
لنحدّد أولا ارتباط هذه القضية بواقعنا المعيش:
إن واقعنا ولكثرة ما فيه من أحداث متصارعة متسارعة في آن, على اختلاف أنواعها, تدعو الروائي دائما إلى الكتابة عنها والمتح منها. والفن مهما يكن نوعه يكون صادقا فقط وفنا فقط حين يستطيع أن يعبر عن الواقع المعيش بطريقة فنية, وكي يعبّر عن هذا الواقع بفنية عليه أن يخوض في هذه الأحداث السريعة/ الساخنة, وأن يوازن بينها وبين المتخيّل, وهذا أمر في غاية الصعوبة, يتطلب معرفة ودراية كبيرة في أصول اللعبة الروائية. وفي مجتمع كمجتمعنا وفي ظروف كظروفنا نجد أن الرواية دائما تخاتل طموح كتابة التاريخ الفني للمخاض السياسي/ الاجتماعي في فلسطين- إبان النكبة, قبلها, في خضمها, بعدها, ومحليا أيضا-, وهذا أمر من الممكن أن يشكّل منزلقا للكتابة الروائية في ظروفها الاجتماعية المعيشة. فعلى الكاتب- أي كاتب- أن يحذر التاريخ, وأن يعرف كيف يقيم توازنا بينه وبين الإبداع, إذا أراد فعلا كتابة رواية فنية. وكم كان محقا ذلك الكاتب المفكر المغربي- عبد الكبير الخطيي- حين قال: "التاريخ هو الوحش المفترس للكاتب", وهو يقصد بذلك أن صوت التاريخ –الواقع- الايدولوجيا, حاضر على الدوام في شغاف قصصنا, يتأدى بطرائق وأساليب مختلفة متنوعة , جهيرا حينا- خافتا حينا آخر.