رحم الله الفنان الكبير جعفر السعدي الذي كان يردد مقولته الشهيرة [عجيب أمور غريب قضية]على خشبة المسرح كلما واجه موقفاً أو حدثاً غريباً، فكل الذي يجري في العراق اليوم غريب كل الغرابة، ويثير العجب العجاب، بحيث تنطبق عليه مقولته المشهورة تلك تمام الانطباق .
فالقيادة الكردية المتمثلة بحزبي البرزاني والطالباني في واقع الأمر قد أقامت دولتها المستقلة في كردستان العراق بكل ما تعنيه كلمة الاستقلال من معنى ، حدود محكمة لا يمكن تجاوزها إلا بموافقة أجهزتهم الأمنية، حتى يتخيل العراقي الذي يروم السفر إلى المنطقة وكأنه مسافر لدولة أجنبية وتتطلب جواز سفر أو جواز مرور.
دولة لها رئيسها وحكومتها ودستورها وبرلمانها وجيشها وعلمها الخاص، وترفض رفع علم العراق الذي سكتت عن إبداله بعلم آخر ليكون ذريعة لها برفع علمها، ورفض العلم العراقي في الوقت الذي كان ولا يزال بإمكانها فرض تغيير العلم العراقي الذي تسميه علم صدام، وهم الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان مع حلفائهم قوى الإسلام الطائفي الشيعي، وهذه الحقيقة لا تعدُ عن كونها كلمة حق يراد بها باطل.
وهم يتصرفون في ثروات البلاد النفطية في المنطقة الكردية بمعزل عن وزارة النفط، ويعقدون الاتفاقات الاستثمارية مع الشركات الأجنبية على الرغم من معارضة الوزارة لمخالفته للدستور، بل لقد بلغ بهم الأمر إلى تحدي وزير النفط والتهجم عليه ومطالبته بالاستقالة، فأي فيدرالية هذه أيها السادة ؟؟
وفي الوقت الذي يدّعون بالتمسك بما يسمونه بالعراق الفيدرالي، وينكرون توجهاتهم الانفصالية، فإنهم يمارسون بشكل عملي ممنهج عملية الانفصال ووضع كل الحواجز بين المواطنين الكرد وسائر إخوتهم العرب والتركمان والآشوريين وبقية الأقليات الأخرى .
فقد تم إلغاء اللغة العربية في المدارس الكردية، وجرى رفع كل أثر للغة العربية على سائر اللافتات للدوائر والمحلات والشواع، بحيث أصبح الجيل الجديد في المنطقة الكردية لا يعرف عن العربية شيئا، ويجري تعزيز الحاجز النفسي بين المواطنين الأكراد، وإذكاء النعرة العنصرية الشوفينية، والكراهية بين ابناء القوميتين بدعوى ما أصاب الكرد من ظلم واضطهاد من قبل العراقيين العرب، فكأنما الظلم قد وقع على الكرد وحدهم دون غيرهم، متجاهلين عن عمد ما أصاب العراقيين العرب من ظلم النظام السابق، وبقية الأنظمة الأخرى، فما دفعه العراقيون العرب أضعافاً مضاعفة لما دفعه الكرد سواء في حروب الدكتاتور صدام حسين الإجرامية، وفي قمع انتفاضة الشعب عام 1991، و في دهاليز المخابرات الصدامية التي كانت تعج بالشيوعيين، وعناصر حزب الدعوة، والقبور الجماعية التي ضمت أجداث مئات الألوف من الوطنيين العراقيين العرب خير شاهد على ذلك، في الوقت الذي أفلت ابناء الكرد من المشاركة في حروب صدام الكارثية، حرب الخليج الأولى ضد إيران ، وحرب الخليج الثانية لتحرير الكويت عام 1991، وانتفاضة أبناء الجنوب والفرات الأوسط في ذلك العام نفسه، والتي جاوزت المليون ضحية سيقوا عنوة إلى ساحات تلك المجازر الرهيبة.
أما في كردستان العراق فقد أقامت القوات الأمريكية والبريطانية الحماية الجوية، وعاش أبناء الكرد بأمان بعيدين عن بطش النظام الصدامي اثنا عشر عاماً، لولا أن تخلل تلك الفترة الحرب بين قوات حزبي البرزاني والطالباني، والتي انتهت باستعانة قوات البارزاني بقوات صدام حسين لطرد قوات الطالباني من أربيل، واستمر الصراع بين الجانبين إلى أن فرضت الإدارة الأمريكية عليهما المصالحة استعداداً لعملية غزو العراق، واحتلاله بدعم مباشر من قبل البيشمركة الكردية، واستطاعت القيادة الكردية ممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية، والحاكم المدني الأمريكي السيئ الصيت بريمر لوضع نص في قانون إدارة العراق في المرحلة الانتقالية حول جعل العراق دولة فيدرالية ، ومن ثم في الدستور العراقي الذي كان من صنع الثلاثي بريمر والقيادة الكردية وقيادة الائتلاف للأحزاب الطائفية الشيعية، وليغدو الدستور الجديد المختلف عليه أصلاً والمقرر إجراء تغييرات واسعة عليه، وكأنه قد أصبح في نظرهم القرآن الذي لا يمسه إلا المطهرون من القيادات الكردية القومية.
