "ميديا".. أنا الغالية، الغالية الحاج فرحان... رغم أني لم أذق الفرح في حياتي..
أُخرجُ منديلاً من جيب تنورتي، أمسح العرق الذي همرني. أمواج الهزيمة تتكسر عند شاطئ حياتي.
يضيق بي الوكر ، أحس جدرانه تضيق، تضيق. يقترب بعضها إلى بعض، ستعتصرني لا محالة، هي بداية نهايتي، هي نهايتي.. كانت نهايتي..
لم يعد بإمكاني أن أحلم بالشمس والعصافير والحمام.
حقيرة أنتِ خنتِ أهلََكِ ولعنتكِ الآلهة. يصدح الصوت المنبعث من داخل المرآة.
أغيب في أعماق مشاعري الحزينة. ينشر الصمت جناحيه كطائر خرافيّ حتى أكاد أسمع هسيس تنفّسي. تغذرني دموعي تسقط من عيني وترش حقيقة إحساسي ومشاعري.
حقيرة أنا..
أحس بالأسى يمور فى صدري. غربان الهزيمة تنعق في وجهي..
تغيب الشمس.. تغيب العصافير.. يغيب الحمام.
1- الفتاة التي أحبت شخصاً من أعداء وطنها وفي سبيل حبها له خانت وطنها و باعته للأعداء وساعدت حبيبها في قتل أبيها وأخويها ثم هربت معه ليتزوجها. (الأسطورة الإغريقية)
تسلمتُ، دون وعي مني وفي غفلة من أسرتي، مشعل الضياع من راضية. أحسست بلظى ناره حامية. أردت أن أضع المشعل جانباً، لمست رأس المشعل. في رمشة عين احترقتُ...
بائعةَ الهوى صِرْتُ .. من مدرسة بِغاء راضية تخرجت.. أفتخر أني أمتهن أقدم مهنة عرفها التاريخ. اعرض جسدي البريء لغزاة اللذة والمتعة.. للعابرين إلى عالم مقايضة الجسد.. للذين أصابتهم لعنة العنة.. لعاشقي جر التكة..
طوابير من الرجال وأشباه الرجال بل من الذكور، تعرض مالها.. جسدها.. عرضها ..شرفها لمتعة عابرة..
سعيدة كنتُ.
تعيسة صرتُ.
أفكر في أمي وأهمس لنفسي:" ها قد أصابها الذهول وانطفأت جمرات في قلبها".
أسمع صوتاً من خلفي يناديني :
"ميديا".. "ميديا"..
ألتفت يمنة ويسرة. وحيدة أنا في وكري.. وحيدة أنا في جُحْري.. وحيدة أنا في جُرْحي..
وحيدةُ.. وحيدةُ.. وحيدة..
من قلب المرآة تطلع صورة "ميديا". تشير بأصبعها نحوي .. تقول:
- "ميديا"..
أضطرب.. تنتابني هواجس متضاربة وبدون وعي مني أقول:
لست "ميديا".. أنا الغالية، الغالية الحاج فرحان... رغم أني لم أذق الفرح في حياتي..
أُخرجُ منديلاً من جيب تنورتي، أمسح العرق الذي همرني. أمواج الهزيمة تتكسر عند شاطئ حياتي.
يضيق بي الوكر ، أحس جدرانه تضيق، تضيق. يقترب بعضها إلى بعض، ستعتصرني لا محالة، هي بداية نهايتي، هي نهايتي.. كانت نهايتي..
لم يعد بإمكاني أن أحلم بالشمس والعصافير والحمام.
حقيرة أنتِ خنتِ أهلََكِ ولعنتكِ الآلهة. يصدح الصوت المنبعث من داخل المرآة.
أغيب في أعماق مشاعري الحزينة. ينشر الصمت جناحيه كطائر خرافيّ حتى أكاد أسمع هسيس تنفّسي. تغذرني دموعي تسقط من عيني وترش حقيقة إحساسي ومشاعري.
حقيرة أنا..
أحس بالأسى يمور فى صدري. غربان الهزيمة تنعق في وجهي..
تغيب الشمس.. تغيب العصافير.. يغيب الحمام.
1- الفتاة التي أحبت شخصاً من أعداء وطنها وفي سبيل حبها له خانت وطنها و باعته للأعداء وساعدت حبيبها في قتل أبيها وأخويها ثم هربت معه ليتزوجها. (الأسطورة الإغريقية)