"حروب خط الصدع تدخل عمليات التوسع والحدة والاحتواء والانقطاع ونادرا ما تدخل عملية الحل"
يلاحظ هنتغنتون في كتابه المثير للجدل "صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العلمي الجديد" والذي غادر العالم منذ مدة بعد أن ملأ الدنيا وأقعدها بفكرته عن واقعية النزاع بين الشرق والغرب بأن تشكل حضارة كونية واحدة كان على الرغم من استمرار وجود ثقافات متنوعة وخصوصيات متباينة ويبرهن على ذلك بأن انبثاق حضارة عالمية يعني الالتقاء الثقافي للبشرية والقبول المتزايد للقيم والاتجاهات والممارسات والمؤسسات المشتركة للشعوب في جميع العالم.
يقدم هنتغنتون مجموعة من الحجج على وجود حضارة كونية مشتركة وهي:
-تقاسم البشر لحس أخلاقي متشابه
-اشتراك المجتمعات المتحضرة في قيم ومؤسسات التمدن والتعليم والعناية الصحية وحالة الرفاه والازدهار المادي والتوسع الهائل في المعرفة العلمية والهندسية.
- تمسك العديد من الشعوب بثقافة معينة تتكون من مجموعة من الافتراضات والقيم والمذاهب.
-انتشار نماذج الاستهلاك والبدع والاختراع هي التي تؤدي إلى خلق حضارة عالمية.
-ظهور وسائل الاتصال العالمية يولد التقاء هاما في الاتجاهات والمعتقدات المختلفة.
-وجود اتجاهات نحو انبثاق لغة عالمية وديانة عالمية إذا كانت هناك حضارة آخذة في الانبثاق لأن العناصر الرئيسية لأي حضارة هي اللغة والدين.
-انبثاق حضارة عالمية هو نتيجة العمليات الواسعة للتحديث والتصنيع والمدنية وتزايد معدلات القراءة والكتابة والتعليم والثروة والتعبئة الاجتماعية وبنيات وظيفية معقدة ومتنوعة.
-إيجاد حل للتعددية الاجتماعية عبر الالتزام بفكرة سيادة القانون والكيانات التمثيلية واحترام الحقوق الفردية والخصوصيات.
-استجابة الشعوب والمجتمعات غير الغربية إلى التحديث وميلها نحو الغرب على مستوى نمط
-الحياة ونموذج التطوير.
لكن هنتغنتون يطرح إشكالا يدور حول الأسباب التي أدت هيمنة الثقافة الغربية وبداية بروز لأعراض انحطاط وأفول ويستنتج أن توزيع الثقافات في العالم يعكس توزيع القوة ويرفض أن تتوافق الانحيازات السياسية مع الانحيازات الثقافية والحضارية ويقر أن سياسة الهوية مغايرة لسياسة المصلحة ونراه يطرح السؤال التالي: لماذا يؤدي التجانس الثقافي إلى تسهيل التعاون والترابط فيما بين الشعوب بينما الخلافات الثقافية تعزز الانقسامات والصراع؟
جواب هنتغنتون هو كما يلي:
- كل واحد لديه هويات متعددة.
- التحديث يخلق الانفصال والاغتراب فيعاد إحياء الهوية الثقافية عند البعض ويوجد عند النخب الحاجة إلى هويات ذات مغزى اكبر.
- تحدد الهوية بعلاقتها بالآخر.
ان الاختلافات في الرؤى ونشوب النزاعات بين الثقافات ناتجة عن الأسباب التالية:
-الوعي العميق بالاختلاف وحاجة النحن إلى الحماية من الهم.
-الإحساس بالتفوق أو الدونية من هوية ثقافية تجاه أخرى تنظر إليها على أنها مباينة لها.
-فقدان الهوية الثقافية للثقة في ذاتها والخوف من الهويات المباينة.
-تحول الاختلافات في التحديدات (لغة ودين وعرق وثقافة) إلى صعوبة في التفاهم بين الهويات.
-فقدان التجانس في المعتقدات والدوافع والعلاقات الاجتماعية بين الشعوب.
