في صباح يوم الإجازة الباكر أحس منصور وهو بين الصحوة والنوم بزلزال عنيف يهز السرير هزات قوية ، وما هي سوى لحظة كلمح البصر حتى عرف أن الهزات ليست ناتجة عن زلزال ، إنما عن زوجته سعدية لمّا أدارت جسدها الضخم إلى ناحيته ، ما إن رأى من تحت اللحاف وجهها الكبير الأسمر المتجهم بتكشيرة حادة حتى سحب اللحاف وطمر به رأسه الأصلع وأدار جسده إلى الناحية الأخرى ، وترك أذنه مرهفة إلى أي همسة أو كلمة تفلت من لسانها ، لسانها الذي لا ينام في صحوتها أو نومها ، وألذ شيء عند منصور في الدنيا كلها هو نوم الصباح تاركا جسده للدفء يسري به ويخدره حتى يشعر بتنميل يدغدغ مفاصله ، فترتخي عضلات جسده وتلين كالعجين ، وهو يتمنى أن تتحول الدنيا بكل أزمانها إلى صباح طويل لا يفنى .. مدت زوجته كفها وسحبت عنه اللحاف ، وأخذ فمها الممدود شبرين يطلق الكلمات ويصوبها إلى طبلة أذنه ..
- هيا .. انهض .. لا وقت لدينا !
لكنه بسرعة خاطفة سحب اللحاف ثانية وغطى به رأسه ، وضم جسده وقوّسه حتى انكمش إلى النصف ، وثنى ركبتيه حتى كادتا أن تغوران في بطنه ، واستمات كفه وهو يمسك بطرف اللحاف ويقبض عليه بقوة كالكماشة كأنه يخوض معركة حياة أو موت .. يا قاتل يا مقتول .
ولكن هيهات له أن يكمل نومه ، فقد طار النوم من عينيه الضيقتين ، بعد أن حركت سعدية الستارة الداكنة للنافذة الزجاجية ، فتوهجت الغرفة بضوء الشمس الهادئ الوقور ، وخدش أذنه وعكر صفو مزاجه أنين المشط وهو يحرث شعر رأسها الطويل ألكث .. فراح في سره يلعن أباها ويلعن أبا اليوم الأسود الذي تزوجها به .. ثم تدحرج من فمه صوت خافت متدفق على دفعات كالثغاء :
- " يا وليه حرام عليك " الطيران الإسرائيلي يقصف الدنيا من الجو ، ويصب الموت على رؤوس العباد .. والمذبحة لم تنته بعد.. كيف سنخرج ؟
- يا راجل عيب عليك ! الشباب تقاتل وتستميت في القتال دفاعا عنا وأنت تخشى الذهاب إلى زيارة أختي في المشفى .. اخص عليك اخص!
- لكنني لست طبيبا ولست مقاتلا .. ماذا سأفعل هناك .. الدنيا مقلوبة !
- إنها أختي الوحيدة .. يجب أن نطمئن عليها ، بعد استشهاد زوجها قبل ستة شهور لم يبق لها أحد سوانا .. هيا نلحق موعد الزيارة .
تناولا طعام الإفطار ، وأسرعت هي إلى تبديل ملابسها ، وارتدت الجلباب ألكحلي الغامق ، قاصدة هذا الجلباب بالذات ، كي تغيظ منصور الذي دائما يكرر على مسمعها أنه لا يناسب وجهها الأسمر المليء بالكلف والنمش كخبز الصاج .. ولبس هو البذلة البنية الداكنة الوحيدة ، التي أهداها له أخوه الذي يعمل في الكويت قبل خمسة عشر عاما ، وظل محتفظا بها لا يلبسها إلا في المناسبات ، وقد صارت واسعة عليه فبدا معلقا بها ، بعد أن ضعف جسده ، وفقد الكثير من شحمه ولحمه مع مرور أيام الحصار التي امتصت ما يقارب نصف وزنه .
