● مميزات رحلة ابن بطوطة:
ليس من المُسْتبعد أن يكون رحّالة آخرون قبل ابن بطوطة زاروا نفس المناطق التي زارها، وقد تحدث بنفسه عن لِقائِه مغربيًّا بالصّين. لكن ميزتَه أنه دَوّن رحْلتَه فيما تغافل الآخرون عن تدوينها، فاكتفوا مقابل ذلك بسردها شفويا، حتى انتهت بوفاتهم ووَفاة مَن سمعوا منهم. وتتجلى مظاهرُ تفوقه على أصحابِ الرّحلات المكتوبة في:
* اتساع البقعة الجغرافية للمناطق التي زارها، فتمتد من المحيط الأطلسي غربا إلى الصيـن شرقـا، ومن بلاد التتار شمالا إلى إقليم السودان أواسط إفريقيا جنوبـا. هكذا، يكون قد زار القارات الثلاث المعروفة في وقته، إفريقيا وأوربا وآسيا. ويكون قد اختلط بثقافات عديدة، وتَعرّف على حضاراتٍ عديدة، واطّلع على أحوالها، منها الحضارة الإسلامية في المشرق وفي المغرب معا، والحضارة الصينية، والحضارة الهندية وغيرها.
* طول المدة الزمنية التي قضاها في رحلاته، والتي تقترب من ثلاثين عاما.
* تَدَاخُل العوامل التي دفعته إلى القيام برحلته؛ فقد كان دافعه إلى الخروج بادئ ذي بدء هو "حج بيت الله الحرام"[1]. لكن، منذ أن كاشفه الشيخ المرشدي في رؤياه، حل به شوق إلى زيارة البقاع المقدسة، وزيارة ما غمض من الأراضي البعيدة. فظهرت عوامل جديدة مع تقدمه دفعته إلى الاستمرار في رحلته، منها السفارة والاستكشاف وطلب العِلم... ومع تداخل هذه العوامل، أصبحت رحلته حجية وزيارية وسفارية وعلمية واستكشافية... وتداخلت نصوص عدة في رحلته جعلتها محطة تلتقي فيها علوم عدة، منها التاريخ والجغرافيا والإثنوغرافيا والتراجم...
* سُرْعة اتصَاله بالناس؛ فلا يَحُلّ بلدا من بلدان العالم إلا واتّصَل بكبرائها ورِجَالها وتَقرَّب منهم. ومن ثمة، عمَّق مَعْرفته بالأشياء والأشخاص والأحداث، وحصَّل معلومات لا يحصل عليها الزائر العادي، وفُتِحت له الأبواب فحظي بالعطف والتشجيع والمساعدة من لدنهم، وهذا أيضا مكّنه من مواصلة رحلته.
* ثنَائِيّة السّارِد فِي الرِّحْلة: فمن ميزة أدب الرّحلات أن السارد فيها هو نفسه الذي قام بالرِّحْلة على أرض الوَاقِع أو تخيلها[2]. لكن قارئ رحلة ابن بطوطة يصادف وجود ساردين، هما ابن بطوطة صاحب الرحلة، ثم ابن جزي كاتب الرحلة ومنقِّحُها والمُضيف لها. ويمكن –انطلاقا من الرحلة- التمييز بين أسلوبيهما؛ أسْلوب ابن بطوطة التقريري الجاف، ثم أسلوب ابن جُزي الأدَبي المسجوع، والذي يحاكي أسْلوب ابن جبير[3].
* من مزاياها أيضا، أنها أوّل رحلة كشفت عن كثير من الأنظمة والمظاهر الحضارية للجهات التي زارها[4]، بالإضافة إلى الاقتصاد والتاريخ والأحوال الإجتماعية...
●الوصف في رحلة ابن بطوطة:
عُرِف عنْ ابن بطوطة دِقّة المُلاحظة وفضوله وتَطلّعه لاكتشاف المَعرفة، واهتداؤُه لاكتشَاف الأشياء الجَديرة بلفْت النظر والتّسْجيل. ومِن أهَم ما أثار ابن بَطّوطة في رحْلته:
* الأشْخَاص: مما لا شكّ فيه أن ابن بَطّوطة لاقى في رِحْلته أشخاصا عديدين ينتمون إلى جنسيات ولغات مختلفة، وتعامل مع أصناف من طبقات متبَايِنة. لكن الرّابط بينه وبينهم في أغلب الأحْيان هو الدين الإسلامي. ورغم أن ابن بطوطة عمل في كل بلدة وصل إليها بلقاء سُلطانها أو أميرها، والتّقرب منه طالبًا عَطاءه ورَاجيا كَرامته، إلا أن الأشخاص الذين حَظواْ عنده بالمرتبة الأولى من الاهتمام هم الأولياء والصالحون والمتصوفة. ورِحْلته حافلة بأسماء شيوخ ذوي كرامات وخَوَارق، ولعل ذلك راجع إلى نزعته التصوفية.
بعد الأولياء، تَحدّث ابن بطوطة في رحْلته عن السلاطين. منهم أبو عنان ووَالِده أبو الحسن من ملوك بني مرين، والسلطان محمد أوزبك، والملك الناصر، وملك القسطنطينة والكثير من الملوك والأمراء. إلا أن السّلطان الذي حظي عنده باهتمام أكبر، هو سلطان الهند محمد بن تغلق، الذي وصف بلاطه بكل تفاصيله، وكرمه وروعه وبطشه... ولعل في ذلك جرأةً من الرّحَّالة، حين يُثْني على ملك الهند ويَمْدحه، وهو بين يدي سلطان المغرب أبي عنان. ولا عجب في ذلك، فقد أكرمه هذا السلطان ووَلاّه القضاء بدلهي، وأرسله في بعثة للصين.
وَيَحْرص ابن بطوطة، عند دخول أي مكان بعد ذكر أوليائه وسلاطينه، على ذكر قضاته وأئمته. ومما يلفت النظر أنه رغم كونه شيخا وعالما ومتصوفا يتحدث عن نساء بعْض البلدان ولا يجد حرجا في ذلك. فيصِف جَمالهن أحيانا وحُسْن معاملتهن في الفراش، كصنيعه مع نساء جزُر ذِيبَة المَهَل. وتارة أخرى، يسْتقبح ما قد يراه فيهن كاستنكاره لصَنيع نِساء السّودَان، إذ تَتّخِذ كُل واحِدة صَديقا لها من الذّكور، دُون غِيرة زوجها عليها، ويَصِف ابن بطوطة ذلك السُّلوك بالرّعْونة[5]. وهناك إشارة، لا بُدّ أن نشير إليها هنا، هي حِرْص ابن بطوطة على ذِكر المَغاربة أبناءِ بلدِه، الذين لاقاهم بمُختلف بِقاَع العالم. وتَدْخل هذه المُلاحَظة في إطار اعْتزاز الرّحَّالة ببَلد نَشْأته المَغرب، وفي إطار تَجليات حُضور المَغْرب في الرِّحْلة[6].
* الأماكن: كما جعل ابن بطوطة الأولياء في المرتبة الأولى، فقد حظيت عنده كذلك الأماكن المقدسة، كالزوايا وقبور الأولياء وديار الصحابة وآثار الرسول صلى الله عليه وسلم بالدرجة الأولى من الاهتمام. كما تحدث عن المساجد وعن أبوابها وزَخَارِفها... وتَحدث عن الزوايا ونشأتها والأوقاف التابعة لها، وما بِها من طعام للصّادر والوَارِد. وبعد الأماكن المقدسة، تأتي قصور الملوك والسلاطين بما تتضمنه في الدرجة الثانية من الاهتمام. ثم يهتم بالهندسة الداخلية للمدن والقرى ومواقعها والمسافة بينها وبين غيرها، ويصف عمرانها ومسالكها وأسوارها، والأودية والأنهار التي تحيط بها.
