أنفاسلقطات من السيرة الذاتية لسيغريد أوندست (1882_1949)
سيغريد أوندست، كاتبة نرويجية حصلت على جائزة نوبل في الآداب عام 1928 ، واشتهرت بكتاباتها حول نمط الحياة في الدول الإسكندنافية خلال العصور الوسطى. كانت بداية انطلاقتها في كتابة الرواية  تتركز حول الموضوعات المعاصرة وبالتحديد حول مشاكل النساء اللواتي  يعشن في المدن. أغلب بطلات رواياتها يواجهن عواقب مأساوية حين يكن غير مخلصات لحقيقة ذاتهن الداخلية أو التحدي المثالي للأدوار التقليدية لكلا الجنسين.
روايات سيغريد التاريخية كانت ترتكز على محور أساسي وهو الحياة الجنسية والمشاكل النفسية المشتركة لكلا الجنسين، وبطبيعة الحال تتبادر اعتراضات إلى الأذهان في هذا الصدد  عن هذه الكاتبة التي كانت كتاباتها أكبر من كلامها وتكره تحديدا أن تتحدث عن نفسها.
ولدت (سيغريد أوندست ) في مدينة ( كالوندبورغ ) في الدانمارك، وهي ابنة (انجفالد) عالم الآثار،و أمها (أنا شارلوط) ابنة محامي دانماركي. تأثرت (أوندست) بوالدها فأصبحت لديها نظرة ثاقبة فيما يتعلق بالقصائد القصصية و المثيولوجيا وأساطير تاريخ العصر الوسيط في الدول الإسكندنافية. وأخذت من أمها نظرة واقعية للحياة بصفة عامة، لكنها لم تشارك قط أمها في مواقفها الإنتقادية تجاه الدين. انتقل والداها إلى (كريستيانيا) التي سميت فيما بعد أوسلو وأصبحت العاصمة النرويجية ، وكانت أنذاك تبلغ سنتين من عمرها. توفي أبوها سنة 1893 وكان لذلك  تأثيره السلبي على حياتهم الاقتصادية.
استطاعت الكاتبة (سيغريد) أن توصل أفكارها من خلال كتاباتها. يقول الكاتب "بروس باور" في جريدة نيويورك تايمز: " إن الروائية سغريد الإسكندنافية وشخصياتها الروائية مثل النرويج نفسها، نصف روحها ينتمي إلى الفايكنغ والنصف الثاني يتمزق بين مغامرات جريئة ورفض الذات بشدة. أن أعمال الروائية سيغريد، يعكس جمال وشفافية الشعر للنرويج القديمة. إن الوعي المجازي للطقوس الكاثوليكية تهيمن عليها بشدة وباقتناع متحقظ تلخص في جملتها الأخيرة، في رواية " الأساطير الأرثورية" قصص حول الملك أرثور، تقول : بالنسبة للعادات والأخلاق فهي دائما تحت قيد التغير بمرور الوقت ، كما أن معتقدات الناس تتغير،  كطريقة تفكيرهم حول الأشياء، لكن قلوب الناس تبقى كما هي لا تتغير، عبر كل الأيام وإلى الأبد".

أنفاسماذا تريد من قصتك القصيرة أيها القاص المغربي ؟
سؤال سعينا من خلال طرحه على أقلية هائلة من القصاصين المغاربة ، إلى القبض على الهدف من كتابة هذه الكبسولة القصصية ، وتقريب القارئ من مائها
محمد منير
المساهمة في بناء العالم من حولنا ...:
لماذا نكتب أصلا ؟
هذا السّؤال المطبّ يكشف عن أغوار من يعاني حالة الكتابة و يكابد معاناتها و عذاباتها كي يعانق الانعتاق و لا يسقط في العتمة و التهميش ، بذلك تصبح الكتابة فعلا مؤسسا / فاعلا في النهوض بنا و إخراجنا من التخبط في اللاشيء و المساهمة في بناء العالم من حولنا ...
كيف نكتب ؟
هو السّؤال الحارق الثّاني ؟
شعر ؟ نثرا ؟ أم الاثنان ّ؟
نأتي للسؤال الذي انبثق عنه هذا الحوار: لماذا أكتب القصّة ؟
و لمَ لا أكتبها ؟ ربّما هي مرحلة ما قبل الرّواية ...
لا تنس أنني أرسم بالرّيشة و بالكلمة، تنبثق كتاباتي من رحم الألوان.
