يجمع الكاتبُ نور الدّين بنبوبكر[i] في إنتاجه الإبداعي بين أجناس أدبيّة مختلفة من بينها القصص الموجهة للطفل وكتابة نصوص مسرحيّة ومحاولات في الشعر والقصّة باللغتين العربية والفرنسية فلم يمنع اختصاصه في تدريس الفرنسيّة من الولع باللُّغة العربيّة والكتابة بها على ما تحملهُ هذه المُغامرة من مخاطر " فمن لم يحذر مزالقها لا يأمن مآزقها " نظرا لصُعُوبة الجمع بين لُغتين في عملية التخاطب فما بالك إذا تعلّق الأمر بالكتابة الإبداعية .
ويمثل عمله الأخير المعنون بحسان وحارس الكنز من آخر أعماله الإبداعية المكتوب باللُّغة العربية وهو من حيث التجنيس أقصوصة موجهة إلى اليافعين" والأقصوصة جنسٌ سرديٌّ وجيز يتميّز بتقلّص الشّخصيّات والأحداث وضمور سعة المكان وامتداد الزّمان ..وقد اختلف الدّارسون في تحديد خصائص الأقصوصة .."وقد بادر كثير من نقّاد الأدب من بينهم شارل فيال " (charles Vial) إلى اقتراح تصنيفات للأقصوصة بعضها شكلي ، وبعضها الآخر مضموني كأن تكون رومنطيقيّة أو واقعية أو وجوديّة أو عجيبة ..وتعتبر الأقصوصة امتدادا لتقليد الحكاية الشّعبيّة المنظومة (Fabilau) في القرون الوسطى وتطويرا لأقاصيص بوكاشيوا (Boccace) في عصر النّهضة " [ii] و بعيدا عن إشكاليّات التصنيف الأجناسي بدت لنا الأقصوصة مستجيبة للكثير من شروط إنتاجها فقد نزع فيها صاحبها نزعة مألوفة في كتاباته وهي العجيبُ فاختار أن يُولّي وجهه شطر الكتابة العجائبيّة يخرج فيها النّص من ربقة الواقع ليعانق الخيال في كلّ عناصره غرابة واختلافا ولعلّ من أهمّ النُّقاد الذين اعتنوْا أيما اعتناء بالعجيب تزفتان تودوروف (T TODOROV) في كتابه مدخل إلى الأدب العجائبي الذي وقف فيه على خصوصيّة هذا النّمط من الكتابة ذلك" أنّ دراسة تودروف تدشّن المُقاربة المنهجيّة التنظيريّة للفانطستيك بوصفه جنسا أدبيّا يتميّز بمكوناته البنيويّة وبخصائصه الخطابيّة مثلما يتميّز بخصوصيّته الدّلاليّة وتيماته النّوعيّة " [iii] ولكنّ المسألة لا تخلو من تعقيد لأنّ المفهوم ظلّ لأمد مجال اختلاف وتباين فما الذي يحضر في النص الأدبي حتّى نعتبره أدبا عجيبا؟
والعجيب لغة من العجب " العُجبُ والعجبْ ، إنكار ما يرد عليك لقلة اعتياده ، وجمعُ العجبِ أعجاب ، ..وأصل العجب في الُّلغة أنّ الإنسان إذا رأى ما ينكرهُ ، ويقلّ مثله قال قد عجبت من كذا ، ...والعجب النّظر إلى شيء غير مألوف ولا مُعتاد ..والتّعجب : أن ترى الشّيء ويعجبك تظنّ أنّك لم ترَ مثله ..والعجب التّعجّب ...والعجبُ ميزة تعرضُ للإنسان لقُصوره عن معرفته سبب الشّيء أن معرفته كيفيّة تأثيره فيه [iv] .ويعود الاهتمام بالعجيب منذ أرسطو في فنّ الشّعر يقول " ينبغي أن نستعين بالمآسي بالعجيبة ،أمّا في الملحمة فيُمكن أن نذهب في هذا حدّ الأمور غير المعقولة التي يصدر عنها خُصوصًا العجب والأمر العجيب يدعو إلى الامتاع "[v].
