anfasse16043    الماضي في جلد المستقبل بدون أمل ، جالس الى جانب ذلك الحائط المتقادم رمادي وبني اللون، رغم كل السنين التي انهالت عليه لا زال محتفظا  بجماليته، وعنفوانه وأصالته التي تذكرني بحقبة من تقاليد مغرب امتزجت فيه كل الأعراق عربي أمازيغي و وندالي روماني... بكل حمولتها وجماليتها، إنها الحضارة الصبيانية إنها جنون الإله الصبياني.
 لحظة عشق جنوني باتت تتكرر في مخيلتي كموج هادر، موج بدون جزر بدون مد، يرقص متجاوزا قوانين الطبيعة، انه يثور عليها وعلى كل الكهنوت، حينها يفيض قلبي بالهواجس الأسطورية، أصبحت زيوس العظيم ، أصبحت الإلهة الحبيبة أثينا أصبحت مريم العذراء، أنني أصبحت أسطورة لم تحكها الكتب المجنونة الكاذبة أصبحت فكرة جديدة بعيدة عن ان تكون فانية، إنها خالدة إنها فكرة الحب والتاريخ يظل يرويها موضوعة في أقصوصة متناغمة عذراء، إنها ذكرى العشاق الذين لم يحترموا التقاليد لم يحترموا السر العظيم للقبيلة، ثاروا ناضلوا من اجل فكرة، من اجل حق، من اجل شعور جميل ينبع من بين اللحم والروح من بين عظام سقيمة، من داخل جسم أشعت صغير ذابل، لكن مع ذلك يحب أو ليست هذه أسطورة تتفوق على كل الأساطير؟

anfasse16042أزيز كصوت قطار، يعزف وسط صمت ليلي رسائل محملة، يختزلها عنفوان ليل شتوي .
السماء العالية ،تختزل مداها نجوم متلالئة في ليل شتوي، معتق بقطرات الماء العالقة ،التي يعتليها التثاؤب .
بضع كلمات شاردة تحوم حول المكان، ترسم معالمه الكئيبة،غير قادرة على البوح بما يسبح فيه .
ليالي الصمت المثقلة بالسهاد ، عابثة بالجمال ،تأخذ لها صورا حية مع سكون الليل ،المار من منحدرات تخمد الأصوات المتعالية ،لا شيء يسطع في تلك السماء ،غير النجوم التي نظر إليها، محاولا أن يتذكر،ما قال معلمه ذات يوم عن أسماء الكوكبات في الفلك :
كوكبة الدّب الأصغر ،كوكبة الدّب الأكبر ،كوكبة التنين ،كوكبة الدجاجة ....
لا أظن أنه سمى إحدى النجوم المتجمعة ،بأسماء الحيوانات والطيور، كهاته الأسماء التي تذكرت .

anfasse08042جاءتها برقية من عاشقها عزيز الملعون بكذبة الأمل، فتحتها متلهفة وحبها له يحرك أناملها لتمزق فوهة الظرف...، وأخيرا جاء ما تمنته منذ أول لقاء لها به.
 -"عفاف حبك زكاة عَشَاء أنتظرها لتجمعني بك على مائدةٍ وجها لوجه لأتمعن وأرتوي بنظراتي من جمالك المدفون بداخلي في عمق أعماق ذاتي، حبك يلحقني كاللعنة"
 ارتعش جسدها وابتسمت وحنين الشوق يدفعها، لتكتب له في برقية عاجلة، حمراء تفوح منها رائحة الورد، عاجلة جدا..
-"متى؟ وأين يا نبض الفؤاد؟؟"
واضعة له بين عارضتين -أحبك عزيزي على الدوام-...
 وبعد يومين وصل الظرف إلى بيته، اخترقت رائحتها الوردية قلبه دونما استئذان، وضع الجريدة على الكرسي وقام ذاهبا ليقرأ ما قالته له، أنهد الظرف الوردي وفتحه...، ابتسم ضاحكا وانفتح قلبه لحبها الذي اكتساه...، عاد لكرسيه حمل الجريدة ورشف القهوة ببطء ثم قال:
 -"أنت مكان ما بداخلي لكني أجهله، أحس بأنك تقيمين في عمق أعماق ذاتي لايستطيع أحد الوصول إليك، مكانك فيَ محصن أهرب إليه كلما شنت الحياة حربها علي ولفّتني بالضياع المضاجع"

