تعد إشكالية الحكم والسلطة من أعوص المسائل التي طبعت تاريخ المغرب؛ حيث إن الصراع عليها ومن أجلها، أدى إلى اغتيال مجموعة من الأمراء ورجال المخزن، كما شكلت المنافسة حول السلطة من بين العقبات التي واجهت المخزن مند العصر الوسيط، سواء تعلق الأمر بالصراع بين أبناء السلطان بعد وفاته؛ كما حدث بين أبناء مولاي إسماعيل، بحيث شكل "تعدد الأمراء خطرا دائما على مؤسسة المخزن"(1) إلى جانب تمرد بعض رجالات المخزن وثورات بعض القبائل.
لذا فلا غرابة في أن نجد معظم الإخباريين الذين أرخوا للمخزن المغربي يخصصون حيزا هاما من كتاباتهم للحديث عن تلك العلاقة الجدلية التي كانت بين المخزن وباقي أفراد المجتمع المتطلعة للسلطة؛ هذا التطلع كان سببا في كثرة الاغتيالات، التي استخدمها المخزن كأداة لردع هؤلاء الخارجين عن السلطة والمنافسين لهم، والذين شكلوا خطرا دائما على حكم المخزن واستمراره، وهذا ما سنحاول تفصيله عبر ثنايا هذا المقال وذلك استنادا للمصادر ومراجع تاريخية تناولت الموضع ولو بشكل ثانوي.
1- الصراع على السلطة:
كان للصرع حول السلطة بين الأمراء من جهة، وبين رجال الدولة من وزراء وولاة وعمال ... من جهة أخرى، وما كان يتبعه من دسائس ومؤامرات وحروب بسبب الأحقاد الشخصية والطمع في تولي المناصب المخزنية وخاصة بعد وفاة الحاكم، آثار سياسية واقتصادية على المغرب والمغاربة، ففي عام 1032ه/ 1672م توفي مولاي رشيد وعين مولاي إسماعيل ملكا للمغرب وذلك "يوم الأربعاء سادس عشر ذي الحجة متم 1082ه/ 13 أبريل 1672م بمحروسة فاس"(2)، لكن سرعان ما قدم ابن أخيه أحمد بن محرز إلى مراكش طلبا للسلطة، "فالتفت حوله بعض القبائل النازحة إليها"(3).