يبقى واقع العمل النقابي مرتبطا بمدى قدرة التنظيم على طرح مبادرات جريئة وصياغة ملفات مطلبية وبرامج ومقترحات مستقبلية مستفزة وواضحة لتحقيق دينامية نضالية متطورة وضرورية لفرض حوار جاد وبناء …حوار يساهم في بناء مجتمع بدون اضطهاد..
حوار يساهم في عدم استغلال أو استعباد الإنسان لأخيه الإنسان…حوار يخدم الطبقة العاملة…حوار يساهم في تقليص الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، لا نقصد به نضالا لا يتجاوز حدود الشعارات الإشهارية والضجة الإعلامية في مختلف المناسبات ليصب في خدمة أحزاب السلطة أو المعارضة في كسب مواقع ومناصب سياسية في مراحل مختلفة حسب الطلب.
هنا نطرح ثلاث نماذج من التنظيمات الحديثة:
1 ـ نموذج بيروقراطي (مغلق) حسب “ماكس فيبر max weber:لا يعطي أي اهتمام للجانب الإنساني واحتياجاته ،فاقدا للمرونة والتأقلم مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ، وممركزا ومستفردا للمعلومات والقرارات ومنتهجا لسياسة المصالح (الارتزاق) ، و مستهدفا لتضليل الطبقة العاملة وجعلهم يشتغلون بأمور لا علاقة بالنضال النقابي الصحيح ، و كذلك متواطئا و متحالفا لانتزاع مكاسب لصالحه.
2 ـ نموذج آخر يغلب المصالح السياسية (التسييس) : يمارس العمل والنضال النقابي بتوجيهات خارجية سواء من حزب أو أي مستوى من مستويات التنظيمات .
وفي العقود القليلة الأخيرة ، نلاحظ نمو تفافة الارتزاق في واقع العمل النقابي والحقوقي مما أدى الى تكاثر وتناسل التنظيمات التي تتبجح وتتزايد وترفع شعارات الدفاع عن حقوق وكرامة الطبقة العاملة الكونية وحق العيش الكريم والطبيعي للعامل والعاملة … ،واذا تصفحنا قوانينها الأساسية والداخلية نجدها في معظمها متطابقة ومستنسخة .
تختلف ثقافة التزييف والارتزاق حسب "باسكال بونيفاس" في كتابه "المثقفون المزيفون"
( …المرتزقة هؤلاء لا يؤمنون بشيء سوى أنفسهم ينتسبون =أو يتظاهرون بالانتساب = الى قضايا ، ليس لقناعتهم بصحتها ،بل لأنها في تقديراتهم واعدة ولها مردود هام وتسير في اتجاه الرياح السائدة….)
فانعدام نزاهة الفكر النضالي المستقل، نجد هؤلاء المزيفون المرتزقة يعتمدون على أبواق دعائية مسوقة لمنتوجاتهم المضللة، التي تلاحظ عبر بيانات، تصريحات، منشورات، لقاءات.. الغرض منها ،استبلاد منخرطيها وبناء لقياداتها الأبدية كاريزمية لا يجرؤ لأي أحد الاقتراب من محيطها الانتهازي…
3 ـ نموذج لتنظيمات مستقلة : نهجها ‘النضال النقابي المستقل’ و الابتعاد عن التبعية لأجهزة السلطة والأحزاب والتنظيمات السياسية (محليا، إقليميا، جهويا ، وطنيا )،الاستقلالية النضالية هي تمكين التنظيم أو الإطار الى فسح المجال أمامه لتفعيل الديمقراطية الداخلية في اختيار الأجهزة أو الأطر المساعدة أو في بناء ملفات مطلبية أو في صياغة برامج واتخاذ القرارات النضالية وكذلك تفعيل النزاهة النقابية ( بعيدا عن الكولسة…التجييش )من أجل انضاج شروط وعي نقابي راقي في صفوف القواعد بعيدا عن التوجيه الخارجي والتصدي للدفاع عن الحريات النقابية وفق القوانين والمواثيق الدولية ، وجعله مفتوح في وجه الطبقة العاملة لمواجهة “التشرذم “و “التفتيت “النقابي
وأخيرا، هذا العمل الشاق والنبيل لا يقوم به الا تنظيم نقابي ديمقراطي نزيه جماهيري مستقل ووحدوي.
نقابي ديمقراطي مستقل تقدمي
بلمرابط المصطفى