* الحياة الاجتماعية: كُلّما دَخل ابْن بطّوطة بَلدة، والتحم بأهلها، إلا تحول إلى إثنوغرافي يَصف ويُفسّر ويُقارن ما لفت نَظره من عوائدهم وتَقاليدهم. هكذا، وصف في رحْلته أحوال الشعوب واحْتفالاتهم، وتَرْتيبهم في ذلك. وقَدّم لنا ملاحظات دقيقة عن طرق العَيش عندهم من أكْل وشرْب وظُروف عيش ومُعْتقدات.
*الحضارة: يبدو في الرّحلة اهْتمام كبير من ابن بطوطة بحضارات الآخرين، ويحدد موقفه منها. لذلك، تراه ينقل خبرات الآخرين في تنظيم أجهزتهم الإدارية والعسكرية وغيرها. ويُحَدثّنا عن طبَائع العُمْران عند بَاقي الحَضارات، ويَصف أصْناف اللباس وعادات الشعُوب في المَأكل والمَشرب. وينقل لنا أخبار الدول والحضارات في علاقاتها الخارجية.
اهتم ابن بطوطة، كذلك، بالحضارة الإسْلامية على شساعتها وتعَدّد مظاهرها. وقد اهتم داخل الحَضارة الإسلامية، بما أنتجته تلك الثقافات المتعددة، من علوم وقوانين وملابس وأطعمة وعِمَارة إسلامية أصيلة، مع قلة اهتمامه بالآداب. وهناك نظام، لا بد من الإشارة إليْه، هو انْتشار المؤسّسات الاجْتماعية التي تهتم بالزّائرين والفقَراء في جميع أقطار الحَضارة الإسلامية. منها الزّوايا في البلدان العربية ونِظام الأخِيّة في آسيا الصغرى... وقد اعْتُبرت مُحَفّزا لابن بطوطة في تِرْحاله.
أما اهتمام ابن بطوطة بالحضارة المرينية التي نشأ فيها، فلم يحصل بشكل مباشر. إذ لم يتحدث عن الحضارة المغربية إلا ليقارن بها ما شاهده في حضارات الآخرين، سواء من باب التشابه أو الاختلاف.
●القيمة الحضارية لرحلة ابن بطوطة:
تُشَكّل رحلة ابن بطوطة وثيقة حَضارية ثقافية ربَطت بيْن الشّرق والمغرب خلال العَصْر المَرينِي، من خلال تَنقّلات الرّحالة في كتابِه بين عوالمَ عاش فيها، وانْدمج مع سكّانها، وتأثّر بهم وعاداتهم. وبذلك، سَجّل الرّحالة كلَّ الدّقائق التي عرَفها في كتابه مِمّا يتصل بأبحاثِ التاريخ من سياسة واجْتماع واقْتصاد وثقافة وحروب ونُظم للحُكم والإدارة والقَضاء، ونقلها إلى مجتمعه ليربط بين شعوب وحضارات وثقافات في لحظات مختلفة وفي ظروف متمايزة. كما أنّه سينقل ثقافته ومجتمعه وحضارته إلى كل البلاد التي أقام بها ورحل إليها، مبينا أوجه التقارب والإختلاف، ومُعْتزا بانتمائه إلى بلده، وبقدرته على ربط جسر للتفاعل والتلاقح بين الثقافات في المشرق والمغرب.
وقد شهِد المَغرب خلال العصر المريني الذي عاش فيه ابن بطّوطة تطورا حضاريا هاما، "ففيه اكْتملت الشّخصية المَغربية وتميزت بأصَالتها وانْفردت بشكلها المتميز عن الشّرق والأنْدلس"[7]. ويتجلى هذا المستوى الحَضاري المُحْكم فيما عرفه العصر من تنظيم إداري مُحكم، حيث نُظّمت السِّكة المَغربية وحُقّقت المكاييل. كما دفع العُبور المُتواصل إلى الأنْدلس، إلى تطوير صناعة السُّفن والصناعة الحربية والتنظيم العسكري. ومِن تجليات هذا الازدهار الحضاري أيضا، ما عرفه العُمْران من تطور، تمثل في المُنشآت المِعمارية وتَفنّن المَغاربة في ذلك.