وليس الهروب إلى العجيب عند كلّ الكُتّاب يعود إلى نفس الأسباب وإنما لكلّ مبدع رؤاه الفنّية والإبداعية التي يجنح إليها لتُوسم كتاباته بالعجائبيّ من ذلك ما يُتيحُهُ النّص المرافق للواقع من متعة تكمن في صناعةِ فضاءات جديدة لم يألفها القارئ في العالم الحقيقي فتثير في النفس العُجب والتّعجّب الذي يسعى إلى " تكسير الرّتابة التي هيمنت على ذاتيّة القارئ طويلا ، بخلق غرابة مُقلقة وإلى الشّعور والذّاكرة وتفتيتها إلى ذرّات مرتبكة " [vi] فالعجائبي سمة تشُدّ النّص وهو اختيار يختارُهُ الكاتب من جملة اختيارات مُمْكنة وليس العجيبُ سوى ارتفاعٍ عن الواقع لمزيد التبّصر به ومن بين خصائص الكتابة العجيبة هذا التوسل المشط الذي يكسر رتابة الواقع لينفتح على كل ما هو استثنائي ومخالف للسّائد والمألوف وفق نبرة فنية حالمة تجعل النّص موسوما بحوارية Dialogisme مثمرة تسترفد التراث وقصص الحيوان وألف ليلة وليلة وبعض الدّيانات السّماوية وهو ما يسم الكتابة بخصوبة ومرونة تجعل من النص بوابة مشرعة منفتحة على الأجناسي Générique ينتمي إلى نمط منفتح ومنغلق في آن منفتح على أنماط من الكتابة المختلفة ومنغلق على خصوصيته الأجناسية وذاك سرّ ذيوعه وانتشاره فما هي خصائص الكتابة العجائبية في أقصوصة غسان وحارس الكنز ؟ وما الذي يحضر في هذا النص من ملامح تجعل منه منتميا إلى ما يسمّى بالأدب العجيب ؟
وما الذي جعل من هذا النص على طبيعته التعليميّة نصّا عجيبا؟
1- الأفعال (الأحداث) :
تبدأ الرواية منذ البداية بأحداث واقعيّة رتيبة على لسان سارد شخصيّة معتمدا الرؤّية المصاحبة ِفتطغى الرُّؤية ُمع (vision-avec)(السّارد = الشخصيّة) [vii]. " كُنْتُ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ عُمُرِي وَ لَا أَكَــــــــــــــــــــــادُ أَفْقَهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا حِينَ سَمِعْتُ أَبِي يَتَذَمَّرُ مِنْ وَضْعِهِ وَ يَقُولُ لِأُمِّي إِنَّ الخُبْزَ صَارَ شَحِيحًا فِي قَرْيَتِنَا وَ إِنَّهُ لَمْ يَعُدْ قَادِرًا عَلَى تَوْفِيرِ مُتَطَلِّبَاتِ الحَيَاةِ فَضْلًا عَنِ الكَمَالِيَّاتِ البَسِيطَةِ" [viii]
وهو نمطٌ من الكتابة أو التّبئيرFocalisation المصاحب يسعى فيه السّارد إلى تقديم الحدث مُعتمدا على رؤية الشّخصيّة فتبدأ الأحداث هادئة رتيبة وواقعيّة تنطلقُ الشّخصيّة في سرد أحداث واقعيّة بعيدا عن الغريب أو العجائبي فقد مهّد السّارد للأحداث العجيبة بجملة من الوقائع التي احترم فيها مبدأ التّعاقب الزّمني ّ رغم أن الزّمن زمن الوقائع هو زمن الماضي القائم أساسا على النّاسخ الفعليّ (كان)المُفيد لانقضاء كينونة الحدث في الزّمن الماضي في عُرف اللُّغويين ." كُنْتُ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ عُمُرِي وَ لَا أَكَـادُ أَفْقَهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا حِينَ سَمِعْتُ أَبِي يَتَذَمَّرُ مِنْ وَضْعِهِ وَ يَقُولُ لِأُمِّي إِنَّ الخُبْزَ صَارَ شَحِيحًا فِي قَرْيَتِنَا وَ إِنَّهُ لَمْ يَعُدْ قَادِرًا عَلَى تَوْفِيرِ مُتَطَلِّبَاتِ الحَيَاةِ فَضْلًا عَنِ الكَمَالِيَّاتِ البَسِيطَةِ " فالبداية محكومة بالذّاكرة ينهض فيها القصّ على الأوبة في الزمن وتحديدا عند ما كان السّارد طفلا لم يتجاوز الرابعة من عمره وهي أحداثٌ محكومة بالواقعيّة و قابلية التحقق ولا تبدأ الأفعال المفارقة إلاّ مع لقاء حسّان بالخفاش عندما يتكّلم ومن هذه اللحظة يمكن أن نرصد جملة هذه الأحداث في النّقاط التّالية :
- توجه الخفاش لحسّان بالخطاب .
