3inaya-azzeddineلم تتطور الدراسات العربية في إيطاليا في العصر الحديث بمعزل عن مشاغل الكنيسة، ما جعلها مصبوغة منذ مستهل انطلاقتها بخيارات دينية، أبقت تعليم اللغة العربية وتعلّمها، إلى تاريخ قريب، حكرا على رجال الدين وطلاب اللاهوت الكاثوليك. لكن في خضم ذلك المسار لاحت بوادر انعتاق من الاحتكار الكنسي، الذي طالما تحكم بهذا المبحث، ليشهد المجال تطورات حثيثة في الأوساط غير الدينية، لا سيما منذ توحيد إيطاليا وإشراف الدولة على قسط وافر من المؤسسات التعليمية. وبشكل عام توزّع المستشرقون والمستعربون الإيطاليون عبر تاريخهم ضمن ثلاثة أصناف: صنف في خدمة الكنيسة، وصنف انشغل بخدمة الأغراض الاستعمارية، وصنف انساق مع تلبية احتياجات الدولة، مع تداخل في بعض الأحيان في الأدوار بين هذه الأصناف.

فبتتبع مسار الاهتمام بلغة الضاد وبالدراسات العربية في هذا البلد، يمكن العودة بالانشغال إلى البابا كليمنت الخامس (1264-1314م)، الذي حثّ في إحدى عظاته في فيينا، سنة 1311، على ضرورة إيلاء تدريس العربية والعبرية والكلدانية والسريانية عناية في مختلف العواصم الأوروبية، بغرض أداء العمل التبشيري على أحسن وجه. وتُعدّ تلك الدعوة -وبقطع النظر عن مغزاها- عاملا مهمّا في لفت الانتباه إلى العربية والحث على الإلمام بها.

عبد الوهاب المسيرياستهل عبد الوهاب المسيري مؤلفه ( اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود ) ، بمقدمة عبر من خلالها عن جدة الموضوع الذي سيتناوله، طارحا في الآن ذاته الهيكل العام الذي يستوحي من منجزه تصوراته في إطار مقاربة نسقية ، تتوخى إضفاء نوع من الوحدة والتماسك على مختلف الحقائق الثقافية المرتبطة بالظواهر الإنسانية. إذ ينطلق الكاتب في مقاربته من سيادة الاعتقاد القائل بأن هناك نموذجا معرفيا، بمثابة الإجراء التوليدي الكفيل بتفجير مختلف ينابيع البنى الرمزية التي يهبها الإنسان للظواهر. والنموذج برأي الكاتب هو ذاك الواحد الكثير في مرائي مراياه، الذي تنتظم وتصطف بداخله تلك التعددية وفق نوع من المعقولية الداخلية، يكون فيها كل من الإله والطبيعة قطبي الرحى أما مركزها فهو : الإنسان. فهذا الأخير عنصر التوسط الإلزامي من شأنه صياغة الواقع وفق بنية تصورية ترادف رؤية الإنسان للكون، تعكس هذه البنية نموذجا معرفيا من بين نماذج معرفية أخرى (من تصور الإنسان).
وفي إطار السعي الحثيث لتعقب هذه النماذج، ينطلق الكاتب من فرضية مفادها أن هناك ترابطا بين اللغوي والديني والنفسي، على اعتبار أن الصورة المجازية أداة للتعبير وللإفصاح عن رؤية الإنسان للكون من جهة، ووسيلة للانتقال من اللغوي إلى الديني (رؤية الإله) إلى النفسي (مضمون الإدراك) من جهة أخرى.

3inaya-azzeddineاختار المفكر التونسي الدكتور عزالدين عناية البحث في الأديان، من خلال إصداره «الأديان الإبراهيمية: قضايا الراهن»، وهو ما يزيد رصيده في هذا المجال، كونه متخصصاً في علم الأديان. ويرى عناية أن «الوعي الديني في الواقع العربي أسير السياسة والاغتراب، ولا بد من العمل لفكّ أسره من هاتين الآفتين. إذ سرعان ما ينحو التعاطي مع الديني منحى سياسياً بموجب نضوب المعنى في فهم الدين، وسرعان ما يجنح الديني نحو الاختلاف بموجب توتر واستنفار تعيشه الشخصية العربية، ما أفقدها مقومات الانبساط والانشراح».
 وإلى جانب دراساته، قدم عناية العديد من الترجمات المتخصصة التي تثري المكتبة العربية، ويعيش رحلة فكر، ترجم معانيها في كل مؤلفاته التي أصدرها، والتي تغني الثقافة العربية، خاصة في ما يتعلق بعلم الأديان، عن كل هذا تحدث لـ«بيان الكتب» في الحوار التالي:

مفهوم الأديان
- لماذا اخترت موضوع «الأديان الإبراهيمية» مادة لكتابك؟
بداية لا بد من توضيح أن مفهوم الأديان الإبراهيمية متباين المعنى بين الأديان الثلاثة، فمن الجانب الغربي المسيحي ـ مثلاً ـ المسألة فيها نظر، فبعد أن ساد مفهوم «لا خلاص خارج الكنيسة» طيلة قرون، مستثنياً اليهود والمسلمين من دائرة الخلاص. ورثه مفهوم «التراث المسيحي اليهودي المشترك»، وتدعّم بمفهوم «الإخوة الكبار»، الذي يعني اليهود، والذي يصر على استبعاد المسلمين. لذلك قلت في مؤلفي إن مفهوم الأديان الإبراهيمية حمّال ذو وجوه.

الطب في المغربتقديم:
إن البحث في موضوع الطب في العهدين السعدي والعلوي من المواضيع التي تحتاج التعمق والدراسة، لأنها لازالت لم تحظ بالعديد من الكتابات والأبحاث، وكل ما وصل إلينا هو عبارة في أغلبه عن مقالات. وتبرز أهمية البحث فيه، كون الطب استعمل خلال القرن 19م كأداة لنشر الديانة المسيحية في المغرب، ومن تم يجب التعمق في هذا الموضوع للكشف عن بعض الجوانب التي يمكن من خلالها إغناء التاريخ الاجتماعي المرتبط بالجانب الطبي، كما استعمل الطب أداة ناجعة للتسرب والتغلغل الاستعماري في مغرب القرن 19م وبداية القرن 20م، واستطاع العديد من الأطباء الأجانب كسب ود سلاطين المغرب والوصول إلى مراتب عليا خولت لهم الاطلاع على معلومات دقيقة، سربوها للمستعمر، وبالتالي نجح الطب الاستعماري في مساندة الجيش للوصول إلى مبتغى الدول الاستعمارية خاصة فرنسا بفرضها الحماية على المغرب سنة 1912م.
الطب على  العهد السعدي:
أ- ازدهار الطب:
عرف الطب ازدهارا خلال العصر السعدي، ويبدو ذلك  جليا من خلال عدد الأطباء وكثرتهم، الذين تألقوا في هذا العصر، وإن كان مؤرخ الطب الفرنسي رونو أقر على أن العلوم الطبيعية خلال هذا العصر عرفت ركودا توارثته عن العصور السابقة خاصة والأوضاع التي عرفها هذا العصر من اضطرابات وفوضى على المستوى السياسي والاجتماعي(1).

3inaya-azzeddineلا تزال المقولة الرائجة في أوساط علماء الإناسة إن الإنسان مهيأ أنثروبولوجيا للاعتقاد الديني تنطبق على الإنسان الغربي، رغم التبدل الهائل الذي ألمّ بالدين والمتديّن على حدّ سواء. وفي ظل تلك التحولات العميقة، جدير التساؤل إلى أين يسير "الكائن المتدين" في الغرب؟ ربما كانت الأحكام متسرعة وقتما شاع ان العلمانية، أو بالأحرى اللاتدين، هو قدر الإنسان؛ ولم يشهد هذا القرار الحاسم فتورا سوى مع ظهور ردات كبرى، أبرزت حضور الدين كقوة فاعلة ومصيرية في التحولات الاجتماعية (إيران -1979- وبولندا -1980- على سبيل الذكر).
ما يعنينا أساسا في حديثنا هنا وهو المصائر التي تتربص بالتدين التقليدي في الغرب، المتمثل في المسيحية، والذي يبدو سائرا نحو حقبة ما بعد المسيحية، أو إن شئنا وبشكل أدق نحو ما بعد الكاثوليكية، ونحو ما بعد الأنغليكانية، وما شابهها من الانشقاقات الأخرى. المتابعون للتحولات الدينية، من اللاهوتيين والعلمانيين، باتوا يتقاسمون الرأي حول هذا الوضع المستجد، الذي تفقد فيه مؤسسة الكنيسة ألقها ودورها وسطوتها. لم تعُد الكنيسة مظلة المجتمع، بعد أن فقدت احتكار المقدس الذي بقي طويلا رهن أمرها.