لعلّ القصّة القصيرة ، تحضير للمرحلة الحاسمة ، الرواية و بذلك تكون المساحة أكبر للتعامل مع
قضايا الإنسان و متحدّياته ، لعله الشعر ضاق بي أو ضقت به ، فخرجنا معا للبحث على مجال أرحب ، يستوعب لحظة نهوضنا معا ، نحضن اللغة و نصنع الحلم ...

أنفاسحيدر حيدر،‏ أديب من فصيلة النسور.‏
ميزته ميزتان: حياته، وأدبه.‏

كلاهما كتابٌ يقرأ المرء في ضفتيه حياة رجل، وحياة أدب. حياة رجل أحبّ الصعب فتبعه، فكان مثالاً لكائن دمه رحيل وانتظار ومعنى، وروحه توقٌ للنائيات العواصي. وهجسه إدارة الظهر لنداءات الحياة الرخية. آخى الليل لقناعته أن الضوء خدين المساهرة، وعايش المنكوبين الحزانى الباحثين عن (إثياكاهم) فمشى في دوربهم الوعرة، وقاسمهم الغربة والمنفى والهجر لإيمانه الجوهري بعدالة قضيتهم، لم يكن شبيهاً بـ همنغواي أو لوركا، أو رامبو.. كان شبيهاً بـ حيدر حيدر تفرداً، وامتيازاً، وعزلة. رضي بالقليل من أجل المبادئ الكبيرة، وجار على نفسه ورغائبه وهو شاب في أول شروقه استجابةً لنفس جبارة رأت في ترف الحياة ورغدها زبداً أو دبقاً ليس إلا! وهو الذي عايش كبار أدباء سورية وهو منهم، فإن بحثت عن الريادة ستجده في مربعها الذهبي، وإن بحثت عن الأصالة ستجده أحد صانعيها، وإن دخلت مدونة الثقافة ستجده أحد شيوخها.. فُتحت أمامه أبوابٌ وساحات، وفُرغت لـه المطارحُ، والأمكنة الوسيعة المريحة، فنحاها.. لكي يذهب إلى الخنادق، والقواعد الفدائية.. ترك الموائد كي يقاسم الحزانى المنكوبين طعامهم في علب السردين والتون، والتي حالما تفرغ (كم كانت تفرغ سريعاً!).. تصير أكواباً للشاي الساخن الذي تعلوه طيوف الزيت، كما قاسمهم لباس (الفوتيك) الأخضر معنىً في الصيف والشتاء. رجل طوى حياته، كما طوى الفصول والمناسبات.. وعلقها على حلم استعادة الفلسطينيين لبلادهم، وتاريخهم، وحلمهم. لم يكن جيفارا، ولا سيمون بوليفار، وإنما كان حيدر حيدر الذي وهب سنين حياته الزاهية لنضال صعب ومرّ ستكتب حكايته مدونةُ التاريخ الصادقة.‏
أما حياة الأدب، فهي الحديقة السرية التي عاش فيها حيدر حيدر ليكتب لنا قصص البراري، والوعول، والرعويات الأولى، والعطش الأزلي للضوء، وأسطورة الأزمنة الموحشة، والرغائب التي تنادي بالفيضان أو الطوفان وقد فجعت باليباس العميم، وليروي لنا، كشاهد عصر، عن الكائنات الهجينة التي راحت تلتهم وتلتهم فلا ترتوي أو تشبع، كائنات استحواذية أشبه بقطع الإسفنج.. تأتيك ناشفة (فتغط) ثم تخرج ريانة، تفرغ ريها ليس لحمد، وإنما لكي تعود ناشفة مرة أخرى. أفزعته لزوجة الزيت الذي صار سيداً على حيواتنا، ومُوجوداً لحقبنا.. فهجا الزيت اكتشافاً، واستخراجاً، وبيعاً، وتبعات.‏

أنفاس لقد اقترن الشعر الحديث بضياع الإنسان في عصر الآلة، ومن ثم سعى الشعراء الحداثيين إلى خلق حساسية جديدة، وتصور جديد للواقع الذي أصبحوا محكومين به. ومن هذا المنطلق دعوا إلى النقمة على العصر الذي يسير نحو تدمير كينونة الإنسان ووجوده، والتصدي لكل ما من شأنه أن يهدد طمأنينة النفس والوجدان. ولهذا طغى الحس النقدي الساخر من العالم، والدعوة إلى انتهاك أعراف الإذعان المألوفة.