- امتطاء حسان لظهر الخُفّاش .
- القيام برحلة في الزّمان وفي المكان .
- السّفر عبر الزمن بالعودة إلى الماضي .
- العودة إلى الزمن الحاضر .
والمتأمّل في هذه الأحداث يجدها أحداثا خارقة تكسر ما استقرّ من أعراف ووقائع تستجيب للتعريف المألوف " فالعجيب هو ما يرد في نصّ قصصيّ من أحداث أو ظواهر خارقة لا يمكن تفسيرها عقليّا ...ومثل هذه الظواهر الخارقة لا تثير في الشّخصيّات ولا في القارئ أيّ انزعاج " [ix]
ورد في النّص اللقاء كالتالي " نَظَرْتُ جَيِّدًا فَلَمْ أَرَ سِوَى ذَلِكَ الخُفَّاشِ الذِي يُحَلِّقُ فِي الظَلَامِ الدَّامِسِ. فَقُلْتُ وَ الحَيْرَةُ تَنْتَابُنِي :
- أَنَا لَا أَرَى سِوَى خُفَّاشٍ صَغِيرٍ أَمَامِي.
فَأَجَابَ عَلَى الفَوْرِ :
- نَعَمْ . أَنَا هُوَ الحَارِسُ. حَارِسُ هَذَا النَّفَقِ مُنْذُ مِئَاتِ السِّنِينِ. " من هذا الحدث المفارق يشدّنا النّص إلى عالم الخرافة وينفتح على نصوص تراثية من قبيل ألف ليلة وليلة وقصة علي بابا والأربعين حرامي وغيرها بل ينفتح النص على عوالم السحر والكنوز المسحورة والمرصودة بدءا بالعنوان وهو ما يسم النص بحوارية مخصبة ذ لك أنّ الحواريّة " .. مُصطلحٌ لهُ مع الحوار جذرٌ مُشترك . وهو ما لم يعزب عن ذهن مُبدعه " ميخائيل باختين " حين وضعه للدّلالة على العناصر المُتباينة داخل الأثر الرّوائي . فوجُود هذه العناصر المشتركُ وتفاعل بعضها مع بعض حسب نظام بعينه ، من شأنهما إنشاء كيان فنّي واحدٍ هو الرّواية . وقد انتبه باختين لمفهوم الحواريّة عندما درس الرّواية باعتبارها ملافيظ لغويّة وأركان قصصيّة في الآن نفسه " [x]
- الفواعل (الشّخصيات ):
باستثناء شخصيّة الخفّاش التي ظهرت على هيئات مختلفة باعتبارها قد فقد ت ملامحها المخيفة وتحولت إلى طائر ملون بديع المنظر "هَدَأَ قَلِيلًا فَبَدَأَ مَظْهَرُهُ يَتَغَيَّرُ تَدْرِيجِيًّا ، فَلَمْ تَعُدْ أَسْنَانُهُ بَارِزَةً وَ لَا عَيْنَاهُ جـَــــــــاحِظَتَيْنِ وَ لَمْ يَعُدْ فَرْوُهُ أَسْوَدَ ، بَلْ صَارَ لَوْنُهُ ذَهَبِيًّا نَارِيًّا . وَ نَبَتَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَجْأَةً طُرَّةٌ مِنَ الرِّيشِ كَأَنَّهَا تَاجٌ. وَ حيِنَمَا فَرَدَ جَنَـــاحَيْهِ، بَانَ رِيشُهُ المَلَائِكِيُّ وَ لَمَحْتُ لَهُ ذَنْبًا طَوِيلًا أَحْمَرَ اللَّوْنِ نَـــــــــــــاعِمَ المَلْمَسِ" [xi] هذا التحول في الشّخصية وانفتاح النص على العجيب والمفارق لا في الأحداث فحسب بل في طبيعة الشّخصيات يضرب بسهم عميق في رؤيتنا لثنائية الخير والشر فكأن بالخفاش وما يحمله من صور مخيفة تذكّرنا بمصّاصي الدّماء وبالشّر جعلت الكاتب يحوّل هذه الشخصيّة من حيوان تحيط به هالة من القيم السلبية إلى آخر مفارق فحوله من :
الخفاش ==) طائر الفينيق
الشرّ ===) الطيبة
البشاعة ==)الجمال
وهو ما وسم النّص بسمة التحول وعدم الثبات رغم هذه التحولات التي أـفقدت الشخصيّة ملامحها المخيفة إلا أنّ السّارد لم ينزع عنه السمة (Trace) ليظلّ محافظا على اسمه " حَرَّكَ الخُفَّاشُ جَنَاحَيْهِ بِسُرْعَةٍ فَائِقَةٍ ، وَ أَنـــــــــــــا فَوْقَ ظَهْرِهِ ، كَمَا لَمْ يَفْعَلْ مِنْ قَبْلُ حَتَّى رَأَيْتُ الأَتْرِبَةَ وَ الغُبَارَ وَ حَبَّاتِ الفُسْفَاطِ تَتَطَايَرُ وَ تُعِيقُ الرُّؤْيَةَ"
هذه بعض ملامح الشخصية العجائبية بقية الشخصيات هي شخصيّات واقعية ولم نعرها اهتماما فبقية الشّخصيات التي ذكرها السارد في النص من قبيل الدينصورات والسحليات العملاقة على اختلاف حضورها فاقدة لسمة الفاعل Actant لأنها لا ترقى إلى صفة الفاعلية [xii].
