إلهي أتعبد في محراب حبك كل يوم
أنحني لقدسية جمالك و أراك في كل زهرة و كل نملة
ملأت روحي حتى فاضت بمياه العشق و سكنت كل حجرة في قلبي و كل شريان
أيقظت مياه إحساسي الراكدة و أذبت جليد الكبر و اللامبالاة
رويت قلبي بحبك بعد أن تشقق من فرط العطش حتى بت لا أشتهي بعدك شرابا
حبك أخرجني من العدم و أنقذني من التوهان
حبك أسكن أمواج أفكاري المتلاطمة و أغناني عن الدنيا فأصبحت لا أرى إلاك و لا يزاحم حبك في قلبي أحد
تحايلت الدنيا علي بزخرفها فدفعتها و صددتها صدا
مذ عرفتك ألجمت وحوشي و جمعت أجزائي و مدي و جزري في كأس حبك
أزهرت أوراق خريفي و ملأت وجودي بساتين
أنت الحبيب الذي لا ينقطع منه رجاء المحب, أنت من يسامح و يعفو عن آلاف الزلات
أهجرك فتظل دائما مراقبا تناديني من بعيد, تذكرني بك في كل انعكاس لنورك على الوديان و تنحت اسمك في قلبي عند كل أذان
وترسل رياحك لتدير وجهي للسماء و تخاطبني بدفء شمسك على وجنتي
تناديني خلائقك مسبحة باسمك الأعظم و تختال أمامي سماؤك بألوان أرديتها طيلة النهار
تجلى حسنك, فقد جمعت كل صفات الجمال و الحب
سأهواك في أنسي ووحدتي و فرحي و قهري فقد حفرت اسمك في قلبي بأحرف من نور و غلقت أبوابه بأقفال لا تصدأ
تغازلني بضوء قمرك و غموض ليلك و تخفي نفسك لألتقط أنفاسي من فرط جمالك قبل أن تتجلى عند أول خيط من الصباح
فأراك في أمي و أبي و إخواني و أحبتي, أراك في ضحكاتهم و صفائهم
فتتساقط أمطار رحمتك على أرضي الجرداء و كلما تقربت منك ازددت شوقا إليك
ليتني أصعد سلم حبك درجا درجا حتى يفيض وهجك فيعميني و تتلاشى حواسي
ليتني أراك حتى أعمى و أسمعك حتى أصم فيفنى جسدي و كل أجزائي في حبك
سأسبحك حتى أشتم عطر ألوهيتك, حتى ألمس نورك فأحبسه في كفي و أخيط منه رداء
تملكني يا إله الحب فجمالك يستهويني لدرجة البكاء
اترك في داخلي قبصة خالدة من روحك تربطني إليك من الأزل و إلى الخلود
حبك سكن و فراقك وحشة, أخشى فراقك وهلة و أخاف من بعدك إنشا فحبك البداية و بعدك النهاية
أسرتني بودك و أنهكتني بحبك فلا أقوى على الوقوف
أكاد أسمع همس نورك و أدركك من صدى دعائي المرتطم بالسماء فأبتهج كطفلة موقنة بتلقيك رجائي
أبعث إليك بكلماتي فتجيبني بدقة قلب فأنت أرق من أن تكلني دون جواب
أعذب من أن تطيق قلقي و خيبتي
و أنت أكرم من أن تغدق كل رحمتك على عبادك فتغرق الكون و تفنيه
حبك أغناني عن تسول البشر لأن بحر عطائك لا ينضب
أود أن أصفك حتى تستسلم أناملي و أجوب بحار الغزل حتى أنهك الكلمات
لا اسم يكفيك و لا مداد من الكلمات يصفك
جبت أقوال الشعراء و الأدباء بحثا عن وصفك و ما زال حبي لك مراهقا
تتبارى الكلمات في وصفك و يتسابق المحبون لنيل رضاك فترتبك كل الأنامل عاجزة
ما زلت أمية في الهوى فعلمني الحب
دعني أستشهد في عبادتك و أزور كل معابدك و بيوتك بيتا بيتا
أنا الغريقة في هواك فلا تنتشلني دعني أهلك فحبك أعذب ذروة
