
لم أقرأ التقرير بعد، وهذا تقصير أعترف به، مع أن عناوين فصوله أو أجزائه الأربعة تغري المعنيين بمتابعة الشأن الحكومي وسياسة هذه الحكومة بقراءته. كنت أفضل أن أبدأ بقراءة هذا التقرير والتعليق عليه، لأقف على أرضية صلبة في مناقشة ما يدور في الأروقة حول هذه الحكومة، هل نقلق عليها أم نقلق منها ومن سياستها، لنتصرف في ضوء أي من القلقين.
القلق وارد بالتأكيد، ومن منا لا تدفعه الأوضاع، التي نمر بها إلى القلق، أو حتى بعض الممارسات الحكومية، وخاصةً ما يتصل منها بالشأن الأمني وما يتصل منها كذلك بإرساء أسس ودعائم نظام سياسي ديمقراطي يحترم بحزم التعددية السياسية والحزبية والحريات العامة والديمقراطية والحقوق الأساسية للمواطن وللقوى ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها الحق في حرية الرأي والتعبير والتظاهر والمسيرات والاحتجاجات السلمية. وإلى أن أقرأ التقرير الربعي الأول للحكومة الثانية عشرة، فإنني أحتفظ بالحق في مناقشة القلق من السياسة الاجتماعية – الاقتصادية لهذه الحكومة، رغم أنني أقدر الظروف الصعبة التي نمر بها والإرث الثقيل،الذي جاءت هذه الحكومة تحمله على أكتافها بفعل سياسة الحصار والإغلاق وتجفيف الموارد، التي مارستها الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل بشكل خاص، بما في ذلك السطو اللصوصي على أموال الضرائب الفلسطينية غير المباشرة، ومارسها المجتمع الدولي بشكل عام ضد الشعب الفلسطيني، على امتداد أكثر من عام ونصف، بعد انتخابات المجلس التشريعي التي جرت مطلع العام 2006.
القلق وارد بكل تأكيد، ولكنه غير القلق، الذي يملأ الدنيا ضجيجاً انطلاقاً من اعتبارات فئوية خالصة، واستناداً إلى معايير سياسية فجة وغير مقبولة، كالقول مثلاً، هناك قلق من هذه الحكومة، هل هي حليف راسخ لفتح أم بديل وهمي عنها. المبالغة هنا واضحة، والتعبير عن القلق بهذه الطريقة وهذا الأسلوب يختصر النظام السياسي بحزب واحد، وينزع إلى التعامل مع الوطن كما لو كان مزرعة بملكية خاصة لا تقبل حتى أن تكون ملكية مختلطة. لم يطرح القلق من هذه الحكومة أو القلق على هذه الحكومة استناداً إلى مقاييس ومعايير وطنية شاملة، كقربها مثلاً من منظمة التحرير الفلسطينية ومدى التزامها ببرنامجها وسياستها وتوجهاتها العامة، بل انطلاقاً من حشرها في زاوية الولاء للحركة، التي لا يختلف اثنان على مكانتها ودورها في ساحة العمل الوطنية.