
الانتفاضة لغة: هي التحرك فقط، فقد جاء في المعاجم العربية: نفضت الثوب والشجر إذا حركته لينتفض. وكذلك، انتفض الشيء: تحرك واضطرب، وهذا يعني أن الانتفاضة، وهي مصدر المرة والهيئة من فعل انتفض، هي حركة واضطراب.
وأما اصطلاحاً: فهي ذلك التحرك الشّعبي الهائل، الذي انطلق في 8 كانون اول/ديسمبر 1987، وامتد عبر كل أرض فلسطين، لمواجهة القوة الصهيونية المسلحة. بل هي الثورة الجماهيرية، التي تعد فريدة في بابها وسلاحها.
وقد جاء في أسباب اندلاع الانتفاضة، أن الشعب الفلسطيني، الواقع تحت الاحتلال الصهيوني، عندما وصل درجة بالغة من الإحباط واليأس، اندفعت انتفاضة شعبية عارمة، بدأت في ديسمبر 1987؛ وفيها جابه الشباب والأطفال، العدو الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة، وهو مجردون من أي سلاح إلاّ إيمانهم بالله، وبعدالة قضيتهم، والحجارة، غير عابئين بالنتائج، التي يمكن أن تسفر عنها هذه المجابهة الحتمية، وهي القتل، والتمثيل، والإصابات والاعتقالات، والتعذيب، وهدم البيوت، وقطع الأرزاق، والطرد من البلاد. ومن هنا أُطلق على عناصر هذه الانتفاضة، مصطلح "أطفال الحجارة".
وقد استمرت الانتفاضة زمناً طويلاً، حتى فرض المصطلح نفسه على الساحة السياسية، ودخل ميدان الصحافة العربية، والصحافة الأجنبية، بلفظة العربي، وكذلك دخل الموسوعات الأجنبية، وفرض نفسه، أيضاً، على المحللين والمؤلفين في الوسط الإسرائيلي، فألف الصحفيان زئيف شيف، وإيهود يعاري، كتاباً عنها، كان عنوانه Intifada
مثلت الانتفاضات الفلسطينية معلماً أساسياً من معالم التحول النضالي والكفاحي لشعوب العالم ضد الاحتلال والاستعمار، والتي كانت ذروتها باندلاع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى في ديسمبر 1987، والتي قدمت صورة حقيقية لواقع الاحتلال وإجرامه وممارساته اللاإنسانية ووفرت للقضية الفلسطينية ولأول مرة محضناً شعبياً متكاملاً وموحداً داخل فلسطين المحتلة. وبرغم التطور الذي أصاب هذه الانتفاضة خلال مسيرته طوال ست سنوات متواصلة غير أن حجم الأحداث والتحولات الإقليمية والدولية تسبب بإشكالات عديدة لها ، ناهيك عن الخلاف الفلسطيني حول طبيعة التحولات المطلوبة لتحقيق أهدافها بالتحرر والاستقلال بين الاستثمار السياسي غير الناضج الذي تبنته حركة فتح وتوسيع دائرتها ودعمها بخط المقاومة المسلحة الذي تبنته حركة حماس وفرضته مع بواكير العام 1992 بانطلاقة جناحها العسكري تحت اسم " كتائب القسام".