أمّي التي لم تقرأ
ولم تَكتُبْ أبدًا
أفصحُ منّي
تُسَمّي يومَ الأربعاء
- إرْبِحَاء -
مرّةً قلتُ لها
قُولي ـ أَرْبَعاء ـ
قالت
إربِحَاء...إربِحَاء
إنّه يومُ الرّبح
رَحماكِ يا أمّي
*
كلَّ عام
فِي يَوم ثالثِ عِيدِ أَضْحَي
تأخُذ أمّي لَوحةَ كَتِفِ الشّاةِ الأيْمن
تُقلّبُها...تُمرّرُ عليها أناملَها وكفَّها
تَتأمّل خُطوطَها...تَتَملّاها
كأنّها تَتهجّاها
*
تَصمُتُ بُرهةً
ثمّ تبتسِمُ وتقُول
ثمّةَ في العام المُقبِل ـ إن شاء اللّه ـ
الخيرُ والبَركةُ
وسنَفرحُ مرّتين
أو ثلاثا
رُبّما بكذا أو كذا
وتَصْدُقُ نُبوءاتُ أمّي
*
آخرُ سَنةٍ
السّنةُ التي فيها أمّي رَحلت
رأيتُ وَجهَها مُكْفَهَِرًّا
كمَا لمْ أرهُ مِنْ قبلُ
لم تَبتسمْ ولمْ تَتكلّم
اِنشَغلنا نحنُ بالشّواء
*
اليومَ
اليومَ فقطْ
بعدمَا مَرّتْ سَنواتٌ ...سنوات
من العُمر فَاتَ مَا فاتَ
تذكّرتُ
رأيتُ آنذاك تَجْويفَةً
رأيتُها ولم أدْرِ
أمِّي رأتْها
...تَجْويفَةَ القَبْر
* سُوف عبيد ـ تونس