
وداهمتنا أحذية كثيرة غليظة، شديدة الوقع، قاسية؛ تتقاطع، تتوالى أصوات وقعها في الخارج، كانت تدوس الأزهار التي لم تكن تراها.
قفزت أمي من فراشها وأمسكت ساطورها الحاد، واندفعت نحو الباب الخارجي الذي راح يئز تحت ضغط العسكري الذي كان يريد اقتلاعه، سمعنا ضجة ارتطام جسم ضخم بالأرض، وبعد لحظات عادت أمي وقد صارت شعلة من نشاط وبيدها ساطورها يتقاطر دما ،تمترست خلف باب غرفتنا ، أمام أعيننا ، دوى انفجار تبعه انتشار نور لامع كاشف تسرب من خلال فتحات الباب حتى تصورنا أننا في منتصف نهار مشمس ؛ هدر الرشاش ، وكان الرمي مركزا على الباب الذي كانت تقف وراءه أمي متحفزة ، تمسك ساطورها الحاد القاطع بيدها وقد اتخذت وضع الانقضاض ،تنتظر ولوج الجندي الذي رماها من فوق القرميد فأخطأها وقفز إلى ساحة الحوش ، وكانت تتوقع أن يندفع خلفها فتعيد معه العملية التي قامت بها في الباب الخارجي مع زميله.
هدر الرشاش المصوب على بابنا للحظات ثم سكت ، بينما واصل رشاش آخر هديره في الخارج لكن في اتجاه ثان، وعلا الصراخ ، وتوالى انفجار القنابل الكاشفة فزحزح الليل عن مكانه ؛ ودارت حرب انتقم الظلام فيها متحديا الجميع فابتلع في جوفه كثيرا من أسرارها .