وقد شكلت المدينة باعتبارها ثمرة التطور الذي قاد إليه النظام الرأسمالي بقيادة البورجوازية الوطنية في أوربا إلى ظهور حساسية جديدة لدى الشعراء الطليعيين الذين وجدوا أنفسهم سجناء فضاءاتها الواسعة، وغير طلقاء بين واجهاتها الخادعة؛ ولذلك راحوا يبحثون عن مظاهر الزيف فيها حتى وصلوا إلى تبني مواقف معادية لها باعتبارها سالبة للحرية المطلقة التي كان ينشدها الشاعر.
أما على المستوى العربي، فقد اتخذ موضوع المدينة في المتن الشعري لشعراء الحداثة اتجاهين اثنين:
الأول: كان أصحابه قد وقعوا تحت تأثير شعراء أوربا، وأعادوا نفس تصورهم لمدنهم، مع فارق جوهري لم يدخلوه في حسبانهم، وهو الفرق الشاسع بين المدينة كإنجاز حضاري صناعي تجاري مالي واجتماعي في أوربا، وبين وضع المدينة كحشد سكاني ممسوخ ليس إلا في الواقع العربي.
الثاني: كان أصحابه منساقين لإيديولوجيا رافضة لفضاء المدينة كسالب للحرية، وكعائق للانطلاق نحو قيم مدنية جديدة تقطع مع ثقافة الوصاية والإذعان التي لازال حراسها يطوقون شوارع المدينة ليحرموا أبناءها الهدوء والسكينة، والتمتع بالقيم الليبيرالية الجديدة. ومن ثم ألح الشعراء على أن المدينة العربية ما هي في حقيقة أمرها سوى فضاء للهموم والفواجع، للعذاب والغربة والتشرد، إنها الوجه الحقيقي لتصور السياسيين للوظيفة التي يجب أن تضطلع بها المدينة، وتتمثل في مسخ إنسانية الإنسان، وملاحقته وتدجينه.
ومن هنا اقترنت المدينة في المتن الشعري الستيني في سورية بالوطن.

أنفاسلعل القارئ المعاصر يعاني من الصعوبة في اكتشاف جوهر الرواية التي يطالعها .. لان ((الرواية ليست شريحة من الحياة . بل إنها قطعة من الفن لها نظائر )) .. فالرواية قصة طويلة .. تسرد حكاية / قصة واحدة أو أكثر .. وقد تكون قصة إثارة بحتة كالرواية البوليسية .. أو الرواية الفنطازية . أو قصص الخيال العلمي .. أو الرواية التي تهتم بالشخصيات .
ليست ثمة حدود توقف الرواية .. لقد وصفها هـ . ج . ويلز. بـ (( الكيس))حيث يقول : (( يمكنك أن تضع فيه ما يعجبك )) .. لأنه يمكنك أن تكتب عن أحداث تعود لقرون خلت .. وباستطاعتك أن تكتب عما يحدث في المستقبل .. والذي قد لايرى النور أبدا .. لك أن تكتب عن إنسان يصل أي كوكب تشاء ويحيا فيه ويعاشر أهله .. أو أن تجعل كائنات من تلك الكواكب تغزو الأرض وتجعل أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ! .. لكن الرواية تبقى طريقة للكتابة عن الشؤون الحياتية المعاشة وعن الإنسان الحاضر بغض النظر عن توظيف الماضي والمستقبل والمتخيل فيها .
    لابد للرواية من بداية تدعو إلى إثارة الاهتمام من خلال شخوص متميزين .. وأحداث تمغنط القارئ .. الرواية البارعة هي التي تجعل القارئ لايغذ السير بها بأقل من إيماءة مذهلة .. عندما يحيط الروائي بالخطوط العامة لروايته، وإنضاجها على نار هادئة في تنور ذهنه .. وليس جيداً أن يمتلك التفاصيل منذ البداية .. لان الروائي يعد (( القارئ الأول )) لروايته .. وكأي قارئ آخر .. حاجته ماسة إلى الاستمتاع والدهشة .