-الصراع بين الدول والجماعات على المصلحة الاقتصادية والتحكم في الثروة والقدرة على فرض قيم وثقافة ومؤسسات معينة على الآخرين.
-الانتشار الدائم للصراع بين الثقافات لأن" البشر جبلوا على أن يكرهوا من أجل التحديد بالهوية والحافز فان البشر في حاجة إلى أعداء: المنافسون في العمل والمنافسون في الانجاز المعارضون في السياسة".
ينتهي هنتغنتون إلى حتمية صدام الثقافات ويرى أن:" الدول تميل إلى إتباع الدول ذات نفس الثقافة وتتوازن ضد الدول التي تفتقر معها إلى التجانس الثقافي" ويؤكد أنه " عندما تفتقر الحضارات إلى وجود دول أساسية تصبح مشاكل وضع نظام داخل الحضارة أو المفاوضة من أجل النظام بين الحضارات أكثر صعوبة."
لكن لماذا لم يميز هذا المنظر الأمريكي بين الثقافة والحضارة؟ وأليس من المفارقة أن يتحدث في الوقت نفسه عن هيمنة الثقافة الغربية وعن قرب أفولها؟ كيف نفسر اندلاع نزاعات وتصادم بين هويات وجماعات لها خصائص ثقافية مشتركة؟ ألا يمكن أن تحلم الإنسانية بالسلم والتصالح والتفاهم حتى على مستوى الفكر والهوية السردية ؟ ألا يمكن إرساء قيم سياسية عادلة ونفعل حوار الثقافات بالتواضع والرأفة بالآخر والصداقة والحب والاحتكام إلى اتيقا كونية وسلام عالمي بين الأديان؟
إلى أي مدى يصح حكمه على الإسلام على أن افتقاره لدولة أساسية معترف بها يزيد من حدة وعيه العام ولكن إلى الآن فلم ينم سوى بنية سياسية عامة بدائية؟ وهل من المشروع أن يقر بأن التقسيم بين الشرق والغرب علي المستوى الكلي يكون مرتبطا بصراعات شرعية بين المجتمعات المسلمة والآسيوية من جهة والمجتمعات الغربية من جهة أخرى وهي الصدامات الأخطر في المستقبل لأنها من ربما تكون نابعة من التسامح الغربي والتعجرف الإسلامي والإصرار الصيني؟ لكن هل بالفعل الغرب غير متغطرس والإسلام غير متسامح ؟ أليس القول النقيض ربما يكون هو الصحيح؟ وأليس من مصلحة الغرب أن ينتج الشرق هويته بتفتح وإبداع عوض تغذية نزعة الانتقام وردود الأفعال؟
ربما تكون دعوة رجوي غارودي شعوب العالم الى حوار الثقافات نداء إلى الأحياء وحرص صموئيل هنتغنتون على التنظير للصدام بين الثقافات والتحارب بين الدول هو قبولا بمصير الأموات.
المرجع:
صموئيل هنتغنتون، صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العلمي الجديد،ترجمة مالك عبيد أبو شهيوة و محمود محمد خلف، الطبعة الأولى طرابلس،1999
-استجابة الشعوب والمجتمعات غير الغربية إلى التحديث وميلها نحو الغرب على مستوى نمط
-الحياة ونموذج التطوير.
لكن هنتغنتون يطرح إشكالا يدور حول الأسباب التي أدت هيمنة الثقافة الغربية وبداية بروز لأعراض انحطاط وأفول ويستنتج أن توزيع الثقافات في العالم يعكس توزيع القوة ويرفض أن تتوافق الانحيازات السياسية مع الانحيازات الثقافية والحضارية ويقر أن سياسة الهوية مغايرة لسياسة المصلحة ونراه يطرح السؤال التالي: لماذا يؤدي التجانس الثقافي إلى تسهيل التعاون والترابط فيما بين الشعوب بينما الخلافات الثقافية تعزز الانقسامات والصراع؟
جواب هنتغنتون هو كما يلي:
- كل واحد لديه هويات متعددة.
