إن الموجات القوية المتزامنة من التكامل الأوروبي والتفضيلات المناهضة للهجرة التي تجتاح أوروبا، والتي تستفيد من الخطابات الشعبوية، تعكس مخاوف المواطنين الاقتصادية الناجمة عن الأزمة المالية، والمخاوف الثقافية الكامنة، والشكوك واسعة النطاق تجاه المؤسسات الدولية، والإحباط من الأزمات المالية والسياسية العالمية. توفر الأبحاث الانتخابية وأبحاث الرأي العام المتوفرة روايات مجزأة ومتضاربة حول الأصول النفسية لهذه التفضيلات المناهضة. نحاول تحديد إطار نظري شامل جديد يركز على رد الفعل كتوجه سياسي، وتقديم اختبار تجريبي للنظرية المقترحة باستخدام بيانات من المسح الاجتماعي الأوروبي. إن تفسير رد الفعل السياسي كمحرك للتفضيلات السياسية يمكن أن يدفع البحث إلى الأمام حول التحديات التي تواجه التمثيل الديمقراطي، وخاصة فك الارتباط السياسي، والاحتجاجات العنيفة، والتصويت الشعبوي، والأحزاب المناهضة للمؤسسة في سياق الأزمات المالية والسياسية.
يمكن مقارنة حجم المواقف التي يتخذها الرجال والنساء المختلفون تجاه التغيير الاجتماعي بالطيف الشمسي. وعلى الطرف المقابل يقف التطرف ورد الفعل الذي لا هوادة فيه.
تهدف هذه المقالة إلى التعبير نظرياً عن الخصائص النفسية للرجعية باعتبارها توجهاً سياسياً جماعياً في سياق الأزمة المالية وصعود السياسات الحزبية الشعبوية، وتقديم اختبار تجريبي للرجعية كمحرك رئيسي للمقاومة المتزامنة. تفضيلات التكامل في الاتحاد الأوروبي والهجرة. يُشار إلى الرجعية على أنها النظير الأيديولوجي للتطرف والتقدمية. في شكله المعاصر، يستخدم الباحثون هذا المصطلح بشكل متزايد لوصف خطاب الأحزاب الشعبوية اليمينية والنظرة السياسية لمؤيديها في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
إن الإشارات إلى "العقل الرجعي"، و"المزاج الرجعي"، و"القلب الرجعي"، و"المد الرجعي"، و"الناخب الرجعي"، و"الأحزاب الشعبوية الرجعية والمعادية للأجانب" تعترف بالروابط المفاهيمية بين الرجعية وكراهية الأجانب، والمطالب المناهضة للهجرة، العنصرية، والتشكك المناهض للخبراء، والمشاعر المناهضة للمؤسسة، والمواقف المناهضة للاتحاد الأوروبي، لكنها تترك خصائصها النفسية غير مستكشفة إلى حد كبير.
عرّف الأكاديمي والسياسي اليوناني "كونستانتينوس ديمرتزيس" Konstantinos Demertzis الرجعية بأنها "مفهوم جماعي يصف توجهاً سياسياً معقداً، يجمع بين العاطفة الاستيائية والرغبة القوية في العودة إلى الماضي". يعتمد التوجه الرجعي على قيم المحافظة والنفور مما هو جديد. إن طابعها العاطفي هو المشاعر المعقدة للاستياء، ومزج الغضب والخوف والأمل والحنين والخيانة والشعور بالظلم المتصور. إن الأدلة على الرجعية يمكن تتبعها تجريبياً في المشاركة والدعم الخامل للأعمال السياسية غير القانونية والعنيفة، والتي يحركها شعور متزايد بالركود الاقتصادي، والقلق الناجم عن الأزمة المالية، والمخاوف الاقتصادية والثقافية لدى العديد من المواطنين.