تناول علماء الإسلام موضوع السحر والسحرة من زوايا مختلفة .ويمثل " الغزالي " قمة التفكير عند علماء المسلمين في الإيمان المطلق بالسحر والاعتقاد به على الرغم من أنه علم مذموم , ويرى أن هناك في الكون أموراً غريبة من قبيل السحر وأن هناك في ( الأعداد ) خواص عجيبة مجرية , كتلك الخواص التي تستعمل في تجربة معالجة الحامل التي عسر عليها الطلق , ويشير الى ذلك المربع الذي يعرف بمربع ( بدوح ) وهو شكل فيه تسعة بيوت – أو خانات – يرقم فيها أرقام مخصوصة بحيث يكون مجموع ما في جدول واحد خمسة عشر , سواء قرأته بالطول أو العرض أو على التأريب . وقد تناول الغزالي هذا الموضوع وهويتحدث عن ( سر النبوة ) في كتابه ( المنقذ من الضلال ) .
وليس عجيباً أن يتكلم الغزالي عن السحر وهو في معرض الحديث عن النبوة , فإن للنبي معجزات يبرهن بها على صدق رسالته . والمعجزات أعمال خوارق للعادة والطبيعة , فما هو الفرق بينها وبين السحر .ومن هنا كان تناول الغزالي للقضية .
على أن " ابن خلدون " قد تناول موضوع السحر بتفصيل وتدقيق أكثر حينما تكلم عن ( السحر ) في المقدمة ." لأنه لما كانت المعجزة بإمداد من روح الله فإنه لا يعارضها شيء من السحر فإن سحر فرعون وسحرته لم يستطع أن يقف أمام العصا التي تلقف ما يأفكون وذهب سحرهم واضمحل كأنه لم يكن ".
والسحر حقيقة واقعة , فقد قال , " ابن خلدون في " مقدمته :" واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء " وأن علوم السحر والطلسمات كانت ( في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين وفي أهل مصر من القبط وغيرهم وكان لهم فيها التآليف والآثار ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل مثل الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرها ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص في زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لأن احالة الأجسام النوعية من صورة الى اخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ...ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه غاية الحكيم ولم يكتب احد في هذا العلم بعده ".