ارتمى على وجهه كأن عفريتا رفعه الى الأعلى ، ولوح به فوق الفراش .
وسمع صوت أمه تقول باستغراب :
- لم أره على هذا التعب قط .
فيجيب الأب في أناة :
- ربما بذل مجهودا في اللعب .
كان جواب الأب مدعاة للراحة عند الطفل المسجى فوق الفراش ، فقد ظن أن جواب أبيه سيقنع أمه الملحة في الاستغراب .غير أنها لم تلبث أن نادته :
- يابني... يابني .
فتمنى أن يخونه كل شئ لحظتئذ عدا أن يخونه اللسان ، فهذا قد تمكن منه المخدر وعقد لغالغه ، كانت خيبته مميتة وفكر ماذا قد يحدث لو دخلت عليه أمه ووجدته على هذه الحالة ، بعينين غائرتين وجسد خار مترهل .. ولسان قادر على كل شيء سوى النطق السليم .
ومرت خاطرة خاطفة مريرة بلبه :
- ألا لعن الله المخدر.. .
ثم عاد يحاول أن يحتج بذريعة تمنع أمه من أن تقتحم عليه غرفته ، لكن اللسان بدا أبعد ما يكون عن القدرة على النطق ، وسمع خطوات أمه تقترب ... ورآها تدخل عليه متلحفة بالبياض ، ثم بدت له الغرفة كاملة بيضاء ، ثم طغى البياض على عينيه حتى كاد يفقئهما، ففكر أن يغمضهما ، لكن البياض ظل بياضا ...
وسمع صوتا يأتيه من العالم الآخر:
يا ولدي...-
وراح البياض يسيح على أطرافه ، ثم انجذب إلى كل ناحية من نواحي جسده النحيل ...إلى أن استحال البياض اصفرارا فاقعا .
و توالت صيحات الأم المحتدة حتى بلغت أعنان السماء.لكنها باتت تخفت في مسمعيه حتى انعدمت... غابت عن وجهه بشاشة الأحياء، فلم يسمع بحة الهلع في صيحة أمه :
- مات ولدي...
...
كان صوت الأم رنانا صخابا ، لكن من تحته كان صوت الأب المتدفق الخافت ما زال متواصلا:
- ربما بذل مجهودا في اللعب .. هذا كل ما في الأمر...
قصة عمر الازمي
ثم عاد يحاول أن يحتج بذريعة تمنع أمه من أن تقتحم عليه غرفته ، لكن اللسان بدا أبعد ما يكون عن القدرة على النطق ، وسمع خطوات أمه تقترب ... ورآها تدخل عليه متلحفة بالبياض ، ثم بدت له الغرفة كاملة بيضاء ، ثم طغى البياض على عينيه حتى كاد يفقئهما، ففكر أن يغمضهما ، لكن البياض ظل بياضا ...
وسمع صوتا يأتيه من العالم الآخر:
يا ولدي...-
وراح البياض يسيح على أطرافه ، ثم انجذب إلى كل ناحية من نواحي جسده النحيل ...إلى أن استحال البياض اصفرارا فاقعا .
و توالت صيحات الأم المحتدة حتى بلغت أعنان السماء.لكنها باتت تخفت في مسمعيه حتى انعدمت... غابت عن وجهه بشاشة الأحياء، فلم يسمع بحة الهلع في صيحة أمه :
- مات ولدي...
...
كان صوت الأم رنانا صخابا ، لكن من تحته كان صوت الأب المتدفق الخافت ما زال متواصلا:
- ربما بذل مجهودا في اللعب .. هذا كل ما في الأمر...
قصة عمر الازمي