قبائل زمور بين مونوغرافية مارسيل ليسن ومذكرات أحمد بوبيةتـــقـــديــــم:
يشكل التاريخ المنوغرافي أحد الحقول المهمة في البحث التاريخي وقد عرف تطورا في السنوات الأخيرة في المغرب، إذ اتجهت أغلب الكتابات التاريخية الى هذا الحقل مما أسهم في تنوع الاسطغرافية المغربية، فأي كتابة لتاريخ شمولي تستدعي الاهتمام بالتاريخ المحلي أو الإقليمي أولاّ.
 وفي هذا المقال اخترنا الاشتغال على منطقة زمور من خلال عرض وجهة نظر مغربية و أخرى أجنبية لعلنا نستطيع الوقوف على نقاط الالتقاء والاختلاف ،واخترنا منطقة زمور نظرا لموقعها الجغرافي المهم : فقبائل زمور تمتد طولا من المجال المعروف بالعرجات على بعد 15كيلومتر شرق مدينة سلا، إلى مايعرف بعين عرمة على مقربة 15 كيلومتر من مكناس شرقا. وتمتد عرضا من سيدي موسى الحراش قرب سيدي سليمان شمالا إلى حدود قبائل زايّان جنوبا. يحدها من الغرب سهول وأحواز سلا والقنيطرة ومن الشمال قبائل بني احسن والشراردة، ومن الشرق قبائل كروان الشمالية والجنوبية، ومن الجنوب قبائل زعير وزايّان. وفي هذا الإطار استقر رأينا على كتاب Histoire d’un groupement berbère : les zemmour   للفرنسي Marcel LESNE وكتاب قبائل زمور والحركة الوطنية لإبن المنطقة أحمد بوبية .
 اذن ماهي أهم القضايا التي تناولها الكتابين؟ وماهي الملاحظات المسجلة حولهما؟ أين يلتقيان وأين يختلفان ؟

tour img-137034-48اتسمت العلاقات المغربية العثمانية بالمد والجزر، فهي قد كانت في حالة جزر خلال الفترات الأولى من استقرار العثمانيين في شمال إفريقيا، فالمغرب في هذه الحالة بدأ معاديا في علاقاته مع الإمبراطورية العثمانية، لكنه انتهى إلى التعاطف معها.
فخلال المرحلة الأولى، يلاحظ أن الإمبراطورية قد هيمنت سياسيا على العالم العربي، فاستطاعت أن تملأ الفراغ السياسي الذي كانت تعيشه هذه البلاد التي أصبحت عرضة للهجمات الإيبرية خلال القرن السادس عشر. إلا أن المغرب الأقصى ظل بعيدا عن سيادتها، ذلك أن السعديين تمكنوا من سد الفراغ السياسي الذي نتج هن ضعف الدولة الوطاسية في مواجهة الهجمات الإيبرية، " فلم تكن ثمة حاجة لأية قوة أخرى تأتي إلى البلاد "، لذلك كانت محاولات العثمانيين في ضم المغرب دائما فاشلة.
أما خلال القرن السابع عشر الميلادي وما بعده، فإن الدولة العثمانية لم تعد تشكل أي خطر على السلطة في المغرب، ذلك أن الإمبراطورية كانت قد تجاوزت مرحلة شبابها ودخلت في مرحلة الشيخوخة والضعف الذي مس كل مفاصل حياتها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وبالتالي السياسية.

حرية المعتقدتمهيد:
أسالت قضية حرية المعتقد مدادا كثيرا وكذلك دماء غزيرة، ومع ذلك ما زالت قضية راهنة تستحق أن تكون أولى الأولويات، لذلك يجب تحيين النقاش والكتابة حولها مادامت لم توضع ضمن الحقوق في جل البلاد الإسلامية.
إن الحق في حرية الفكر والمعتقد يعتبر من أكثر الحقوق الإنسانية بديهية، بفضلها يصبح الإنسان إنسانا عن حق، فلا يمكن أن نُكره شخصا على اعتناق دين أو فكر يرفضه عقله ووجدانه.
ليس الإرهاب فقط أن تفجر مجموعة من الغلاة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، لتغتال من تعتبرهم كفارا، بل الإرهاب أيضا، أن تمنع الإنسان البالغ الحر من اختياراته الفكرية والعقدية وتحجر عليه. الإرهاب الأول جسدي مادي والثاني نفسي رمزي. فرغم تبجح البعض بالاعتدال والتسامح وشجبهم للتكفيريين والإرهابيين، إلا أنه في حقيقة الأمر لا فرق بينهم  وبين الإرهابيين من حيث الفكر، فكلاهما يؤمن بحديث "من بدل دينه فاقتلوه". الفرق طفيف يكمن في قول الفئة الأولى "سأقتلك بنفسي"، في حين توكل الفئة الثانية مهمة القتل للإمام .

سنحاول في هذا المقال أن نتناول هذه القضية من وجهة نظر إسلامية نستند فيها على نصوص القرآن القاطعة في مسألة حرية المعتقد. ولن نأتي هنا بجديد فقد استنفد القول في هذا الموضوع، وفندت قطعا جل الدعوات التي تتبنى قتل المرتد والحجر على الفكر. فلا يمكن للإسلام وللنبي أن يكره أحدا على الدين بعد أن أكره هو والمؤمنون على ترك دينهم من طرف كفار قريش !.