abstrait7777و حين هم الشيخ العارف بالله أن يغادر القرية حاملا في طيات قلبه شوقا إلى أرض الحبيب المصطفى كان قد آلف أهل القرية و تعلق قلبه بهم لما فيهم من طيبة و بساطة و تعلقت قلوبهم به لما فيه من حكمة و حب للناس، حين هم إلى ذاك تقدمت إليه فتاة فارعة العود رطبة الوجه كالغدير السلس، و في عينيها دموع الأسى و لوعة الفراق، وقالت:
- أرجو أن تدلنا أيها الشيخ الكريم عما يسكن قرحة الفراق، فإنا معشر الشباب لا نملك على الفراق صبرا و إن قلوبنا تتفتت على صخرة الوداع كما يتراشق الموج على صخور الشاطئ الهائج فتتلاشى مياهه، فهلا حدثنا في أمر المودة و الألفة و طبائعمها، فإن لنا طمعا في حكمتك أن تعلمنا تحمُّل ما لا طاقة لنا بتحمله ..

3d-abstract-L-iCtOrGلحظات و تشرق شمس المغيب ، يرخي الليل أولى ثرياه ، و يعزف القمر لحن الحياة . هلموا يا أهل الصلاة ،'' فالصلاة خير من النوم '' .
عبثا ، وجدتني ساعة الفجر لا أزال مستيقظة ، ألملم شظايا أفكاري . ألف هاجس و هاجس يرقد معي ، ولو نطقت وسادتي يوما لاشتكت همها و ضيقها مني . خيل لي أن النوم خير من الصلاة ، خصوصا إن اجتمعت الأسباب . برد ، عجز ، كسل ،عزا زيل ألقى سهامه ولم يخطئها .
كنت من المبادرين و نحوت نحو الحائط، نمت القرفصاء في جلستها .. عذرا ، عن أي نوم أتحدث أنا ،عدت لأفكاري و توجساتي أسائل : هل أنا بحاجة إلى ارتواء أم بحاجة إلى احتواء ؟ لا اعلم ماذا أريد و لا اعلم لماذا أعيش الفقر في الأمنيات و الحزن في الأحلام .

ABSTRAIT-5الوجه الجميل لا يحتاج إلى كثير من الأصباغ، بل الموقف نفسه لا يستدعي كل هذه الاستعدادات وكل هذه الزينة..كانت مقتنعة..ولكنها كانت مع ذلك مضطرة..هو عند حبه لها مهما جرى وكيفما كان لون وجهها وشكل تسريحة شعرها وهي رغم حبه كانت مرغمة على التزيّن ليس له فقط بل للناس جميعا..هو مضمون بحبه أما الناس فنظراتهم ينبغي أن تكون راضية بل ومعجبة..كان استعدادها استثنائيا في ذلك اليوم لأنه اليوم الذي سيحدد مصيرها معه..ورغم أنها كانت متأكدة من حبه وجديته أحست بارتباك يهز قلبها هزا..لم تعرف لذلك سببا واضحا، لكنها فسرت الأمر على أنه فعلا يوم مصيري ولا بد للقلب من الارتباك في الأيام المصيرية..


an333
الليلة الأولى...
هو....
قنينة النبيذ الأحمر تتدحرج على الأرض الرمادية، يمسح فمه بكمه و ينظر في صورة قديمة لامرأة كلاسيكية.....
الضوء يخفت كأنه ينتحر شيئا فشيئا...فراشة ليلية وحدها تحوم حول المصباح الزيتي القديم، و كثير من الأشياء المؤلمة تأتي زاحفة على أطرافها لتسبح في بحر الذاكرة المُتعبة.
هي....

Hartung-1964-R8في تمام الساعة الرابعة فجرا انتهيت من صياغة أسئلتي الأولية بعد قراءة متأنية للسيرة الذاتية لشمعون، وقد كونت فكرة جيدة عن الرجل، بل الحق يقال أنني كونت فكرة جيدة عن جده الذي عاش في القرن التاسع عشر والذي كان مقربا من السلطان آنذاك وجارا له ، لدرجة أن هناك من المؤرخين من قال أنه كاد يورّثه ، وأنه لما تزوج أقام له عرسا ملوكيا، وأنه لما مات بكى في جنازته بكاء مريرا وخالف بذلك كل البروتوكولات المرعية..وضعت رأسي على الوسادة بعد أن انتهيت من ترتيب أوراقي وأسئلتي..وقد قرأت فيما قرأت أن ذلك الجد كان حكيما وصبورا جدا وله دراية كبيرة بأحوال الناس وبارعا في فنون الطبخ وفي مغازلة النساء ولذلك جعله السلطان مستشاره في أمور السياسة والحب..