دعني أسلك دروب عشقك دربا دربا و أجوب كل منحنى فيه و كل سفح
سأسرف في حبك حتى يسمع من حولي صرخات قلبي و أنين أضلعي
سأتضرع إليك لتستلهم روحي منك الجمال
فتطمع أن تعرج إليك كل يوم لتغتسل من ينبوع رحمتك و تخلد في تأمل حسنك
و أقترب من ملائكتك ليحدثوني عنك و أعود بكلمات وصف تقربني من صورتك لأعلقها على جدران قلبي و أنحث منها لك تمثالا
سأقدم لك دموعي قرابين كل يوم في حفلات ولاء و أبدع في طقوس عبادتك فأحطم كل أصنام الشرك
أهجر البشر و أعبدك حتى تدمى قدماي و أظل واقفة مستجدية عطفك
أستنشق سكرات الموت و أحاكيها كل يوم لأقترب من يوم لقائك يوم تزف إليك روحي في موكب ملائكي
فأتمنى أن يصرع جسدي و تنتشل روحي مني انتشالا
سأسجن حبك بين ضلوعي و أهذي باسمك فلا أستفيق حتى أتفوق على كل العاشقين
لا تدعني تائهة في غياهب الضلال و البعد و لا معلقة بين عالم أرضي دنيء و عالم علوي بعيد
ارفعني فوق سحابك و سأتسلق المطر لأصل إليك و أتخذ من خيوط الشمس سلاسل لأصعد بها إلى السماء
فتأبى عيناي أن ترمشا فتغفلا عن وجهك وهلة و ستخرس أذناي الكون كله لتستمعا إليك وحدك
إلهي انتشلني من هذا المستنقع الأرضي المليء بأوحال الأنانية
انفض عني الحب الزائف لتتساقط عني ذنوبي و يتناثر غبار الخطيئة
تعبت من رتابة هذا الجسد الفاني
من نفسي الضعيفة المتطايرة برياح النزوات و الضعف
اجعل لروحي جذورا كشجرة زيتون تعمر لألف سنة تجابه جفاف البلاء و أعاصير المغريات
سأتطلع إلى السماء عند كل فجر
و أفك طلاسم الرياح و رموز الأمواج المشفرة لألتقط منك بسمة رضا أو أسمع نداءك من أعلى جبل فأهرول ملبية
أو ألتقط من كفك حفنة من نور متساقطة من السماء
لعلك تحدث ملائكتك عن إخلاصي في حبك أو تشير إلى صدقي في مجلسك سبحانك و تعاليت
إلهي هب لي جناحين لأحج و أعتمر إليك كل يوم و لا أفك إحرامي أبدا
رب اجعل كل أشهري حرما, اجعل نبض قلبي على لحن التسبيح, على ساعة بيتك الحرام
إلهي كل يوم أستجدي عفوك و رحمتك و أطمع أن تنظر إلي و تشملني بعنايتك
استنفذت كل كلمات عرفان و حمد
أنت من يحب بدون شروط و يعطي بلا ملل و لا تأفف
في سؤال البشر المن والمهانة
فليس لهم الجلد لقراءة كتاب الدموع و الألم و قصص الفرح و ثرثرة التفاصيل
أنت من يقرأ صفحات القلب و يسمع صوت اعتصار القلوب اللاهثة و يحفظ كل حروف اليأس و السعادة
و تدرك الأنفاس المختنقة بين شهيق الألم و زفير الإحباط و التعب
و دفء حضنك لا يفسده جليد عتاب
عندما تتفحم القلوب من الحزن تبعثها من رمادها
أنت من يرى انكسار و ذبول عبادك من قسوة الندم
تسقيهم بمطر الأمل و اليقين و الاستجابة و تحيي الأجساد المتهاوية المرتعشة من سبات اليأس و غيبوبة الحزن
ننهم من فاكهة كرمك و أصناف جمالك و نقتات على ذكرك و نستمد الحياة من مصل عطائك
نشهد أن لا إله إلا أنت و أن لم و لن يكون لك كفؤا أحد