للحكي ألوان أخرى ـ نص : مريم بن بخثة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfassa01075إهداء إلى صديقي الأديب المهدي نقوس
مدخل :
أراك تحمل شارة الحلم بين يديك
وليدا يحبو
يرنو نحو الشمس
يغسلك بماء الروح
تتوضأ على أفراح حبلى
و نصر قريب ...

تجاوزت الأيام حتفها و أسقطت حكما عاشته حوريات القصر ، وحدها شهرزاد سقت الروح و أينعت تحت ظلال السيف روح الحكايات و الأمنيات ، الليل يعدو مسرعا نحو شهريار و هي جاهدة تصنع حدث اليوم ، لتلفه مرة أخرى بإغراء قصصها فيطول السهر و يختفي السياف  .
شهرزاد يمتد بها حنينها إلى الانعتاق و شهريار يتمنى على الليل أن يُقدم بعباءة مطرزة بفرح جديد و عشق جديد.ما عاد فكره مشغولا بالقَصاص لكل من لم يغرد لها نومه، فلون الحكي عندها كملمس حرير ناعم يذيب كل شيء ،ها هي و الليل يباغتها لم تصنع عالما لسيدها ، تتراءى لها المقصلة قريبة من رقبتها التي كان يتفحصها بين اللحظة و الأخرى. و تأبى الحكاية أن تلف أصابعها حول أعناق أبطال جدد تمردوا أخيرا و رفضوا أن تمارس عليهم شهرزاد غوايتها اليومية.

على فراشه الوثير كان يغازل قصصها  ، يبتسم لمحياها و هي غائبة تحلق في سراديب القص و الليل يزحف ببطء شديد.
طال انتظاره و عانقه الملل فانشغل بأمور رعيته حتى أزف الليل الذي افتقده طيلة يوم بكامله معلنا بدايته ،فليحيا الحكي و ليعزف الأبطال سيمفونية جديدة تمنحه الفرجة و المتعة اللذيذة.
 هاهي ذي قادمة كحورية مجدلة الضفائر، حفيف ثوبها الحريري يدغدغ مسامعه فيرقص قلبه طربا للأتي .وجه بلوري يسطع بأناقة كلوحة بهية الألوان، في خشوع الرهبان تخطو نحوه ، وحده قلبها الذي يقفز من مكانه يكشف سترها و اصفرار بشرتها.
بين يديه أقبلت على فَرشتها المعتادة الوتيرة بابتسامة مشجعة دعاها أن تفتح أحلامه على سرداب حكيها.
حينها تسربت الحروف من شفتيها كغدير منساب تلألأ محياها و غاصت تذوب بين شخصيات حكيها الذين استسلموا لها ، كانت لمسة مشاغبة منهم أن يمتنعوا عن المثول بين يديها.و بدأت "كان يا ما كان في سالف العصر و الأوان. " تدلت عيناه من محجريهما مشبعة بريح الفضول و المتعة فهل من مزيد ؟
الصورة لوحة أسطورية لملك على عرشه ممدد و عبيده يلفونه كقطعة ماس من يطري له الريح و من يقدم له الشراب و من تدلك له رجليه و عن يمينه و عن شماله.تلفك الأسطورة و شهرزاد مازالت تنسج حدثا وراء حدث .طيعة صارت حروفها و شخوص أبطالها انغمسوا في لعبة الأدوار.فرح ،حزن رهبة انسجام خصام حروب.كانت مجرد كلمات صنعت منها أميرة السرد حكايات الألف ليلة .سرقت لب الملك و تدللت دون أن تدري.. كل تلك اللحظات التي عاشتها تبحث عن حكي يسعد الملك و يعفيها من لحظة موت ، قد هدها ،هاهي تحاول أن تسرب ليلها كالمعتاد ، لكنها اليوم تجد نفسها تغفو بين لحظة و أخرى قاومت جاهدة أن تظل في كامل صحوها، لكن رويدا رويدا أطبق عليها نوم ثقيل ، ولم تعي بما حولها سوى هذا السفر المباغت إلى عالم السبات الذي ألجم لسانها و أوقف الحكاية عن منتهاها.
ظل شهريار مشدودا إلى حكيها حتى غفت فجأة\\ نظر إليها مشفقا ، تأملها في صمت ، صعب أن تتفرس ملامح وجهه حينها، أو تستشف من تقاسيم وجهه ما سيقدم عليه بمن يفترض أن تسليه حتى يغفو، لكنه فجأة قام من مقعده الملكي و قصد حيث شهرزاد قتلت الحكاية ،انحنى نحوها و بحنو شديد حملها بين ذراعيه ووضعها على سريره الملكي ، فقد آن للحكاية أن تحلم بدلا عن شهرزاد و شهريار .

 مريم بن بخثة ـ المغرب

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة