- تقديم
يستأثر التّواصلُ الإشهاريُّ بأهميّة بالغةٍ في عصرِ الاقتصادِ الرأسماليّ المُشرعِ على تحولاتِ السّوقِ. إنه-بهذا المعنى-أسُّ العمليّة التجاريّة؛ فبواسطتهِ يَتَأتى للشركاتِ الترويجُ لمنتجاتها، وتحقيقُ الأرباحِ المنشودةِ. وبواسطتهِ، أيضاً، يغدُو بِمُكنةِ هذه الشّركاتِ خلقُ مستهلكٍ شرهٍ، وجائعٍ، لا يني يطلبُ المزيدَ لإشباعِ رغباتٍ دائمةِ التفجُّر في داخلهِ. وبعبارة أُخرى، يتحدّد الإشهارُ-استناداً إلى تعريفاتِ القواميس-بِعَدِّهِ شكلاً من أشكالِ التّواصلِ الجماهيريِّ؛ وُكْدُه حَفزُ المُستهلكِ على شراءِ منتجٍ ما، أو اعتناقِ تصورٍ في الحياةِ.
الإشهارُ، استتباعاً، نشاطٌ مركبٌ أو عملٌ تقنيٌّ يقتضي تضافر مجهوداتِ مختصّين في مجالاتٍ معرفيّة مختلفةٍ. بيانُ ذلك؛ أن المرسلةَ الإشهاريّة ليست حيزاً غفلاً؛ بل إنها-كما سنتعرّف ذلك مع جُون ماري درُو-فضاءٌ منظمٌ من العلاماتِ والرّموز المتماهيّة، والتي تستمدُّ نُسغها من الثقافة والأعماقِ الميثولوجيّة والأنثربولوجيّة والنفسيّة والاجتماعيّة للمستهلكِ. وبهذا، فهي تستبطنُ استراتيجيّة غايُتها المُثلى إقناع المستهلكِ، طوعاً أو قسراً، بجدوى وفعاليّة المنتجِ المُسْتَهْلَكِ.