.الفضاءات :
ليس الفضاء في النّص مجرّد إطار حاضن للفعل القصصي وإنما هو إلى ذلك العنصر المتحكم في إنشائية النّص بدءا بالعتبات (seuils) وهو ما يجعل النّص محكوما بسمة العجيب المفارق لا في أحداثه فحسب بل في فضاءاتها كذلك إذ تبدأ الفضاءات موسُومة بالغرابة والاختراق مُنذ اللّحظة التي التقى فيها السّاردُ الشّخصيّة ب(الخفاش / طائر الفينيق) ليتحول الفضاء من فضاء منجمي مغارة لا تخلو من غرابة ولكنها تظلّ من الفضاءات الواقعية إلى فضاءات مختلفة تماما عن السّائد والمألوف ." كَانَ المَنْظَرُ فَتَّانًا يَسْلِبُ اللُّبَّ : فَــزُرْقَةُ البَحْرِ النَّقِيِّ اِخْتَلَطَتْ بِزُرْقَةِ السَّمَاءِ الصَّافِيَةِ وَ أَمْوَاجُهُ الجَمِيلَةُ دَاعَبَتِ الطُّيُورَ البَحْرِيَّةَ التِي كَانَتْ تُغَنِّي بِصَوْتٍ شَجِيٍّ. بَحَثْتُ عَنْ أَثَرٍ لِلإِنْسَانِ فَلَمْ أَجِدْ : لَا مَسَاكِنَ وَ لَا مَعَامِلَ وَ لَا مَبَانِيَ شَاهِقَةٌ وَ لَا دُخَانَ يَتَطَايَرُ هُنَا وَ هُنَـاكَ كَالذِي نَرَاهُ فِي قَرْيَتِنَا المَنْجَمِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ. وَ فِي نَاحِيَةٍ أخْرَى ، رَأْيْتُ الأَشْجَارَ الكَثِيفَةَ تُلَوِّحُ بِأَغْصَانِهَا وَ تَتَمَايَلُ كَأَنَّهَـــــــــــــــــــــــــا عَرَائِسُ الفِرْدَوْسِ ، تَحْتَفِلُ بِهَذَا الجَوِّ الجَمِيلِ وَ تَدْعُو الطُّيُورَ المُحَلِّقَةَ فِي السَّمَاءِ كَيْ تَحُطَّ قَلِيلًا عَلَى أَغْصَانِهَا وَ تَتَفَيَّأَ بِهَا وَ تَأْخُذَ قِسْطًا مِنَ الرَّاحَةِ ، فِظِلُّ هَذِهِ الأَشْجَارِ وَارِفٌ مُمْتَدٌّ. " [xiii] هي إذن رحلة في الزمان تفتح النص على الفانتستيكي الذي لا يتوسل أحداثا مفارقة بقدرما ينفتح على الممكن العقلي أو ما اصطلح عليه ب" العجيب الأدويّ (Merveilleux instrumental) وسمته الرّئيسية وصف أدوات لا تسمح تكنولوجيا العصر بإنتاجها ، لكنها رغم ذلك ممكنة من قبيل بساط الريح والتفاحة الشّافية والحصان الطّائر وصخرة مغارة علي بابا ومصباح علاء الدّين وخاتمه " [xiv] وهو ما يجعلنا نصنف بشيء من التهيب والحذر هذه الأقصوصة بجنس العجيب الأدوي نظرا لقدرة هذا الطائر على التحول أولا وعلى السفر عبر الزمن ثانيا .
