امرأة التقيتها صدفة
تخرج من حقول الشهد
فاتنة تتنهّد
فأشعلت ناراً في الجنبات
كانت كما أهوى
شهية كطعم المطر
لذيذة كصباح مشمس
ربيعي النسمات
عيناها سوسنتان أشرقتا
في غفلة من الحكل
كأنهما مركبان ملكيان

حين أهاجر
أهاجر إلى عينيكِ
فإنهما مهجري
حين أنام
أنام في جفنيكِ
فهما منامي ومخدعي
حين أسافر
أسافر إلى روحكِ
فهي استجمامي ومنتجعي
حين أبكي
أبكي فيك ولكِ

وحين أغوص في ذاكرتي المنهكة
ويأخذني الحنين إلى مدائنك
أنسج من الملح لوحة بياض أسجيك بها ..
هنا كان أنا
وأنت
وعمر امتد ..
على الطرقات طرق أقدامنا ..
قطعنا المسافات بين حاء وباء ..
هنا احتسينا كوباً من القهوة ..
هنا جلسنا نرقب وجوه العابرين  ..
هنا كان للصمت أجمل حديث     ..

الصقيع والخنــــــوع
دون أنني لن أشارك في المهزلة..
أنني بَصَمْتُ أمس على القــــرار
وقلت لهــم :
كفاكم خذلانا
صقيع يغلف الأفئدة
يغشى الألباب التي كانت بالأمس
نيــــرة.
اقرأ عليهم أن صفحات الصقيع
تلونت بعملتهم النافقــــة
أن الزيف مر من هنـــا

وكانت تلهث في مسلك بين جدارين،
تحت وابل من الشهب،
تأتي من سموات خائنة.
وكان يصد القصف عنها
بقذائف من فرح الحروف،
يسقطها في قلبها
كي لا يضعف أو يتوقف،
و يوسِّد صدره للحلم،
و يبكي سرا،
و يلعن التاريخ،
و يخرّب الجغرافيا،

هنا الأرض ..
هنا الأرض تنتحب الغياب..
وهناك محراث صلد في الفناء
ودولاب ساقية معلقة بلا ماء
وشجرة لوز أصبحت أشلاء
وزيتونة ترقص مترنحة
و بقايا محراب ومئذنة
و أنين  خفي تشجو به حمامة
و صدور أضناها الحنين
***
آه يا وطني

تطفو الأماني …
 فوق الموج الأزرق
تائهة، حائرة، تعانق الأرق،
دموعي لم تعد تكفي…
 بعد رحيلك،
خلتها أنا ستنهي وجودك،
لكن وجودك يرفض الرحيل،
هو مصر على البقاء،
فما الحل ؟
ها أنا أساهر الشقاء،
لم يكن الموت كافيا لرحيلك،

مارغريت لم تزهر هذا الخريف
كانت تنبت هنا، مخترقة قسوة الصخر
في هذا الخريف نبت الصخر، ولم تزهر مارغريت
ربما تغيرت مواعيد الفصول
أو صارت كل الفصول، فصل الخريف
فهزم صمته الكئيب بياض مارغريت، ولم تزهر هذا الخريف
كانت مارغريت تُغير شكل الخريف
تعطيه جمالا ملهما..
تحوله كما تحول الضحكة ملامح طفل حزين
مارغريت كانت تنبت هنا..
من تحت الأوراق اليابسة و المتساقطة لشجرة التين العجوز

حينما تجابهني جميلة الجميلات!!
وحينما تكبحني تلك النظرات!!
تتناسل على الشاطئ آلام الطعنات
وتتراكم في البساط آثار نكبات
تتجسد في شعاع الغروب وجوه ومسميات
وقبالة سواحلي صور سفن حرب وغواصات
طائرات استطلاع ونداءات
والزمن يعصف بالروح... يصوب الضربات
كواكب مهجورة تسكنها هضبات
تتخللها انهار وصخور ونيازك...وبقايا مذنبات
وحينما تعرض الدقائق تلك اللوحات

