حوار فلسفي اجراه الباحث الجزائري مراد غريبي مع الباحث الفلسفي علي محمد اليوسف حول جدل التاريخ.
الاستاذ مراد غريبي: قرات لك انك لا تؤمن بوجود جدل تاريخي يحكم المادية التاريخية لا ماركسيا ولا هيجليا, كيف توضح لنا هذه الانتقالة الفكرية لديك؟
ا. علي محمد اليوسف : نعم في الفترة الاخيرة كان لي رأيا مفاده كلا المنهجين الجدل المثالي والجدل الماركسي لا يمتلكان التحققات العلمية التجريبية الحادث حصولها على صعيدي المادة والتاريخ واقعيا عبر ازمان وعصور انثروبولوجيا تطور تاريخ الانسان أو التحققات غير الفلسفية المتشككة في عدم حدوث تطور حركة التاريخ بإلزام الضرورة الحتمية كما يزعمون.والتاريخ في تطوره المتقدم الى امام والمتراجع الى الخلف تحكمه العشوائيات والمصادفات والصراعات التي لا يحتويها قانونا ولا تستستوعبها نظرية تقوم على الزامية الضرورة الافتراضية في وجوب تقدم حركة التاريخ الى امام على الدوام.
فالحتمية الضرورة هي تصورات نظرية فلسفية واحكام تلزم التاريخ بها كقانون طبيعي وهي – اي الحتمية - هي ليست من حركة التاريخ بشيء كي تكون قانونا مستقلا طبيعيا يعمل بعيدا عن رغائب الانسان.
ليس مهما بنظري البحث عن هل التطور الذي يحكم الحياة البشرية موزّعة على تطور الظواهر المادية وتطور مسار التاريخ تتم في منهج مثالي إعتمده هيجل أو منهج مادي إعتمده ماركس بقدر أهمية الجواب على التساؤل : هل الجدل حقيقة قائمة تاريخيا حصلت وتحصل انثروبولوجيا وتقود حركة التاريخ أم هي فرضيات نظرية إبتدعتها ايديولوجيا اليسار والفلسفتين المثالية والمادية على السواء اللذين اطلقهما هيجل والرد المادي التاريخي الماركسي عليه..
من المسائل العديدة الواجب الوقوف عندها هي كيف نجزم حصول الجدل بقوانينه الديالكتيكية الثابتة التي قادت التطور التاريخي عبر العصور, خير مثال يعزز أن قوانين الجدل تبقى تقديرات افتراضية نظرية تتطلب منهج التحقق الحصولي المادي لها هو أن الراسمالية تطورت ووصلت مرحلة العولمة في نهاية التاريخ ولم تعتبر الجدل سوى منهج غير واقعي وهمي يهم المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي القديم. وليس معنى هذا النفي الاختلافي أن النظام الراسمالي يمتلك نظرية منهجية لضبط حركة تطور التاريخ قادت الى مراحل الديمقراطية الليبرالية وتحسين ظروف العمل حيث كانت تنبؤات هربرت ماركوزة وغيره من فلاسفة أنه لم يعد هناك تنازع مصالح طبقات بالنظم الراسمالية تتصارع بين مصالح الطبقة العمالية وطبقة الراسماليين بعد تحديد الاجور وساعات العمل وتامين الضمان الصحي والتقاعد للعمال والشغيلة وغيرها من مكاسب وامتيازات اذابت جبل الجليد الفاصل بين الطبقات الكادحة المحرومة من الحياة الكريمة والطبقات الراسمالية التي تمتلك كل رفاهية الحياة وتوريثها لابنائها من بعدها.
الاستاذ مراد غريبي: كيف ترى التطور التاريخي خارج مفهوم الجدل المثالي والجدل المادي؟ وهل هناك منهجا تؤمن به يحكم تطور التاريخ؟
ا. علي محمد اليوسف: ما ارغب تأكيده هنا أن التاريخ مجموعة من المتلاحقات العشوائية القائمة وقائعيا كحوادث يؤطرها الزمن التحقيبي للتاريخ تقوم غالبيتها على الفعل ورد الفعل في محاولاتهم إلباس النظريات والفلسفات للتاريخ قسرا ولم يتوقفوا عند حقيقة أن التاريخ لا يتقبل منهجا يستوعبه ولا نظرية تتلبسه.