خرجا سوية من البيت ، بدأت الخطوات الواسعة لزوجته سعدية بالتهام الطريق بنهم أمامه وهو يلهث ويطيل خطواته كي يلحق بها ، فهي أطول منه وأسرع ، رغم حجم جسمها الكبير غير المتناسق بالكتل اللحمية البارزة المتهدلة ، وهو بالكاد تصل قمة رأسه إلى مستوى كتفها رغم أن حذاءه بكعب عالي ، فتقطعت أنفاسه و احمرت خدوده وهو يمد الخطوات محاولا اللحاق بها .. ولمّا تيقن أنها بعيدة لا تسمعه شتم بصوت واني كل النساء على وجه الأرض ، وراح لسانه يتمنى أن تحصد طائرات ألأباتشي أرواحهن في لحظة واحدة ، كي يرتاح منهن ومن نكدهن .. وما إن لفظ آخر كلمة حتى ظهرت في الأفق طائرة أباتشي وأخذت تطلق جحيم قذائفها على رؤوس الناس ، فالتصق منصور بزوجته سعدية مذعورا وتشبث بها وشبك ذراعه بذراعها ، محاولا التظاهر أنه ليس بخائف إنما هو يفعل ذلك ليحميها ويفديها بروحه ، أما سعدية فقد رفعت رأسها عاليا وبصقت بصقة شديدة كالقذيفة نحو الطائرة ، كأنها تريد إصابتها وإسقاطها ، لكن الهواء أعاد البصقة كاملة بلا أي نقصان إلى صلعة زوجها منصور ، فمسحها بمنديل ورقي كرمشه في جيبه من أيام فزاد لمعانها تحت أشعة الشمس الدافئة ، وغمغم منصور متذمرا لكنه لم ينطق ولو بحرف واحد ، وبدوره تجرأ وصار يسخر من الطائرة مصوبا نحوها وسطى كفه وهو ينظر إلى وجه سعدية مبتسما فرحا بانجازه ، وابتسمت هي له وهزت رأسها راضية ومشجعة ، وتابعا المشي بصمت حتى وصلا إلى المشفى .. صمت يمزقه هدير الطائرات والقذائف وطقطقة على الرصيف لحصوة قد التصقت بعقب حذاء سعدية .
وصلا متعبين منهنهين إلى المشفى ، لم يحن موعد الزيارة بعد ، فعليهما الانتظار بعض الوقت كي يتمكنا من الدخول إلى قسم الولادة ، جلسا متقاربين على كرسي خشبي طويل ، بجوار رجل عجوز بلحية بيضاء طويلة وعريضة ، تمتد وتغطي مساحة صدره الواسعة بين ثدييه ، وتصل أطرافها إلى حزام لفه حول وسطه ، يحمل بيده مسبحة طويلة أم مائة حبة ، يسبح وينقل بسبابته حباتها من جهة إلى أخرى ويهز جذعه هزات متناغمة مع صوت طرقعة اصطدام حباتها مع بعضها البعض.. أخذ منصور يحدث زوجته بصوت مسموع :
- الليلة حلمت حلما جميلا .. يا سلام ما أحلاه !
- ماذا حلمت ؟
- حلمت في النوم أن لنا دولة مستقلة وعاصمتها مدينة غزة .
- يا سلام عليك ! لماذا لا تكون عاصمتها مدينة رام الله ؟ .. آه .. أنا عارفه .. لأنني في الأصل من مدينة رام الله ، وأهلي ما زالوا بها .. أنت تكره أهلي وتكرهني .
- يا بنت الحلال حرام عليك ، أنا لا اكره احد .. غزة على البحر أجمل من كل الدنيا .. بذمتك أيهما أجمل مدينة غزة أم مدينة رام الله ؟
- والله مدينة رام الله أجمل ألف مرة .. إن كان هذا لا يعجبك فأنا سأحلم في الليلة القادمة أن رام الله هي العاصمة .
- إذن كل واحد يحلم لوحده كما يحلو له أن يحلم .. لا أحد يتدخل في حلم الآخر !
