
غصّ الزقاق وتجشّأ ٠توقّفت الحركة في الشوارع والأزقّة المجاورة. أغلقت الدّكاكين والمحلاّت أبوابها٠ بعضها ظلّ مفتوحا نصف فتحة ، لكنّ أصحابها غادروها مهرولين . أخمدت آلات التّسجيل التي كانت تزعق منذ حين .جاء الناس من كلّ صوب ، بعضهم أتى راجلا وبعضهم اكترى عربة ببغل وبعضهم استأجر شاحنة .أبو اللّطف رجل شهم ،وجميع من في المدينة يحبهّ، وله أياد على الأرامل والأيتام وأبناء السبيل ،وأقلّ الوفاء ،أن يحضر الناس جنازته ويشيّعوه إلى قبره مهلّلين مكبّرين داعين له بواسع الرّحمة والأجر الوفير.تسارعت بعض النّسوة منفوشات الشّعر، وبعضهن متّشحات بالمحارم الدّاكنة٠ ولطمت امرأة سمينة وجهها وصوّتت أخرى ماطّة شفتيها، لكن ّالدمع لم يطاوعها فاكتفت بالاستغفار.تدافع الرّجال حاملين السّلال وأكياس الخبز، والأطفال تعثّروا في الأرجل وهم يزعقون في فرق.تجمهر الناس وهم يتطلّعون إلى الباب المفتوح على مصراعيه منتظرين خروج النعش، غير عابئين بلذع البرد والمطر الذي بدأ ينهمر بعد أن كان ينثّ بطريقة مكتومة .