في هذا المحور الأخير من حلقات حوارنا مع الباحث الفلسفي المفكر  الأستاذ علي محمد اليوسف، الذي يتضمن تداخل التيارات الفلسفية الأمريكية المعاصرة مع بعضها البعض, علاقتها بالفلسفة البراجماتية الأمريكية كمحور دوران التيارات الفلسفية الجديدة.
س1- أ. مراد غريبي: نود استعراض الفرشة الأرضية الفلسفية التي قامت عليها تيارات التجديد في الفلسفة الأمريكية قبل تركيزنا المنفرد على تيار (الفلسفة النقدية ) وابرز فلاسفتها ومختلف اتجاهاتهم الفكرية.

ج1- أ. علي محمد اليوسف : بدأت الفلسفة الذرائعية الأمريكية ( (Progmatisim نهايات القرن التاسع عشر 1878 وبدايات القرن العشرين على يد روادها الثلاث: ريشاردز بيرس، وليم جيمس, جون ديوي. ثم تلاها بعد عقد من الزمن بدايات القرن العشرين تيار فلسفي جديد يحمل اسم الفلسفة الواقعية الجديدة على يد أبرز فلاسفتها:  رالف بارتون، ادوينهولت.ب.مونتاغ، مارفين,غ.سبادلينغ وآخرين. ثم تلاها في تزامن نفس العقد  تيار فلسفي أطلق فلاسفته تسمية الفلسفة (النقدية) الأمريكية التي لم تخرج عن الفلسفة الذرائعية الأم في مرتكزاتها القارة البراجماتية التي تقوم على مبدأ لا أهمية للأفكار والنظريات ما لم تعبر تلك النظريات حاجز الفلترة التجريبية في التطبيق النفعي ومن أبرز فلاسفة النقدية الأمريكية:  ديزان دراك،  آرثر لوفجري،  جورج سانتيانا،  ولوفيدسيلارز،  ريتشارد رورتي, وجون سيرل وغيرهم..الذين اتخذوا منفردين فيما بعد مناحي فلسفية مختلفة في التعبير عن رؤاهم خارج وحدتهم البدئية ضمن تيار الفلسفة النقدية التي جمعتهم أولا..

تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في مركز دار الأكاديمية الثقافي في لندن.
كان توما الأكويني لاهوتياً مسيحياً مبجلاً من العصور الوسطى عاش بين 1225 و 1274 ميلادي. وهو لا يزال مهماً وحاضراً في حيواتنا المعاصرة لما قدمه من طروحات لمواجهة مشكلة سرمدية ما زالت تعرقل كل البشر بدرجات مختلفة ألا وهي: كيف يمكننا التوفيق بين الدين والعلم، والإيمان والعقل.
كان الأكويني فيلسوفاً وقديساً تقياً، رفض أن يفقد إيمانه أو أن يؤمن بلا عقل، فقد طوّر فهماً جديداً لمكان العقل في الحياة البشرية. كانت مساهمة الأكويني الضخمة في تعليم الحضارة الأوروبية الغربية أن أي إنسان - وليس فقط المسيحي - يمكنه الوصول إلى حقائق عظيمة كلما استفاد من أعظم هبة من الإله للبشر ألا وهي العقل بحسب نهج الأكويني الفكري. لقد كسر الأكويني حاجزاً في التفكير المسيحي متمثلاً في مسألة كيف يمكن لغير المسيحيين أن يتمتعوا بالحكمة وفي نفس الوقت لا يهتموا أو حتى يعلموا بيسوع المسيح عيسى ابن مريم. لقد قام بجعل الإبداع العقلي عالمياً وفتح العقل المسيحي على رؤى البشرية جمعاء من مختلف الأزمان والقارات.

تمهيد
في البدء نصطدم مباشرة بتساؤل جوهري مهم, هل تمتلك المادة والطبيعة جوهرا متلازما مع الكينونة الموجودية لاشياء الطبيعة غير صفاتها الخارجية؟ هل يمكننا الفصل بين جواهر الاشياء غير المدركة عن ظواهرها الصفاتية الخارجية المدركة؟ هل الافتراض غير المتحقق في البرهنة على الجوهر داخل الاشياء الطبيعية والمادة, هو نفسه الجوهر الملازم لكينونة الانسان صفات وماهية؟ هل الجوهر معطى طبيعي يخلعه الله على الانسان وموجودات الطبيعة على السواء ام هو تصنيع عند الانسان ولا امكانية تصنيعه عند الكائنات الطبيعية الاخرى وانه لا جوهر موجود بالاشياء والكائنات خارج صفاتها؟ وبماذا يختلف جوهر الاشياء الافتراضي عن جوهر الانسان الحقيقي.؟ هل الجوهر محتجب كماهية خلف الصفات الخارجية للاشياء, أم هو افتراض غير موجود حقيقة بالاشياء؟

ديكارت والجوهر

يعرف ديكارت الجوهر "انه ما لا يعتمد في وجوده على غيره", وهو تعريف لا يحيط به غير الله. الله هو الكائن الميتافيزيقي الوحيد الذي يفي بشرط ديكارت. وهو ما استنتجه اسبينوزا في تعريف ديكارت للجوهر..

استهلال:
"نحن كائنات غير معصومة ، بالتأكيد في العالم الحي ، ليس لدينا في الواقع طريقة أخرى ممكنة للتأكد من حقيقة ما هو حقيقي ، الا مناقشة منطقية ومنفتحة على المستقبل"
يورغن هابرماس (مواليد 1929) هو جزء من ذلك الجيل الذي أُجبر في ألمانيا على النشأة في ظل النازية، والذي لم يكن يعرف شيئًا، وقت انهيارها عام 1945، سوى أيديولوجيتها ونظامها. للهيمنة. في بلد مدمر، كان السؤال الملح لهذا الجيل الشاب، في فجر العشرينات من عمره، هو كيفية إعادة بناء مجتمع وسياسة على أسس غير تلك القائمة على الإكراه والعنف والهيمنة - التي كانت في قلب البربرية النازية. يُعد فكر يورغن هابرماس ، المعروف من بين عقول أخرى لمفاهيمه عن "الفضاء العام" ، و"الفعل التواصلي" ، و"العقل الجمهوري" ، و "الديمقراطية التداولية" ، أحد المساهمات الرئيسية في النظرية الاجتماعية والسياسية المعاصرة وكذلك في نظرية ايتيقا النقاش والتواصل. وبالمثل، فإنه يغذي بشكل حاسم تيار النظرية النقدية (لمدرسة فرانكفورت) ، التي بدأت في عشرينيات القرن الماضي من قبل مجموعة من الباحثين المجتمعين حول معهد البحوث الاجتماعية - بما في ذلك ماكس هوركهايمر ، وثيودور أدورنو ، والتر بنجامين ، وهربرت ماركوز ، ليو لوفينثال ، سيغفريد كراكور. منذ كتاباته الأولى، أعطى يورغن هابرماس مكانة مركزية لمفهوم العقل، مؤكداً على مكوناته، الأخلاقية والسياسية على حد سواء، وكذلك البعد الاجتماعي والتاريخي. واعتبر أن تطوراته النظرية هي جزء من فكر يقع على مفترق طرق التخصصات المتنوعة مثل الفلسفة الاجتماعية والسياسية وعلم الاجتماع وعلوم الاخبار والاتصال والاعلام والإعلامية والتقنية وعلم اللغة ونظرية المعرفة والقانون ونظرية الدولة والتحليل النفسي، علم النفس التنموي، إلخ.

تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في مركز دار الأكاديمية الثقافي في لندن.
كان هناك اعتقاد سائد بأن الفلسفة والنتاج الفلسفي - عند مقاربته بشكل صحيح - ينبغي أن يبدو كثيفاً، وعصياً على الفهم، ومربكاً بعض الشيء. ولكن في فجر العصر الحديث، عاش فيلسوف فرنسي صاغ بطريقة مختلفة تماماً نهجه الفلسفي في تقديم أفكاره. إنه الرجل الذي كتب كتاباً ضئيلاً للغاية، بالكاد يبلغ عدد صفحاته ستين صفحة، والذي يمكن اعتباره بجدارة كأحد الروائع الحقيقية للفلسفة الحديثة. إنه خلاصة وافية من الملاحظات اللاذعة والحزينة حول الحالة الإنسانية، كل منها جملة أو اثنتين فحسب، وذلك جعله يحتفظ بعدد استثنائي من دروس المواساة الحكيمة والاستثنائية والفريدة في آن معاً تناسب عصرنا المرتبك والمشتت أخلاقياً.

 المحور الثالث :  النزعة الميتافيزيقية في الفلسفة الذرائعية
في هذا المحور الثالث بلقائي  مع الباحث الفلسفي الأستاذ علي محمد اليوسف ، نناقش  النزعة الميتافيزيقية في الفلسفة الذرائعية، متطرقين إلى معنى الصدفة وتأثيرها التاريخي والفلسفي.
س1- أ. مراد غريبي : في مناقشتنا مضمون المحور الثاني السابق وصفت الفلسفة الذرائعية بأنها فلسفة علم تنبؤي مستقبلي هل تجد رغم ذلك  منحى ميتافيزيقي يتخلل الذرائعية وردت على لسان فلاسفتها الرواد المؤسسين الأوائل الثلاثة بيرس, ديوي, وليم جيمس؟

ج1- أ,علي محمد اليوسف: فعلا سؤالك في محله لأني غالبا ما استوقفني هذا الهاجس في تقاطع بادي على الفلسفة الذرائعية كونه يشي بنوع من التناقض غير المسوّغ الذي يداخل فلسفة تعلي من شأن التجربة التطبيقية وقياس مقدار نجاحها بتحقيق منفعة قابلة التوظيف من اجل خدمة الحياة.

"نناقش الأزمات التي تحيط بنا مع عالم الاجتماع والفيلسوف إدغار موران. يقدم المروج للفكر المعقد تاريخه الشخصي وفكرته عن أوروبا، وآرائه حول البيئة والمستقبل، ويستعرض المعالم الرئيسية لعمله. قبل أيام قليلة من إصدار مذكراته، ترسم هذه المقابلة الرئيسية صورة رجل غير عادي. في نص عام 1976، لعلم الأزمات، طورت مفهوم الأزمة وشخصت "أزمة مفهوم الأزمة" الضرورية. لطالما كانت هذه الكلمة مضللة. هل تعتقد أن "أزمة الأزمة" قد حدثت؟
تكمن صعوبة مفهوم الأزمة في أنه يمكن تطبيقه على أي تطور تاريخي. التطور ليس خطيًا أبدًا، إنه دائمًا ظهور شيء جديد يثير تساؤلات، ويميل إلى تدمير شيء مثبت بالفعل، وبالتالي يسبب عددًا من عدم اليقين. ومع ذلك، على الرغم من أنه يمكن القول أن كل المصير التاريخي هو أزمة - خاصة في التاريخ الغربي - إلا أن هناك لحظات حرجة بشكل خاص، على سبيل المثال الأزمة الاقتصادية العامة لعام 1929، والتي حددت بدورها أزمة الديمقراطيات، التي حددت الحرب.

هيجل والجدل
يصنف دارسي فلسفة هيجل انها قامت على ثلاثة ركائز هي المنطق, والطبيعة , والروح, معتبرا الطبيعة هي (تخارج) العقل بالمكان, والروح أوالتاريخ هو تخارج العقل في الزمان.
السؤال لماذا استخدم هيجل لفظة (تخارج) بدلا من لفظة (جدل)؟ تخارج العقل مع الطبيعة هو تخارج (معرفي) وليس تضادا جدليا, فعلى قدر اعطاء العقل موجودات الطبيعة من ادراك معرفي, تقابله الطبيعة بتبادل متخارج يعمل على تطوير العقل معرفيا ايضا. التخارج المعرفي لا يقوم على مجانسة نوعية بين العقل والطبيعة بدلا من جدل غير حاصل على صعيد علاقة العقل بالطبيعة كبنية ادراكية شاملة او كموضوعات وجودية منفصلة بصفات وماهيات مختلفة.
التخارج الجدلي بين العقل في ادراك تجريد التعبير اللغوي هو من نوع وعي قصدي معرفي. اما ان العقل يدرك علاقته بالاشياء جدليا فهذا يلزم العقل بتفكيره التجريدي الدخول في جدلية تجمع الفكر بالمادة المدركة في تضاد يجمع نقيضين في مجانسة نوعية واحدة لانتاج مركب ثالث. لا اعتقد جدل الفكر مع الواقع يقوم على تضاد يجمع نقيضين متجانسين, بل يدخلان بعلاقة تخارج معرفية كما سبق وذكرنا.

تفريق أولي: ثمة نظريتان متضادتان في التجاذب بين اعتبار اللغة ملكة عضوية من جهة وملكة وراثية من الجهة الاخرى, ونحن نرى اللغة تجمع بين الاستعداد الفطري غير الموروث جينيا بدئيا مع خاصيتها الأنثروبولوجية المكتسبة المتطورة على الدوام بفعل البيئة والمحيط ومراحل التعليم:

  • علماء اللسانيات الذين يعتبرون اللغة ملكة عضوية مكتسبة بالخبرة عن البيئة والمحيط, وملكة اللغة هي بمثابة عضو بيولوجي في جسم الانسان, حاله حال ما يتكلم عنه العلماء عن الجهاز البصري او جهاز المناعة. 1
  • الاتجاه الثاني ممثلا بالنظرة التوفيقية التي ترى ملكة اللغة تمتاز بميزتي الوراثة والاكتساب الخبراتي عن المحيط, وذهبوا نحو توفيقية تعطي ملكة اللغة خاصيتي العضوية البيولوجية وخاصية الملكة الوراثية التي تقوم على (البدئية وسيرورة الخبرة ) 2

