إلى دهليز منفرد بارد ، دحرجوني ككرة من نار يخاف انتشار ألهبتها في الأذهان ،هوإفساد مخططات تحددت مسبقا معالم أهدافه ...هُمْ على موعد مع خنق صوتي بأي وسيلة يرغبون ،حتى لاينفجرَ من تَلّ لسانه نبعٌ مِن الرصاص، فيصيب نخلة حلمهم المرسومة في الأحداق ..ولو أني أعرف أن الِخِيار أولا وأخيرا هو الشنق ، فأنا في غنى عن الخوف أو الرهبة التي يذكيان سعيرها ، والعهدة على دمي الساخن ونبضي المشتعل .لأني منذ البدء وحتى آخر رَمَق ، نقشت في كفي بحناء الأمل مربّعَ الصمود ...واتقاء مضاجعهم التي يقدّها ضجر مربك لدفين من الأحاسيس، ودينصور خوف مزعزع للكوامن يتضخم في الدواخل وينمو ، يريدون ردْم منارة مشعة يتدفق شلالها بفاكهة اللوز ، قد تنسرب إلى أدمغة تختمر في طراوتها فتتقد بالنضج الأخير ، وبشرارتها تُحرق المخروم من الفلسفات الفاشلة ، لترفعَ فواحش الأغطية عن دنان رداهة ،لاتفقس غير حزمة من القوارير الفارغة ، حلال تكسيرها وخدْش بزجاجها خدّ الزمن الذي هيّأَ لهم ظرفا ذهبيا ، ليتبوّؤوا معارجَهم النكراء على ظهور العباد ، مَن يلعقون مِن مراجل القهر وأطباق التهميش عرقَهم ممزوجا بقشّ المهانات وشوائب الأتعاب ..
كانت المحاولة الأولى تكبيل خرزات النور بسلاسل من الطابوهات ، مغموسة في تلابيب الرجعي والمتردي المنقوعين في نتانة الجهل ، الأحرارُ منها بُراء ؛ ونشرها طقوسا وثوابت بين طبقات على نَزْر ضئيل من الوعي ، فنبتت على الأرداف فطرا ساما ، وخلال الشّد والكدّ تسللت عبْرالأثير فراشات تنهمر بالضوء ، تنثر بهجتَها في الفيافي الثكلى ، وعلى الضفاف الخجلى ، والأودية المنحوتة من الجفاف ، لتُزهر قواميس تتبتل بالقزحي تنشُد المجد والرقي ،وفي الآفاق تُشيد مشارف مِن البهاء ، لكسر تمائم الضلال المستنبتة في الرقع القاحلة ...
كل الآلات الجحيمية متأهبة لصيد البريق /التوهج ،تشحَذ سيف الإطمار لطمس معالم النور، ودهس حقولها المعشوشبة ،قبل أن تينع وتصبح وبالا على مَن هم في مراكز القرار، الذين ألفَتْ سحناتُهم اللصق والتسمّر على الكراسي تعنثا ،وإن كانت متمنطقة بعبَوات الفراغ /ممتلئة بكوابيس الانكسار .. يفعلون فعلتهم الشعتاء/الشنعاء وراء الحجُب والأستار ، يغزلون مِن النرجسية وحُبّ الأنا تماثيل مشحونة بالرياء ،والوعود الكاذبة ..
والهدف المنشود : الاعتلاء والتعالي والتبرج والتبهرج وتطاول الأيدي ، لقضم لحم وعظام بني آدم علنا واختلاسا ...
وبما أن النور يتسلل من الشقوق كنسمة الصباح ، فَلن يوقفَ سيلَه البطشُ ولا التنكيل ولا الذبح حتى ..قد ينهض مِن بين الأقدام سلاسل ورد ينشرمسكه في النواحي الداجية ، والزوايا الباردة ، وقد يتحوّل زجاجُه إلى مرايا صافيةَ الصفائح ،لألاءة الألواح، ترتسم عليها الحقيقة كعين الشمس بلا مساحيق، وقد يُحدِث ضجّة في الأذهان ،فتتوالد أسئلة مدهشة ، تحلق نحْلا حول عِلل وأسباب انفصام شخصية الواقع ، وسبب تفريخ الأبالسة والشطط ، ودواعي الخلل المنسرح في المناحي ، وتفشي الأقنعة ،وهالات الغوايات ، والوعود المهترئة ، والأوهام المتكالبة ، والأفكار المتآكلة ، وتفشي الضَّلال ، وردم الواحات ، وتخصيب الأنانية ،واستغلال النفوذ واستفحال الرشوة وإقبار الحقوق، ومس الكرامة ،وإلغاء الآخر، وتفريخ قيم التمييز والزبونية ، واغتصاب الأوطان ، وقهر الشعوب...وقد ....وقد...و...و...و..
أشياء تطايرت أمامي كفراخ حمام حلّقت لتتعلُّم الطيران ، وأخرى تسَرّبت من قلادة التفكير، كحبات عقد فكّ إدغامه ...وأنا بين جلادِيَّ أتأرجح جثة هامدة حين رفسُوا الكرسي ....ولم أترك من ذكراي غير حروف ،ستتخصب نورا في مهود الرّضّع ، لتندلعَ في كل الأنحاء شموسا وأقمارا وأشجارا وربيعا ............ومشمشا ..
مالكة عسال