عندما قررت – عن سبق إصرار وترصد – أن أختلي بك الصباح المحاط بالشتاء ، احترت ، أيَّ بداية مشروعة سيكون لها الحق في جمع شتاتي والأخذ بيدي كحارس شخصي , تحميني من الفواصل المنتشرة ومن علامات التعجب هنا وهناك ومن المفاجآت التي دائما أعرف أن اللغة تخبؤها لي بين كل سطر وسطر !
أي بداية ستكون شعلةً لقاء صباحي أحد أطرافه سيكون بعيدا من أرض اللقاء ..؟
هل أرجع إلى نصوصي المحنطة في الصفحات لأفتش عنها عن بداية ((معلبة)) جاهزة , تصلح لأكثر من استخدام بعد أن يتم تسخينها على بعض مشاعري الصباحية ؟ أم هل أجلس – على عجل – خلف لوحتي لأقول لك :
اكتب إليك هذا الصباح وقد طاردني الصقيع في الخارج فقررت أن أحتمي بك , وان أجلس قبالةَ مدفئة حضورك لألتقط أنفاسي بين أحضانها , ولأحدثك عني وعن يومي وحتى عن ذلك البيت الشعري الذي قرأته لنزار قباني عن غير سابق موعد :
{كم صار رقيقًا قلبي حين تعلم بين يديك
كم كان كبيرًا حظي حين عثرت يا عمري عليك}
وكم كنت مستاءً منه !! فإلى متى وهذا الرجل يسرق مني كلّ كلماتي وكل صوري الشعرية ؟ أكلما فكرت في هدية صباحية أو مسائية أجده قد سبقني إلى الباعة المتجولين ليخطف منهم باقاتٍ من الجمل وورودا من الصباح , ثم ينجو بفعلته مني ومن أي ملاحقة قانونية من حقها أن تسترد لي حقوقي ..!
..
مر وقت ليس بالقليل على آخر زيارة بيننا, وها أنا أعود إليك لألقي عليك تحيتي الصباحية بشكل عفوي أكثر وتلقائي أكثر فاعذري جُملي إن بدت عارية من الدهشة وإن جاءت ثائرة على كل تنميق , فزيارتي الصباحية هذه بعيدة كل البعد عن بروتوكولات اللقاءات الرسمية , فلم أتعمد ان أرتب هندامي قبل لقائي بك , ولم أغرق جسدي بالعطر , ولم أقف طويلا أمام المرآة لأتخيلني مرتميا في كامل دفئك.
لم أفعل شيئا من ذلك .. وكل ما في الأمر أني رتبت نفسي على عجل وألقيت بكل كلماتي الصباحية المنمقة في درجي ذاكرتي ثم أتيت إليك أرتدي معطفا من التلقائية في الكلمات .. لأقول لك :
"صباحك سكر"
وسأسرق من نزار هذه المرة ولتكن واحدة بأخرى .