احتد النقاش بينهما ، كلمة منه وكلمة منها حتى علا صوتهما و لعلع بجعجعة مدوية ، غضب منصور وكاد أن يركب رأسه ويترك زوجته وحدها ليعود إلى البيت ، لولا الرجل العجوز بجانبهما الذي حدق إليهما بمهابة ووقار .. فأسرع منصور يستحلفه بصوت يدل على أن مرارته على وشك أن تفقع :
بدينك وما تعبد يا سيدي الشيخ .. كلامي صحيح أم لا ؟
وبدورها راحت سعدية تسأل العجوز مغتاظة ويكاد عقلها أن يطير :
- حلفتك بالله يا شيخ كلامي مضبوط أم كلامه ؟ بالذمة أليس كلامي هو الصحيح ؟
اطرق العجوز قليلا متمتما يقرأ المعوذتين ثم قال بصوت ممزق ممزوج بالألم كأنه يعتصره من فمه :
- أنتما على خطأ .. العاصمة ستكون القدس .. لكن هذا في وقته .
صمتا بعمق ، يحدقان عبر النافذة إلى طائرة تحوم في الأفق ، طائرة تبحث عن ضحاياها بين الأحياء .
جاء موعد الزيارة ، بذلا جهدا كبيرا حتى اخترقا الجموع الحزينة المحتشدة ووصلا إلى قسم الولادة .. بقي منصور ملطوعا في الخارج بناء على إيماءة من زوجته ، التقط فتفوتة خبز عن الأرض قبلها ولامس بها جبهته ثم ألقى بها لصق الحائط ، وتوجهت سعدية إلى الداخل فوجدت أختها قد ولدت مولودا ذكرا ، أمسكت المولود وفكت عنه الكافولة كي تتأكد أنه ذكر .. ما إن رأت عضو الذكورة حتى فقعت زغرودة قوية رنانة ، ثم وضعت كفها أسفل أنفها وفرقع فمها طابور طويل من الزغاريد ملأت بها كل فضاء المشفى والفضاء المحيط به .. نسيت لفرحتها حزن الناس على الشهداء والجرحى .. فأمسكت فجأة عن الزغاريد .
لمّا صارت مع أختها في الخارج طلبت من منصور الإسراع بشراء البخور ، كي تبخر المولود وأمه من الحسد ، وكي تبخر نفسها من عيون الناس .. ذهب منصور متلفتا وراءه مستغربا خشية زوجته على نفسها من الحسد ، لضخامة جسمها وكرشها المتدلي ومؤخرتها العريضة كالطبلية .
عاد منصور إلى البيت يحمل البخور فوجد المولود غارقا بدمائه إثر إصابته برصاصة كبيرة كالأزميل من قناصة طائرة إسرائيلية ، اخترقت الرصاصة جسد المولود وحافة قدم سعدية .. حمل منصور المولود وتأبط فأسا وراح يدفنه ودموعه تسقط على الكافولة البيضاء الحمراء بالدم وتمتزج به .. وبسبابته كتب على شاهد القبر الصغير : هنا ترقد جريمة .. ثم خلع حذاءه وأخذ يقذف به طائرة للعدو تحوم في الجو .. لكن الطائرة لم تسقط وظلت تحوم .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
- " يا وليه حرام عليك " الطيران الإسرائيلي يقصف الدنيا من الجو ، ويصب الموت على رؤوس العباد .. والمذبحة لم تنته بعد.. كيف سنخرج ؟
- يا راجل عيب عليك ! الشباب تقاتل وتستميت في القتال دفاعا عنا وأنت تخشى الذهاب إلى زيارة أختي في المشفى .. اخص عليك اخص!
- لكنني لست طبيبا ولست مقاتلا .. ماذا سأفعل هناك .. الدنيا مقلوبة !
- إنها أختي الوحيدة .. يجب أن نطمئن عليها ، بعد استشهاد زوجها قبل ستة شهور لم يبق لها أحد سوانا .. هيا نلحق موعد الزيارة .