- التحديث يخلق الانفصال والاغتراب فيعاد إحياء الهوية الثقافية عند البعض ويوجد عند النخب الحاجة إلى هويات ذات مغزى اكبر.
- تحدد الهوية بعلاقتها بالآخر.
ان الاختلافات في الرؤى ونشوب النزاعات بين الثقافات ناتجة عن الأسباب التالية:
-الوعي العميق بالاختلاف وحاجة النحن إلى الحماية من الهم.
-الإحساس بالتفوق أو الدونية من هوية ثقافية تجاه أخرى تنظر إليها على أنها مباينة لها.
-فقدان الهوية الثقافية للثقة في ذاتها والخوف من الهويات المباينة.
-تحول الاختلافات في التحديدات (لغة ودين وعرق وثقافة) إلى صعوبة في التفاهم بين الهويات.
-فقدان التجانس في المعتقدات والدوافع والعلاقات الاجتماعية بين الشعوب.
-الصراع بين الدول والجماعات على المصلحة الاقتصادية والتحكم في الثروة والقدرة على فرض قيم وثقافة ومؤسسات معينة على الآخرين.
-الانتشار الدائم للصراع بين الثقافات لأن" البشر جبلوا على أن يكرهوا من أجل التحديد بالهوية والحافز فان البشر في حاجة إلى أعداء: المنافسون في العمل والمنافسون في الانجاز المعارضون في السياسة".
ينتهي هنتغنتون إلى حتمية صدام الثقافات ويرى أن:" الدول تميل إلى إتباع الدول ذات نفس الثقافة وتتوازن ضد الدول التي تفتقر معها إلى التجانس الثقافي" ويؤكد أنه " عندما تفتقر الحضارات إلى وجود دول أساسية تصبح مشاكل وضع نظام داخل الحضارة أو المفاوضة من أجل النظام بين الحضارات أكثر صعوبة."
لكن لماذا لم يميز هذا المنظر الأمريكي بين الثقافة والحضارة؟ وأليس من المفارقة أن يتحدث في الوقت نفسه عن هيمنة الثقافة الغربية وعن قرب أفولها؟ كيف نفسر اندلاع نزاعات وتصادم بين هويات وجماعات لها خصائص ثقافية مشتركة؟ ألا يمكن أن تحلم الإنسانية بالسلم والتصالح والتفاهم حتى على مستوى الفكر والهوية السردية ؟ ألا يمكن إرساء قيم سياسية عادلة ونفعل حوار الثقافات بالتواضع والرأفة بالآخر والصداقة والحب والاحتكام إلى اتيقا كونية وسلام عالمي بين الأديان؟
إلى أي مدى يصح حكمه على الإسلام على أن افتقاره لدولة أساسية معترف بها يزيد من حدة وعيه العام ولكن إلى الآن فلم ينم سوى بنية سياسية عامة بدائية؟ وهل من المشروع أن يقر بأن التقسيم بين الشرق والغرب علي المستوى الكلي يكون مرتبطا بصراعات شرعية بين المجتمعات المسلمة والآسيوية من جهة والمجتمعات الغربية من جهة أخرى وهي الصدامات الأخطر في المستقبل لأنها من ربما تكون نابعة من التسامح الغربي والتعجرف الإسلامي والإصرار الصيني؟ لكن هل بالفعل الغرب غير متغطرس والإسلام غير متسامح ؟ أليس القول النقيض ربما يكون هو الصحيح؟ وأليس من مصلحة الغرب أن ينتج الشرق هويته بتفتح وإبداع عوض تغذية نزعة الانتقام وردود الأفعال؟
ربما تكون دعوة رجوي غارودي شعوب العالم الى حوار الثقافات نداء إلى الأحياء وحرص صموئيل هنتغنتون على التنظير للصدام بين الثقافات والتحارب بين الدول هو قبولا بمصير الأموات.
المرجع:
صموئيل هنتغنتون، صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العلمي الجديد،ترجمة مالك عبيد أبو شهيوة و محمود محمد خلف، الطبعة الأولى طرابلس،1999