وقبل طرح تفاصيل وجهة نظري أن التاريخ غير غائي ولا يستوعبه منهج ولا تحكمه ضرورة نظرية أمهّد قليلا بالتالي بعد اسطر. لكني ارغب الاستدراك أن حاجة حماية بقاء الجنس البشري من الانقراض المحتوم هو بالعودة الى نظم اشتراكية منهجية تؤمن مستقبل اجيال البشرية في توفير الغذاء والقضاء على الفقر وتوفير كرامة الحياة للجميع في جعل تحديد النسل قانونا من قوانين حقوق الانسان. ان البديل المفزع لما اقول هو نظرية مالثوس في اختلاق الحروب الدائمية المستمرة بين الشعوب كي يتناسب طرديا تكاثر السكان مع امكانية توفير الغذاء للبشر في ادامة الحياة وعدم انقراض الانسان بدافع الحاجة الى سد رمق الجوع كما يذهب في نظريته.
ولا يشترط ان يكون المستقبل الاشتراكي المنشود الغاء ولا ارتباطا في الاستفادة من التجارب الاشتراكية القديمة واعتماد اكثر المناهج الاشتراكية مقبولية انسجامية مع المعاصرة التي يعيشها العالم المحتاج الى يسار غير تقليدي غير راديكالي يحتذي التجربة الصينية كنموذج يحمل الكثير جدا من مستقبلية انسانية داحضة تماما لمفاهيم عولمة الرأسمالية الزائلة لا محال حتى لو عاشت فترات تاريخية طويلة. لا مجال لتوضيح المسار الاقتصادي الانساني للصين والبشرية عموما واترك ذلك لذوي الاختصاص بهذا المجال.
الاستاذ مراد غريبي: بضوء وجهة نظرك الجدل الديالكتيكي التاريخي وهم فلسفي تنظيري اختلقه هيجل وليس قانونا طبيعيا مستقلا يحكم المادة والتاريخ, ما توضيحك لذلك؟
ا. علي محمد اليوسف:
التناقض الجدلي وهم الحقيقة
يرى هيجل أن الواقع في حقيقته الوجودية (جدليا) لأن العقل نفسه الذي يدركه ذو طبيعة جدلية في فهمه وتحليله الواقع – هنا يقصد هيجل بالعقل هو الفكر المعرفي - بخلاف هيجل ارجع ماركس جدلية الفكر الى جدلية الواقع الذي نعيش فيه. 2. هذا الخطأ الذي وقع به هيجل اعتباره جدل الواقع حقيقة موضوعية قائمة لأن العقل ذاته ذو طبيعة جدلية مطابقة فلسفية بالتفكير يتعذر حصولها تاريخيا. فهو أخذ بسببية ديفيد هيوم الذي ينكر الجدل بين الواقع والفكر على صعيد تكرار (العادة) وليس هناك من سبب ينتج لنا نتيجة حتى لو تكررت هذه العملية مئات المرات. جدل الفكر في تجريديته الانفصالية عن جدل الواقع هو ما زرعه هيجل كوهم في تمريره جدل التاريخ. بتعبير آخر جدل العقل الخاص الذي يسبق جدل الواقع حسب فرضية هيجل سببا لان نقوم بتفسير التاريخ جدليا وهذا المنهج الجدلي الهيجلي هو ملزم بحكم ان عقولنا لا تفهم حركة التاريخ الا بوسيلة جلية عقولنا السابقة على الوقائع التاريخية. وهو ما رفضه ماركس بشدة حيث اعتبر جدل الواقع سببا لتفكير جدل العقل بالتفكير الواقعي.
الشيء الاكثر اهمية في خطأ هيجل ان جدل الواقع لا يداخل جدل الفكر. وهذا ما شكل ركيزة غاية بالأهمية اعتمدها ماركس ان الجدل يتم بموضوعية واقعية مستقلة لا علاقة لها برغائب الانسان ولا قدرة لجدل الفكر تسيير جدل الواقع ولا جدل التاريخ. هنا اجد طرحي هيجل وماركس في تفسيرهما حركة التاريخ التطورية جدليا هو فرض نظريات على التاريخ البشري هي ليست مستمدة بالدلالة القاطعة الحدوث وقائعيا وتمثل نضح تاريخ الارض قبل تاريخ الفكر المجرد.
