على الحائط، مقابل الباب الذي فتحه بقدمه، واجهته صورة كبيرة لأرنست همنغواي، وكومضة تذكر الصورة التي يزين بها غرفته، تحتها تماما كانت ثمة طاولة، وكان ــ ذاك ــ يجلس، يقرأ على ضوء مصباح زيتي، كان يقتعد كرسيا خشبيا،،، أجفل، وحاول أن يتناول مسدسا على طاولته، لكن رجة من بندقية الداخل أوقعته على الأرض.
بعد أن سقط، وعلى الرغم من حرج الموقف، لم يتمالك الداخل نفسه، وأخذ يحدق في صورة الحائط الكبيرة،إنها الصورة نفسها التي يزين بها حائط غرفته، صورة همنغواي يرتدي تلك الكنزة الصوفية ذات الرقبة.
وعلى الرغم من دقة الموقف مرة أخرى أجال الداخل عينيه على حيطان الغرفة، كانت هناك صور كثيرة لمجموعة أطفال جياع، ومجموعة صور لنساء عرايا، ولوحة شاجال. أهي المصادفة كذالك أن تكون حيطان غرفة الداخل مغطاة كذالك بصور أطفال جياع و نساء عرايا ؟
منظر الكتب على الطاولة أثار فضوله تقدم إلى الطاولة، كان الكتاب الذي يقرأه ــ ذاك ــ هو الحرب والسلام، مرة أخرى كانت هناك مصادفة، ففي الشهر الماضي قرأ ــ هو ــ كذالك الحرب والسلام . إضافة إلى الحرب والسلام، كان هناك كتاب مجموعة أشعار بريخت ورواية لد. ه . لورنس، هي عشيق الليدي تشاتر لي، والجريمة والعقاب لديستوفسكي، كانت الكتب باللغة الأنجليزية ، وهي اللغة التي يتقنها ــ هو ــ كذالك . كانت هناك على الطاولة محفظة نقود، ورسالة مفتوحة حديثا، وأخرى لم تنته كتابتها .
ـــ هل كان يجيب على رسالة؟
في طريق العودة من المهمة، كان االجنود الذين أدوا مهمتهم بنجاح يضحكون، أما هو فقد كان يفكر: لو سبقني، وجاء إلي قبل أن آتي إليه ــ واحدنا سيأتي الآخر حتما ــ وراى في غرفتي ــ كذالك ــ صورة همنغواي نفسها وصور النساء العرايا والأطفال الجياع، ورواية الإخوة كرامازوف ولوحة بيكاسو، والرسالة التي أرسلتها عائشة، بل وراى رواية الحرب والسلام على طاولتي ... لو سبقني وجاء... ترى، في طريق عودته من مهمته، وبينما جنوده يضحكون وقد نجحوا في مهمتهم ... ترى بماذا كان سيفكر ؟؟