ولم تكتف قيادة البارزاني بكل ذلك بل أخذت ترفع من سقف مطاليبها ، وبالأخص حول محافظة كركوك، مدينة التعايش القومي والوطني، مهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يتم ضم كركوك إلى دولته ، ومعلناً في لقاء جرى معه في قناة الحرة الأمريكية بأن الحرب الأهلية الحقيقية ستندلع من هنا في كردستان إذا لم يتحقق ضم كركوك إلى دولته العتيدة، ولن تستطيع أية قوة الوقوف بوجه جيشه!!، حتى لكأنما الحرب الدائرة في البلاد اليوم ما هي إلا لعب عيال كما يقول المثل.
وفي الوقت الذي باتت المنطقة الكردية مستقلة بكل مقومات الاستقلال، ولن يعوزها سوى الإعلان الرسمي، والذي لولا خشية القيادة الكردية من التدخل التركي، وبقية دول الجوار من جهة، وخشيتها من فقدان حصتها من واردات العراق النفطية البالغة 17% ، لكانت اعلنت القيادة الكردية الاستقلال منذُ وقت طويل، فإن القيادة الكردية تحكم بغداد في واقع الأمر، فالطالباني رئيس الجمهورية بالإضافة ثمانية وزراء، ونائب رئيس الوزراء، ونائب رئيس مجلس النواب، ورئيس أركان الجيش وكلهم من الحزبين الكرديين، إلى جانب حلفائهم أحزاب الإسلام السياسي الطائفي،المجلس الأعلى وحزب الدعوة ، وباتت الكتلة الكردية في الحكومة والبرلمان تمثل بيضة القبان في بقاء حكومة المالكي على سدة الحكم بعد انسحاب سائر الكتل الأخرى، مما عزز مركزها في اتخاذ القرارات التي تقرر مصير العراق المهدد بالتمزيق على أيديها.
أن العراق اليوم يواجه خطراً جسيماً يهدد مستقبله، وينذر بكوارث لا حدود لها مما يتطلب من كل القوى والعناصر الديمقراطية والعلمانية والليبرالية وسائر العناصر الوطنية الحريصة على مستقبل العراق أن تعي خطورة ما يحاك لمستقبل العراق، وأن تبادر وبأسرع ما يمكن لإقامة جبهة وطنية عريضة تعبئ جماهير الشعب العراقي، وتزجه في النضال من أجل إنقاذ العراق مما يحاك له ، وهذا يتطلب العمل من أجل إجراء تغييرات جذرية واسعة وشاملة في تركيب السلطة في البلاد بدأً من رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان والدستور الذي أصبح العكازة التي يتعكز عليها رواد تفتيت العراق، وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
وإذا لم تشأ القيادة الكردية القبول بهذا التغيير فلتعلن استقلال منطقة كردستان العراق ، ومبروك لها دولتها العتيدة، وليرتاحوا ويريحوا.... ، فقد كفى العراق حروبا لم تهدأ منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى يومنا هذا.
ولم تكتف قيادة البارزاني بكل ذلك بل أخذت ترفع من سقف مطاليبها ، وبالأخص حول محافظة كركوك، مدينة التعايش القومي والوطني، مهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم يتم ضم كركوك إلى دولته ، ومعلناً في لقاء جرى معه في قناة الحرة الأمريكية بأن الحرب الأهلية الحقيقية ستندلع من هنا في كردستان إذا لم يتحقق ضم كركوك إلى دولته العتيدة، ولن تستطيع أية قوة الوقوف بوجه جيشه!!، حتى لكأنما الحرب الدائرة في البلاد اليوم ما هي إلا لعب عيال كما يقول المثل.
وفي الوقت الذي باتت المنطقة الكردية مستقلة بكل مقومات الاستقلال، ولن يعوزها سوى الإعلان الرسمي، والذي لولا خشية القيادة الكردية من التدخل التركي، وبقية دول الجوار من جهة، وخشيتها من فقدان حصتها من واردات العراق النفطية البالغة 17% ، لكانت اعلنت القيادة الكردية الاستقلال منذُ وقت طويل، فإن القيادة الكردية تحكم بغداد في واقع الأمر، فالطالباني رئيس الجمهورية بالإضافة ثمانية وزراء، ونائب رئيس الوزراء، ونائب رئيس مجلس النواب، ورئيس أركان الجيش وكلهم من الحزبين الكرديين، إلى جانب حلفائهم أحزاب الإسلام السياسي الطائفي،المجلس الأعلى وحزب الدعوة ، وباتت الكتلة الكردية في الحكومة والبرلمان تمثل بيضة القبان في بقاء حكومة المالكي على سدة الحكم بعد انسحاب سائر الكتل الأخرى، مما عزز مركزها في اتخاذ القرارات التي تقرر مصير العراق المهدد بالتمزيق على أيديها.
أن العراق اليوم يواجه خطراً جسيماً يهدد مستقبله، وينذر بكوارث لا حدود لها مما يتطلب من كل القوى والعناصر الديمقراطية والعلمانية والليبرالية وسائر العناصر الوطنية الحريصة على مستقبل العراق أن تعي خطورة ما يحاك لمستقبل العراق، وأن تبادر وبأسرع ما يمكن لإقامة جبهة وطنية عريضة تعبئ جماهير الشعب العراقي، وتزجه في النضال من أجل إنقاذ العراق مما يحاك له ، وهذا يتطلب العمل من أجل إجراء تغييرات جذرية واسعة وشاملة في تركيب السلطة في البلاد بدأً من رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان والدستور الذي أصبح العكازة التي يتعكز عليها رواد تفتيت العراق، وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
وإذا لم تشأ القيادة الكردية القبول بهذا التغيير فلتعلن استقلال منطقة كردستان العراق ، ومبروك لها دولتها العتيدة، وليرتاحوا ويريحوا.... ، فقد كفى العراق حروبا لم تهدأ منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى يومنا هذا.