لتوضيح هذا الاختلاف الذي تم وصفه بالاختلاف المنهجي المثالي بالضد من المنهج المادي حول الجدل أو الديالكتيك يرى هيجل فيه أن الوجود الواقعي – الاجتماعي إنما يستمد (وجوده) من الذات المدركة له الذات العارفة (الانا). هيجل بهذا الطرح بذر بذرة شنيعة لا يزال يرددها الفلاسفة المثاليون بغبطة وانتشاء تلك هي لا وجود لشيء في الطبيعة ومن حولنا لا يدركه العقل. وما لا يدركه العقل لا وجود له ماديا ولا اهمية له سواء أدركناه ام لم ندركه..
خطأ هيجل في هذا التعبير هو في خلطه بين ادراك الشيء في موجوديته الطبيعية المستقلة عن ادراك موجوديته الجدلية مع الذات التي تدركه وبغير ذلك اي بغير وجود الذات المدركة لا يكون هناك للأشياء وجودا مستقلا سواء ادركته الذات ام لم تدركه حسب مثالية هيجل ومن جاء بعده. الوجود الشيئي بالواقع لا يحدده الادراك له بل وجوده المستقل السابق على الادراك.
الذات لا تدخل جدلا ديالكتيكيا مع الواقع بسبب انتفاء المجانسة النوعية بينهما, وحتى لو قلنا أن الفكر يدخل بجدل ديالكتيكي مع المادة فهذا لا يغّير من حقيقة الامر شيئا في انعدام المجانسة النوعية مع المادة في وحدة الماهية والصفات بينهما.
من هذا الخطأ الفلسفي الذي اعتبره ماركس مثاليا لا حقيقة له في الواقع الذي يراه ماركس وجودا موضوعيا مستقلا ولا يستمد موجوديته من ادراكية الذات له. واذا ما ترجمت هذه المقولة اسقاطيا على حركة التطور التاريخي, نجد ماركس محقا قوله " وعي الانسان لا يخلق الواقع, بل الواقع يصنع الوعي" 3 .ويعتبر بعض الفلاسفة والمفكرين ان مقولة ماركس تلك كانت ثورة لا تقل اهمية وتأثيرا عن ثورات كل من سقراط, بيكون , هيجل. ومن السخرية أن نجد المثاليين ينكرون هذه الحقيقة قولهم لا وجود مادي خارجي لا يدركه العقل وما لا يدرك غير موجود.
الملاحظة التي برأيي تم غفلها تحاشي تأكيد أن ماركس لم يقل وعي الانسان يخلق جدل الواقع كما فعل هيجل في مقولته التي مررنا بها اننا ندرك الواقع جدليا لان عقولنا هي تنظيم منهجي جدلي. فالجدل في حال التحقق من حدوثه على صعيدي المادة والتاريخ فهو جدل وقانون طبيعي يعمل بمعزل عن وعي الانسان له وبمعزل عن تلبية رغائبه. هنا لا بد من القول ان هيجل كان يشك امكانية حصول الجدل واقعيا لا في المادة ولا في التاريخ خارج التفكير الفلسفي التنظيري الافتراضي.
ا. مراد غريبي هل لديك استاذ علي ملاحظات ختامية تكون تلخيصا مجملا لوجهة نظرك؟
ا. علي محمد اليوسف: نعم، أصبح متاحا وملزما لي توضيح ما مررنا به او لم نذكره:
- أصبح اليوم ليس مهما اليوم في مراجعة دراسة كيف تطور التاريخ الانساني انثروبولوجيا تحديدُ اسبقية المادة على الفكر أو العكس، بل الاهم مراجعتنا هل جدل المادية التاريخية هو التفسير العلمي الوحيد الذي نادت به الماركسية صحيحا؟ لا توجد براهين ثبوتية لا على صعيد المادة ولا على صعيد التطور التاريخي تثبت لنا أن قوانين المادية التاريخية الكلاسيكية الثلاث التي وضعها ماركس وانجلز(قانون وحدة وصراع الاضداد , وقانون تحول الكم الى كيفيات, والثالث قانون نفي النفي) هي قوانين جدل اكتسبت علميتها بالتجربة الميدانية الحقيقية اجتماعيا وعلى ارض الواقع بالحياة التي نعيشها وعاشها آخرين من قبلنا على مر العصور. ربما تكون حقيقة تحول التراكم الكمي الى تراكم نوعي صحيحا لكنه لا يكون ولا يمتلك بمفرده إحداث جدل على مستوى التاريخ يمكن التحقق منه, انما تصح هذه التحولات من كمية الى كيفية أن تكون واحدة من قوانين الطبيعة التي لا يدركها الانسان مباشرة وتحدث ليس في توليد جدلي بل في توليد (سببي) معرفي.