tourاراد ان ينتحر . بعد ان اعجزته الدنيا ، وضاقت به كل الدروب . فانسل خلسة الى عمارة عالية ،  ظل يرصدها منذ وقت طويل وكانها فتاة جميلة يراود عندها احلامه ، وامنياته .
وقف عند الطابق الثلاثين . اراد ان يلقي بنفسه من هناك الى الارض . نظر الى الاسفل . فدارت براسه الدنيا . فبدا مترنحا . فهو لاول مرة يرى الارض من هذا البعد الشاهق . تمسك جيدا بالسياج المحيط بالبناية بعد ان اشاح بنظره بعيدا لئلا يشعر بالدوار الذي تنتجه فوبيا الارتفاعات العالية . فكر  في نفسه :
لو سقطت من هنا فسوف اندثر تماما . وسوف لن يتبق من جسدي شيء . مع ان طابقا واحدا او طابقين اثنين يكفيان للموت . دون الحاجة الى ان ينهرس لحمي مع التراب فيضيع مثل معجون طماطة منكفيء .
احس برهبة  الموت تنتابه فبدا يلف ويدور امامها ، وهو الذي كان يخطط لمثل هذه اللحظة منذ زمن طويل .

0365301001188409870بين فضاءين يحيطهما الإسمنت من كل جانب رأى روحَه تترسب بعيداً في مجاهل جسده  الذي لم يعد كما عهده من قبل،وعندما تحرك الباص مبتدئا رحلته اليومية كانت المرآة الكبيرة التي يضعها السائق لرؤية ما يقع خلفه تتيح له أن يرى وجهه من فوق كتف السائق، نظر ملياً إلى كفه المعروقة بشكل لم يلحظه من قبل ثم انتقل بعينه إلى فوده الأيسر الماثل في المرآة  ، شاهد تلك الشعرات الدقيقة الملتوية ذات اللون الأبيض التي انتشرت بشكل ملفت متخللة اللون الأسود وود لو لم يفسح ذلك السواد مكانا للبياض الذي ينبئ بشيخوخة مبكرة و إن الوقت يتقدمه كثيراً و عليه أن  يحاول ما استطاع تفهمَ وقبولَ ما يجري لروحه التي بدت مثل لُقيةٍ ملقاة في قعرٍ سحيقٍ .

277غرق قلبه في  بحيرة من البهجة، انتشلته من يوميات الحزن القاتل، الذي يدفعه إلى الصمت والانطواء. تبدى هذا الصباح متصالحا مع كل ما في الوجود.. لاح له الجار الكهل، منشغلا بتدخين سيجارته، لم يبال بتجاهل الكهل  تحيته هذه المرة.. لم يغضب : " ربما لأنني تجاهلته من قبل، وأنا أمر من أمامه... ليس تعاليا، لكنني لا أحب أن أكلم أحدا حين أكون  حزينا،  ثم إنني لا أستسيغ جلوسه- وهو يدخن  السجائر- أمام بيته طوال النهار،  كمراهقين  كرسوا أيامهم للتلصص".
في الطريق إلى محطة حافلات مدينة أزمور فكّرَ في ضحايا بلد عربي اختار زعيمه أن يقصف شعبه بالمدافع والطائرات.  هتف لنفسه : " لا يمكن أن تخرج أي درهم خارج البلد أم تراك نسيت حين فكرت في طبع كتابك الأول في القاهرة، وأبلغك موظف المصرف  أنه يتحتم عليك اتباع عدة إجراءات بيروقراطية، سيطلبها منك المكتب الرئيس  لوكالة تحويل الأموال الشهيرة بالعاصمة. مهلا.. إن هذا البلد ليس في حاجة إلى دراهمك... وقد تلام  لأن مواطنيك في أمس الحاجة إليها، وماذا عن موقف الدين؟ هل يمكن أن تسعف منكوبين  بأموال من يحاربون المسلمين بشتى الوسائل؟ رجاء، لا تشغل بالك بهذه الترهات،  فمن يحس بمعاناتك اليومية، التي تجعلك ترى كل شيء رماديا وكئيبا؟ وما المانع، حتى لو كان المال حراما.. إنها 95000.00 دولار أمريكي".