الجمعة, 27 شباط/فبراير 2015 23:01

رسالة إلى أخي المسيحي : كتاب جديد لعزالدين عناية يتناول الراهن المسيحي العربي ـ عزالدين عناية

قيم الموضوع
(0 أصوات)

هكذا يستهل الكتاب/الرسالة نداءه: أخي القابض على الجمر في يوم عصيب، أقرأ في صمتك الجليل ريبة.. ليست فقط من سلالة الطغيان، بل ومن حمَلَة القرآن. ولذلك لن أقول لك إني خرّيج السربون ولا هارفارد، حتى أوهمك بحداثتي وأستميلك لقولي، ولكنني زيتوني من تلك الشجرة السامقة في أرض الخضراء. وأصدقك القول: إن شيوخنا لطالما لقّنونا هراءً بشأن التوراة والإنجيل، ولطالما رددوا على مسامعنا "حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". آليت على نفسي ألا أُداري رعونة متفقّهينا ممن تستهويهم مقولات الذمّة، والجزية، وترديد فتاوى عفّى عليها الزمن، بألا يقرع أتباع المسيح أجراس الكنائس، وألا يظهروا صلبانهم، وألا يُعلوا أبنيتهم فوق أبنية المسلمين، وأن يُمنعوا ركوب الخيل، وأن يتزيوا بزي خاص بهم. أعجبُ لهؤلاء كيف يجلّون المسيح وينكرون إنجيله؟ فأنا بصدد إعادة قراءة قرآني المجيد في عصرنا الجديد، فالناس لديّ صنفان: "إما أخ لي في الدّين أو نظير لي في الخلْق".


لقد كُتِبت المقالات الواردة في هذا المؤلّف على فترات متقاربة نسبيا، ونُشرت على أعمدة الصحف المغاربية والمشرقية، وبالمثل في جملة من الصحف الخليجية والصحف العربية اللندنية. كما أن كافة المقالات نُشرت في أكثر من بلد وتوزعت على أكثر من صحيفة، مثل "اليوم" و"الخبر" و"البصائر" (الجزائر)، و"الصباح" و"الصحوة" (تونس)، و"فبراير" (ليبيا)، و"الأسبوع" و"الشروق" (مصر)، و"النهار" و"السفير" و"المستقبل" و"اللواء" (لبنان)، و"العراق اليوم" و"العالم" (العراق)، و"السياسة" (الكويت)، و"الشرق" (قطر)، و"عمان" (عمان)، و"القدس العربي" و"الزمان" (لندن). ليس الغرض من إشاعتها توسيع دائرة قرائها فحسب، بل ما حرص عليه صاحبها أيضا وهو التعريف بدراسات الأديان، التي يقدّر أنها لا تجد العناية اللائقة بها في الثقافة العربية.
وآثرتُ أن يكون عنوان هذا المؤلّف عنوان أحد المقالات الصادرة، لما تضمّنه ذلك المقال-الرسالة من حضّ للمسيحي العربي على التنبه إلى علامات الزمن الجديد، في ظرف عصيب تمر به البلاد العربية؛ ولكن في المجمل تتوجه كافة هذه المقالات إلى القارئ العربي عامة دون حصر. وقد حاولت فيها أن أرصد بعضاً من الإشكاليات التي تواجه المسيحية العربية ونظيرتها غير العربية. كما أشرتُ في العديد من المواضع إلى ضرورة تصويب الرؤية بشأن مسيحية الداخل ومسيحية الخارج. فلديّ حرصٌ على التفريق بينهما، لما لمسته في المسيحية الغربية من نزوع للهيمنة. فتلك المسيحية تتعامل مع "الهامش" المسيحي غير الغربي، والمسيحية العربية مصنَّفة في عداده، بمثابة المسيحية القاصرة وغير الراشدة. لذلك برغم ما يجمع المسيحية في الغرب والمسيحية في بلاد العرب من صلات قربى فإن بينهما فروقا شتى.
تحويل الحدث المسيحي –وفق مراد المؤلِّف- إلى مقال هادف، وإخراجه من التناول المحصور بالمنابر الدينية أو الأوساط الأكاديمية، كان من الأهداف التي تبناها المؤلّف لتقليص الفجوة بين مجالي "تاريخ الأديان" و"حاضر الأديان". فبموجب اشتغال صاحب الكتاب في مجال دراسات الأديان، يدرك ما لهذا التمايز من نفاذ وسطوة. فتتبع الشأن المسيحي العربي والعالمي، لا يحوز المكانة اللائقة به في الأوساط الثقافية العربية. حيث تفتقر الساحة إلى تقليد "الفاتيكانيستا" (الخبير بالشأن الفاتيكاني)، أو ما شابهه. كما أن الإعلام الديني العربي يبدو شديد التمازج والتداخل بالشأن الدعوي، ما جعله مقصّرا في أداء دوره المعرفي، الحيادي والرصين.
ومن جانب آخر، لا يمكن أن ندّعي المحافظة على كيان المسيحية العربية، وننشد أداءها لرسالتها، وأساليب وعينا بمخزوننا الحضاري بالية. فالمسيحية إرثٌ جمعيٌّ، وقضاياها ليست حكرا على شريحة بعينها، بل تتخطى من يدينون بها. كما أن هناك خطابا كارثيا رائجا، مشبعٌ بالنحيب على مصائر هذه المسيحية، لا يذهب بعيدا في تلمّس الحلول وتخطّي المصاعب. لا أودّ المكوث تحت حائط مبكاه، إيمانا بضرورة تطوير أدواتنا الفكرية في التعاطي مع واقعنا الديني، كسبيل للحؤول دون حصول الأسوأ. فهذا الظرف الصعب نقدّر أنه عائد في جانب واسع منه إلى افتقاد رؤية حديثة للمسيحية في الثقافة العربية. ذلك أن هذه الديانة، أكان أتباعها في الاجتماع العربي أم خارجه، لا يزال التعامل معهم بمنظور عقدي، يستوجب تطعيمه برؤى حديثة، بقصد الخروج من ضيقه وأسره.

نبذة عن المؤلف
عزالدين عناية، أستاذ من تونس يدرّس في جامعة روما (إيطاليا). نشر مجموعة من الأعمال تتناول دراسات الأديان: "الاستهواد العربي"، منشورات الجمل، ألمانيا؛ "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم"، توبقال، المغرب؛ "الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن"، توبقال، المغرب. ومن ترجماته: "علم الأديان" للفرنسي ميشال مسلان، المركز الثقافي العربي، لبنان؛ "علم الاجتماع الديني" للإيطالي إنزو باتشي، كلمة، الإمارات العربية.

معلومات إضافية

  • الكاتب: عزالدين عناية
  • تاريخ الصدور: 2015
  • دار النشر: دار نون الإمارات العربية المتحدة
قراءة 14708 مرات

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

آخر المقالات