- الجدل المثالي او المادي على السواء الذي بحسب المنادين به والادعياء له والذي بضوئه نعرف تطورات المادة وتطورات التاريخ لا يقوم على اساس من تناقض نوعي تجانسي في الماهية والصفات يجمعهما داخل الظاهرة الواحدة. فانت لكي تجد جدلا ديالكتيكيا يجمع بين الفكر والمادة في تعالقهما التخارجي لا بد من اشتراكهما في مجانسة نوعية واحدة تشمل وحدة الماهية مع وحدة الصفات لكليهما في تعالق جدلي يجمع نقيضين متضادين ينتج عنهما إستحداث الظاهرة الجديدة أو ما يسمى المركب الثالث.
فالواقع بكل موجوداته وتنوعاته الذي يشكل مصدرا للوعي يمتلك مجانسة نوعية في كل ظاهرة فيه منعزلة تختلف عن غيرها بعيدا عن مدركات الفكر لهذا التناقض الداخلي في وحدة المجانسة النوعية.
بمعنى كل ظاهرة حركية تطورية لكي يحصل جدلا داخلها منفردة لوحدها لا بد أن يمتلك النقيضين المتضادين فيها مجانسة نوعية واحدة التي هي الماهية والصفات التي تجمعهما في وحدة كليّة من التجانس المتناقض, وعندما لا يمتلك الواقع بظواهره المجانسة النوعية في داخل ظواهره لا يحصل جدلا داخلها بمعزل عن الفكر أو بتداخل تخارجي للفكر معها.
الشيء الذي اراه مهما أن لا نقع في خطأ إعتبار الجدل في المادة مرادفا لا فرق بينه وبين إعتبار علاقة الفكر بالمادة علاقة ( معرفية ) تكاملية وليست علاقة جدلية ديالكتيكية تقود بالحتم إستحداث ظاهرة جديدة أو مركب ثالث. علاقة الفكر بالمادة لا يشترط يحكمها الطريق المنهجي الجدلي الوحيد فقط. بل علاقة الفكر بالمادة علاقة معرفية تكاملية قبل ان تكون جدلية.
- ليس مهما صحة أو عدم صحة مقولة هيجل أن الوجود ذاتي يستمد موجوديته من الذات المدركة أو العارفة. التي رغم وصمها بالمثالية الفكرية الا انها تشير الى منهج (مادي) في حقيقتها. وبغير هذه العلاقة التي اشار لها هيجل لا يبقى معنى للواقع أن يكون مؤثرا بالوعي, ولا معنى للوعي أن يكون نتاجا للواقع حسب ماركس. هنا نجد هيجل يؤكد على أن الوجود هو ادراك ذاتي لذات عارفة وهو منطق فلسفي سليم لا علاقة ترابطية له مع الجدل الواقعي الموضوعي الذي يجري خارج ادراك الذات لحصوله..علاقة الذات مع مدركاتها المادية علاقة تخارجية تكاملية معرفية بينهما وليست علاقة جدلية على الدوام.
- عندما يرى ماركس العكس من ذلك أن الوعي هو ناتج ادراك الواقع المادي الذي نعيشه في اسبقيته على تفكيرنا, فهذا ليس معناه ضرورة ربط المادة بالفكر على مستوى تناقض جدلي يجمعهما يقود لناتج حصول متغيرات جديدة وإنما هنا الاختلاف بين هيجل وماركس على مستوى (وعي) و (معرفي) للواقع وليس على مستوى فهمهما الجدل بينهما مثاليا وماديا.