تناولا طعام الإفطار ، وأسرعت هي إلى تبديل ملابسها ، وارتدت الجلباب ألكحلي الغامق ، قاصدة هذا الجلباب بالذات ، كي تغيظ منصور الذي دائما يكرر على مسمعها أنه لا يناسب وجهها الأسمر المليء بالكلف والنمش كخبز الصاج .. ولبس هو البذلة البنية الداكنة الوحيدة ، التي أهداها له أخوه الذي يعمل في الكويت قبل خمسة عشر عاما ، وظل محتفظا بها لا يلبسها إلا في المناسبات ، وقد صارت واسعة عليه فبدا معلقا بها ، بعد أن ضعف جسده ، وفقد الكثير من شحمه ولحمه مع مرور أيام الحصار التي امتصت ما يقارب نصف وزنه .
خرجا سوية من البيت ، بدأت الخطوات الواسعة لزوجته سعدية بالتهام الطريق بنهم أمامه وهو يلهث ويطيل خطواته كي يلحق بها ، فهي أطول منه وأسرع ، رغم حجم جسمها الكبير غير المتناسق بالكتل اللحمية البارزة المتهدلة ، وهو بالكاد تصل قمة رأسه إلى مستوى كتفها رغم أن حذاءه بكعب عالي ، فتقطعت أنفاسه و احمرت خدوده وهو يمد الخطوات محاولا اللحاق بها .. ولمّا تيقن أنها بعيدة لا تسمعه شتم بصوت واني كل النساء على وجه الأرض ، وراح لسانه يتمنى أن تحصد طائرات ألأباتشي أرواحهن في لحظة واحدة ، كي يرتاح منهن ومن نكدهن .. وما إن لفظ آخر كلمة حتى ظهرت في الأفق طائرة أباتشي وأخذت تطلق جحيم قذائفها على رؤوس الناس ، فالتصق منصور بزوجته سعدية مذعورا وتشبث بها وشبك ذراعه بذراعها ، محاولا التظاهر أنه ليس بخائف إنما هو يفعل ذلك ليحميها ويفديها بروحه ، أما سعدية فقد رفعت رأسها عاليا وبصقت بصقة شديدة كالقذيفة نحو الطائرة ، كأنها تريد إصابتها وإسقاطها ، لكن الهواء أعاد البصقة كاملة بلا أي نقصان إلى صلعة زوجها منصور ، فمسحها بمنديل ورقي كرمشه في جيبه من أيام فزاد لمعانها تحت أشعة الشمس الدافئة ، وغمغم منصور متذمرا لكنه لم ينطق ولو بحرف واحد ، وبدوره تجرأ وصار يسخر من الطائرة مصوبا نحوها وسطى كفه وهو ينظر إلى وجه سعدية مبتسما فرحا بانجازه ، وابتسمت هي له وهزت رأسها راضية ومشجعة ، وتابعا المشي بصمت حتى وصلا إلى المشفى .. صمت يمزقه هدير الطائرات والقذائف وطقطقة على الرصيف لحصوة قد التصقت بعقب حذاء سعدية .
وصلا متعبين منهنهين إلى المشفى ، لم يحن موعد الزيارة بعد ، فعليهما الانتظار بعض الوقت كي يتمكنا من الدخول إلى قسم الولادة ، جلسا متقاربين على كرسي خشبي طويل ، بجوار رجل عجوز بلحية بيضاء طويلة وعريضة ، تمتد وتغطي مساحة صدره الواسعة بين ثدييه ، وتصل أطرافها إلى حزام لفه حول وسطه ، يحمل بيده مسبحة طويلة أم مائة حبة ، يسبح وينقل بسبابته حباتها من جهة إلى أخرى ويهز جذعه هزات متناغمة مع صوت طرقعة اصطدام حباتها مع بعضها البعض.. أخذ منصور يحدث زوجته بصوت مسموع :
- الليلة حلمت حلما جميلا .. يا سلام ما أحلاه !
- ماذا حلمت ؟
- حلمت في النوم أن لنا دولة مستقلة وعاصمتها مدينة غزة .
