يتعلق هذا الموضوع بدراسة سوسيولوجية للدكتور ابراهيم حمداوي حول "الجريمة بالمجتمع المغربي" الذي صدر عن منشورات دار القلم الرباط سنة 2013، حيث تكون هذا الكتاب من 156 صفحة، وهو في الاصل دراسة ميدانية أنجزها بأحياء مدينة الدار البيضاء من اجل فهم هذه الظاهرة في المجتمع المغربي انطلاقا من تحديده لمفاهيم واستناده لمجموعة من النظريات التفسيرية لظاهرة الجريمة.
 فكيفما كنا مجرمين أو غير ذلك، سواء كنا واعين بالانتهاكات والخروقات التي نقوم بها أو غير واعين، فإن عدم احترام قاعدة أو قيمة نجد تفسيره في اختلالات فردية أو اجتماعية أو هما معا. وترتبط هذه الاختلالات إضافة إلى التغير الاجتماعي بالاضطرابات التي يعرفها المجتمع في فترة ما، فالجريمة لا تجد أسبابها في الفرد أو الأسرة أو جماعة الرفاق فقط رغم أهميتها، وإنما ترتبط بالتغيرات السوسيواقتصادية والسياسية التي يعرفها المجتمع، وهنا يطرح صاحب الكتاب فكرة اللامعيارية أو الانوميا كاختلال رئيسي لظهور سلوكات منحرفة، فظواهر الانحرافات يمكن تحليلها على ضوء ميكانيزمات اجتماعية مختلفة، يعتبر البناء الاجتماعي أولها لفهم العلاقة بين الجريمة والتغير الاجتماعي من جهة والعمليات أو العوامل التي لها علاقة بهذا التغير من جهة أخرى أبرزها؛ التحضر ، الهجرة، العوامل السكانية والأسرة بالإضافة الى التغيرات التي تطال الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والقيمية التي يعرفها المجتمع.
وقد تمت الإشارة في هذا الكتاب إلى أن المجتمع الإنساني لم يخلو من الظاهرة الإجرامية في كل زمان ومكان، فهي في تزايد مستمر لظروف واعتبارات قد تكون فردية أو جماعية ارتبطت بالتنظيم الاجتماعي. فالجريمة في هذه الدراسة إذن تجد تفسيرها من خلال تحليل بنيات المجتمع لفهم العلاقة بين التغير الاجتماعي والجريمة " أي التحليل البنيوي" هذا التحليل سينصب على التغير والأشياء التي تقاومه أو تعيقه. وبناءا على ذلك، تمت دراسة التغيرات التي مست المجتمع المغربي منذ استقلاله من جميع جوانب حياته وخلخلة جل بنياته.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في مدى ملاءمة نظرية اللامعيارية والتحضر والطريقة الحضرية في الحياة للتطبيق على المجتمع المغربي في فترة التغير السريع، وعلى هذا الأساس تم طرح الإشكالية التالية:

  لا مشاحة أن التنمية المستدامة بمفهومها العلمي الدال ، يعد مدخلا لا محيد عنه في بناء الدول و أفقها الحضاري ، بل و غدا أي شذوذ عن هذا المنحى و الفلسفة الثاوية خلفه ، إيذانا بدخول أي قطر أو مصر في نادي الدول الفاشلة تنمويا ، و المؤسسة لتنمية التخلف تحت العديد من الأقنعة ، حالة الطوارئ ، الفتنة ، اللحظات الحرجة ، و كلها ادعاءات و تبريرات يرجى من خلالها تأجيل المطلب التنموي الشامل سواء كان اقتصاديا ، سياسيا ، أو ثقافيا أو فنيا .
  حري أن نقف عند التمييز بين النمو و التنمية ؛ فالنمو يراد به الزيادة الكمية المادية ، و تعني التنمية مجمل العملية المركبة اقتصاديا ، اجتماعيا و حضاريا ، أي أن التنمية أعم من النمو ، فهي تفيد الدلالة المركبة في القيم و التصورات و الأفكار و الطاقة النفسية ، الدافعة للإنجاز و إنتاج الثروة ، بصيغها المادية و الرمزية ، بشكل قد يجعلها تتجاوز البعد الكمي ، في منأى عن أي تغيير أو تغير في المعطيات الاقتصادية و الثقافية لمجتمع من المجتمعات .
   بناء على ذلك التنمية أسلوب و مضمون يتغيى إحداث تغيرات بنيوية و هيكلية ، سمتها الأساس الرفع من مستوى و منسوب المعيش اليومي ، و تحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي ، وصناعة الثورة و الثروة طبعا في القيم السائدة ، و نقلها من مستوى السلبية و الهامشية و الهجانة و الاستقالة و المصالحة مع السائد و مجاراته( إدارة اليومي من دون أفق )، إلى القدرة على المنافسة و إنتاج الذات من خلال مقومات العصر ، عوض العيش على حافته في الاستهلاك ، دون الإسهام و لو بقدر المقل في الإرث و الذكاء الكوني .