ما الذي أعشقه
في هذا الغموض؟
كل الزوايا
يحبسها الذعر...
كل النوافذ
تستعد بشغف
لمعانقة الصباح...
فقط وحدي سأبقى  
   أجوس في هذا الغموض..
أملأ صدري بعواصف الحزن
كل الحزن..؟

ذلك الواهن
مشلولُ الذراع
الظاعنُ
في ركب المُحارب
بين سِندان القهر
ومطرقة المآرب
برغم كبوة الأوضاع
يردّد في الأسماع
نغمة البِشْر
ويترَع كأس الأمنيات
ويرسم للأيامى عرس البهاءْ

حر يأكل ذاته
وجسم يمتص أعضاءه
وريح تنفث غبار بقايا الوهم
ليستريح الكون من زكام الجاذبية
مهلا لنستمع للآهات ولنتجدد
نحيى بهم
نحترق بغيابهم
من غيرهم وحدة وفراغ
بعد موت قريب
أو حزن صديق أو رفيق
التواصل ينسف آياته

سأضع لي قبرا
عند هذا المتكأ
وَقْفًا شامخا بين الصخور
ابحر بين دفتيه والجذور
الى ابعد مكان بين الربوع ..

سأضع لي قبرا
بين الأوراق والجسور
عند مطلع اول شمس
عند انكسار اخر قلم ..

لا أبواب لي،
فرَشْــتُــني أرضا،
و أنت السماء،
فانذلقي كلك،
فوقي و تحتي،
حتى الرواء.

لا تأتيني نوبة صقيع،
تلمس ناري،
تذوب،
تتبخر بسرعة،

الفرس الحرونْ،
والكأس الثملة.
وأنا الحزين، والوسادة الخرقاءْ ..
نعتلي سفن السندباد،
نبوس الفراشات في صمتنا الأخير ..
كنتُ هناك والمُدية .. ونار حصار
أكتب لعنة هاديس..
أرسم وجه تموز
أراقص أفعى على هواء ناي أورفيوس..
وأنا من تسوًّر...
في مدن الماء .. .

لفْحُ الصبابةِ فيَّ لفْحُ هجيرِ
فالنارُ في قلبي وفوق حصيري
 
يا مَن يمرِّرُ ماءَهُ بحرائقي
أطفيءْ مياهكَ بعد كلِّ مرورِ !
 
فمُها الفطورُ يلذُّ حتى أنه
رغِبَ الصباحُ معي ببعض فطورِ
 
وتلفَّتتْ عينايَ : لا كأسٌ هنا ,
قالتْ : بلا كأسٍ تُعَبُّ خموري

يقلقك الحب
بالنسبة لك، هو ساحة من الألغام
الخطوة فيها ترادف الانفجار
الخوض فيها قد يحولك إلى شظايا
أنا لا أحمل قنبلة
و لا أحب فكرة الانفجار
منطق المعركة لا يعنيني.
الحب ليس ساحة نزرع
فيها الألغام لبعضنا.
في تلك المساحة
لعبنا طويلا، الدور الخطأ

عند النخلة الخامسة
تعرّى الحزن كشرنقة
تحت ثوب الموت
وصارت المآذن فراشات
حملت زفرات الجثامين وحلّقت
تبحث عن وطن

تسع هزال أقرب من الغيم المسمول
تمتشق جمر الإنكسار
مولودة من الرؤيا
وثلاث عاريات كشواهد القبور

أرسل لي على صفيح ساخن،
واترك لي التقدير و تمجيد الكفن،
كم من الطيور تسبح بين السحاب،
لتسقط في فخ الدجى والاغتراب.
كم هو جميل نور القرين،
حين يعد الصفع بدون افتتان.
 
ابحث لي عن مكان،
بين الصحون والأوان..
على اسم ونسب،
فهذا لبن سائغ للشارب،