نحن بنات آوى
الأصيلات من السلالة
العاويات كما الريح على الاكام المسننة
والشاخصات إلى القمر المحمر  من الخوف
والوالدات  في مطلع كل ثلج
اللاعقات دم الخلاص حتى لا يدنسه العابرون
نحن العريقات العتيقات المنبجسات من عمق الكهوف والوديان والغابات الندية الكثة
والعاتبات على المطر إذ يعبر دون أن ينث  ربانا
أعلنا :

anfasse02043كعادته كان منبهرا بكل مختلف،ولو كان يحمل في سجلاته ما تحمله المستنقعات مما لا تأنس له النفس .
نظر الى الخلف ،رأى شبح اسمه بعيدا هناك .
حاول أن يسطر بقلمه بضع كلمات ،تبوح بما خفي حينا، وبما أعلن حينا آخر .
كان ما استجد مثيرا باختلافه ،بعناده ، يقرر ولو كان للحقيقة منحى آخر في علم العلماء .
بدا الاختلاف والخلاف بسيطا، ثم زادت الجرأة بطشها بذلك العالم ،انشغل بالتفاهات من الأمور، وكثرت الحركات العابثة ،استراق سمع ،استراق نظر ،حب استطلاع يرمي  بالأفكار و التهيؤات إلى حيث المتاهات ،التي يحتار فيها المرء، وتغيب عنه الحواجز والموانع ،ولا يبقى إلا أن يفعل القدر فعلته الدنيئة، في أن يجمع ويفرق، بلا منطق و لا شريعة .
كان يحاول أن يعرف ما يفعل ذلك السيد في مكتب الخرائط المنسية ،فراح يختلق قصة لذهابه إلى هناك .
بين الماضي والحاضر ،ماض ينصت إليه ،وحاضر جعله يتناهى في الصغر ويؤول إلى العبث .

anfasse02042أتخونني ...!؟ رأيتها بعيونك ذلك المساء، عدت بها داخل جفونك ولم تنزلها، كانت بيننا ليلتها، كان الحاجز بين جسدي وجسدك واضحا. أفرغت زجاجتي عطر في شهر واحد، واستعددت للخروج أحسن استعداد. تأنقت، أخرجت الفارس المدفون تحت الغبار، التصقت بهاتفك النقال كظله تقرأ رسائلها وتبتسم. لم تعد تسمع ما أقول، لم تعد تتشاجر معي، عقدت معي صلح الأحباء، بقلب طري، كعصفور نقي. من تكون هذه يا ترى التي أعادتك للحياة؟ أتراها التي قابلناها سويا حين ابتسمت لك؟ أوقعت ما اشتريناه من أغراض، ابتسمت وتلعثمت وظللت محلقا وراء ما تلبس من رداء.  أهي اذن من أعادتك للحياة؟ أعادت تعميدك في نار الحب: في طفولته، ورعه، وروعته.

LAGHRISSIكانت أم الجــبــل حية،قبل أن تموت اشترت لي حــمامــة تشبه ذاكرتي.ربيتها فوق سطح منزلنا القديم ،شيدت لها عشا بحجم ساعة يدوية..
أما أبي فرأيته يحدق من بعيد في طقسنا،انبجست من وجهه الشريف ابتسامة غامضة،دنا بتعب نحـوي،حدثني:
في يوم ما ستهرب الحمامة من عمرنا،/
في يوم ما سنبحث عن حبة زمن،/
فيعـــز الطلـب..
في يـــوم ستبحث عني،/
أو أبحث عنك فوق الأرض/
أو تحت الارض،/
فلا يعثر الرائي منا /
إلا عــلى غــبار.
رسمت لهذه الألغاز منطقا آخر،،تناسيت ما سمعت..

anfasse02041   عندما علم الجنيرال دين بيي أوكو بأن عدوه الجنيرال باي بُّو أون قد وقع في الأسر فرح أيما فرح. الحقيقة هي أنه لم يكن ليستطيع أيُّ شيء إرضاءه كثيرا. لم يلتقط أحد هذه الملاحظة. و هكذا تم الاحتفاظ بهذا الأمر، جاعلا عضلات وجهه من ناحية أخرى لا تنم عن أي إحساس.
   أمر بسجنه في آخر زنزانة تحت أرضية في حصن كْسِيِينْ خِيكْ. كان يعرفها منذ زمن إلى الوراء عندما أجبره الإنجليزيون على الخبز و الماء هنالك لمدة أربع سنوات. مضى على ذلك زمن يسير: عندها كان باي بُّو أون بمثابة أخيه. ثمانية قضبان قريبة من مستوى سطح الأرض، تقريبا علوها عشرون سنتيمترا، مكان كافٍ كي تجري فيه الفئران الضخمة التي تعيش في حقول الأرز في التل المنحدر.