- الجدل المزعوم بين الواقع والفكر هو وهم غير قائم للأسباب :
- الواقع والفكر ليسا قطبي تناقض تجمعهما مجانسة ماهوية واحدة تدخلهما في تناقض جدلي بمعزل عن ارادة الانسان. فالجدل في حال اثباته قانونا طبيعيا ثابتا كمثل قوانين الطبيعة الاخرى فهو يعمل باستقلالية تامة عن ارادة الانسان وإدراك الذات. وحضور العوامل الموضوعية كعامل مساعد في عملية جدل ديالكتيكي هي الاخرى تكون فاعليتها ليست مستمدة من رغبة انسانية سابقة عليها بل من حاجة جدلية تتطلبها.
- قوانين الجدل في حال جرت البرهنة عليها على صعيدي المادة والتاريخ. عندها تصبح وقائعا يتم الجدل فيها خارج ارادة الانسان, ولا معنى لتخارج الوعي المعرفي مع الواقع في خلق الجدل. حينما يعبر هيجل " الجدل وعي ذاتي " فهو كان يرغب خلق جدل فكري غير متأكد من إمكانية حصوله ماديا أو تاريخيا. لتوضيح سبب رجحان مثالية تفكير هيجل أن الجدل يحصل بالفكر فهو ربما كان يدرك أو لا يدرك هيجل أن الفكر لا يجانس المادة بالماهية والصفات كي يرتبطان بعلاقة جدلية وليس بعلاقة تخارج تكاملية معرفية انكرها كي يثبت برهانه المنهجي في الجدل فلسفيا.
- الجدل يتسم بحقيقتين اثنتين هما أنه يحصل خارج الادراك الذاتي له, وأنه لا يحتاج الذات الانسانية في استكماله عملية الجدل في داخله لإنتاج مركب ثالث أو ظاهرة جديدة.
لذا إدانة هيجل أن الفكر أو الوعي ليس بمقدوره تغيير الحقائق المادية على الارض هي في حقيقتها صحيحة تماما وتمثل قمة المادية وليس المثالية. وهي لا تعطي الجدل جواز مرور حينما لا تعتبره أي الجدل قائما حينما يكون هناك للذات إمكانية ادراك الاشياء والموجودات في العالم الخارجي.
- لا يوجد مؤشر برهاني حقيقي تجريبي واقعي مدّعم برهانيا ثبوتيا انثروبولوجيا أن هناك جدلا يجري داخل ظواهر وقائع العالم الخارجي بغية وجوب تطورها في استقلالية ذاتية تناقضية تجمعهما, كما وليس هناك ما يدلل تجريبيا قاطعا, أن يكون هناك جدلا طبقيا يحكم التاريخ, وليس هناك علاقة جدلية تربط الفكر بالمادة أو بالتاريخ طالما الجدل قانونا طبيعيا موضوعيا يجري بمعزل عن الارادة الانسانية, وأن الجدل هو أحد القوانين العلمية والتاريخية المكتشفة بالطبيعة وليست المخترعة تنظيرا فلسفيا.
- كما المحت سابقا مقولة هيجل التي مررنا عليها " الجدل وعي ذاتي" يمنحنا برهانا حقيقيا أن الجدل هو وهم افتراضي يحكمه التنظير الفلسفي, وهو ليس قانونا طبيعيا مثل بقية قوانين الطبيعة التي اكتشفها الانسان وبنى علها ثوابت علمية بعد تأكده من حصولها في الطبيعة وفي الكوني, وهذا مالا ينطبق على الجدل الذي بني عليه ماركس وانجلز تطورات التاريخ البشري بشكل إعتسافي لأنه كانت التنظيرات الفلسفية سابقة على قانون الجدل الموجود على صعيد الفكر فقط كما قال هيجل وليس على صعيد تطور التاريخ الانثروبولوجي المادي كما اراد ماركس.
علي محمد اليوسف /الموصل
الهوامش: الحداثة ما بعد الحداثة /د. طلعت عبد الحميد , د. عصام الدين هلال, د. محسن خضر هوامش 1- 3 ص 35