    أن كتابة الرواية ليست بالضرورة مجرد حكايات تسرد عن الناس .. ما لم تضمخ تلك السرود بالعبق الإنساني وتسربل تلك الحكايات بأثواب تركيبية فنية ، والشخصية ليست مجرد كائن يتحرك كما الناس العاديين .. مالم تشكل بعداً فكرياً أحيانا . أو تتشح بسربال يمثل وجهة نظر ما . بتعبير اخر أن الروائي قد يلتقط شخصية حقيقية .. ويجري عليها المزيد من التعديل والتحوير ، لكنه يبقي على العنصر الأساسي فيها .. (( أن الشخصية مزيج من الابتكار والحقيقة )) .. وله أن يلصق بها نتفاً من كائنات بشرية أخرى .. مثلما يضيف لها من نفسه بوعي  أو بدون وعي .. (( قد تكون الرواية جزء من تجربة تكشف حياة المؤلف .. وتثري إحساسنا بها )) .

أنفاسالبحور العربية لا يمكن أن تتهاوى او تُزال بجرَّة قلمٍ من أناسٍ لا يدركون أسرارَها العميقة تماماً ولا يفقهون بالتالي أسرار اللغة العربية , والمبدع الحقيقي هو مَن يكتب للتأريخ .
وأودُّ أن أوضِّحَ أمراً أراه مهمَّاً وعلى صلةٍ بهذا الموضوع ألا وهو مصطلح الأجيال فما يُقلقُ الكثيرَ من شعراء اليوم او المحسوبين على الشعر ليس الإبداعَ وإنما كيفية العثور على سبيلٍ للإنتساب الى الشعراء الرُوّاد وكأنها تميمةٌ تحفظ حامليها من مخاطر السقوط في مهاوي النسيان ومن هنا كان الإقتتال المُخْجِل بين العديد من القبائل وظهرتْ بشكلٍ لافت ٍ للنظر ( أنطولوجيات )  كثيرة للشعر العراقي والعربي تدعوك الى التهكُّم من شدَّة تباينها بل وتناقضها وإلصاقِ أشباحٍ لا تملك حتى أُولى مستلزمات الكتابة الشعرية كالإحاطة بالعروض والتمكُّن من اللغة والنحو وقبل هذا وبعدهِ تنمُّ عن انعدام الموهبة  , والأكثر إستغراباً أنّ العديد من واضعي هذه الأنطولوجيات هم ليسوا بشعراءَ أصلاً ومع هذا تطلُّ عليك أسماؤهم من داخل هذه الإضمامة الجهنمية  وتُتَرجَم نماذجُ من) أشعارهم ) الى اللغات الأخرى بل وبعضهم يكتبون بلُغاتٍ أجنبيةٍ ما يظنونه شعراً بينما هم لا يعرفون كتابة الشعر بلغتهم الأُمّ !
فأية إساءةٍ تُقدَّم الى الشعر العربي ووجههِ الناصع حينما تُقدَّمُ هذه التفاهة الى القاريء الأجنبي من خلال حشدٍ من الإمَّعات باعتبارها خلاصةً للشعر العربي الحديث .
إنَّ الشاعر الحقيقي يرفض أن ( يُبَوَّب ( أضِفْ الى ذلك أنَّ هؤلاء منذ البدء كانت لهم منابرهم الصحفية المقتصرة على مجموعة لا تتبدَّل ولا تتحوَّل إلاّ بقدر ما يتطلَّبه المزاج .
وعودةً الى مصطلح الأجيال أقول :
في الميثولوجيا الشعبية هناك حكايةٌ او حادثة طريفة تُنسَب الى فرعون وبعضهم ينسبها الى الإسكندر الكبير  , تقول الحكاية أنّ فرعون على جبروتهِ قتَلَتْهُ بعوضةٌ او ذبابة إذْ أنها دخلتْ أذنَهُ فَحُشِرَتْ هناك فلم يستطع هو ولا أطبّاؤه ولا سَحَرَتُهُ إخراجَها فكان طنينُها المتواصل في رأسهِ يمنعهُ من الإستقرار في مكانٍ واحدٍ وفي الختام طلَبَ من أتباعهِ أنْ  يستمروا في الضرب على رأسهِ بقبضاتهم وأحياناً بالعصيِّ وغيرها ففي تلك الحالة فقط كان يحسُّ بالهدوء والراحة !

أنفاسيشهد التجريب المستمر في الفن و الأدب العربيين على النمو والإدراك الواعي للتغيير عند الفنانين و الأدباء لا من أجل الانفصال عن الحقب السابقة فحسب، بل لتأكيد قدرة الذات على الإبداع والتفوق في ظل إيقاعات الزمن المتلاحقة، والتطور المذهل في النمو المعرفي، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والاستجابة الايجابية لمظاهر التغير عند مختلف الشرائح الاجتماعية، و لذا انعكست آثار هذا التجريب في أعمال الكتاب  والفنانين من خلال الحركات الفنية و البيانات الأدبية يصدرها الكتاب و الشعراء بين وقت  وآخر توضح أبعاد و آفاق أعمالهم الفنية.