وبما أن العصر المريني، عرف اكتمالا في الجوانب الحضارية و الإدارية؛ فابن بطوطة، باعتباره عَارفًا بأمور حضارته ومُنفتحًا على حضارات الآخرين، قد اتّخذ من الحضارة المغربية بكل تَجلياتها معيارا يقيس عليه ويعقد به المقارنات. لهذا، نَجده يُقارن بين القدرة الشرائية في مصر والمغرب، ويَصْرف عُملة الهند بعملة المغرب، وفي مجال المِعْمار يُشَبّه القاشاني بالزليج، والمُنْشآت بِنظيراتها المغربية كمدرسة أبي عنان. ويُقارن أكثر من مَرّة المَوازين والمكاييل في البُلدان التي زارها بالرطل المغربي، ويُشبِّه أصْنافا من اللباس باللباس المغربي.. لذلك نجده يردد دائما عبارة "وهو عندنا". أما في الجانب الإداري، فقد تحدث عن الوظائف والوثائق وما يتعلق بهما، ويُورِد مُقابلات لها في الحَضارة المَغربية كلفظ الظهير مثلا. لكِنّه، في أغْلب الأحْيان، يتحدث عن هذه الوَظائف وغيرها انطلاقا من مصطلحاتها الحضارية التي تُستعمل في المَغرب، كأنها بِلا تَسْمية عندهم. وقد أتاح استعماله لهذه المصطلحات الحضارية المغربية الوقوع في عدة مشاكل تتعلق بالترجمة والتحقيق سيأتي الحديث عنها.
ونَرى هنا الذّات المغربية حَاضرة دائما عند ابن بطوطة وهو يَتحدث عن الآخرين، مُتوسلا في ذلك بالمُقارنة. فالمقارنة تَرتبط ارْتباطا وثيقا بالنَّص الرِّحْلي، إذ "تَفْتح –الرحلة- بابَ المقارنةِ بين تصوّر الذات وتصور الغَير من نَاحية ثانية، وذلك بسبب اخْتلاف الإطار الثقافي (الحَضاري) الذي تتشكل فيه شخْصِية (هوية) شعب ما"[8].
● تدوين الرحلة:
يعود الفضل في إنْجاز رحلة ابن بطوطة - حسَب الدكتور عبد الهادي التازي- إلى أربعة أشخاص[9]:
* السلطان أبو عنان: وهو الذي أصدر الأمر بانْتساخ الرحلة، وجَعْلِها في متناول القُرّاء، فكانت بذلك حَافزًا لتخْليد اسمه بالرغم من أنّ مدة حُكمه لم تتجاوز عشر سنوات. وعلى ما يبدو، فالسلطان أُعْجِب بالرحلة وتَنبَّه لقيمتها الحَضارية، وما تَحْمله من معلومات عن الحضارات الأخرى التي زارها الرّحَّالة. فأَمْر أبي عنان لابن جزي بتدوين هذه الرحلة لم يحصل إلا رغبة منه في أن تعم فائدتها ويُسْتَفَادَ مما تحتويه من معلومات، وحتى لا تتعرض للنسيان.
* ابن وُدْرَار: هو أبو فارس ابن ميمون ابن وُدْرار الحَشمي، قائد لدى السلطان أبي عنان. وهو الذي استأنس بابن بَطوطة، وأعْجِب بأخباره، ودافع عنه في كثير من المجالس. ويكمن دَوْره في كون بعض مُعاصري ابن بطوطة من أمثال ابن خلدون شكّك في الرّحلة فقصده في مُحاولة لِكتم أنفاسها، لكن الوَزير أنْصف الرّحالة وأرْجع ابن خلدون إلى صَوابه فيما يتعلق بمصداقيتها[10].
* ابن جزي: أبُو عبد الله مَحمّد بن أبي القَاسم مُحمّد بن أحْمد بن جُزي المَولود في غَرناطة سنة 721/ 1321؛ وقد التَحق بالمَغرب فارّا من العقاب. كان من أفضل الكُتّاب في مجْلس أبي عنان، وصَاحِب الخَطّ الرّفيع البَديع، لذلك أمره السُّلطان باسْتنساخ رحلة ابن بَطوطة فامْتثل أمْره. وأسْلوبُه في الكتابة يَغلب عليْه الطّابَع الأدبي، ويَتأثر بأسْلوب ابن جُبَير[11].
* ابن بطوطة: و هو الشخصية الرئيسة في هذه الرحلة، إذ هو الذي طاف الأرجاء من مشرق الشمس إلى مغربها، واسْتطاع الانْفتاح على حَضارات إنسانية مُتعددة. فأطْلعَنا على معلومات قَيّمَة عن البُلدان وأهَاليها، وعن عَوائدهم، وتاريخهم، وزَار بُلداناً لم يَصِلها رحّالةٌ مُسلم من قبل. فكان بذلك خيطا واصلا بين الحضارة المغربية والإسلامية وباقي الحضارات. هذا جَعلنا "أمام رجُل حَضاري يَعْرف قِيَم الحَضارة المَادية والمَعنوية ويَزِنها وزْنها الصّحيح"[12]. ومع ذلك كله، فقد تعرّضت هذه الشخصية للإهمال منْ طرف المُترجمين، رغم معاصرته لابن الخطيب. أما حياته بعد الرحلة، فلا نعرف عنها شيئا سوى أنّه يُزاول القضاء بإقليم تامسنا. ويورد ابن الخطيب في ذلك مَعلومة عن مُراسَلته له في نُفاضة الجراب "خاطبْت القاضي ابن بطوطة بتامسنا، وقد عَزمت على إثارة الأرض بجواره. لتَعْلم سيادة القاضي شمس الدين، معلم المواقف الحبسية والميادين... "[13]. ومِما لا شك فيه، أن تَوْظيفه قاضيا من طرَف السّلطان أبي عنان كان وراءه مغْزى، وهو الاستفادة من خِبْرته في القضاء، بحكم أنّه اطلع على حضارات الآخرين وتَعرّف على تجاربهم في تنْظيم شُؤونهم الإدارية والسياسية...
بعْد تدْوين الرِّحلة، تعرّضت للتّشكيك والإنكار، واتُّهِم صاحبها باخْتلاق التّفاصيل والمُبالغة. ومما جعل الرحلة تتعرض للشك، كونها أولا، تَتّسم بالمُبالغة والتّضْخيم في ذكر الأولياء الصّالحين وكراماتهم، وفي ذكر الأخبار المتعلقة بالسِّحر والشّعْوذة. ثم ثانيا، إن قارئَ الرِّحْلة يجد ثغَرات كثيرة نتج عنها انقطاع خط السير[14]. وسَببُ هذا الاضْطراب الحَاصلِ في أجزاء الرِّحلة اعْتماد صاحبها على الذّاكرة في قَصّ أحداث تبتدئ منذ حوالي ثلاثين سنة، في مناطق شاسعة، وأقوام متعددين، وألسنة متعددة. وحتى مذكراته التي كانت ستساعده على التَّذَكّر ضاعت منْه، إذ نجده يتأسف على ضياعها عدة مرات "مما سلبه مني كفار الهند في البحر"[15]، ومع كل ذلك، كان طبيعيا أن يتخللها هذا الاضطراب.
ومِمّا يُزَكّي قوْلَ ابن بطوطة وينفي عَنه تُهَم الاخْتلاق و الكذب، أولا، اتّفاق مُلاحظاته ورواياته مع مَن زار تلك المَناطق البعيدة كالهند والصِّين، منهم ابْن فضْلان والرحالة البندقي ماركوبولو. ثانيا، تَأكيد صِحَّة حكاياته ورواياته من طرف الباحثين في عصرنا، بعد تصَدِّيهم لمُواكبة الرّحالة وتَتبع آثاره في المَناطق التي زَارها[16].
[1]) قال في المقدمة: "معتمدا حج بيت الله الحرام"، رحلة ابن بطوطة المسماة: تحفة النظار في عجائب الأسفار وغرائب الأمصار، تحقيق عبد الهادي التازي، منشورات أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1997، مج1، ص.153.
[2]) محمد الحاتمي، مقال بعنوان: "مكونات الخطاب الرحلي"، مجلة فكر ونقد، دار النشر المغربية، ع87، 2007، ص.56.
[3]) مصطفى عطية جمعة، مقال بعنوان "قضايا الأسلوب وخصائصه في كتاب تحفة النظار لابن بطوطة"؛ ضمن مجلة عالم الفكر، ع3، مج41، يناير-مارس 2013، ص207.
) محمد المنوني، مقال بعنوان "ابن بطوطة"؛ ص13ـ 20، مجلة دعوة الحق، س19، ع8، ص.18.[4]
) رحلة ابن بطوطة، مج4، ص247.[5]
[6]) انظر بهذا الصدد المقالات والأبحاث التالية:
* محمد الشريف، مقال بعنوان "الجالية المغربية في العالم من خلال رحلة ابن بطوطة"، ضمن مجلة المناهل، ع59، س24، ماي 1999، ص.100ـ124.
* عبد السلام شقور، مقال بعنوان "المغرب في رحلة ابن بطوطة"؛ ضمن مجلة المناهل، ع59، س24، ماي 1999، ص.23ـ38.
[7]) أدب الرحلة بالمغرب خلال العصر المريني؛ الحسن الشاهدي، ط2، منشورات عكاظ، الرباط، ج1، ص.41. وقد خصص موضعا في مقدمة كتابه للحديث عن الحياة الإجتماعية والحضارية للمغرب خلال العصر المريني؛ ج1،ص.37ـ43.
[8]) المغرب و أوروبا: نظرات متقاطعة؛ ط2، 2007عبد النبي ذاكر، منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، أكادير، 2007، ص.29.
[9]) وردت في مقدمة تحقيقه لرحلة ابن بطوطة، ص77- 80.
[10]) المقدمة؛ ابن خلدون، الطبعة الخامسة، بيروت/ لبنان: دار القلم، 1984، ص.181.
[11]) محمد المنوني، مقال بعنوان "ابن بطوطة"، مجلة دعوة الحق، س19 ع5، ص13- 20.
) ابن بطوطة و رحلاته، حسين مؤنس ، دار المعارف، القاهرة، ص.239.[12]
[13]) نفاضة الجراب في عُلالة الاغتراب، لسان الدين بن الخطيب، تحقيق أحمد المختار العبادي، الدار البيضاء: دار النشر المغربية، ص.137.
[14]) الحسن الشاهدي، مرجع سابق، ص283-284.
[15]) وقد تحدث عن سلبه من كفار الهنود أربع مرات: الرحلة، تح التازي، مج3، ص26 و 249 / مج4، ص11 و 98 .
[16]) تناول الحسن الشاهدي موضوع الشك في رحلة ابن بطوطة ودافع عنه بطريقة موضوعية في موضعين:
* الشاهدي، مرجع سابق؛ ص.277ـ 298.
* نفسه، مقال بعنوان "الموقف النقدي من ابن بطوطة ورحلته قديما و حديثا"، مجلة المناهل، عدد59، سنة 24، ماي 1999، ص.446ـ 468.