مقدمة:
     لقد كان هناك نقاش واسع النطاق في السنوات الأخيرة في العديد من العلوم، لا سيما العلوم الانسانية  والاجتماعية، بشأن مزايا الجمع بين المناهج الكمية والنوعية في البحوث. وقد تباينت المواقف التي اتخذها الباحثون، فمن هؤلاء من رأى أن المناهج الكمية منفصلة عن المناهج الكيفية تماما، أي أنه لا يمكن للباحث أن يخلط بين المناهج الكمية والنوعية في إطار دراسة واحدة.
بينما جاء موقف البعض الأخر على النقيض من ذلك، فقد ظهرت دعوى من العديد من الباحثين الذين يعتقدون أن استخدام المناهج الكمية إلى جانب المناهج الكيفية في المشاريع البحثية، تعد من المتطلبات البحثية لإعداد دراسات وبحوث أكثر قيمة ومصداقية. ومن هؤلاء الباحث البريطانين (ألان بريمان، وجوليا برينان) الذي رأوا أن الجمع بين المناهج النوعية والكمية أفضل من استخدام كل منها على حدا.
وفي إطار استكشاف قضايا البحوث النوعية والكمية، ومختلف الأشكال النوعية والكمية، يبدوا أن هناك حاجة إلى النظر في مختلف الأسئلة الأنطولوجية والمعرفية. التي تستند عليها البحوث الكمية التي تميل إلى استخدام على نطاق واسع الاستبيانات، للقيام بالتحليل الاحصائي لعوامل الارتباط، الانحدار، والتباين، وغيرها، كأسلوب بحثي. إلا أن الأمر في النهاية منوط بالباحث واختياره للمناهج الأنسب التي تساعده على تحقيق أهدافه البحثية.
ومنه لا يجد الباحث من بد من خلال هذه الورقة أن يقدم للطلبة الباحثين والخرجين المقبلين على اعداد مذكرات ورسائل التخرج، نبذة وفكرة – مقتضبة- عن مختلف مناهج البحث، ولفت انتباههم بشكل خاص إلى مناهج البحث المختلطة التي من الممكن أن يساهم استخدامها في إعداد بحوث نوعية وذات قيمة علمية أكبر. من خلال محاولة الإجابة عن التساؤل الرئيس والتساؤلات الفرعية الإشكالية المطروحة محل البحث.
إشكالية البحث:

يجتهد الإنسان منذ ظهوره على وجه البسيطة، و كما يحكي لنا التاريخ و جل العلوم الأخرى الطبيعية منها و الإنسانية، في شيء واحد هو كيف يكون أعلى من شبيهه الإنسان. وفي مناح كثيرة من الحياة، ومن أعقدها الى أبسط الممارسات اليومية الاعتيادية، و التي تظهر في كيفية اللباس و الأكل و المشي و الجلوس، اخترع الإنسان طرقا و مسميات تميزه عن شبيهه الإنسان. واخترع أماكن و منشآت و أدوات لتكريس هذا التمييز الذي يفيئ الإنسان الى واحد أعلى وآخر أدنى.
لقد ظهر هذا الاجتهاد بشكل صريح عند الفلاسفة الأوائل حيث  قسم أفلاطون  الإنسان حسب طبيعته  الى المصنوع من الذهب (الأعلى)، والذي يكون منه حاكم الدولة وحارسها،  و المصنوع من النحاس (الأدنى)[1]، والذي تكون منه بقية الشعب. واعتبر هذا التقسيم محددا عند الميلاد وغير قابل للتغيير كطبيعة المعادن. ومن ذلك الزمان، وربما قبله، سارت العلوم أو بعضها على الأقل في هذا الاتجاه، فرغم موضوعيتها و معزوليتها عن الانسان، شكلت أداة لتبرير التمييز بين من هو أعلى و من هو أدنى.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، علم "فراسة الدماغ " او الفرينولوجيا [2] ( la phrénologie) لصاحبها (فرانز غالFranz Joseph Gall ) الذي صنف الانسان حسب شكل جمجمته. و نجد امتدادا لهذه الافكار في دراسة (لمبروزو Marco Ezechia Lombroso)[3] التي روجت لمفهوم المجرم بالفطرة "فمن خلال تشريحه لجثث بعض المجرمين اتضح له ان لدى الانسان المجرم صفات (ارتدادية atavisme... مثل طول الفك السفلي، والذقن قليلة الشعر أو الهزيلة، بالإضافة الى تميزهم بانخفاض معدلات الاحساس بالألم، والاندفاع في التصرف"[4]، ولقد روج لومبروزو لأفكاره خصوصا في كتابيه الموسومين ب(المجرم المولود) و (المرأة المجرمة) واللذين يعزو فيهما السلوك الاجرامي لأسباب وراثية. ولكن لمبروزو تراجع عن هذه الفكرة نسبيا عندما ألف كتابه (الجرائم أسبابها و علاجها) يجادل فيه عن الاسباب الاجتماعية و الاقتصادية للإجرام.

