هل التقرير الذي تقدمت به اللجنة الاستشارية عن الجهوية المتقدمة لامس نموذجا جديدا للجهوية بالمغرب تاريخيا ، مجاليا و حقوقيا ؟ و أي جهوية نريد ؟
2) مجاليا:
مع استمرار التناقض المجالي بين جهات المملكة مع النموذج الجهوي الاخير لسنة 1997 وعودة الى ثنائية المغرب النافع و غير النافع بفعل سيادة السلطة المركزية و ضعف اختصاصات السلطة اللامركزية الجهوية ، ستثور الحاجة الى جهوية حقيقية تستجيب لمطالب التنمية الاقتصادية ، الاجتماعية ، الثقافية و المجالية و لكن بمعايير علمية دقيقة و وفق نموذج قادر على بناء أسس عدالة مجالية.
أ- الاخلال بمنهجية المقاربة التشاركية :
يعاب على اللجنة عدم تفعيلها لمنهجية المقاربة التشاركية مع فعاليا ت المجتمع المدني بصفة خاصة بالريف الكبير / الشمال ، حيث استشارت مع أكثر من 900 هيئة مدنية على الصعيد الوطني مع اقصاء تام لجميع هيئات و منظمات و جمعيات و شبكات الجمعيات العاملة بجهة الشمال باستثناء شبكة المواطنة بمدينة طنجة ، اضافة الى عدم استشارتها مع مغاربة الخارج الذين يمثلون أزيد من خمسة مليون نسمة ن وكذا اقصاء المعاهد و الجامعات و المدارس العليا في المغرب و إقصاء كذلك وزارة الثقافة ، مما يعني تغييب المرتكز الثقافي كمبدأ هام من المبادئ المرشدة في المجال ، في مقابل طلك تشاورت اللجنة مع مؤسسة البنك الدولي ، مجلس اوروبا (مؤتمر السلطات المحلية و الاقليمية) ، منظمة الامم المتحدة للمرأة ، معهد التوقعات الاقتصادية في عالم البحر الابيض المتوسط ، 30 جمعية فرنسية ، 202 جمعية تهتم بشجرة أركان بأكادير .(06)
ان اعمال البيروقراطية خاصة بجهة الشمال / الريف الكبير بدل الديمقراطية التشاركية يتناقض مع المرجعية المعيارية المؤسسة لمشروع الحهوية المتقدمة وهي الواردة في الخطاب الملكي يوم 30 يناير 2010 غداة تنصيبه للجنة وقد جاء في مضامينه : ( لذا قررنا اشراك كل القوى الحية للأمة في بلورته ... و طبقا لما رسخناه من انتهاج للمقاربة التشاركية في كل الاصلاحات الكبرى ، ندعو اللجنة الى الاصغاء و التشاور مع الهيئات و الفعاليات المعنية و المؤهلة ) (07)
ب- الاخلال بالمبادئ المعيارية للمجال ( التراكمي / الوظيفي ):
· مبدأ التراكم ، يشير التقرير إلى استناده في التقطيع الجهوي على الشبكة الإدارية الإقليمية الحالية من منطلق البناء على التراكم القائم و استفادته من تقاليد عريقة في التسيير اللامركزية بالمملكة (08) ، علما أن لا تراكم تحقق بسبب سيادة منطق الوصاية من الإدارات المركزية أما التقاليد العريقة من التسيير اللامركزي فهي تلك التي عرفتها الجهات التاريخية بالمغرب منها جهة الشمال / الريف الكبير التي تأسست فيها إمارة بنو صالح في بلاد النكور
و اعتماد القبائل لنهج أسلوب التسيير الذاتي لشؤونها بعد اكتفاء السلطة المركزية بضمان الولاء و جباية الضرائب ليتعزز مؤسساتيا هذا النموذج اللامركزي مع الحكومة /الجمهورية الريفية التي أسسها محمد بن الكريم الخطابي في الفترة الاستعمارية.
· مبدأ الوظيفية ، هنا يطرح سؤال جوهري عن طبيعة الوظيفة التي يمكن أن تؤديها جهة الريف / الشرق ؟ فالريف يصف مجاليا ضمن الهامش أي من مناطق الظل و نفس التصنيف ينسحب عل منطقة الشرق فكيف يتم إلحاق هامش بهامش آخر ؟ ، فالتصميم الوطني لإعداد التراب كوثيقة مرجعية بينت بوضوح وضعية الركود البنيوي و تعطيل الموارد و الإمكانات في النطاق المتوسطي من حيث التنمية حيث جاء فيها : * ضعف و ركود البنيات التقليدية و تعطيل كل إمكانيات النمو في النطاق المتوسطي بسبب موقعه كنطاق واقي و دفاعي في المواجهة العسكرية مع أوروبا و أمام كل الأخطار الخارجية * (09) لذلك كان من الأسلم أن يتم توحيد جهة الشمال / الريف الكبير بدل تجزئتها و إلحاقها بثلاث جهات انسجاما مع الانتماء إلى المجال المتوسطي الذي يمثل العمق الجغرافي و التاريخي للريف و تفعيلا للديناميكية المتكاملة التي تقود الجهة نحو النهوض التنموي و تحوله من قطب طرد/الهجرة إلى قطب جذب/الاستقرار و يستعيد دوره الحضاري في التاريخ .
(يتبع) 2/4
شفيشو عبدالاله / الشاون
.......................................................................................................................................
المراجع:
6) تقرير اللجنة الاستشارية ، الجزء الأول ، التصور العام ، ص:83/90
7) نص الخطاب لرئيس الدولة 30 يناير 2010
8) تقرير اللجنة الاستشارية ،ص:66
9) التصميم الوطني لإعداد التراب،منشورات لنفس المديرية لسنة 2003 ،ص:59