نحن اذا سلمنا بحقيقة اللغة خاصية انسانية جوهرية ازلية لا نهائية ولا محدودة كان تعبيرغاليلو عنها : اكتشاف الانسان توصيل افكارنا الاكثر سرية الى شخص اخر بعدد قليل من الاحرف الصوتية الابجدية تبلغ 24 حرفا لهو اعظم الاختراعات البشرية. 3

هذا القول لغاليلو يمنحنا ميزات لغوية ترتبط بالفهم ان اللغة جوهر ازلي لا نهائي ولا محدود منها :

1.العلم / الوعي والادراك

" الى أي مدى يمكننا قبول مقولة  كانط " إكتساب المعرفة ينحصر على نطاق حدسي حسّي وبدون الاحساسات تبقى مقولات العقل الصادرة عن الحواس فارغة بضوء الأخذ بنظر الإعتبار أن الحواس تضليل للعقل, والحدس يقبل المراوغة التي تفرضها مخاتلة وقصور ملازمة الفكر واللغة في التعبير عما ندركه, هل هو صورة ذلك الشيء المدرك أم هي حقيقته كاملة؟.. ثمة تعريفات وردت على لسان كبار الفلاسفة الغربيين ربما تكون مشاعل إستدلال لنا منها:

  • ينكر ديفيد هيوم اية قيمة موضوعية للقوانين العامة والعالم الحقيقي لا يقوم إلا على الاعتقاد. ليس غريبا هذا على هيوم الذي ينكر ثلاثة ثوابت قارّة بالفلسفة لا يمكن القفز من فوقها بسهولة هي بتعبير هيوم :لا يوجد عالم مادي خارج مدركاتنا الحسيّة وما ندركه موجود وما لا ندركه غير موجود, ثانيا لا وجود لنظام سببي يحكم ظواهر ووقائع الحياة سببا ونتيجة , ثالثا لا يوجد ما يعرف بالعقل خارج ماهيته التفكيرية التجريدية فقط العقل هو تصوراتنا عن الاشياء وعالمنا الخارجي.
  • الحقيقة الفلسفية بحسب لايبنتيز هي ما يمكننا تحديده بالكامل, ويقصد لايبنتيز بالحقيقة الواقعية المدركة وليس مطلق الحقيقة كمفهوم ميتافيزيقي. كيف نمرر مقولة لايبنتيز بضوء نسبية كل شيء بالعالم الطبيعي والكوني؟ تحديد كامل الحقيقة شيء متعذّر تحققه. أما أن يقصد لايبنتيز الحقيقة الكاملة هي تجربة علمية وليست إدراكا عقليا أخذ تعبير الفكر واللغة عنه فقط فهي وجهة نظر تفرض مقبوليتها قدرات التجربة العلمية وليس قدرات تفكير العقل المجرد بها.

تعريب فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع لملخص محاضرة قدمها الطبيب مصعب قاسم عزاوي باللغة الإنجليزية في مركز دار الأكاديمية الثقافي في لندن.
كان باروخ (أو باروك حسب لكنة لفظ اسمه الأصلي) سبينوزا فيلسوفاً هولندياً من القرن السابع عشر عاش بين 1632 و 1677 ميلادي، وهو الذي حاول إعادة اختراع الدين مُبعداً إياه عن ذلك النسق القائم على الخرافات والأفكار المتعلقة بالتدخل الإلهي المباشر في حيوات بني البشر، ومعيداً إنتاجه بكونه ذلك النظام الموضوعي، وشبه العلمي وعلاوة على ذلك - وفي جميع الأوقات و الأحوال أيضاً - الرؤوف بمعاناة النفس البشرية.
لقد ولد باروخ أو باروك - تعني كلمة "المبارك" باللغة العبرية - في الحي اليهودي بأمستردام في عام 1632، وهو مركز مزدهر للتجارة والفكر اليهودي.
وقد كان أسلافه من اليهود السفارديم، الذين فروا من إسبانيا بعد الهرب من محاكم التفتيش الكاثوليكية عام 1492، بعد سقوط الأندلس. تلقى باروخ - وهو طفل مولع بالدراسة وذكي للغاية - تعليماً يهودياً تقليدياً مكثفاً: فقد ذهب إلى المدرسة اليهودية المحلية - يشيفا - وتابع جميع الأعياد والطقوس اليهودية العليا.
لكن تدريجياً، بدأ ينأى بنفسه عن إيمان أسلافه، وهو ما ظهر جلياً في قوله: "على الرغم من أنني تعلمت منذ الطفولة المعتقدات المقبولة المتعلقة بالكتاب المقدس"، وهو ما استطرد فيه فيما بعد بحذر مميز: "لقد شعرت بأنني ملزم في النهاية باحتضان آراء [الآخر]."