و قد جاء هذا التجريب في مرحلة انتقال عاشتها الثقافة العربية، و هي مرحلة بالغة التعقيد في ظل صراعات وطنية لا زالت مستمرة من جهة، و في ظل علاقة هذا الانتقال بالنموذج الذي قدمه الأدب و الفن الغربيين من جهة أخرى.
و من هنا، كانت المرحلة الشعرية في طرحها الأساسي- كما يذهب إلى ذلك " إلياس خوري: " جوابا أو محاولة جواب على تقنين الشعر وقوليته،  لكنها، منذ البداية، لم تكن موحدة على المستوى الإيديولوجي. ففي منبريها الرئيسيين: "الآداب" و "شعر" ثم في منابرها المتعددة - بعد ذلك- كان واضحا مدى الاستقطاب الإيديولوجي و السياسي الذي تتعرض له. فالمنبر/المجلة، هو جواب داخل ظرف محدد. إنه موقف، وهو مسيس بالضرورة. لذلك كانت المعركة الرئيسية بين "الآداب" و "شعر" تعبيرا عن خيارات سياسية محددة و انتماءات ثقافية بدت مختلفة ".(1)
هكذا دخل الشعر العربي افق تجربته عبر معاناة طويلة و معقدة، و قد مر هذا الانتقال الشعري بمراحل تبدو في الواقع و كأنها محاولة سريعة أو متسرعة لاستعادة تاريخ الشعر الغربي وحرق مراحله انطلاقا من حركة الإحياء ثم الحركة المجهرية التي أنتجت اللغة الجبرانية وصولا إلى "الديوان"  و "رومانتكية أبوللو" و "رمزية  أديب مظهر" وغيره.

أنفاسفي البدء ، لا بد من الاعتراف بأن النصوص التي تحرّضني على اقتراف خطيئة الكتابة الأخرى قليلة ونادرة..  ولعل كسلي في كتابة ما يسمى بــ (القراءات العاشقة)، والاكتفاء بالتلصص على نصوص الآخرين من بعيد، يعزى إلى عدوى خمول النقد. 
محاسن الحمصي كاتبة أردنية تؤسس- بصمت، وبلا ضوضاء-   مملكتها السردية الخاصة.  خبرت كتابة المقال السياسي والأدب الساخر والخواطر، ومؤخرا اتجهت إلى مملكة السرد  الغاوية.. 
قصة :" ويطول الدوار...!" تكشف زيفَ واقع بائسٍ، مازالت تعاني فيه المرأة  من معاملتها كجارية مما ملكت الأيمان..  دون أن تسقط كاتبتنا في فخ  توظيف كلمات تدغدغ مشاعر رخيصة لدى القارئ!!
سرد يفضح سلوك الرجل الشرقي، وتوقه إلى احتواء بقية الأجساد، وفي المقابل يطالب قرينته بالإخلاص...
على لسان البطلة كتبت المبدعة محاسن الحمصي :
" ملف جديد ، أراه لأول مرة، تعبث يدي به عن غير قصد ، يغلي التوتر في أعصابي ، ويتسلل إلى صدري الخوف .. إنه ( حدس ) المرأة !
صور ..
صور ..
صور نساء ماضِيهِ ، وبأوضاع حديثة .. السمراء والشقراء ، الجميلة والقبيحة ، النحيلة والبدينة ، جمعها في ملف وأخفاها عن عيني؟؟
لم تمض أسابيع على آخر نزوة ..!!
 - تخبرني أنك دفعت ثمن ساعة مع ( ....) تلامس اللحم الحرام لتثبت وفاءَك ؟
- لا أخفي عنكِ حقيقة ، أجل حاولت .. وعدت إلى عشنا الهاديء أكثر حبا واقتناعا أنك الأطهر ،الأنقى ، والأجمل" ...
لكن  الساردة لا تكتفي بالسلبية والصمت الانهزامي  خوفا على عشّها، وحتى لا تـُشهرْ في وجهها البطاقة الحمراء،بلغة حكام كرة القدم.. بل تدافع عن حقها المشروع في الحب والوفاء أيضا: