أستيقظ فجأة على أصداء أصوات غريبة ، إنها الثالثة صباحا ، هناك أصداء لأرجل تمشي بحذر .. ينتابني خوف شديد ، إن آخر شيء كنت أتوقعه ، هو أن يقتحم اللصوص بيتي في هذه المدينة الهادئة ، يشل تفكيري وأعجز عن اتخاذ موقف معين .. تقترب الأصوات ، لا شك أنهم داخل البيت ، ولكن كيف تمكنوا من دخوله وكل الأبواب والنوافذ مغلقة ؟ لابد أن أدافع عن نفسي .. أقوم بخطوات خفيفة وأقف خلف الباب ، كنت أشعر بخوف شديد .. فجأة دخل فرد الغرفة بحذر كبير وهو يصوب آلة ما وعليها مصباح نحو فراشي ، استجمعت كل شجاعتي وارتميت عليه ، كان قوي البنية وكنت متشبثا بقوة برقبته وهو يصرخ .. وفجأة امتلأت الغرفة برفاقه وانهالوا علي ركلا وضربا ورفسا ، كانوا جميعا يحملون بنادق ، وكنت مذهولا ، مرعوبا .. كانت الدماء تنزف من فمي وأنفي ، سلط أحدهم ضوء مصباحه على وجهي :ـ إنه هو ـ خذوه
كنت مأخوذا بما يحصل من حولي ، خيل إلي أن الأمر كابوس ، ولكن الآلام المنتشرة في جسدي تكذبني .. وضعوا ( عصابة ) فوق عيني وكبلوني .. استجمعت قواي وصرخت طالبا النجدة ، فأحسست بضربة قوية ارتج لها رأسي ومادت بي الأرض.
بدأت أسترجع وعيي تدريجيا ، كنت أحس بآلام في مختلف مناطق جسدي .. فتحت عيني .. أعدت إغلاقهما ، وفتحتهما مرة أخرى بقوة غير مصدق .. أنا معلق من رجلي إلى سقف غرفة ما ، تتضمن نوافذ كبيرة ، مضاءة بمصباح قوي ، كان في الغرفة رجل بلباس الأمن .. لم أدر ماذا انتابني لحظتها ، فرحت في الوهلة الأولى ، ثم راودني الشك .. لا يمكن أن يكونوا رجال أمن ، هذه أفعال العصابات والمجرمين ، أما الأمن في بلدنا الديمقراطي ، بلد الحريات والحق والقانون ، فلا يعتقل الناس بهذه الطريقة ، في جوف الليل ، هناك قانون في البلد ...
ـ من أنتم ؟ ماذا تريدون مني ؟
ـ نحن من نسال يا ابن الزانية وأنت تجيب مفهوم ؟
ـ مفهوم .. مفهوم...
ـ هل تعرف صاحب الصورة ؟
ـ لا
ـ تكذب يا بن الزانية ، تكلم وإلا جعلتك تبتلع برازك
ـ يا سيد أنا لا علاقة لي بمشاكلكم ، لا شك أن هناك خطأ ما
يقهقه الرجل طويلا ، ثم يستعيد وجهه عبوسه وتجهمه
ـ مشاكلنا ؟؟ تحاول أن تتذاكى معنا ، سوف أعلمك الأدب يا ابن الزانية
غادر الغرفة ، ودخل رجلان بلباس مدني
ـ لنحل هذه المسألة سريعا ، وستعود إلى بيتك في الحال
ـ أية مسألة ؟ ومن أنتم بالضبط؟
ـ نحن من نسال أيها الوغد .. ما علاقتك بالسوري ؟
ـ أي سوري ؟
ـ تتحاذق يا ابن الكلبة ؟
وشرعا في ضربي بعنف في مختلف مناطق جسدي وأنا أصرخ من الألم
ـ أخبرنا أين تخفي الأسلحة يا ابن الكلبة ؟
ـ أنا لا أعرف أي شيء اقسم لكم
ـ تكلم يا ابن الكلبة .. ( تفو)
ويعاودان ضربي بوحشية بالغة
ـ تكلم وإلا دفناك حيا ، تكلم ، تكلم يا ابن الزانية
يدخل الرجل بزي الأمن آمرا الرجلين بالتوقف ، كنت أحس أني على حافة الموت ، فلم يسبق لي أن تلقيت كل هذا الكم من اللكم والرفس في مختلف مناطق جسدي ، أنزلاني وفكا وثاقي بأمر من رئيسهما .. لم أقو على الوقوف ، كانت قواي خائرة ، ورغم كل ذلك ما زلت غير مصدق لكل ما يحدث ، لا شك أنه أسوأ كوابيسي على الإطلاق.
ـ نعتذر منك يا أستاذ محمد ، لقد حدث سوء تفاهم
أردت الكلام ولكن قواي كانت جد خائرة ، رفعني الرجلان ، وأجلساني على كرسي ، وتابع رجل الأمن:
ـ لقد تم إلقاء القبض على الرجل المطلوب قبل قليل ، يمكنك الانصراف الآن !!!
خالد الخراز
المغرب