ولعلّ ما يميز هذا النص هو بساطة الأسلوب الذي لا ينتقص من قيمة العمل بل يزيده ألقا وبريقا لأنه بالأساس نصّ تعليمي زخر بمعلومات علمية ومعرفية كشفت بوضوح الفئة التي يتوجه بها النص وطبيعة القارئ الذي يروم الوصول إليه ولكن في إهاب من العجيب والغريب الذي يوطد هذه العلاقة وييسر المعلومة نظرا لارتباطها بالقص فإذا بالنص يطلّ " برأسين وينظر باتجاه مختلفين " الاتجاه الأول القص وغوايته والثاني المعرفة الميسرة .
على سبيل الخاتمة :
بدا لنا القاصّ نور الدّين بنبوبكّر كاتبا يترفق بقرّائه اليافعين فلا تعقيد ولا تركيب في اللُّغة والصّور وإنما هي لغة بسيطة صافية تعكس رؤية واضحة لوظيفة اللُّغة التواصليّة هو نص يمكن أن يقرأه الكبار كذلك فيستعيدون أزمنة الطفولة وفضاءاتها العذبة فتظهر ملامح ذلك الطّفل الذي ضاعت خصائصه بين طيّات الزمن ومنعطفات السّنين تجمع بين تعليمية مبسطة وعجيب مجنح في عوالم الخيال والأسطورة ينهض له سندٌ من الدُّربة والمران .فلا يحفل كثيرا بأساليب القص الملتوية ولا بالأحداث مُركبّة لأنّها كتابة مسكونة بالآخر(القارئ) الذي يسكن الذات ويطبع الأسلوب هو ذاك الطّفل اليافع المتعطّش لمعرفة تجمع بين الممتع والمفيد أو الحسن النّافع بتعبير القُدامى في إمتاع ومؤانسة يؤمنها هذا النص ،المضاء بمصابيح المعرفة الميسرة على سفره ونأيه عن الواقع وسطحيته .
[i]: نور الدين بنبوبكر كاتب تونسي من مواليد الرديف 1970 خريج كلية الآداب القيروان أستاذ فرنسية بالمعاهد الثانوية صدرت له خمس قصص بالفرنسية وأصدر أيضا مجموعة من المسرحيات : مسعد والعلبة العجيبة للأطفال 2016/ ستة تسعة / 2017 ، لا تقل شيئا /2017
حاز على الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل الدورة التاسعة تونس 2018 وتوج سنة 2019 بجائزة كاتارا عن فئة رواية الفتيان من غير المنشور :بعنوان عفوا أيها الجبل .
: محمد القاضي ومجموعة مؤلّفين ، معجم السّرديّات ، صفاقس ، دار محمد على للنشر 2010، ص 33. [ii]
[iii] : من مقدّمة كتاب مدخل إلى الأدب العجائبي بقلم محمد برادة، الرباط ، ت ،تودوروف ترجمة الصّديق بوعلام ص 5 دار الكلام 1993
: اللسان مادّة عجب،بيروت ، دار صادر للنشر 1993..[iv]
[v] : أرسطو فنّ الشعر ،ص 69 .
[vi] : شعيب حليفي، شعريّة الرّواية الفانتاستيكيّة ص 10
6: T.Todorov les catégories du récit .l’analyse structurale du récit .communications 8. éd. point ; 1966 p146.
: غسان وحارس الكنز، ص .1[viii]
[ix] : معجم السّرديّات ، ص 285.
: محمد القاضي وآخرون ، معجم السّرديات ، تونس ، دار محمد علي للنشر ، 2010ص161[x]
[xii]: الفعل : كلّ بناء لعالم حكائي يعرضُ نمطين من الأمور الواقعيّة أو الخياليّة : أحداث وأفعال .وفي كلتا الحالتين ، إذا حُوّر أو غُيّر شيء و/أو أحد ، فإنّ الفعل يتّسم بحضور فاعل – بشري أو لهُ شكل إنساني يحدثُ التغيير ( أو يسعى إلى منعه) ،في حين أنّ الحدث يطرأ بتأثير أسباب دون تدخّل مقصود من قبل الفاعل . " باتريك شارودو ودومينيك منغنو ومجموعة معجم تحليل الخطاب ترجمة عبد القادر المهيري وحمّادي صمّود، تونس ،دار سيناترا ، 2008 ص 29 .