يبدو أن كل الأمور التي لها ارتباط بالضحك والفرح في بلداننا السعيدة مقيدة بمناسبة إلا أنه بعد فواتها يعود الفرد لعادته الطبيعية وانشغالاته اليومية ،وهو تعبير صريح عن التسلية والمرح كما أن للضحك فوائد كثيرة منها دوره في إفراز الجسم لهرمون يقوي المناعة وكذلك الدورة الدموية في القلب ٠٠ وعلى حكوماتنا أن تأخد بعين الاعتبار هذا المعطى الفريد من نوعه لأن هذا النوع من الضحك من طرف حكوماتنا يصدق عليه فهم أرسطو للضحك "نحن نضحك على من هم أقل منا وعلى القبحاء من الأشخاص، والفرح يأتينا من الشعور بأننا طبقة أعلى منهم" وهذا هو أصدق تعريف يمارس علينا، فبلادتنا وخنوعنا وقبحنا يثمن هذا التعريف.
شكل تعبيري كهذا لا يكلف ميزانية الدولة شيئا إضافة إلى أهميته في خلق نوع من التواصل بيننا وبينهم ؛وكأول إجراء يفترض القيام به تصحيح مجموعة من الأقوال المأثورة عندنا حول الضحك من قبيل ًالله إخرّج هاد الضحك بخير ً ؛يقال بعد الإفراط من الضحك، وقائله له إيمان بأن بعد الضحك سيأتي الويل، لكم أن تتخيلوا لو أن كل القرارات والإجراءات الحكومية تتم بوجه مبتسم كم ستكون هينة للتأقلم معها لتهضم بعد مرور وقت قصير ، مع تذييل تلك القرارات بعبارة اضحك للدنيا تضحك لك ـ لكن واقع الحال يقول بأن الضحك من سمات السعادة، هذا المفهوم المجرد والفلسفي المعقد يجعل أصحاب القرار عندنا يفكرون نيابة عنا وعلى أحوالنا بعدم الخوض في مثل هذه المفاهيم الممكن أن تجرنا إلى ما لا تحمد عقباه لذلك فهم يجنبوننا من أبسط الأمور التي تجعلنا منشغلين في البحث عن الإشكالات التي تحيط بهذا المفهوم ٠٠بغية تجنب أية عقدة نفسية قد تصيبنا مع تجريم أي سلوك قد يثير فضولنا ويرمي بنا إلى براثن الفلسفة ؛ وكون الضحك أقرب وسيلة الى التفكير في مفهوم السعادة ، فصناع القرار عندنا إرتأوا ممارسة سياسة أقنعة تتقنع بها كل وزارة تدعي من خلالها السعي إلى حل كل المشاكل بوجه مبتسم وضاحك يزداد زينة ولمعانا وراء شاشة التلفاز وكأن لسان حالهم يقول يوجد دائماً من هو أشقى منكم ، فابتسموا ، مسترسلين بعد هذا الفعل الأخير رزمة من الطعنات التي بموجبها سنفقد كل ما له علاقة بالضحك٠ لتتوالى القرارات واحدة تلو الأخرى والتي من شأنها أن تغير مفهوم الضحك وهذا هو مسعى حكومتنا وهو مجسد في عبارة "كثرة الهم كتضحك" ضحك فارغ من حيث المحتوى وهو يترجم لنا بدقة معنى العبارة الٱتية ؛ الشئ إذا زاد عن حده إنقلب إلى ضده ؛ لم لا فنحن لا نستحق أن نضحك ولا أن نسعد لوجود من ينوبون عنا ، يكفينا فقط الشعور بالإرتياح عند رؤية من هم أعلى منا يبتسمون ويضحكون خوفا منا من أن يُعَكر مزاجهم لينزلوا علينا بقرار جديد يبعد المسافة بيننا وبين الضحك٠٠ورحلتنا لمعانقة الضحك والإبتسامة و السعادة ـ
في أوطاننا مسيرة طويلة جدا تقتضي منا البدء بالحزن والبكاء والموت أولا لإزالة الأفواه التي سخرها المسؤول الرسمي عن الضحك ؛ لخدمة المشاريع التنموية المقنعة والتي ألبسها لباسا الغاية منه بناء مجتمع ضاحك وسعيد ، سيما أن هناك عبارة مفادها أن اللسان الطويل دلالة على اليد القصيرة ٠٠ شباب شاب شعرهم قبل منتصف مرحلة شبابهم لا تعرف الإبتسامة ولا الضحك طريقه إلى أفواههم كلما تزايد عمرهم تزايد تشاؤمهم وكلما تباعدت المسافة بينهم وبين الضحك، يستأجرون الضحكة الصفراء في بعض المواقف العابرة ٠فلكل مسؤول عن غياب الابتسامة ومغادرة الضحك من أفواه البسطاء أن يأخد الموعظة من هذه القولة اكسب ود الٱخرين بابتسامتهم قبل أن تكسبها بسيوفهم ..