مقدمة
تعتبر الحركات الاجتماعية عاملا مهما ومؤثرا في تغيير السياسات العامة وتوجيهها نحو نظام حكم أكثر عدلا وخدمة لجميع فئات الشعب بدون تمييز. كما أنها تعد من المؤثرات الهامة لدعم وترسيخ الديمقراطية وكشف عيوبها بغيت إصلاحها في مختلف أنظمة العالم من دول متقدمة وأخرى سائرة في طريق النمو. خاصة في ظل اختلال أنظمة الديمقراطية التمثيلية التي تتبناها معظم بلدان العالم، ومساهمتها أحيانا كثيرة في ترسيخ ديكتاتورية أقلية، تضفي عليها صناديق الاقتراع شرعية تخدم من خلالها مصالحها ومصالح مجموعات الضغط المرتبطة بها، على حساب باقي فئات المجتمع.
تصاعدت وتيرة هذه الحركات في مختلف بلدان العالم للتعبير عن مجموعة من المطالب ذات مظاهر مختلفة: اجتماعية، واقتصادية وسياسية، وما إلى ذلك، لكن أهدافها في الجوهر تتمحور حول مبدأ ديمقراطي قديم وهو السيادة للشعب. وقد اختلف مجموعة من أبرز الدارسين للحركات الاجتماعية حول نشأتها، وتعريفها، ومحدداتها، وأهدافها، وسبل الرقي بها، وتعددت التعاريف والنظريات حسب الاتجاهات والمدارس الفكرية والحقول المعرفية.
من خلال هذه المقالة المقتضبة، سنحاول التعريج سريعا على نشأة الحركات الاجتماعية وأهدافها وأنواعها وأهم محاولات تعريفها، وأيضا مختلف التيارات البارزة في هذا المجال.
1.    نشأة الحركات الاجتماعية
يختلف الدارسون لتاريخ الحركات الاجتماعية حول حقبة ظهورها، كل حسب تخصصه، وفهمه لماهية هذه الحركات، وسياق، وأسباب ظهورها. في هذه الفقرة نعرض باقتضاب نشأة هذه الحركات من وجهة نظر تاريخية، وأخرى في علم الاجتماع. 

يتخلل الغموض الحياة الاجتماعية في المجتمعات المتخلفة[1]. فهو آلية تستعملها المؤسسات[2] لإلهاء الأفراد و تشتيت انتباههم عن القضايا الأساسية والتحكم فيهم، وذلك بالترويج للإشاعة وإصدار القرارات المبهمة. ومن فرط تغذية هذه الآلية، تحولت في سيرورة من العمليات اللاواعية، الى بنية استدمجها الافراد لتصبح جزءً من اللاوعي الجمعي الذي تنطلق منه كل ممارسة اجتماعية. فتشكلت في ظل هذا الغموض الذي يسم الفضاء الاجتماعي، رؤية واهمة للعالم أدت الى تيه واضطراب الفاعل الاجتماعي و عدم قدرته على اتخاد قرارات مناسبة وحاسمة. وعلى العكس من ذلك، و في المجتمعات المتقدمة، ترتكز العلاقات الاجتماعية على الوضوح الذي يضمنه القانون الصريح غير القابل للتأويل. ويقوم الفضاء الاجتماعي على الحدود بين الحق و الواجب، بين الحرية و الفوضى.
فقد بنيت المجتمعات الغربية، مجتمعات الثورة الفكرية[3]، على فكرة العقد الاجتماعي"الذي تطور في سياق النهضة التي شهدتها أوروبا خلال القرن السابع عشر، و الذي أدى أيضا الى تغيير أساس الموازنة بين الدين و العقل و العلم ومكانة الانسان و مفهوم السلطة"[4] وفسر كل من هوبز (Thomas Hobbes) و لوك (John Locke) و روسو (Jean-Jacques Rousseau)[5] هذه الفكرة في ثلاث مستويات، تبتدأ من الدولة التي ليس لها التزام تجاه الافراد إلا الهيمنة مقابل توفير الأمن، ثم نموذج الدولة المدنية المتفاوض بشأنها (Etat négocié)  وتنتهي بالدولة المبنية على أساس  الارادة العامة . و بذلك يؤسس لمعنى الوضوح في العلاقة بين الافراد. فالفرد عليه واجبات كما له حقوق يحددها القانون بشكل واضح و دقيق.

" إننا اليوم نرقص رقصة الأشباح … لكنني لست موقنا من استرداد معنى الدائرة، لقد اجتثت الشجرة المقدسة من الجذور … لكن.. ما يدريك! لعل هناك جذرا صغيرا في الأرض ربما يكبر ليصير شجرة من جديد "
 
كان المشهد في ألمانيا النازيّة المهزومة، في أعقاب الحرب العالميّة الثانية، مأساوياً مخيفاً: دُمّرت المدنُ، فصارت أثراً بعد عين، سحقت كلّ مظاهر الحياة في أهوال حرب مدمّرة ضروس؛ كما لو أنّ زلزالا كونيا حلّ على البشر في يوم بعث رهيب وحساب قريب. لكنّ الألمان، رغم وقع الكارثة وآثار الحرب الهائلة، سرعان ما انتفضوا قوةً حضاريةً هائلةً. واستطاعوا النهوض إلى سدرة المجد الإنساني ومدارج القوة الحضارية، فتألّقت ألمانيا من جديد حضارةً مضيئةً مثيرةً فاتنةً غنيّةً قوية تدهش العالم كلّ يوم بقوّتها وشموخها.
ولم تكن أوضاع ألمانيا تختلف كثيرا عما كانت عليه الحال في عدد من الدول الأوروبية واليابان وغيرها من الدول التي شاركت في تلك الحرب، إذ لم تثن الكوارث والحروب الدامية تلك الشعوب عن النهوض ثانية، وقُدّر لها أن تحوّل جحيم الحروب وأهوالها إلى جمال وعطاء ونعيم، فنهضت ناطحات السحاب في عنان السماء، وبدأت المعامل بالإنتاج الصناعي الكبير، وبنيت المدارس والكنائس، وشُيّدت الجامعات، وعادت أوروبا من جديد حضارةً تشع ضياء.

صدر عن دار المنارة للنشر و التوزيع سنة 2002، كتاب بعنوان "الشباب و التغير الاجتماعي: الأسرة، السياسة والدين" للمؤلف المختار شفيق؛ وهو باحث مغربي متخصص في علم الاجتماع. وجاء هذا العمل في حجم 105 صفحة. هذا الكتاب هو في الأصل دراسة ميدانية أنجزها حول التغيرات الاجتماعية التي عرفتها الأسرة و مواقف فئة الشباب حول السياسة و الدين و الأسرة.
 استند  المؤلف في الفصل الأول، على إبراز التحولات الاجتماعية للأسرة المغربية، وذلك من خلال أربعة مداخل كبرى؛ أولها " انفجار الأسرة الممتدة "، يوضح فيه بنية النظام الأسري التقليدي، الذي يقوم على سلطة الأب ( يعني أن السلطة في هذا النموذج قائمة على بعد هرمي، و ذلك وفق متغيرات السن و الجنس)، ثم الاقتصاد العائلي ( الملكية الجماعية) وكيفية الانتقال إلى النموذج الأسري النووي، الناتج عن ظهور اقتصاد السوق، الذي أفرز عنه العمل المأجور و توسع مجال التعامل النقدي، بالإضافة إلى خروج المرأة للعمل[1].