- يا سلام عليك ! لماذا لا تكون عاصمتها مدينة رام الله ؟ .. آه .. أنا عارفه .. لأنني في الأصل من مدينة رام الله ، وأهلي ما زالوا بها .. أنت تكره أهلي وتكرهني .
- يا بنت الحلال حرام عليك ، أنا لا اكره احد .. غزة على البحر أجمل من كل الدنيا .. بذمتك أيهما أجمل مدينة غزة أم مدينة رام الله ؟
- والله مدينة رام الله أجمل ألف مرة .. إن كان هذا لا يعجبك فأنا سأحلم في الليلة القادمة أن رام الله هي العاصمة .
- إذن كل واحد يحلم لوحده كما يحلو له أن يحلم .. لا أحد يتدخل في حلم الآخر !
احتد النقاش بينهما ، كلمة منه وكلمة منها حتى علا صوتهما و لعلع بجعجعة مدوية ، غضب منصور وكاد أن يركب رأسه ويترك زوجته وحدها ليعود إلى البيت ، لولا الرجل العجوز بجانبهما الذي حدق إليهما بمهابة ووقار .. فأسرع منصور يستحلفه بصوت يدل على أن مرارته على وشك أن تفقع :
بدينك وما تعبد يا سيدي الشيخ .. كلامي صحيح أم لا ؟
وبدورها راحت سعدية تسأل العجوز مغتاظة ويكاد عقلها أن يطير :
- حلفتك بالله يا شيخ كلامي مضبوط أم كلامه ؟ بالذمة أليس كلامي هو الصحيح ؟
اطرق العجوز قليلا متمتما يقرأ المعوذتين ثم قال بصوت ممزق ممزوج بالألم كأنه يعتصره من فمه :
- أنتما على خطأ .. العاصمة ستكون القدس .. لكن هذا في وقته .
صمتا بعمق ، يحدقان عبر النافذة إلى طائرة تحوم في الأفق ، طائرة تبحث عن ضحاياها بين الأحياء .
جاء موعد الزيارة ، بذلا جهدا كبيرا حتى اخترقا الجموع الحزينة المحتشدة ووصلا إلى قسم الولادة .. بقي منصور ملطوعا في الخارج بناء على إيماءة من زوجته ، التقط فتفوتة خبز عن الأرض قبلها ولامس بها جبهته ثم ألقى بها لصق الحائط ، وتوجهت سعدية إلى الداخل فوجدت أختها قد ولدت مولودا ذكرا ، أمسكت المولود وفكت عنه الكافولة كي تتأكد أنه ذكر .. ما إن رأت عضو الذكورة حتى فقعت زغرودة قوية رنانة ، ثم وضعت كفها أسفل أنفها وفرقع فمها طابور طويل من الزغاريد ملأت بها كل فضاء المشفى والفضاء المحيط به .. نسيت لفرحتها حزن الناس على الشهداء والجرحى .. فأمسكت فجأة عن الزغاريد .
لمّا صارت مع أختها في الخارج طلبت من منصور الإسراع بشراء البخور ، كي تبخر المولود وأمه من الحسد ، وكي تبخر نفسها من عيون الناس .. ذهب منصور متلفتا وراءه مستغربا خشية زوجته على نفسها من الحسد ، لضخامة جسمها وكرشها المتدلي ومؤخرتها العريضة كالطبلية .
عاد منصور إلى البيت يحمل البخور فوجد المولود غارقا بدمائه إثر إصابته برصاصة كبيرة كالأزميل من قناصة طائرة إسرائيلية ، اخترقت الرصاصة جسد المولود وحافة قدم سعدية .. حمل منصور المولود وتأبط فأسا وراح يدفنه ودموعه تسقط على الكافولة البيضاء الحمراء بالدم وتمتزج به .. وبسبابته كتب على شاهد القبر الصغير : هنا ترقد جريمة .. ثم خلع حذاءه وأخذ يقذف به طائرة للعدو تحوم في الجو .. لكن الطائرة لم تسقط وظلت تحوم .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.