
- مصطفى، انظر ماذا وجدت؟ محفظة سآخذها لنبيل.و كانت الفرحة تستوطن كل وجهه كأنه حصل على كنز.
انهمك للتو في البحث و يده الأخرى لا تفارق المحفظة.غير مبال بالذباب الذي يتطاير من حوله و يعلن عن غضبه من هجوم أحمد عليه و مشاركته وليمته الخاصة.
استحال لباسه إلى لون قاتم من كثرة تراكم الأوساخ عليه.برجليه حذاء أصابه الوهن، تظهر منه أصابع بيضاء شاخت منذ أن بدأت تتعلم المشي و الركض. لم يكن صديقه مصطفى أحسن حالا منه.راح بدوره يجوس حول بركة من الأزبال اكتشفها فجأة وطاراليها يخب في ثيابه المتسخة.تابع أحمد تنقيبه الدقيق بوجه حاد، تعلوه إمارات القسوة المبكرة رغم طفولته الجميلة التي تشرئب بعنقها عندما يبتسم.
رجعا يفتخران بما أنجزاه اليوم من انتصار على أزبال الميسورين، لقد حصلا على غنائم كثيرة لأفواه تنتظرهم هناك في الطرف الآخر من المدينة.أحمد و مصطفى، اثنين من آلف الأطفال الذين يقطنون هذه المدينة أو خارجها.قوضا الحصار المفروض عليهم، متسللين كل يوم إلى المدينة المضيئة للاستيلاء على بقايا الميسورين، متسابقين مع الذباب و القطط و الكلاب.